ليسوا من البشر

35 15 14
                                    

آدم

طُرق الباب، وحينما فتحت لم يكن الطارق وسام كما ظننت، بل كان مياس. أدخلته، وتلفظت إثر أن أغلقت آخر زر من قميصي: 
-مياس.

مياس: أجل سموك؟

-لديّ سؤال لم أتمكن من قوله في البارحة.

مياس: تفضل سموك.

-كاد أخيك أن يُقتل، وقد قمت بسجن أبيك، لتبقى جدتك في المنزل وحيدة…لقد حدث كل هذا، ولكنك لم تُبدي أي ردة فعل، لماذا؟ ألم تصلك الأخبار؟

أجاب مياس بينما لا يزال يقف منتصبًا في مكانه:
-بلى، ولكن لم يكن هناك شيء قد أقوم به.

وضعت بنطالًا في كيس قماشي وقلت:
-لماذا؟

مياس: أخي الأصغر قام بفعل خاطئ، وقد أخذ ما يستحق من عقوبات، ووالدي أيضًا أذنب فعزمه على البوح بكل شيء كان أمر خاطئ بكل المقاييس، بالإضافة إلى أنّني لم أكن لأدع المهام الموكلة لي في الشمال، وأقدم إلى جدتي…أعتذر سموك، ولكن أكل جدتي من عدمه، إنتعالها حذاءها جيدًا، أم لا، أخذها لأدويتها بوقتها أم تسهو عنها…كلها أمور غير مهمة، ومرة أُخرى أعتذر منك لقولي مثل هذا الحديث أمامك، ولكن لن تتوقف الإعدامات إن أكلت جيدًا، لن تتوقف العقوبات العضوية إن انتعلت حذاءها، أخذها لأدويتها بموعدها لن يُشبع الناس جوعهم.

لقد دهشت مما سمعت، ولم أعرف إن كان يجب عليّ التقريظ على قوله، أم عليّ تقريعه. هل هو عات لعدم إهتمامه بجدته، وعدم اكتراثه بكل شيء؟ أم هو عطوف لاهتمامه بالبقية؟ في الحقيقة قد أتفق مع مبدأ الأولوية الخاص به، وإن كنت أنا الشخص المعني كنت سأُطبق الأمر نفسه، ولكنّي لم أكن لأقول ما قال في العلن دون اكتراث، ليس لخوفي من قول الناس، بل بأن قول ذلك سيزيد من قساوة الأمر، فلم أجد ما أقول سوى تغيير الحديث بسؤالي:
-هل تناولت الإفطار؟

ارتبك مياس، وأجاب:
-مؤكد سموك، لقد تناولته، وبسبب ذلك قدمت إلى هُنا متأخرًا.

-بل مبكرًا، الساعة الآن الرابعة، والنصف.

أخرج مياس ساعته من معطفه، وتلفظ بعد أن رأى عقاربها:
-تبًا لقد قدمت في وقت باكر.

ثم أردف بعد أن أمسك بمقبض الباب:
-أعتذر عن إزعاج سموك سأنتظر في الأسفل.

-لا عليك أنا مستيقظ منذ الثالثة كنت اقرأ كتابًا. يمكنك إعادة تناول فطورك.

قلت ذلك وأومأت إلى الأريكة المقابلة لي فقعد عليها مياس، وتساءل إثر أن لمحت عينه كتابًا:
-المعذرة سموك، هل كنت تقرأ ذاك الكتاب؟

-نعم، لماذا؟

غمغم مياس:
-"المملكة المهجورة"

-هل قرأت عنها؟

مملكة الجورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن