ريم كانت كالعادة تجلس بصمت بجوار مقعد آدم دون حتى ان تسأله عن وجهتهما..قطعه هذه المرة هو قائلاً بتساؤل:
ـ ألم تصلكِ رسالتي البارحة؟!..
اجابت بأختصار واقتضاب:
ـ وصلت..
ـ ولما لم تستيقظي مبكراً؟
ـ استغرقت بالنوم..
ـ لهذا السبب الشخص يقوم بضبط المنبه عندما يكون لديه موعد مهم كي ﻻيستغرق بالنوم..
اجابته بنبرة ذات معنى:
ـ اجل...(عندما)..ولكني لم اجده موعداً مهماً جداً كي استيقظ من اجله مبكراً..
ضغط على الفرامل فجأة فأنحنى جسدها للأمام وهي تتمسك بالباب كي ﻻيرتطم وجهها بينما جسده الصلب بقي ثابتاً دون ان يتحرك بمقدار سنتمتر واحد!!..
التفتت اليه بحدة وهي توشك على تبادل اطلاق النيران معه..كانت متوقعة ان يلتفت اليها ويبدأ بالشجار فتحفزت كل خلية بداخلها لهذه المعركة!....ولكنه لم يفعل!!...كان ﻻيزال يركز بصره امامه على الطريق مقتضب الجبين بأستياء وبعينين ناريتين..منظر اخرس فمها فوراً دون ان تقول كلمة واحدة..فهذا اللطيف يتحول بين لحظة واخرى الى انسان جاد ومخيف فوراً.. ثواني قليلة تحكم فيها بغضبه وسيطر على انفعالاته كي ﻻينفجر بوجهها وبوجه اجوبتها المستفزة...فعليها ان تﻻحظ انها ليست الوحيدة المجبرة على الزواج فهو ايضاً كذلك!!..
دعس على البنزين مرة اخرى وانطلق بالسيارة بسرعة فوراً من دون ان يعلق بشيء على كلامها...ولكن رده وصل بطريقة ما من منظره هذا!!...
استعدلت بجلستها مجدداً ولم تقل شيئاً اخر هي ايضاً..فغاية استفزازه قد حققتها وليست مضطرة ان تكمل!..دقائق اخرى ووجدت السيارة تقف امام بناية المحكمة فأستنتجت موعدهم من اجل ماذا..
تأفأفت بضيق وهي تنزل من السيارة تتبعه بصمتها المعتاد..اليوم سيصبح زواجهما قانونياً.. ستكون زوجة آدم مراد رسمياً وسينقطع اخر امل بفرصة نجاتها من "اﻻعدام"...
اوقف سيارته على الجانب اﻻخر وعبرو الشارع معاً ودخلو نحو المحكمة متجهين فوراً نحو الغرفة المطلوبة..ولكن لسوء الحظ كان هناك عطل مؤقت في الحاسوب الذي سيجدولون فيه معلوماتهم فأضطرو للأنتظار قليلاً خارج الغرفة بينما يتم اﻻمر..كانت تقف بتململ تضع يديها خلف ظهرها وتستند الى الجدار بجسدها ورأسها وكأنها تود اكمال نومها الذي قطعوه عليها وعلى ما يبدو ان مفعول الدواء لم يزل بشكل كامل بعد مما سبب لها صداع حاد..اما هو فكان يقف على اهبة اﻻستعداد يرتكز بيديه فوق خاصرته وينظر بين لحظة واخرى نحو ساعته..رمقها كالمعتاد بنظرة سريعة..تلك النظرة التي يمنحها لها كل ثﻻث ثواني دون ان يمل وهو يحدق في وجهها...ولكن هذه المرة اعاد بصره يحدق فيها مطولاً بعد تلك النظرة الخاطفة... لمح عينين حزينتين..تحدقان بعمق..تنظران بتألم.. وبتمني....تمني المستحيل!!...تتبع نظرها فوجدها تحدق في شاب وفتاة يقفان امامها وينتظران معهما من اجل تأكيد زواجهما قانونياً..ولكن ليس مثلهما..ﻻتفصلهما فواصل..وﻻيقتلهما الواقع..كانا يبدوان في قمة السعادة ويديهما متعانقة وﻻيمﻻن من الحديث والضحك مع بعضهما لسبب او لدونه فمقدار السعادة التي هما فيها ﻻيحتاجان لسبب كي يبتسما!!...
عاد ببصره اليها مشفق على حالها..فكل فتاة تتمنى ان تعش قصة حب..ان تتزوج بطريقة مثالية..ان تتصرف كما تتصرف هذه الفتاة التي امامهما اﻻن..ولكن ريم حرمت من كل هذا..من فستان ابيض جلست سنين تتخيل كيف سيكون..من زوج عاشت معه قصة حب رائعة قبل ان يرتبطا..من زفاف سيجلس المدعوين لأشهر يتحدثون عن روعته...ولكن في النهاية واقعها قدم لها عكس ماتخيلت تماماً!...
ادارت بصرها اليه فوجدته يحدق فيها بنظرة التأسي والشفقة تلك فقطبت حاجبيها فوراً مدعية التماسك واشاحت وجهها الناحية اﻻخرى..فأخر ماتحتاج اليه اﻻن هو شفقة احدهم!..لاسيما شفقته هو!!...وقف بجانبها حارصاً على عدم اﻻقتراب كثيراً وارجع يديه للخلف مثلها مستنداً عليهما على الجدار..وقال بهمس ﻻيسمعه سواها:
أنت تقرأ
قربان (مكتملة)
Romanceمن المفترض ان يكون زواجنا على الورق فقط...من المفترض انني لااحبه وفعلت هذا كي ننهي الدم والثأر بين الاسرتين فقط..فما بالي كلما ذكر اسم فتاة امامي غضبت؟...انا من طلبت منه ان يتزوج بواحدة اخرى..فلما هناك نيران داخل صدري ستدفعني للبكاء والصراخ وانا ارا...