~ احاسيس متضاربة..~

75.9K 3.7K 702
                                    

فتحت ريم عيناها بتثاقل تأبى ان تصحو الان بشكل تام!...لايزال النوم يلتصق بجسدها والخدر يدب في اوصالها ولكن رغم هذا اجبرت نفسها ان تقوم من سريرها...رمقت ساعتها المنضدية بنظرة خاطفة لتدرك انها الساعة الثانية بعد الظهر!...دعكت عيناها بقوة فتنشطتا قليلاً لتتمكن من رؤية طريقها بوضوح وهي تخرج من الغرفة...فتحت الباب وخرجت خطوة خارجها لتجد الشقة تدخل في سكون تام!...ماتعلمه ان آدم في اجازة من عمله هذه الايام ونادراً مايخرج من المنزل.. وتيقنت انه لم يخرج عندما لمحت هاتفه ملقى على الاريكة بجوار حاسوبه الشخصي!...التفتت بأتجاه الحمام فوجدت بابه مفتوح..والمطبخ كذلك!.. اين هو؟..فأكمل بصرها استادرته في الارجاء الى ان وقع على باب الغرفة المجاورة لغرفتها..وها هو آدم!!...كان باب غرفته مفتوح وهو مستلقي على وجهه فوق سريره يغط بنوم عميق...حدقت فيه لثواني لتبدأ من ـ دون وعي منها ـ ابتسامة خفيفة بالظهور فوق شفتيها...هكذا كان ينام هزيم بالضبط!!..
كان يشبهه نوعاً ما...بهيئته..بمزاحه الدائم وتعليقه على كل شيء...كان يشبهه في غضبه المفاجئ الذي يحوله من انسان هادئ ولطيف من لحظة الى بركان هائج واعصار في اللحظة التالية!....بين آدم وهزيم شيء متشابه لاتعرف ماهو ولكنه يبث الشعور ذاته في داخلها!!..

وفجأة انتبهت على نفسها وعلى تحديقها الابله به الذي استمر من الثواني الى الدقائق وهي بعالم اخر وقد نست امر الكره الذي يربطهما ببعضهما!!..
عاد حاجبيها ليلتحما مجدداً وعاد وجهها للانقباض وهي تتركه وترحل بأتجاه الحمام تقتل بذلك كل خلية تعاطف تنبض بداخلها اتجاهه!!..
رشقت وجهها بالماء لتبعد النعاس عنها ثم رفعت بصرها بأتجاه المرآة التي امامها...لم تكن المرآة تعكس صورة فتاة شابة...كانت تعكس صورة شبح!...ذلك الوجه الشاحب..تلك العيون الذابلة..وتلك الهالات السوداء...لاشيء من هذا ينتمي لعالم الفتيات الذي نسته منذ سنين!.. لأول مرة تحدق في وجهها بهذا العمق وتدرك بالفعل انها بحالة مزرية!..ومن دون ان تدرك لماذا وجدت عبارة آدم المستهزئة من شجارهما الاخير تصدح في عقلها.."ولو عرضو علي الامر لم اكن سأوافق ابداً...فأنتي لاتتناسبين ابداً مع المواصفات التي اريدها..."
فأشاحت وجهها بغضب عن المرآة فوراً وزفرت بضيق...فليذهب للجحيم هو رأيه!...فهي لن تبالي ولن تغير نفسها من اجل ان تناسب ذوق حفيد مراد!..

عادت نحو غرفتها وحرصت على ان تكون خطواتها هادئة كي لاتوقظه..ليس بالطبع انها لاتريد ان تقلق نومه!..ولكنها لاتريد ان تقابله او ان تخوض اي حديث معه!..
دخلت نحو غرفتها وغيرت ملابسها وحرصت على تخبئة حبوبها جيداً كي لايجدهم..
خرجت بهدوء من الغرفة ثم فتحت باب الشقة وخرجت بنفس الهدوء دون ان تترك رسالة او ان توقظه وتخبره بخروجها..

وبالطبع اول مكان توجهت اليه كان قبر اخيها هزيم...ومثلما اعتادت فأنها تقضي كل الوقت بالبكاء والصراخ وكأن هزيم قد مات لتوه!.. لايزال جرحها من دون التئام...كلما حاولت ان تستوعب انه فارق الحياة كلما رفض عقلها تصديق الامر بشدة لدرجة تكاد تفقد صوابها!!..
ذلك المنظر الاخير الذي رأته لايمكنها نسيانه ابداً...تحت ذلك المطر وفي ذلك الظلام.. هزيم قد فارق حياته!!...وقاتله يقف على بضع خطوات منها ولكن الظلام ستره عنها ومنعها من رؤيته بوضوح!...ولم تركض خلفه لتراه.. فجسدها يرفض ان يبتعد عن توأمها ويداها ترفضان افلات يديه لدرجة عانى الاطباء بصعوبة كي يبعدوها عنه ولم تفعل ذلك ألا بحقنة مهدئ...وتلك كانت بداية ادمانها!!...
عادت الى المنزل لتجد اسرتها مشغولين كلاً بنفسه فألتجئت الى المهدئ مجدداً...استيقظت صباح اليوم التالي لتدرك ان ماعاشته في الامس لم يكن مجرد كابوس..بل كان واقع عليها ان تتقبله..فلم تفعل..والتجئت الى النوم كي تهرب من هذا الواقع عن طريق المهدئات ايضاٍ....ويوم بعد يوم..وشهر بعد شهر..لم تجد ريم نفسها ألا وقد اصبحت مدمنة لايمكنها عيش يوم واحد من دون تلك الحبوب!!..

قربان (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن