قوة أكبر

12 8 15
                                    

وسام

وصلنا إلى المستودع، ومعنا أريام التي عرجنا لأخذها، لتقول بيسان مذعورة إثر ولوجنا:
-يال وحشة المكان!

أريام: أوافقك الرأي.

أنرت المصابيح، ليظهر لنا مستودع ضخم ذو جدران بيضاء، ممتلئ ببضائع متعددة الأصناف، ولكل صنف يوجد مربع جداري بطول المتران، كالغرفة إلا أنه مفتوح السقف، ودون باب، وهناك لوح خشبي معلق على جدار الغرفة كتب عليه السلعة المخزنة فيها، قلت:
-سيصل أحد الأحواذ في أي لحظة.

أشارت أريام إلى أحد تلك الغرف قائلة:
-هُناك ستجد أخياش حبوب القهوة.

في تلك اللحظة سمعنا صوت حصان غير حصاني، ولم تمر ثوان إلا وطرق الباب من قبل عزام، الذي وصل أبكر من البقية، ليقول إثر أن ولج بعربته، وترجل منها:
-مرحبًا قائدنا وسام.

-أهلًا بك…

قبل أن أُكمل كانت أريام قد قاطعتني تسأل عزام:
-هل وجدت آدم…أعني سمو الملك نِبراس؟

عزام: نعم، هو من كان يُشرف على تزويدنا بالأسلحة. 

أريام: هل هو بخير؟

عزام: نعم، بصحة جيدة.

أرادت أريام أن تُكمل أسئلتها إلا أنّني قاطعتهُا عامدًا، ففطنت للأمر وصمتت، لتأخذها بيسان مبتعدة، فأُكمل حديثي مع عزام بينما نقوم باستبدال القمح بالقهوة:

-أين البقية؟

عزام: سيصلون عما قريب. 

-بعد؟

عزام: فرهود لا أعلم تحديدًا عنه فهو من ذهب إلى المملكة الأخرى، أما البقية فنصف ساعة على وجه التقريب، أنا أول من وصل، وأول من حصل على حمولته، ولم أُضيع وقتي هُناك.

-ولكنك أضعته.

عزام: بل…

-إن لم تُضعه كما تدعي كنت ستصل أبكر من هذا الوقت.

عزام: حسنًا…لقد تأخرت قليلًا، ولكنّي لن أُخبرك السبب حتى إن كنت قائدي.

-لن أسأل.

نظر إلي بدهشة ثم أكمل عمله صامتًا. وصل في تلك اللحظة أركان، ومعه عاكف؛ حتى يمكثوا في المستودع إلى أن تصل بقية العربات، ليقوموا باستبدال القمح بالسلعة المعنية. 

وحينما انتهينا أنا، وعزام توجهنا إلى المقهى. عند وصولنا لم نوقف العربات أمام المقهى، بل خلفه بغية إدخال الأسلحة من الباب المؤدي إلى مكتب رائد، حتى وإن كان الشارع شبه فارغ بالكامل، والظلمة حالكة، إلا أن الحيطة أفضل. لم نستغرق وقت طويل في إفراغ أخياش القهوة، وأخياش الأسلحة إلى المقهى، لنُغلق الباب إثر ذلك، فقال عزام متسائلًا:
-ماذا عن الأحصنة؟

-لا تقلق، لا يمر أحد من خلف المقهى، وأيضًا أنا أملك خطروف، وهو أكثر حصان يُزعج العم نعمان بصوته، إن مسه أحد يُكن الشر في داخله لن يكف عن إصدار الضجيج.

-أرجو أن يُساعد حصانك، فحصاني لا يكترث لشيء سوى النوم وبطنه، إن أعطاه أحد بعض الحشائش سيتبعه إلى الهلاك.

-وكأنه أنت.

تجاهلت نظرة وسام المصدومة إثر قولي، لأتقدم إلى أخياش الأسلحة التي صفت فوق بعضها، وحينما فتحت إحداها وجدت بندقيتين وبضعة مسدسات؟ التقطت إحدى البندقيتين لأُلقي عليها نظرة مطولة، لقد كانت بندقية طويلة ذو فوهة صغيرة، أنا لا أملك خبرة في الأسلحة النارية، إلا ما قرأت عنها، ولكن مع ذلك أرى بأن هذه البندقية ذات جودة عالية، حتى أنها رسمت على وجهي ابتسامة عريضة، ليقول عزام:
-ارأيت إنها من أفضل الأسلحة النارية في الممالك السبعة، وأظن أيضًا أن قاطنين المملكة المهجورة سابقًا لن يقدروا على صنع مثلها إن كانوا موجودون.

بيسان: لا أظن ذلك.

-وما هو؟

عزام: صدقيني حتى إن كانوا موجودين لن يقدروا على صنع مثل هذه الجودة الفاخرة.

-أرى بأنك تُبالغ في وصفك.

عزام: لستُ كذلك.

بيسان: لا أعني بأنهم سيستيعطون صنعها.

عزام: إذن حديثي صحيح. 

بيسان: بل ليسوا بحاجة لصنعها.

أريام: وكيف لسكان مملكة حماية أنفسهم دون أسلحة؟

بيسان: يملكون قوة أكبر منها، فليسوا بحاجة لصنع قوة أضعف.

عزام: وهل هذا يعني بأنهم استطاعوا صنع أسلحة أقوى منها؟ هل تعنين المدافع؟ تملك مملكة فيافي مدافع جبارة لقد رأيُتها في مستودع أسلحتهم.

بيسان: لا أعلم، ولكنّي سمعت بأنهم يملكون ما هو أقوى من البنادق.

-من أين جئتِ بهذا القول؟

بيسان: عندما كنت صغيرة، ذهبت إلى منزل خالتي الكبرى، فحكت لي هذا.

-وأين هي خالتك الآن ربما يُريد نِبراس أن يستمع إليها.

عزام: هل هو مهتم بالمملكة المهجورة؟

-بعض الشيء.

بيسان: لقد توفيت قبل مدة طويلة دون سبب معلوم. دعوكم من حديثي أنا أيضًا أرى بأن هذه الأسلحة جيدة.

-نعم، إنها كذلك.

عزام: هل رأيت؟ إنها من أفضل الأسلحة المتقدمة، ولكنك لن تجد منها كثيرًا في جنوب المملكة.

قلت وأنا أتفحص البندقية:
-ولماذا؟

عزام: الملك نِبراس وصى على ذلك.

-هل ذكر السبب؟

عزام: نعم، قد قال أن جنوب المملكة مليء بالمباني، وبه من الأزقة الضيقة الكثير؛ لذا ستكون البنادق مرهقة، وستشكل عائق على حاملها.

-وهل لهذا علاقة لذهاب جميع الأسلحة في البارحة إلى الشمال؟

عزام: أظن ذلك، فجميعها كانت بنادق.

-هل حدد لكل سائق إلى أي منطقة ستذهب أسلحته؟

عزام: نعم.

-جيد…الآن سنضع أخياش الأسلحة في المخزن، ونتبعها بأخياش القهوة، تحرك يا عزام لنُنهي الأمر.

-أمرك.

مملكة الجورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن