يموتون بغتة

55 18 55
                                    

آدم

إن هذا أحد أسوأ الكتب التي قمت بقراءتها.

أغلقت أريام الكتاب بلطف لتضعه جانبًا وتقول:
-صباح الخير...ما سبب كون هذا الكتاب من أسوأ ما قرأت؟

قلت بعد أن وضعت كوب القهوة على الطاولة:
-إنه يساهم بصناعة أشخاص مغفلون.

قالت باهتمام:
-ولماذا؟

-هل انتهيتي من قراءته؟

أريام: متبقي بضعة صفحات فقط.

-إذن أكمليه، ومن ثم سأقول رأيي حتى لا أُبدل من رأيك.

قالت إثر أن أخذت رشفة من القهوة:
-لا تقلق لن يتأثر رأيي بسهولة، وبالإضافة لقد كونت رأيي عن الكتاب قبل لحظات.

-"لا تهتم للرأي الآخرين بك" موجز الكتاب في تلك الجملة، يتحدث الكاتب بصيغة القواعد، وهذا ما أثار حفيظتي.

أريام: حقيقة أرى بأنك شخص لا يضع لآراء الآخرين أي أهمية، فلماذا لم ينل الكتاب على إعجابك؟

-أأنا كذلك؟

أريام: ربما.

-أرى بأنكِ قد أخطأتِ في تكوين هذا الرأي عني، لربما تكون طريقة أخذي لآراء الآخرين مختلفة بعض الشيء، لم يرق لي هذا الكتاب؛ بسبب أسلوب طرح الكاتب للموضوع، وجعل الأمر مفرغ منه، وكأنها قاعدة، ودون شواذ.

أريام: هل يعني هذا أنك قد تُغير من رأيك من أجل أحد آخر؟

-دون أدنى شك.

اتكأت أريام بمرقفها على الطاولة، مسندة وجنتها البضّة على كفها، لتقول:
-يقول الكاتب أن هذا ما يجعل الإنسان مهمش الرأي، وذو شخصية مهتزة غير متزنة.

-هُراء، ومن المؤكد بأنكِ تعلمين ذلك.

أريام: نعم، ولكني أُريد سماع رأيك.

-ببساطة يجب على المرء أن يرى رأي غيره بعين الاعتبار، وبالطبع لا أقصد أن يجعل منه حتمي، ويجب اتباعه.

أريام: وضح أكثر.

-بما أن الجميع يُخطى -وهذا أمر مفرغ منه- فقطعًا قد يتبنى الإنسان آراء خاطئة قد تنهي حياته، فيأتي شخص لُيقدم له عظة نجيعة، وفي المقابل قد يكون رأيه حصيف، وتُقدم له موعظة وخيمة العاقبة، وعلى الأغلب لن يقصد مقدمها أن يعطيك تلك الموعظة الفاسدة. في النهاية لا يوجد إنسان كامل.

أريام رافعة رواق عينها الأيسر متسائلة:
-وكيف ستعرف من على حق؟

-من المؤكد أنهُ من المستعسر إرضاء الجميع؛ لذا أحد الحلول هو اتباع رأي جل الناس، يجب أن تُقاس الأمور بمنظورات عدة فمثًلا: في البداية يجب عليك اتخاذ قرارك بشأن أي شيء كان، ومن ثم عليك أن تضع رأي محيطك عنه بعين الاعتبار، إن كان رأيك لن يؤذي أي أحد، ولا يُخالف آراء محيطك السليمة، عندها يعني هذا أن رأيك على الأغلب سديد.

مملكة الجورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن