الجزء 26

1.1K 24 5
                                    

استيقظت نسمة على صوت حركة بالبيت فاغتسلت و ارتدت ملابس بيتية صفراء و خرجت من غرفتها حيث وجدت السيد دايمون يحدث جدتها فالقت عليهم التحية و جلست بالجانب تتناول فطورها في صمت و هي تصغي لحوارهم
-كيف لم يرجع للبيت البارحة ؟
-كما ذكرت يا سيدة روزالي ، لم يعد للمبات في البيت
-امم مشكلة ، لقد كنت احتاجه كي يصطحبني الى المقر الرئيسي للشرطة فاليوم يصدر قرار بمحاكمة ريان الذي اخبرتك عنه
-حسنا ساذهب معك لكن هته المرة فقط
-شكرا لك سيد دايمون لا طالما وقفت الى جانبي ، انتظرني سأجهز نفسي
-حسنا انا بالخارج قرب موقف الحافلات
خرج السيد دايمون ثم تبعته الجدة روزالي التي تجاهلت كلام نسمة تماما ، ففهمت نسمة انها غضبت من طريقة كلامها و قررت ان تصالحها عندما تعود بان تعد لها كعك الفانيلا المحبب لها برفقة عصير الرمان.
دخلت السيدة روزالي الى مكتب النائب و قد اخبرها ان المحاكمة ستبدأ بعد يومين بالتحديد و بينما هي خارجة من هناك اوقفتها شابة جميلة و هي تقول
-انتي ايتها العجوز الشمطاء ، لان اسمح لكي بتدمير حياة حبيبي و زجه في السجون
-انتبهي لألفاظك يا فتاة لا تنسي انكي تحدثين امرأة في سن جدتك
-لا يهمني ذلك ، لكني احذرك من ان تقتربي من ريان انت و ابنتك المتسولة فحبيبي لن يطمع في امثالكم ايتها المسنة الهوجاء
قاطعهم صوت من الخلف و هو يقول
-آنسة فيفيان ، سيدة روزالي ما الذي يحصل ؟
-(نظرت اليه الجدة بتوعد) ستتبعه انت ايضا ايها المحامي الخائن
وغادرت بصمت عائدة لكن شيئا استوقفها هي و السيد دايمون الذي سمع خبرا عن سيارة ملقاة بالسفح البحري لغرب البلاد و لكنهم لم يجدوا الجثة ، و قد سمع انهم بعد التحقيق وجدوا بان اسم الضحية "باسل مرزاق " فما كان منهما الا ان دخلا مسرعين رغما جهلهما لكنية باسل جارهم
-سيدي هل يمكنني رؤية صورة الضحية ؟
-بصفتك من؟
-اضن ان من تبحثون عن جثته هو نفسه الشاب الذي يقطن ببيتي و قد قضى الليلة خارجا
-تفضل سيدي
بقي السيد دايمون و السيدة روزالي يتبادلان النضرات الآسفة رغم انه قضى معهم اياما قليلة لكنه احتل مكانة خاصة لدى كل منهم .
رجعا الى البيت فوجدا نسمة قد اعدت الكعكة و دعت السيد دايمون كي يشاركهما طعامهم لكنه اعترض بشدة بحجة انه ليسا جائعا و غادر الى بيته منزعجا
-ما بال السيد دايمون يا جدتي ؟لقد كان في مزاج جيد صباحا
- ربما خبر وفاة باسل اثر عليه قليلا ، انتي تعلمين كم السيد دايمون حساس في هذه النقطة بعد موت زوجته و ابنه الوحيد في حادث .
سعلت نسمة بقوة و نظرت الى جدتها بمعنى اعيدي كلامك ، و ما ان استوعبت ما قالته حتى احست ان قلبها وقع بين رجليها و بقيت تتمتم " لا غير ممكن ، مستحيل لم يمت "
ثم حملت نفسها و لم تستغرق اكثر من عشر دقائق حتى خرجت بملابس اخرى و حقيبة ضهر خفيفة و ودعت جدتها دون ان تخبرها اين هي ذاهبة لكن جدتها لم تكن بهذا الكم من الغباء و بدأت تحس برابطة تجمع باسل بنسمة.
اتجهت نسمة الى محطة القطار و حاولت الحصول على اسرع رحلة متجهة نحو الغرب و قد كانت المدة حوالي اربع ساعات ..لم تطل مدة انتظار القطار ، فما هي الا دقائق حتى كانت على متن مقطورة تحاول هزم دموعها من الانهمار و قد نجحت في ذلك ، فكلما فكرت و لو سطحيا في انه قد مات تحس ان روحها تسحب منها ، فلا تتركني يا من احببه قلبي و ادمنه كياني والفته عيناي
كانت نائمة عندما فرغ القطار من الركاب و قد ايقضها احد المراقبين من حسن حضها ، نظرت الى الساعة وجدتها قد ناهزت السادسة مساءا فهرولت تجري نحو الخارج و هي تجهل ما ينتظرها خارجا فهي لا تعلم كيف تتنقل في هذه المدينة الساحلية ، ضلت على الطريق تنقب عن سيارة اجرة و قد وجدتها بعد مشقة و عناء و عندما ركبت لم تعرف العنوان الذي تمليه على السائق فاكتفت ب " خذني الى الغابة القريبة من الشاطئ ارجوك " فحرك السيارة و هو يرفع احد حاجبيه لكنه قرر ان يأخذها الى ذلك المكان الخالي فهو ليس مسؤولا عنها
عندما رأت منزلا من بعيد صاحت بالسائق
-توقف هنا يا سيدي توقف
ادار المقود و توقف بجانب الطريق ، دفعت له و هي تطلب الله ان لا تكون اخطأت المنزل و قد استجاب الله لها فلقد كان هو بالضبط ... بقيت تجري الى ان وصلت اليه و هي تلهث و قد كادت تقبل الارض لانها وجدت البيت مفتوحا .. دخلت الى البيت و هي تكاد تبكي لما تذكرته فور ان وضعت رجلها بعتبة الباب
اتجهت الى المطبخ فوجدت طبقا موضوعا فغمست سبابتها الرقيقة ببقايا الاكل فوجدته دافئا و هنا بدأت تصيح بصوت عالي نسبيا
-بااسل انا اعلم انك هنا ....انت لم تمت صحيح!!باااسل
صعدت الى الطابق الثاني تفتش كل الاركان  و الغرف واحدا تلو الآخر لكنها لم تجده فبقيت تجوب و تجوب حتى فقدت الامل و لكنها لم تكف عن مناداته
-باااسل ، ارجوك فلتظهر ساعد لك الحساء  ولن اطلب منك الحلوى مجددا (نزلت الدموع من عينيها بقوة ) لن اقوم باخراج المزهريات  و الستائر من مكانها ، باااسل لما تختبئ ؟ اذا كنت لا تريد ان آكل من صحنك اعدك لن اكررها ثانية
جلست على الارض و قد دخلت في نوبة بكاء حارة تخرج بها كل ما في صدرها من الم و نار حب تلتهمها هي قبل من يحيط بها .
بعد ان سكنت قليلا و انتظمت دقات قلبها من جديد ، صعدت الى غرفته و اخذت بعض ملابسه و ارتدتها ، كان منضرها فضيعا لكنها احست براحة كبيرة و قميص باسل يضمها فقد تعذر عليها ارتداء سرواله لاسباب عدة.....
نامت بسريره و هي تذرف دموعا صامتة و بعد ان خطرت ببالها فكرة مميتة ، فهي توقن انه حي و انه بالمنزل هنا بالذات ، ربما لان عقلها يرفض فكرة موته او ان قلبها يحس بوجوده ..
اتجهت الى خارج المنزل و بقيت تجري نحو الناحية المؤدية للجرف حتى بلغته و بقيت تنظر الى الاسفل بخوف لكن عليها فعل ذلك ، ارخت جسدها و مالت به قليلا للامام ، فاحست بنسيم عليل يداعب وجهها
-ما الذي تفعلينه يا حمقاء
-(فتحت عينيها بفرح) باااسل
جرت الى حضنه و هذه المرة لم يستحمل منع نفسه من عناقها بقوة فكل مرة كان يحاول ان يكون ملتزما مع هته الحمقاء الصغيرة لكنها تستفز مشاعره و غريزته كرجل بقوة
بقي يشدها اليه يستنشق عبيرها و هي تفعل المثل ، ابعدها قليلا عنه و نظر الى عينيها بحب و قال
-نسمة ، هل تتزوجيني ؟
بقيت مصدومة فهزها برفق لكنها لم ترد فعاود ذلك مرة اخرى و اخرى و اخرى
-اه رأسي اين انا ؟
-سيدتي لقد وصلنا الى المحطة الاخيرة
-اين باسل ؟
نظر اليها المراقب بغرابة و حسبها حمقاء فابتعد بهدوء اما هي فبقيت تنظر الى الفراغ و ارجعت رأسها الى الوراء و قالت بحزن "اصبحت تطاردني حتى في احلامي"

احببت رهينتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن