#ادهم :
لا اعلم حقاً كيف اصف مشاعري او موقفي او حتى هذا الوضع المربك بأكمله ! كل ما حصل هو تسلمي لقضية قتل ضد مجهول واتضح ان هذا المجهول هو طفلة بريئة التقيتها يوماً تحولت بشكل غامض الى قاتلة مأجورة ! كنتُ اقرأ ملفها مراراً وتكراراً وانا في اعماقي مؤمناً ببرائتها بشكل من الاشكال فلا يوجد انسان في هذه الحياة قد يرتكب جرماً بشعاً لهذه الدرجة من دون سبب ! خاصة اذا كان انسان عادي لا زال في مقتبل العمر .
كان امر عمليتها مفاجئ لكلينا الا انها تقبلت الامر بشجاعة ولم تخف ! امضيتُ خمسة ايام اسهر عليها وفي كل يوم مر علي من هذه الايام وانا ازداد يقيناً ببرائتها وعقلي يرفض اشد الرفض ان تكون هي القاتلة فمنذ متى والملائكة تفعل افعال الشياطين ! البارحة اردتُ اشباع ولو جزء من ذلك الفضول الذي ينهش كل خلية من خلايا عقلي ، ان اكشف غموضها واسرارها واعلم الحقيقة ، ولكن بطريقة لا تزعجها او تشعرها بالخوف فما كان مني الا ان اطلب منها الحديث عن نفسها من دون الحاجة لأي اسئلة روتينية ، وكم كانت فرحتي عظيمة حينما استجابت لمطلبي بسلاسة لأشغل المسجل القابع في جيبي سراً لتسجيل كل ما تقوله ، كان الامر يسير على ما يرام حتى بدأت فجأة تتصرف بغرابة ! كانت شاردة وكأنها في عالم خاص بها وكانت تتحدث بطريقة مبهمة لتبتسم بعد ذلك وهي لا زالت على وضعيتها تلك !
لم تنفك عقدة حاجباي طوال تلك الجلسة التي بدت اشبه بجلسة طبيب نفسي لمريضته حتى سئلتها :
-لما تبتسمين ؟
لتشير بسبابتها للأمام قائلة :
-ادهم .
لسبب ما شعرتُ بأضطراب غريب لذكرها لي فجأة وسط الحديث فسئلتها :
-ما به ؟
أجابت وعادت يدها لحجرها من جديد :
-انه يجلس قبالتي لقد ادخلني منزله .
ثم اكملت:
-انه دافئ جداً .
سئلتها ودهشتي تزداد:
-ما هو ؟
تنهدت بضيق لسبب لا اعلمه لتكمل بتلك الابتسامة الشاردة :
-ادهم انه دافئ .
شعرتُ بتلخبط احاسيسي وبنبضات قلبي تزداد لا ارادياً لأرى حالها قد تبدل ! فجأة بان حزن عميق في سوداوتيها واحاطتها هالة من الهم والغم لأسئلها والريبة تملئ قلبي من تصرفاتها:
-لما كل هذا الحزن الان ؟
اجابت وقد انسابت دموعها لأول مرة تاركة اياي في دوامة اخرى من العجب :
-لقد رحل مصدر الدفئ ذاك .
اجابتها زادتني عجباً وشيئاً فشيئاً بُت اسئلها عن كل تفصيلة لأكشف غموض حديثها المبهم حتى توقفت تماماً وانا اراها ترتجف في اللحظة ذاتها التي دلف بها الطبيب برفقة الممرضة بعد صراخها بغضب وبلا مبرر اما الشرطيان فمن المفترض ان يكونا عند الباب ولكنهما دخلا ايضاً بلا سبب او مقدمات اشرت لهم بالهدوء وانا اراقب ارتجافة جسدها حتى جلست بجوارها بهدوء اسئلها بألحاح مما تخاف الا انني كلما اعدتُ طرح السؤال ذاته كلما زاد خوفها اكثر ومع كل دقيقة وقلبي يزداد خوفاً عليها ولا استوعب حقاً مالذي يجري معها ، وانا بكل غباء رحتُ اطرح عليها اسئلتي غير مبالياً بحالة الهيستيريا التي اصابتها حتى علا صوت صراخها وباتت تقاوم كأنها تتعرض للأعتداء من احدهم ليحاول الطبيب امساكها ريثما تغرس الممرضة ابرة المخدر في ذراعها الا انها بشكل ما كانت تقاوم بقوة كبيرة لدرجة ان اربعة افراد لم يقدروا عليها !
حتى صحت فيهم ليبتعدوا عنها وارتميت فوقها احاول ايقاظها بيأس مما هي فيه ، كان الطبيب ينهاني قائلاً انها خطرة وعليهم تقييدها ولم يصمت الا بعدما رميته بنظرة غاضبة الجمت لسانه الثرثار لاتفاجأ بها وهي تستفيق وتعانقني وكأنني انقذتها مما كانت فيه ! والاغرب هو انها بعد ان هدأت وضعت يدها على خدي قائلة :
-عُدت .
وكأنني كنتُ في مكان اخر وجئت قبل قليل ! وغرابتها لم تنتهي هنا وكأن ايلين اخرى هي التي استيقظت قبل قليل فعند مغادرة الطبيب والممرضة تلاهما الشرطيان طفقت تتأمل كل ما حولها بغرابة لتشير نحو ذراعها تسئلني بخوف لما هي مكسورة ! ربما هو نوع من فقدان الذاكرة المؤقت الله اعلم ما اعلمه انها عادت لتلك الطفلة الساذجة مجدداً وليست تلك الايلين التي امسكتها تلك الليلة ! ربما هذه آثار العملية الجانبية ! لا احد يعلم طمأنتها بوجودي وجلست احدق
اليها وباتت تتأمل نفسها بغرابة ! كأنها المرة الاولى التي تشاهد بها نفسها ! حتى نهضت فوراً جاعلة قلبي يتقافز بذعر وبتُ اضيق ذرعاً من تصرفاتها هذه ! اريد فقط اجابة واضحة ما خطبها واللعنة مالذي فعلوه لها لتصبح حمقاء هكذا !
والاغرب انها عاندتني بطفولية وكأنها في السابعة من عمرها وانا اطلب من الطبيب فحصها حتى اجبرتني على الصراخ عليها ! ما ان اتت الممرضة والتي داوتها جيداً جاعلة اياها تنام حتى خرجتُ بعد الاطمئنان عليها للمرة الاخيرة متوجهاً نحو الطبيب المسؤول عنها لأدلف مكتبه صافقاً الباب بغضب ثم وقفت امامه اضرب الطاولة بكلتا يداي مستنداً عليها اراقب الذعر المرتسم في عينيه ! شارتي تخولني الان لأن اصدر امراً بحقه لغرض اعتقاله وتعذيبه حتى يلفظ انفاسه الاخيرة الا ان ضميري يقف حائلاً في طريقي فتمالكت نفسي بصعوبة سائلاً اياه وانا اصك على اسناني :
-مالذي يحدث هنا بحق الجحيم ما خطبها اليس من المفترض ان تتعافى خلال مدة قصيرة اذن لماذا تصرفاتها تزداد غرابة وكأنها كل يوم يمر عليها تفقد فيه جزء من عقلها !
صرخت به نهاية حديثي وهو يراقبني بوجه شاحب وجسده يختض بعنف ليتلعثم في حديثه عدة مرات قبل ان يأخذ نفساً ليقول :
-صدقني لا اعلم ..
-وكيف لا تعلم !
جفل فزعاً لينهض من مكانه وانا اكمل صراخي عليه غير مبالي بالشرطة والسكرتيرة الخاصة به وهم يدلفون الى مكتبه يرونه محاصر كالجرذ يرتجف في الزاوية :
-اذا كنتَ انتَ لا تعلم فمن الذي يعلم أولستَ طبيباً !
لهثت انفاسي بصعوبة واشعر بدمي يغلي غضباً واكثر ما نرفزني هو تدخل السكرتيرة النحيلة كالعصا بصوتها ذو النبرة الرفيعة وهي تقول :
-عذراً ايها السيد ما تفعله غير لائق ..
-اخرسي انتِ -قلتها وانا احدجها بحاجب مرفوع لتتراجع للخلف بخطوة واحدة وهي تهتز خوفاً كالقشة ثم ادرتُ نظري للاخر الذي تحدث بتلعثم :
-سيد ادهم اسمعني حقاً لا اعلم مالذي يجري لكن ربما عليكَ استشارة طبيب نفسي .
رفعت حاجباً بأستنكار لأضحك منه ساخراً مجيباً عليه وانا اضع يداي على خصري :
-أنرتي بعلمكَ والله !
ضربت الطاولة مجدداً وانا اشعر به يسخر مني بحديثه الاحمق هذا ليقفز للخلف ملتصقاً بالحائط كالبرص لأصيح به غاضباً من جديد :
-من اين خرج هذا الان طبيب ماذا ونفسي ماذا هل تسخر مني !
اخذ يهز رأسه نفياً بسرعة ليصلني صوت السكرتيرة الذي زادني غيظاً فوق غيظي :
-سأطلب لكَ الامن ان لم تخرج حالاً .
التفت نحوها اطالعها بحاجب مرفوع لأجدها ترتعش بخفة وهي ترفع ذقنها بتحدي لأقترب منها ببطء لتتراجع هي للخلف حتى حوصرت بيني وبين الحائط لأنحني قليلاً مهسهساً بحدة من بين اسناني وحاجباي يزدادا انعقاداً :
-هل تعرفين من انا يا ابنتي ؟ انا ضابط شرطة ولي الحق بأغلاق المستشفى كلها لو شئت ذلك وفي ظرف يومين ايضاً .
صمتت وهي تبتلع ريقها لأبتعد عنها واضعاً يداي في جيبي اشير لها نحو الباب لتبقى جامدة في مكانها تحدق الي وقد ارتسم الذعر على محياها لتخرج بعد لحظات برفقة الشرطة مغلقين الباب خلفهم لألتفت نحوه ببطء متصنعاً البرود عكس الجحيم المستعر داخلي ليتقدم يقدم قدماً ويؤخر اخرى ليقف امامي قائلاً وهو يلتقط انفاسه بصعوبة وقدميه ترتعشان بطريقة مثيرة للشفقة :
-ارجوك استمع الي فقط لبضعة دقائق ثم افعل ما تشاء .
ثم اشار لي لكي اجلس ففعلت وجلس هو امامي ليتحمحم ثم قال وهو يحاول تصنع الهدوء والرزانة :
-هل اطلب لكَ بعض القهوة ؟
اخذت نفساً عميقاً وهززت رأسي نفياً ليهز رأسه تفهماً وهو يقول :
-كما تشاء .
بينما اتكئت انا بخدي على يدي انتظر ما يريد قوله ليأخذ نفساً عميقاً قبل ان يتحدث شارحاً مستخدماً يديه :
-اسمعني سيد ادهم انا مجرد طبيب جراح اجري جراحات لآلاف الناس يومياً ولكنني لا اتدخل فيما يخص جانبهم النفسي لذا يمكن القول ان بعض المرضى بعد العملية يصابون ببعض الامراض النفسية خوفاً من تكرارها مجدداً او ببساطة يؤثر التعب الجسمي عليهم نفسياً جاعلاً اياهم اكثر كآبة اما ما يحصل مع المريضة ايلين فأنا احقاً لا اعلم مالذي اصابها فما قمنا به مجرد عملية للزائدة التي حتى انا اجريتها سابقاً ولم يصبني ضرر لذا اقترح عليك ان تستشير طبيب نفسي سأرشح لك احداً وهو طبيب بارع جداً في مجال عمله وستجد اجابات اسئلتك عنده .
ثم نهض يتناول من على مكتبه ورقة وقلم يدون بها على ما يبدو العنوان ليناولني اياها فألتقطتها بحركة سريعة اقرأ ما بها :
"الطبيب " باريش غوكان " / شارع سليمان القانوني في منطقة سراكاي "
نهضت احشرها في جيبي وانا اشعر بثقل عظيم يجثم على صدري مانعاً اياي من التنفس وعقلي عاد للعوم في بحر الاسئلة ذاك من جديد وقد ازداد حجمه اكثر ! اذن كل هذه الهلاوس سببها الضحية لأبنته لخوفها منه سابقاً ولكن لازال السؤال الرئيسي الذي يتكرر في ذهني ! هل ايلين القاتلة ؟ ثم من تلك نيفين وما علاقتها بهذا كله ؟
وجدت نفسي اخرج من المشفى بأكمله وقد انتصفت الظهيرة وعند وصولي للعنوان المذكور فكانت عقارب الساعة تشير للثالثة عصراً ، ولسوء حظي فأنه لم يكن موجود واضطررت لترك خبر عند السكرتيرة خاصته لأخرج مجدداً نحو القسم .
اما اليوم صباحاً فلقد استيقظت من الخامسة تقريباً بعدما سهرتُ لحد الساعة الثانية فجراً على ملفات قضيتي الاساسية ولم انم سوى لساعتين ! كل ما فعلته هو اخذ حمام منعش وارتشفت كوب شاي مع القليل من الحليب ثم خرجت اتجول في الشوارع حتى ذهبت للمشفى بحدود السابعة والنصف لأقوم بركن سيارتي في مكان مناسب منطلقاً نحو الداخل حيث غرفة ايلين ، والتي حالما دخلت وجدتها تصرخ بوعيد للممرضة الملتصقة بالحائط خوفاً !
عاد الاستغراب يحوم بأسئلته حولي لأتدخل منقذاً الموقف ثم بعد خروج الضحية كان المفترس يطلب العون من اجل شربة ماء ! والاغرب ان ايلين اليوم حادة بشكل غير طبيعي وكأنها شخص آخر لا احد يعلم هويته ! مع ذلك لم اشغل بالي كثيراً فالنساء متقلبات كثيراً هذه الايام!
ولكن ما فأجأني هو نظراتها الحقودة ناحيتي ، صراخها في وجهي وضربها للطعام بتلك الطريقة ! حتى انها لم تكترث لوجود اشخاص آخرين معنا وهذا التصرف لسبب ما شعرت به يجرح داخلي ولم استطع استحماله ، حتى بعد خروجي واغتسالي فلقد حرصت على ارسال عامل النظافة لتنظيف تلك الفوضى وانا بقيتُ في الحمام اغسل وجهي مراراً بالماء ثم اتكئت على المغسلة احدق في وجهي بضياع ! اقسم ان هذه الفتاة تتعبني كثيراً لا احد يعلم ما بها او مالذي تريده بالضبط ! التفكير فيها أرهقني وكأن غيمة الغموض حولها تزداد يوماً بعد يوم حتى تكاد تخفيها .
خرجت من الحمام بذهن مشتت وما ان كدتُ اصل الى غرفتها حتى رن هاتفي معلناً عن وصول رسالة ففتحتها متكئاً على قدمي اليمنى :
"صباح الخير يا حضرة الضابط الطبيب باريش قد حضر للعيادة وهو في انتظارك "
اغلقت الهاتف منطلقاً نحو الخارج حيث سيارتي ثم ركبتها منطلقاً نحو المكان ذاته لستقبلني السكرتيرة ثم جلست لخمسة دقائق انتظر خروجها لتبلغني ان الطبيب بأنتظاري ، دلفت اليه لينهض مرحباً بي ، كان رجل اربعيني متوسط القامة والوزن له اعين خضراء عشبية ، شعره ابيض كالقطن ماثل لحيته وشاربه لوناً ، كانت تشع منه هالة الرزانة والقوة والحكمة فذكرني بوالدي كثيراً مما جعلني ارتاح له .
طلب لي قهوة سادة وطلب لنفسه بعض الشاي ثم خلع نظارته الزجاجية واضعاً اياها على صدره لتحاوط سلسلتها عنقه كالقلادة ، ثم خاطبني بصوته الهادئ وهو يولي كامل اهتمامه لي :
-تحدث يا بني واخبرني ما هي مشكلتك .
تنهدت وانا اكتف يداي ثم نظرت اليه لأرى ابتسامته الهادئة فبثت في داخلي بعض الطمأنينة لأتحدث بعد اخذ نفس عميق :
-مشكلتي اني ضابط ولك ان تتخيل المعاناة ايها الطبيب .
هز رأسه متفهماً وهو يقول :
-اعانك الله يا ولدي ولكن يمكنك مناداتي بأسمي ولا داعي للرسميات بيننا .
ابتسمت له بأمتنان مكملاً :
-المشكلة لا تخصني بل تخص فتاة القيت القبض عليها لكونها متهمة بجريمة قتل والدها .
عقد حاجبيه مستمعاً لي بأهتمام لأكمل وانا احرك يدي اليمنى تفاعلاً مع كلامي والاخرى تقبع فوق فخذي :
-انا سبق والتقيتها كانت فتاة بريئة جداً ومن المستحيل ان تؤذي نملة وفوق هذا كله لا زالت قاصر لذا اعتقد الامر مستحيل ولكن التغيرات التي طرأت عليها جعلتني اعتقد ان هناك دافع كبير خلف كل هذا الانقلاب .
حدقت نحو الامام بشرود قائلاً :
-الفتاة انقلبت مئة وثمانون درجة وعند قيامي بالتحقيق معها فهي تتصرف بغرابة وكأنها ترى ما لا نراه نحن !
حدقت نحوه مجدداً لاكمل مبتلعاً ريقي :
-حقاً لا اعلم كيف اصفها لك لكنها كل يوم تستيقظ واشعر ان هناك شيء قد اختلف بها عن اليوم الذي قبله ولا اعلم حقاً مالذي علي فعله .
شعرت بنفسي على وشك البكاء الا انني كبحت دموعي بصعوبة لأتلفت بنظري في الارجاء. فتنهد بخفة ثم تحدث مبتسماً :
-كل شيء سيكون على ما يرام سأنهي بعض المواعيد الضرورية لبعض المرضى ثم سألتقي بالمريضة لأفهم مشكلتها اكثر .
اومأت له بهدوء ونهضت لأصافحه ليكمل :
-سأتصل بك حالما افرغ من جدول اعمالي .
-انا حقاً ممتن لك يا حضرة الطبيب .
-هذا عملي يا بني .
ودعته وخرجت بطاقة ايجابية وعلى الرغم من لقاءنا القصير الا انه منحني راحة نفسية وازال كل ما بداخل قلبي من قلق ، انطلقت بسيارتي عائداً نحو المشفى وانا افكر بنعمة التقائي بهذا الطبيب فهو المفتاح لأخراج ايلين من تلك الحالة الغريبة سهوت عن الطريق للحظات وما ان التفت انظر امامي حتى اوقفت السيارة بحركة فجائية مطلقاً بوق السيارة بغير قصد لأرتطم للامام ولولا حزام الامان لحصلت على ضربة قوية تثقب لي جبهتي ! خرجت على عجل بعد ازالة الحزام لأنصدم بآيلين وهي بتلك الحالة المزرية ، كانت غارقة بالدماء ووجهها احمر اللون بالكامل وكأنها خرجت من الفرن منذ لحظات فقط انقضت علي تحتضنني بعمق حتى سقطت ارضاً لأجلس قربها اتفحصها محاولاً معرفة ما حل بها وكل ما كانت تفعله هو عناقي ! ابتعدت عنها بعد رؤيتي للشرطيين والطبيب مع خمسة ممرضين جميعهم خرجوا يلهثون وكأنهم ! هل كانوا يطاردونها ؟ فتحدث الشرطي من بين لهاثه قائلاً :
-لقد ابرحتنا ضرباً وتمكنت من الهرب ونحن منذ ساعة نطاردها ولم نستطع امساكها .
نظرت اليها لأراها تتحدث بصعوبة وهي تمتم بأشياء لا افهمها حتى تحدثت بعد لحظات بصوت اعلى من بين لهاثها وهي تردد كلمات وجمل غريبة لم يستوعبها عقلي وبعد ان لاحظت انني لا اتجاوب معها ظهر الخوف على محياها وكأنها ادركت عني شيئاً او فطنت الى وجود خطب بي فما كان مني سوى مقاومة تلك الدموع لأقوم بأحتضانها ثم ارفعها عن الارض محاولاً اعادتها للداخل لتتلقى ما يلزم من العلاج الا انها قاومتني وباتت تركل الهواء تحاول التملص مني تضربني بقبضتيها مزيدة الوجع في قلبي عليها اكثر فما كان مني سوى الجلوس ارضاً واحتضانها علها تهدأ لكنها ازدادت رفضاً ولم اسيطر عليها الا بعدما حقنها الطبيب بالمخدر جاعلاً ياها تغيب عن وعيها !
لأحملها دالفاً بها الى الداخل ليتم اخذها الى صالة العمليات بسرعة تاركة اياي خلفها وانا اتكئ على الحائط بيأس يحاول عقلي تفسير حرف مما قالته فلا يفلح ! قميصي ملوث بدمائها ودموعي تنهمر على وجنتي خوفاً عليها فذهبت خلفهم انتظر خارج غرفة العمليات وانا متكئ بظهري على الحائط اراقب الحائط الذي امامي بشرود وانا اتخيل حدوث ابشع السيناريوهات لها لتوصلها لهذه الحالة !يتبع.......
" القاعدة الرابعة والعشرون "
" الجهل نعمة والعلم نقمة والفضول مفتاح الهلاك "

أنت تقرأ
براءة مُدانة
Mystery / Thrillerخُلقتُ بشراً فجعلتوني شيطان وها أنتم تدفعون الثمن غالياً آيلين & أدهم الغلاف من تصميمي