غصة

30 14 26
                                    

يقف وسام جوار أدهم، وفرهود، وعاكف الذي لم ينطق بكلمة منذ أن علم بمقتل أخيه. يقفون أمام مشهد أركان وجمجمته المخترقة وقد شحب وجهه، ليسأل وسام بغصة لا يستطيع التخلص منها:
-كيف حدث هذا يا فرهود؟

فرهود: لم تكن مناوبتي في البارحة، كان عليّ فقط أن أبقى متأهبًا في حالة حدوث أي شيء.

صاح وسام: 
-وقد حدث الشيء، ولم تفعل أي شيء!

فرهود: كانت مناوبة هياب.

وسام: وأين هياب؟!

هياب: هُنا سيدي.

صاح بذلك أحدهم كان يقف خارج باب المنزل المفتوح، فأمره وسام بالدخول، ليُردف هياب:
-تحت أمرك سيدي!

وسام: كيف حدث ما حدث؟!

هياب: لقد كنت في مناوبتي أجلس بعيدًا مثبتًا نظري نحو الباب، إلى أن رأيت رجل مشبوه فارع الطول يدخل نحو الدهليز…

تأكد وسام بأن القاتل هو جساس، وقاطع ليسأل كي يستزيد يقينًا:
-هل رأيت وجهه؟

هياب: قليلًا، كان شاحب الوجه، يضع نظارات دائرية صغيرة.
وسام: أكمل، وماذا فعلت إثر أن رأيته يلج؟

هياب: لقد كان وصفه كما وصفته لنا؛ لذا أسرعت لأمتطي حصاني حتى أُبلغ الرجال الذين لا يبعدون كثيرًا، ولكن حين تحرك الحصان قليلًا إلتوت قدمه، فلم يقدر على المشي، لأترجل إثرها وأسرع مهرولًا نحوهم، إلا أنّني حين وصلت كان الوقت قد تأخر.

قال عاكف بينما يكتم غيضه، ويثبت نظره نحو الأسفل:
-ولماذا لم تعود نحو أركان حين إلتوت قدم حصانك؟!

هياب: لم أقدر على فعل ذلك…فماذا يمكننا أن نقوم به أنا وأركان بمفردنا ضد رجل مسلح ونحن عُزل؟ فقط نضيف قتيل جوار القتيل. 

أمسك عزام بعنق هياب بغضب وصاح به:
-أيُه الأرعن الخوار! كم مقدار جُبنك أيُه الوضيع!

قال هياب بصوت مخنوق:
-لا تدعي العزم يا عزام، أُجزم بأنك ستفعل مثل فعلتي إن كنت مكاني.

عزام: بل أُفضل الموت على فعلتك!

هياب: كذبت!

أراد عزام أن يُكمل الحديث سواءً بفمه أم بقبضته إلا أن وسام صاح قائلًا:
-أتركه! أتركه يا عزام…دعه يغرب من هُنا.

فعل عزام ذلك ليستطرد وسام:
-أنت من قدم لإخباري بما حدث يا عزام، وبعد ماذا؟ بعد أن حل الصباح لليوم! ولم تكن معي حين أرسلنا الخمسة الأحواذ إلى فيافي، كما كان موعدنا أن نلتقي حينها، ولم تُعلمني إلا بعدها فلماذا حدث ذلك؟!

عزام: لم أعلم إلا حينها، وقدمت فورًا لإخبارك حين حدثني أدهم بما حدث.

وجه وسام نظره نحو أدهم ينتظر منه الإجابة على سؤالًا لا يحتاج لطرحه، فأجاب أدهم:
-لم يُعلمونا الرجال الذين مع هياب إلا عند الفجر، ولم أكن أدري ما أفعل، فقد كان عاكف نائب أركان، والأكبر سلطة فينا صامتًا لا ينبس بكلمة كما حاله الآن، وعندما عزمت على إخبارك ثبطني هياب بقوله بأن ذلك ليس بالوقت السليم، ولكنّي لم أصبر كثيرًا، وحينما توجهت نحوك صادفت عزام، الذي كان يبتغي القدوم إلى أركان، فقصصت عليه ما حدث، فبدل طريقه نحوك مباشرة.

مملكة الجورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن