الجزء 25

1.1K 22 4
                                    


كانت نسمة تجلس بغرفتها ترتب خزانة ملابسها ورأت خفها الذي على شكل شبل صغير امسكته بيديها و بقيت تنظر له تتذكر يوم اشترى لها باسل الكثير من امثاله و عندما قاستها بقيت تجري بها و تمرح كالاطفال الصغار عندما تعطيهم السكاكر..
فجأة رن هاتفها برقم مجهول
-الو ! من معي ؟
-مرحبا آنسة نسمة ، انا محامي السيد ريان
-اه اجل .. هل من مشكل ؟
-ان سيد ريان يريد ان يراكي حالا
-(رفعت حاجبها) ولما لا يتصل بي هو و يخبرني ؟
-انه محتجز و لا يستطيع ذلك ..هل لي ان اصطحبك الى المخفر ...؟
-اووه حسنا ....ساكون جاهزة بعد نصف ساعة..
-الى اللقاء
ارجعت الخف الى مكانه و اخرجت ثوبا طويلا باللون العكري رفقة سترة جلدية سوداء و حذاء رياضي اسود ثم طرحة اختلط بها اللونان معا .
في هذا الوقت كان باسل يقف مع الطفلة "لارا" يمازحها الى ان رأى سيارة من الطراز الرفيع تدخل الحي فتعجب لذلك خاصة عندما توقفت بجانب منزل السيدة روزالي . بقي يتابع بانظاره ما يجري من بعيد الى ان رأى نسمة تركب مع ذلك الرجل الغريب بسيارته فتوجه الى مرأب الحي و انطلق بسيارته وراءهما .
بعد قليل توقفت السيارتان واحدة تلو الاخرى امام المخفر فانتظر باسل ان ينزلا ثم يتبعهما و ذلك ما حدث فعلا.دخلت نسمة مع نيكولاس الى غرفة محكمة الاغلاق حيث يوجد ريان
-ريان ما الذي يحدث ؟
-اجلسي اولا و ساشرح لكي كل شيء
-حسنا ...انا اسمعك
-قبل مدة اظطررت الى ان ازور اوراق الأرض التي ورثتها عن والديك و اجعلها في ملكيتي و قد بعتها لاحد شركات النبيذ كي تستغلها في زراعة العنب.
علقت الكلمات بحلق نسمة و لم تستطع النطق لكن ريان امسك يدها بحنان بالغ يحاول ان يستغل عطفها و طيبتها كي يصل الى مراده.
-سنصبح عائلة واحدة يا نسمة ، ام انك لا تثقين بي ؟
-لا ابدا (علت وجهها امارات الحزن) لن نستطيع ان نكون عائلة يا ريان
-لماذا ؟ ما الذي جرى كي تغيري رأيكي الآن ؟
-(ازدرت ريقها بصعوبة ) لقد حدثت لي عملية اغتصاب عند اختطافي
نزلت دمعة من عينها الزيتونية دون ان تشعر و انزلت بنظرها للاسفل لكي لا ترى نظراته المتهمة ..
-ماذا ؟ هل ما تقولينه صحيح ؟
والسكوت علامة الرضى ، فكل ما سمعته منه الآن هو ضربة من يده على الطاولة ، احست معها برعشة تسري في اوتارها ..
بعد دقائق خرجت تجري من المقر باكمله و الدموع تغشي عينيها فكانت ترتطم بكل من يكون بطريقها و كلمات ريان الجارحة تتردد في اذنيها "اعتبري علاقتنا منتهية آنسة نسمة او بالآحرى سيدة نسمة "
حاول نيكولاس اللحاق بها كي يرجعها لمنزلها لكنها كانت قد توارت بين المارة احست فجأة بيدها تجذبها بقوة ، فقد كان باسل الذي استمع لكل الحوار ، و بدون سابق انذار ارتمت على صدره تضربه بكفيها المرتجفتين و هي تقول
-لماذا ؟ ما ذنبي انا ؟ قل ما ذنبي ؟ هل يسعدك ما انا فيه الآن ؟ لقد بقيت معك كل تلك المدة دون ان اوجه لك الاهانات حتى ان السكاكين و الادوات الحادة كلها كانت امامي كل الوقت و لم افكر بايذاءك قط ..لكنكي قتلت روحي  و اوجعت قلبي ..هل كل هذا الحقد بداخلك جعلك تستغلني وسيلة لاثبات قوتك؟ ليتك قتلتني و ما فعلت هذا ..ليتك ذبحتني و مسيتني ..
وسقطت بقواها على صدره تبكي بشدة ، فرفع يده يمسد فوق كتفها و لم يستطع منع دمعة تجمعت بعينه و نزلت من مقلته لتسقط على كتفها ، فتجمدت عضلاتها و توقفت الدماء بعروقها ، هل هو يبكي ؟ هل نزلت منه دمعة لاجلها ؟ يا الهي !!
لم يرد ان يظهر ضعفه امامها فامسك معصمها و ادار لها ضهره متجها نحو سيارته ، فتح الباب الامامي لكنها ركبت بالمقاعد الخلفية ، اغلق الباب بهدوء  و ركب ثم تحرك بالسيارة نحو الحي ...بعد نصف ساعة توقف بجانب منزل السيدة روزالي و التف ينظر اليها بعينين اهلكهما الحزن و الشوق
-انزلي لقد وصلنا
تلاقت الاعين لوهلة فتبادلت الاحاديث الصامتة ، ربما كان عتابا و لوما ، وربما كان بثا للحب و الحنين ...
نزلت نسمة و تحس ان قلبها يعتصر و هي تراه هكذا رغم انه يستحق و قد زاد الاعتصار عندما رأت الطريقة الجنونية التي اقلع بها السيارة و السرعة الرهيبة التي سار بها ، فدخلت الى المنزل تود ان تبكي لكنها لا تستطيع فعقلها يمنعها بحجة ان باسل يستحق ما يحدث له على عكس قلبها الذي يحثها على الرق و اللطف.
وجدت جدتها تنتضرها لتناول العشاء معا
-اهلا اهلا ...اين كنتي طوال هذا الوقت ؟
واجهتها نسمة بنظرات حادة و جلست بمقابلتها على الطاولة المربعة المجهزة للاكل .
-لما لم تخبريني بامر الارض
-(اجابت بكل هدوء) امم من اين علمتي ؟ هل اخبرك باسل ؟
-لا ..لقد كنت في المخفر و علمت كل شيء من ريان بنفسه ؟
- وما رأيك بما عمله ؟ لقد قلت لكي من اول خطوبتكما انه يسعى وراء ملكية الارض فقد كان دائما يتحدث عنها و يتناقش معك بامرها ، وماذا ستفعلين الآن بعدما عرفتي نواياه السيئة ؟
-لا يهمني ...لقد انفصلنا
-اول مرة تفعلين شيئا صائبا ، ساتكلف انا بالقضية و اجعله يدفع ثمن ما عمله
-فلتذهبوا الى الجحيم ..سئمت منكم جميعا
وحملت حقيبة يدها الصغيرة و اتجهت الى غرفتها دون ان تزيد حرفا واحدا ، غيرت ملابسها و ضلت تفكر فيما آلت اليه حياتها منذ دخول هذا الباسل اليها ، انه ينتقم منها لا من ريان ...فهي من اصبحت جثة بروح ...حطمت كل احلامها و اسودت دنياها ، حتى عملها الذي حصلت عليه بمشقة كبيرة قد فقدته ..تذكرت ان باسل هو السبب و بقيت تلعنه و تسبه ...تردد في عقلها كلمات جدتها ،ماذا تعني بان باسل من اخبرها ؟ هل لهذا اصطحبته لوسط المدينة ؟ هل هو يعلم اذا بما يجري؟
بقيت الاسئلة تجوب في بالها حتى اتعبها التفكير فخلدت الى فراشها و نامت في الوقت الذي كان به باسل بنفس الشاطئء الذي جلس به منذ مدة في اول ليلة يختطف بها نسمة و اخرج سيجارته كتلك المرة و بدأ يدخن في شراهة لقد عاد الى هته العادة بعد ان الهته نسمة عنها ، لكنه يحس بانه بحاجة مفرطة لشيء يغيب عقله عن دماغه ، بدأت تساوره افكار كثيرة و قد غزى فكره الشيطان حتى انه فكر في التخلص من حياته  فقام من مجلسه وقاد سيارته الى الجهة الاخرى حتى وجد جرفا عاليا فقاد سيارته بسرعة جنونية باتجاه الجرف ...

احببت رهينتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن