حكم فوري

19 12 15
                                    

السابع والعشرون من شهر شباط

يلج مطاوع اليد اليمنى لجساس إلى منزله قديم الطراز ليتلفظ إثر أن أدى التحية: 
-سيد جساس لقد قمت بما طلبت.

انتصب جساس واقفًا، وتساءل مترقبًا الإجابة:
-وما هي النتيجة؟

مطاوع: لقد كان شكك في محله.

جساس: كنت على يقين.

مطاوع: إن العربات تقوم بفعل مشبوه.

جساس: ألا وهو؟

مطاوع: كما تعلم يجب على العربات أن تتوجه إلى المملكة التي دونت اسمها في تصاريحهم، فتأخذ حمولتها من السلع، لتعود إثر ذلك إلى مملكتنا هُنا، إلا أن هذه العربات لا تقوم بمثل هذا المسير.

جساس: وماذا تفعل؟

مطاوع: هناك عربة أخذت حمولتها على عجل، ثم خرجت من المملكة فورًا، وقد شوهدت وهي تُغير اتجاهها.

جساس: في أي اتجاه تذهب؟

مطاوع: مملكة فيافي.

جساس: وماذا أيضًا؟

مطاوع: جميع العربات التي تملك تصاريح الذهاب إلى مملكة مهرج لم تذهب إليه عدا الذي قمت بذكرها.

جساس: إلى أين تذهب؟

مطاوع: كذلك مملكة فيافي.

جساس: هل هُناك شيء آخر؟

مطاوع: لا يا سيدي فلم أستطع أن أذهب أبعد من هذا فكما تعلم مملكة فيافي لا تتعاون معنا.

جساس: من الجلي حدوث شيء بالخفاء.

مطاوع: ماذا نفعل سيدي؟

جساس: جهز ثلاث سيارات مع جنود سنتوجه إلى مستودع الشركة الآن.

مطاوع: وهل المستودع مفتوح في الوقت الحالي؟ إنها  العاشرة مساءً!

جساس: نحن سنقتحم المستودع، ولن نذهب لنتجر!

مطاوع: أنت على حق.

جساس: مطاوع…أنت من أفضل الجنود لدى مملكة جرز، وقد أُرهقت حتى أجعلك تحت أمري بدلًا من هجرس، فلا أريد الندم على ذلك!

مطاوع: أعتذر عن ما بدر منّي!

ارتدى جساس معطفه وهتف:
-هيا تحرك إذن، وقم بما طلبته منك.

مطاوع: أمرك.

قال ذلك، وأسرع مهرولًا ليقوم بما أُمر به، ولم تمضي نصف ساعة إلا وقد وصل كلٌّ من جساس، ومطاوع، ومن معهم، ليجدوا بأن المستودع لا يزال نيرًا. لم يتباطأ جساس ليتقدم مقتحمًا المستودع هو، ومن معه، وإثر دخوله تلاقت عيناه بأعين أريام المصفرة فزعًا مما حدث. 

عندما رأها جساس انجلى لهُ كل شيء، فوصفها مطابق لوصف الرجل متعاطي التبغ، وكذلك هي من ملاك الشركة كما تقول السجلات، وما تقوم به عربات شركتهم من أفعال مشبوه لن يُربط بها إلا بنِبراس، وهي على علاقة به كما علم. صاح جساس ساخرًا:
-مرحبًا، أعتذر إن قدمت في وقت متأخر، ولكنّني مستاء منكِ حقًا يا أريام!

أريام: من تكون؟

جساس: كذلك لا تستقبلين الضيوف بإحسان؟ إنكم لبعض حقًا.

أريام: ما تقصد.

رفع جساس سبابته قائلًا:
-أعتذر إن قاطعت حديثنا.

ليستطرد بصوت عال:
فتشوا كل شبر في المستودع.

انطلق الجميع ليقوموا بما أُمروا به. ليعود جساس فيستطرد من جديد، ولكن بصوته الطبيعي مخاطبًا أريام:
-أين كُنا؟

تحدث فرهود الذي كان يقف صامتًا منذ البداية:
-ما الذي يحدث؟

جساس: صحيح لقد استذكرت منك…أليس من العار ما تقومي به يا أريام؟

أريام: ما بال حديثك الذي لا طرف له؟

جساس: كيف تخونين محبوبك إثر موته مباشرة؟

أريام: ما الذي تقصد؟

جساس: نِبراس، كيف اقتله فتذهبين لتُحبين رجلًا آخر بهذه السرعة؟

قال جساس ذلك الحديث، وبقي يترقب ردة فعل أريام، التي بقيت ملامحها كما هي ولم تتبدل، فأيقن جساس بما كان يشك به، ليصرخ قائلًا:
-هل وجدتم شيئًا؟!

ليُجيبه مطاوع من بعيد:
-لا شيء سيدي!

جساس: لا شيء؟!

قال ذلك وهرول يعيث فسادًا في كل ما يقف في طريقه، رميًا بالصناديق هُنا وهُناك، وصولًا إلى تقطيع الأخياش الممتلئة بالسلع، وإثر أن أُرهق مما كان يقوم به، كان جنوده قد توقفوا عن البحث بعد أن لم يجدوا شيئًا. ليصرخ جساس قائلًا:
-مطاوع!

أسرع إليه مطاوع ليرد:
-تحت أمرك سيد مُصعب.

جساس: خذ هؤلاء إلى الحجز "الفوري"، ثم أتبع ذلك بالقبض على جميع مدراء الشركة، سيكون الحكم عليهم "حكم فوري".

مطاوع: أمرك مطاع.

مملكة الجورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن