﴿يَٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ (٢٧) ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ (٢٨) فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي (٢٩) وَٱدۡخُلِي جَنَّتِي (٣٠)﴾ (الفجر - ٢٧:٣٠)
صدح صوت الشيخ من المذياع يتلو تلك الأيات وجميع نساء الحارة تجلسن برفقة _ذات الوجه الشاحب_ بسمة في صالة منزلها جميعهن يتلحفن بالأسود وبسمة لم تتوقف عيناها برهة عن بكائها الصامت.
كانت تجلس بجانبها أم مصطفى الشاب الذي سافر قنا كي يجمع معلومات عن شهد ولم يعُد بعد ولكن أجرى مكالمةً مع والدته ليتواصل مع الشيخ يواسيه في مصيبته، سيدة طيبة القلب حنونة تربت على ظهر بسمة تلك التي تربت في أحضانها وكانت صديقة مقربة لوالدتها معها في السراء والضراء.
همست في أذنها بنبرة صوت هادئة بعدما انتهت التلاوة: عارفة إن وجع الدنيا كلها في قلبك، والنار اللي بتحرقه مفيش حاجة هتقدر تطفيها، الفترة الجاية عايزاكِ تصبري وتحتسبي، واعرفي إن أقدار ربنا كلها خير.
تحدثت بسمة وهي تضع يدها على قلبها الذي يؤلمها من كبت الشهقات: عارفة يا أم مصطفى بس مش قادرة أتخيل إنه مبقاش موجود، حبيته وشوفت فيه الحبيب والزوج والأب، كان طيب وملامحه حلوة وقعدته ميتشبعش منها، أخر حاجة كنت أتوقعها إنه يسيبني بدري، ده إحنا فرحنا كان بعد كام أسبوع.
أجهشت في البكاء وبقوة مرة أخرى ليحدقن بها النساء شفقةً على حالها لتقول امرأة أخرى تجلس بجانبها على الطرف الأخر: عريس في الجنة يا بنتي ربنا يعوضك باللي أحسن منه.
ربما تكون جملتها الأخيرة عادية لكن وقعها على نفسها شديد، هي لا تريد من هو أفضل منه، لا تريد غيره رجل في حياتها.
وسط الملامح العابسة توجد ابتسامة غليل قد شُفِي وحقد لم تستطع كبحه فقالت: أمر ربنا يا حبيبتي ما هو برضو مش معقول ربنا يدي لشخص كل حاجة جمال وتعليم وكمان عريس، مفيهاش حاجة لو اتاخد منك حاجة واحدة وسط كل اللي عندك ده.
انتفضت أم مصطفى من مجلسها وقالت باشمئزاز منها: أعوذ بالله منك ومن عينك، مستخسرة على اليتيمة النعم اللي في ايدها، مش كفاية إن أمها اللي توفت لما كانت في أمس الحاجة لها، اتقي الله في بنات الناس.
قامت المرأة وقالت بكرهٍ بازغ في عينيها: طب ما تقولي لها تسيب جوز بنتي في حاله بدل ما هو في الرايحة والجاية يروح للشيخ ويبوس ايده عشان يجوزه المحروسة اللي قاعدة بتواسيها، عايزة ربنا يبارك في حياة خطافة الرجالة دي؟
كادت أم مصطفى تلقنها درسًا باللسان والأيدي ولكن سبقها الشيخ حين تحدث في البداية وراء الباب حتى لا يجرح خصوصية النساء بالداخل: ده على أساس إن بنتي اللي قالت له تعالى اطلب ايدي؟؟

أنت تقرأ
وهَوى القلبُ في هَواهَا
Romanceأول رواية تُكتب بقلمي ✿ بين ندم واشتياق ولهفة وحب وقصص تحمل بين طياتها العِبَر سُردت روايتي.♡