Chapter-9

1.6K 41 5
                                    

الخميس (5/29):(10:055am):

سجن النساء:
في غرفة صغيرة يفصلها من المنتصف طاولة تراص فوقها زجاج سميك ووضع على سطحها هاتفين أسودين في كلا الجانبين وفي جانب جلست نيفين ترفع شعرها كذيل حصان وهي تلبس ملابس السجن تلتقط سماعة الهاتف بيدها وهي تجهش بالبكاء وتتحدث في الآن نفسه بينما قبع على الجانب الاخر المحامي احمد الذي كان ينصت لها بأهتمام متكئاً على الطاولة وهو يشابك يديه  أمامه بعد ان انتهت قال لها برسمية :
-ذهبت الى وكيل النيابة وبحثت في ملفك وقال ان محاكمتكِ ستكون بعد أسبوع من الان واعتقد انها مدة اكثر من كافية لأثبات برائتكِ .
لعق شفته السفلى مكملاً وهو يخرج دفتره الأسود من جيبه برفقة قلمه الجاف :
-والآن اعطيني من فضلك عناوين عائلتكِ من مسكّن ومكان عمل اضافة الى ذلك الشاب وكل ما تعرفينه عنه من معلومات .
اومأت له مبتلعة ريقها واخبرته بكل ما تعرفه لينقضي اللقاء سريعاً ويتوجه كلا منهما الى وجهته الخاصة تنفست الصعداء وباتت تتخيل نفسها خارج قضبان السجن وهي تبدأ صفحة جديدة ، توجهت الى الساحة حيث الحديقة التي جلست فيها صباح مع هيلين وكورت لتتوجه ناحيتهن بأبتسامة عريضة على شفتيها ، جلست قرب صباح قائلة بتفاؤل :
-قال المحامي ان قضيتي سهلة جداً وستكون المحاكمة بعد أسبوع اَي سيكون خلاصي بعد سبعة ايّام .
ابتسمن بحبور لترد عليها صباح :
-لقد فرج الله سبحانه لكِ مشكلتكِ ولكن لا تنسي ان تزورينا فنحن صديقات بالنهاية .
-وكيف انساكِ يا عزيزتي أنتِ أساساً ستخرجين بعد تولي المحامي لقضيتكِ فأنتِ أيضاً بريئة ومظلومة .
-ماذا عن ايلين ؟
قالت هيلين بتساؤل لتلتفت الاثنتان اليها لتجيب نيفين :
-هي أيضاً بريئة وستخرج من هنا .
كانت كورت صامتة وهي تشرد بنظرها الى الارض لتتكلم بعد لحظات وهي تحدق الى نيفين :
-هل من الممكن ان يتولى قضية هيلين أيضاً ؟
حدقن الثلاثة نحوها وخاصة المعنية التي كانت نظراتها عميقة مغلفة بالدموع فأكملت :
-بالنهاية هي أيضاً مظلومة على الأقل يطلب من القاضي ان يخفف عنها الحكم !
سادت لحظات من الصمت عليهن لتربت هيلين على كتف كورت قائلة وهي تزم شفتيها :
-لا تشغلي بالكِ بهذا الموضوع لتخرج الفتاة على خير وسلامة أولاً اما بالنسبة لي فأنا راضية بجزائي .
ابتسمت في نهاية حديثها بينما قالت كورت وقد طغى الاسى على صوتها :
-ولكن أنتِ لا تستحقين هذا مكانكِ ليس بيننا على الأقل بين هؤلاء الوحوش .
أطلقت تنهيدة من شفتيها ولَم تجب لترد نيفين بعصبية :
-من الوحش ايتها القردة ؟
إجابتها ساخرة :
-لستِ المعنية يا عزيزتي اعني السجينات هنا .
ابتسمت بغرور لتتكلم كورت لاوية شفتها العلوية :
-أنتِ هنا كعصاة المكنسة ولا تصنفين من الأحياء حتى !
اطلقتا كل من هيلين وصباح ضحكات عالية بينما زمت نيفين شفتيها بأنزعاج لترد :
-وماذا عنكِ يا صاحبة القدم الكبيرة ؟
رفعت حاجبيها وهي تضع يدها حول هيلين لترد :
-وماذا عني ؟
لتجيبها وهي تكتف يديها الى صدرها بعصبية مصطنعة :
-تبدين كالقرد بهذا الشعر الذي يغلف يديكِ وقدميكِ .
ضحكت ولَم تعلق لتقول الاخرى بعد برهة :
-ثم ايلين بمثل نحافتي ما الفرق إذن ؟
تكلمت صباح :
-على ذكر ايلين أين هي لم ارها منذ الصباح الباكر ؟
حدقن الفتيات الى بعضهن بتساؤل لتجيب هيلين :
-ربما في المرسم .
التف عليهن الصمت وهن يحدقن الى الأجواء من حولهن ، السجينات يتمشين هنا وهناك ، الحديقة شاسعة تواجدت فيها انواع من الورود تريح الناظرين فضلاً عن الهواء الطلق الذي يشرح الصدور قاطع هذا الهدوء صدوح شهقة قوية من صباح التي أخذت تولول وانطلقت مهرولة من بينهن مبعدة إياهن عن طريقها فزعن الثلاثة وحدقن اليها لتتوسع أعينهن وينهضن ورائها والفزع يملأ وجوههن .
كانت ايلين مضجرة بالدماء تملؤها علامات زرقاء وبنفسجية وهي فاقدة للوعي وهي محمولة بيد "رسلان" شبيهة كورت !
كانت رسلان بضخامة وطول كورت تقريباً الا انها اكثر بدانة وصاحبة عيون داكنة الخضرة على عكس الاخرى كما ان شعرها يصل حد ذقنها وهي المرأة آلتي رأتها ايلين في اول يوم لها بالسجن .
كانت رسلان من النوع المتوحش والمسيطر في السجن لذا سُميت بهذا الاسم الى جانب تسميات اخرى عديدة لما عُرف عنها من هيبة وقوة وبطش لذا تحظى بمنزلة عالية عند مرؤوسات السجن وحتى من الشرطيات المسؤولات عن الزنازين طبعاً لانها الوحيدة التي لا تخضع للقوانين ولا يمكن السيطرة عليها بسهولة لذا يُمنح لها كل ما ترغب به .
ومن جانب اخر فهي أيضاً تتشابه مع كورت في ظروفها عدى عن كونها ثنائية الجنس مما يجعلها حبيباً في اعين السجينات المحرومات ولكونها مزاجية وملولة فكل أسبوع تقضي وقتاً مع واحدة ، لها جرائم متعددة كما انها تُعرف بكونها ليس لها صاحب اَي تغدر بمن يرافقها أو بمن يكون رفيقاً لها حتى لو كانت مصلحتها قربه والاهم انها اقدم سجينة هنا لا احد يعلم متى جاءت وتتداول العديد من الإشاعات حول حياتها الماضية وهويتها فهي مجهولة الاسم لا تفصح عن نفسها ولو حتى حرف مما يجعلها موضع الأحاديث دائماً .
وبالعودة الى ايلين التي بين يديها فقد التمت نساء السجن حولهما فما دخل رسلان بهذه التي تحملها بين يديها وخاصة انها تبدو على وجهها معالم الجدية وكأن هذه السجينة تعنيها كثيراً !
ما ان اقتربت منها كورت حتى أخذت ايلين منها وصرخت بها غاضبة :
-مالذي فعلتِهِ بها ؟
ناولتها لصباح وهيلين ونيفين اللاتي ضججن بالبكاء لتنطلق السجينات ويقمن بمساعدتهن بينما أمسكت كورت بياقة رسلان وهجمت عليها كالذئب صارخة حتى بانت عروقها واحمر وجهها :
-مالذي فعلتِهِ بها ايتها العاهرة كيف تجرؤين وتمسين منها شعرة !
ثم لكمتها بقوة على وجهها عدى انها لم تتأثر بل حدقت نحوها ببرود وهي تنفض يديها عنها قائلة بصوت عالي :
-لم المس منها شعرة حتى، بل على العكس تماماً لقد قمتُ بحمايتها !
-هل تظنين انني قد اصدقكُ تاريخكِ القذر على كل لسان .
رفعت سبابتها مهددة :
-اذا كانت ايلين قد مُست بأي شكل من الأشكال من ناحيتكِ سأقتلكِ وسأتخلص من شركِ وهذا وعد .
اقتربت منها الاخرى بحدة قائلة :
-لم المس منها ولا شعرة ولستُ خائفة من كلب نتن مثلكِ لأكذب فتاريخي القذر هذا لا علاقة له بالفتاة قلتُ ما عندي وأوصلتها لكم بسلام والآن لا شيء لكم عندي .
أدارت ظهرها راحلة ليزداد الغضب بكورت اكثر والتي أخذت هيلين تربت على ذراعها مهدئة إياها .
بالطبع كورت ورسلان أو الثنائي المتشابه بينهما عداوة ضارية لا احد يعلم لها سبباً حيث بدأت في احدى الأيام ولا زالت قائمة حتى الان وهما كالأسد والذئب كلما التقيا كلما خاضتا بشجارات عنيفة لكن تكون الغلبة لرسلان صاحبة الوزن الثقيل والبنية الاقوى مع ذلك كانت كورت هي الوحيدة القادرة على مواجهتها وابراحها ضرباً ، ومن أقوى هذه الصراعات قد حصلت قبل سنتين انتهى بمكوث الاثنتين في المشفى بسبب الرضوض والكدمات التي سببتاها لبعضهما  فكورت كُسرت ذراعها ورسلان كُسر انفها اضافة الى كدمات شوهت معالم وجه الاثنتين .
البعض أخذ يقول انه توجد قرابة بينهما لذلك هما على عداء دائم حتى ظهرت اشاعات بأنهما اختان ولكن تبقى كلها مجرد اشاعات لا غير !
وبالعودة لكورت فقد عادت برفقة السجينات لداخل الزنزانة والغضب يغلي بداخلها اما الثلاثي فلم يتوقفن عن البكاء والنواح خاصة صباح التي فقدت وعيها وتم نقلها الى المستشفى بعدما فشلن النساء في ايقاظها .
***********
اما في مستشفى اسطنبول الحكومي فلقد كانت ليلى جالسة في غرفة خاصة بها بعدما فقدت وعيها هي الاخرى فما ان رأت ابنتها حتى غابت في الظلام وما ان استيقظت حتى أخذت تبكي وتلطم وجهها وتقطع شعرها حتى دخلن عليها الممرضات وأعطينها حقنة إعادتها الى سباتها ، فهيمة كانت راقدة خارج غرفة ايلين التي لم  يسمح الطبيب لأحد برؤيتها اما سليم فهو منهار على الارض وجسده كله يرتجف بخوف ودموعه تتساقط كمطر غزير لا ينقطع وكان شارد ببصره على الحائط وجسده ينتفض بعنف كل فينة واُخرى حتى رَآه احد الأطباء ونقله الى غرفة واعطاه إبرة مهدئة جعلته هو الاخر يغط بنوم عميق المحامي كان موجود أيضاً حيث وقف بقرب رفيقه يحيى وهو يحادثه عن ما توصل له في القضية .
********
بعد أسبوع :
قاعة المحكمة (6/8):(8:088am):
كانت نيفين تقف خلف القضبان مكبلة اليدين يقف أمامها المحامي احمد ،حضر والداها المحكمة بعد ان نجح بالوصول لهما حبيبها السابق ومعارفها وحتى حبيبة حبيبها كلهم حاضرون وهو قد وكل محامية أيضاً وارتدى خاتماً في بنصره يُبين فيه انه قد خطب حبيبته الجديدة والتي كانت تبتسم بشماتة كل فينة واُخرى وهي توجه أنظارها الى نيفين التي كانت تحدق اليها أيضاً ولكن بحقد ، طرق القاضي على المطرقة مبتدأً الجلسة ليتحدث وهو يقرأ ملف المتهمة أمامه مدلياً بمعلوماتها :
-القضية ٢٦٧-نيفين هاشكان :متهمة بمحاولة قتل متعمدة مع سبق الإصرار والترصد .
أغلق الملف زافراً انفاسه ناظراً اليها وهو يشابك يديه فوق الطاولة سائلاً إياها :
-بماذا تبررين جريمتكِ يا آنسة نيفين ؟
بكت بحرقة قائلة بصوت مرتجف :
-لقد حاولت ان اثأر لنفسي ولكنني فشلت !
عقد القاضي حاجبيه لتكمل بصراخ وشهقاتها تقاطع حديثها :
-لقد كان يستغلني ويستفزني ، تقرب مني من اجل مالي جعلني أخوض معه علاقة حميمية ، صورني وانا في فراشه ثم أخذ يبتزني بشكل علني وبسببه تبرأ والدي مني !
بكت بمرارة لتكمل وهي تمسك بقضبان السجن :
-لم استطع قتله ، طعنته اجل ولكنه لم يمت بل انا سُجنت ظلماً وهو بقي يتجول بحرية على الرغم من كونه هو الجاني لا انا ، لقد جنى علي وتسبب بخسراني لحياتي ولكل ما أملكه .
ذرف ابوها الدموع بينما حدقت والدتها نحوها بجمود مشمئزة ، تعاطف القاضي معها كذلك فعل المشاهدون لتصرخ محامية الدفاع :
-اعترض يا حضرة القاضي .
ثم رفعت يدها وهي تنهض من مكانها قائلة :
-لي الحق بالدفاع عن موكلي .
أشار لها بيده قائلاً :
-تفضلي :
تمشت المعنية بخيلاء ليبتسم موكلها بسخرية هو وحبيبته وهما ينظران الى بعضهما وكأنهما قد كسبا القضية ثم أعادا أنظارهما الى المحامية التي أخذت تحرك يديها وتتكلم بثقة امام القاضي :
-لقد قال موكلي بأنه لم يكن على علاقة جدية بالفتاة ولَم يكن ينوي ان يمارس اَي علاقة خارج إطار الزواج ..
-كاذبة .
صرخت بها نيفين من خلف القضبان ليطرق القاضي بمطرقته صائحاً بغضب :
-التزمي الهدوء لو سمحتي .
ردت وهي تصرخ بغضب :
-ولكنها مفترية !
وقف احمد قربها مبتسماً :
-انا هنا لا تقلقي لن تستطيع فعل شيء بحركات المبتدئين هذه .
زفر انفاسه بخفة بعد ان طرق القاضي مرة اخرى بمطرقته طالباً منها الصمت فألتفت لها قائلاً :
-كل ما عَلَيْكِ هو ان تثقي بي مفهوم لا تتكلمي ولا تصرخي فقط احرصي على ان تبدين بمظهر مزري وأبكي بأنكسار فهذا سيحنن قلب القاضي .
غمز لها في نهاية حديثه لتهدأ ولاذت بالصمت وأخذت تراقب مجريات القضية لترى نظرات حبيبها السابق وهو يبتسم ساخراً نحوها برفقة حبيبته ثم نقلت بصرها الى والداها اللذان كانا يبدو عليهما خيبة الأمل اكثر من خوفهما عليها فلعنتهما بداخلها وقست نظراتها الا انها تذكرت كلام محاميها فأظهرت ملامح حزينة ومكسورة علها تنفع حقاً .
اكملت المحامية دفاعها :
-هناك الكثير من الشهود والأقارب الذين يقولون ان الفتاة غير سوية وتعاني من هوس العلاقات ويقولون انها كانت تبحث بأستماتة عن الحب الحقيقي وهذا ما جعلها تبذر اموالها على الكثير من الشباب غير موكلي .
أخذت نفساً عميقاً لتكمل :
-هذا سبب من احد الأسباب الرئيسيّة الذي جعل اَهلها يتخلون عنها وذلك بعدما أعلن السيد هاشكان براءته منها .
قال احمد بنفاذ صبر :
-هل يحق لي الدفاع عن موكلتي يا حضرة القاضي .
أشار له بيده قائلاً :
-تفضل .
تقدم بثقة ورزانة واقفاً مباشرة امام القاضي قائلاً برسميته المعتادة :
-كانت موكلتي تعاني من الاكتئاب هذا صحيح ولكنه لم يكن بتلك الدرجة التي تم ذكرها ، كانت فتاة انطوائية حالها كحال قريناتها من هذا الجيل الذي اصبح كل ما يشغله هو الانترنت والتكنلوجيا وغيرها .
ختم كلامه بتحريك يديه وبنبرة ودودة ليكمل :
-لا يمكن بالطبع إنكار حقيقة ارتباطهما ولكن الطرفين خاضا علاقات محرمة خارج أطوار الزواج بضغط من احد الأطراف الا وهو السيد اورهان حبيب المتهمة السابق .
-اعترض .
التفت المحامي والقاضي الى المحامية التي نهضت وقالت :
-لقد كانت العلاقة برضا الطرفين .
اجاب المحامي :
-وانا لا أنكر ذلك كانت علاقة حب حالها كحال اَي علاقة بين شابين في مقتبل العمر وتحصل هذه الأمور غالباً هذه الأيام ولكن فيما بعد تحولت لأجبار من طرف السيد اورهان .
-انا اعترض يا حضرة القاضي .
قالتها بحدة ليقول القاضي :
-اعتراض مرفوض .
بانت عليها ملامح الصدمة حالها كحال موكلها وحبيبته بينما ابتسمت نيفين ببعض الأمل وهي ترمي بنظرات كلها أمل نحو محاميها وهي تدعو ان يمر كل شيء على خير اكمل احمد الدفاع بعد ان إذن له القاضي فعاد للتحدث برسمية :
-كما اسلفت قد تم اجبار موكلتي نيفين على ممارسة الجنس مقابل عدم فضحها حيث قام السيد اورهان -وأشار نحوه - بأبتزازها بفيديو اول ليلة قضياها معاً وبالطبع صور لها فيديوهات اخرى .
-اعترض حضرة القاضي .
رفعت يدها لتنهض قائلة :
-ربما ليس موكلي من صورها بل قد يكون شخص اخر وهي استعملت هذه الخدعة لأثبات برائتها .
-ولكن الفيديوهات بالفعل موجودة على الانترنت وكلانا نظهر بها .
ردت نيفين حيث توجهت الأنظار نحوها لتكمل كلامها بحزن عميق :
-ووالدي كان اول من رآها !
أخذت الوجوه تلتفت ناحية والدها الذي تساقطت دموعه فوق وجنتيه بصمت بينما أخذت زوجته تتنفس بسرعة دليلاً على غضبها المكتوم ، قال القاضي وهو يطرق بمطرقته :
-اعتراض مرفوض.
جلست بحنق ليبتسم احمد عليها قائلاً في داخله :-" أمامك طريق طويل جداً لتصبحي محامية دفاع بارعة !"
ثم عاد وأكمل :
-وبالطبع لأن هذه الفضيحة قد اثرت على السيد هاشكان فلقد أعلن براءته من ابنته لذا انا أقول ان موكلتي قد تم استغلالها جنسياً ومادياً من قبل السيد اورهان الذي افتتح شركة بأموالها واشترى منزلاً في النرويج بقيمة (200الف دولار ) عن طريق مستثمر أمريكي كان مالكاً لهذا العقار اضافة الى مطعم ومحل أزياء لخطيبته وهو حسب ما عرفت عنه ابن عائلة ميسورة الحال مصروفه اليومي يكاد لا يكفيه ليشتري قوت يومه .
تنهد القاضي ثم قال مخاطباً المحامية :
-هل من اضافة تريدين قولها ؟
نهضت وعادت للسير بخيلاء قائلة :
-موكلي قد ظهر له إرث تركه جده رحمه الله والمعروف عن خطيبته " الانسة نيرمين " كونها ابنة عائلة ثرية وهي التي اقدمت على شراء كل هذا من اجل خطيبها لغرض مساعدته مادياً ، اما بالنسبة لتلك الفيديوهات فهي مفبركة فالتكنولوجيا قد وصلت آلى ذروتها في الوقت الحاضر وكل شيء جائز وهذا كل ما لدي وأخيراً أقول ان موكلي بريء.
نهض هاشكان بلا إذن قائلاً بأنكسار :
-تلك الفيديوهات  حقيقية مئة بالمئة فبالنهاية انا امتلك شركة خاصة في تصنيع الحواسيب والبرمجة وقد قال مهندس البرمجيات انها حقيقية وغير مزيفة وهو حاضر الْيَوْمَ برفقتي ليؤكد ذلك من بعد إذنك .
أومأ له القاضي لينهض شاب في منتصف العشرينات له شعر بني ، ابيض البشرة ، متوسط القامة ، ممتلئ الجسد ، له ملامح إنسان مثابر في عمله ، ارتدى ملابس رسمية حيث تحدث بصوت هادئ رزين يعبر عن شخصيته الوقورة :
-ما قاله السيد هاشكان صحيح والفيديوهات كلها حقيقة حيث اثبتت الأنظمة الخاصة بِنَا ذلك ، فضلاً عن تتبعنا للموقع الذي نُشرت منه وهو من قناة تم إنشائها على جميع مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم مرمز ينتهي بكلمة " المسيطر " وقد استطعنا معرفة نوع الجهاز حتى بعد ان تمكن احد الموظفين من اختراقه والذي كان من نوع "أيفون ٧" لقد حذفنا القنوات والفيديوهات الا انها انتشرت بشكل كبير على المواقع الاباحية ولَم نستطع الوصول اليها وحذفها كلها .
جلس بعد ان أومأ له القاضي فرفعت المحامية يدها قائلة :
-أودّ اضافة امر أيها القاضي من فضلك .
أومأ لها إيجاباً لتنهض :
-حتى لو كان موكلي هو من صور هذه المقاطع هذا لا يعني بأنه هو من نشرها وقد تكون المتهمة هي نفسها من نشرتها لغرض إلقاء التهمة عليه !
ردت نيفين بحنق :
-وهل هناك من يفضح نفسه بهذه الطريقة حتى لو لم احاول قتله كنتُ سأسجن على اَي حال بعد ان فصلتني الكلية بقضية اداب حتى انها فتحت ملفاً في مركز الشرطة .
ثم وجهت رأسها نحو القاضي قائلة :
-يمكنك التأكد يا حضرة القاضي من صحة كلامي .
تحدث المحامي احمد وهو يخرج ورقة من ملفه  أعطاها للقاضي قائلاً :
-هذا هو البلاغ يا سيدي .
ثم اخرج ورقة اخرى وناولها إياه قائلاً :
-وهذه ورقة تبين قيام المدير بسحب البلاغ بعد ان قابلته وأخبرته بوضع موكلتي وهذا يُبين انها لم تقم بنشر هذه الفيديوهات وإنما السيد اورهان الذي ابتزها ثم فضحها وألقاها في السجن .
ثم تحرك نحو نيفين بعد ان ألقى نظرة على المحامية ذات الوجه المصفر واورهان الذي احتقن وجهه غضباً .
طرق القاضي بمطرقته قائلاً :
-سيتم الإعلان قد قرار المحكمة .
سادت لحظات من الصمت بعد ان تشاور مع مساعديه ثم طرق مجدداً معلناً قراره قائلاً :
-لقد تقرر الإفراج عن المتهمة نيفين هاشكان وإعفائها من محاولة القتل لكونها كانت بحالة غير مستقرة وقررت المحكمة تعويضها مالياً عما حصل وتعريض السيد اورهان دينيز للمسائلة القانونية بتهمة الابتزاز .
أطلقت نيفين صرخات فرحة وراحت تقفز في مكانها ليقتادها رجال الشرطة بعد لحظات للخارج بينما جاء اخرون استقبلوا اورهان عند خروجه ليقتادوه للقسم .
خلال لحظات زالت القيود عن يدها وانطلقت مهرولة نحو المحامي احمد وهي تعانقه بقوة متجاهلة والدها الذي كان يقف بجانبه ، ثم فصلت العناق لتحدق اليه وقد قست نظراتها كأنها تناظر عدوها اللدود لاذ بالصمت محدقاً اليها والدموع تملأ محجريه لكنها التفتت للمحامي احمد وهي تقول :
-خذني من فضلكِ للمستشفى يجب ان أزور ايلين  .
أومأ لها ليصافح والدها الذي شكره بحبور ثم قال بأبتسامة وهو يناظرها بطرف عينه :
-سوف اوفيكَ حقكَ سيد احمد وسأعطيكَ مستحاقتكَ من الأموال نظيراً لما فعلته .
أومأ له وتبادل بضعة احاديث معه ثم ودعه وأخذ يحدق الى نيفين التي كانت تقف بعيدة عن الجميع وهي تبكي حيث كانت تضم جسدها وهي ترتجف ليذهب عندها وهو يربت على كتفها قائلاً مواسياً إياها :
-مبارك لكِ على حريتكِ .
اومأت له ليدعوها للذهاب وهو يضع يده خلف ظهرها ثم ركبا سيارته السوداء وانطلقا نحو المستشفى .

يتبع ....





                                                             " القاعدة التاسعة "
                     " لا تضع آمالك على احد فبالنهاية ستكون مجرد حمل ثقيل ينفضه عن كتفيه حينما يجزع "

براءة مُدانة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن