Chapter-7

2.3K 55 11
                                    


آيلين :
مرت علي ليلة طويلة لم يُجافيني النوم فيها ، كنتُ اشعر بالخوف من كل ما حولي فالنساء هنا غليظات القلب دميمات الخلق كنتُ تقريباً الوحيدة المنعزلة هنا حيث انا في وادي والنسوة في وادي اخر فليلة البارحة سهرن لوقت متأخر وهن يسردن قصص حياتهن وعن أسباب دخولهن السجن والتي اغلبها كانت بسبب المخدرات او القتل او الدعارة ! كُنَ يسردن تلك التفاصيل وترتسم على شفاههن تلك الابتسامة المنتشية الغريبة وكأنهن اذا سنحتُ لهن الفرصة فسيقمن بتلك الجرائم مراراً وتكراراً ، استيقظت هذا الصباح ولا زال مشهد بشير وهو يعتلي والدتي يتكرر امامي صوت صراخها يكاد يصم آذاني ثم اجد نفسي قد ارديته قتيلاً بمسدس والدي لأجد قدماي وهما غارقتين في بركة عميقة من الدم لتدور الاحداث بلمح البصر واجد نفسي اعتلي منصة الإعدام واستيقظ فزعة على المشهد الاخير حيث يضع احدهم رصاصة في رأسي ! منذ ليلة البارحة وهذا الكابوس يتكرر علي بلا انقطاع وكأنه شريط لفلم يعرض لي نهاية حياتي البائسة والتي قد تنتهي فعلاً بالإعدام لذا بالوقت الراهن السجن بمثابة نعيم بالنسبة لي ، نهضت من فراشي وانا غارقة في عرقي مسحت جبهتي ثم انزلت قدماي بعد ان وضعت الغطاء جانباً وأخذت أحدق الى النسوة الغارقات في نومهن ثم راحت عيناي على النافذة المستقرة فوق الخزانة لأجد أشعة الشمس تتسلل برفق الى الداخل لابد ان الوقت مبكّر جداً من الصباح الان ، شعرت بذلك الالم الذي لم يفارق بطني منذ البارحة فأحطتها بيداي وانحنيتُ بظهري للأمام حتى شعرت به يسكن قليلاً فنهضت وتوجهت ناحية الحمام لأغسل وجهي ، بعد ان انتهيت اخذت انظر الى وجهي البائس في المرآة ثم سرحت بنظري للأسفل وانا اتسائل عن حال والدتي انا متأكدة من انها ليست بخير الان عاد ذلك الالم من جديد لأزفر أنفاسي بأنزعاج وانا ادعو الله ان ما أفكر به غير صحيح فلا ينقصني سوى هذا الان ! انزلت ملابسي لأتأكد فعقدتُ حاجباي بأنزعاج شديد ارتديت ملابسي وخرجت على عجل ثم وقفت امام باب الحمام وانا اتفحص الارجاء لأنطلق بخفة ناحية الخزانة وأفتش فيها شبراً شبراً علني اجد ضالتي أفزعني صوت خشن تحدث بشكل فجائي :
-ما الذي تفعلينه عندكِ ؟
التفتُ للخلف ببطء وشعرت بنفسي اكاد افقد وعيي من الذعر لأجد خلفي امرأة طويلة القامة بحيث تبدو كنخلة بهذا الطول منكبيها عريضين ولها ساعدان قويان فبنيتها الجسدية عضلية ومتينة كالرجال ! شعرها محلوق نصفه والآخر قصير جداً يعلو إذنها مع غرة وضعتها بشكل جانبي عينيها خضراوتين حادتين انفها عظمي وشفتيها ناعمتين كانت نصف عارية من الأعلى ! وترتدي بنطلون من الأسفل وهناك رسم لتنين يمتد من جانب صرتها حتى كتفها لونه احمر ناري ، انها "كورت" او " الذئب" كما تتم تسميتها واسمها الحقيقي " بهار " انها هنا بمثابة رجل فكما سمعت من همسات النساء انها تقيم علاقات معهن وتقوم أحياناً بالاعتداء جنسياً على الوافدات الجدد الى السجن والبارحة اخذت تتحدث عن حياتها والتي مختصرها انها فتاة ولدت بعضوين فبقيت عالقة في هذا الوضع لأن امها كانت تريدها فتاة ووالدها كان يريدها فتى فأنتهى الامر ان استقر القرار بيد جدتها على ان تكون فتاة وبعد العملية الجراحية كان من المفترض ان تكون كذلك ولكن ارتفعت لديها هرمونات الذكورة فأصبحت بهذه الضخامة وغدت رجلاً بجسد فتاة ! او بالأحرى بعضو أنثوي كما انها حادة الطباع وهمجية لذا يتجنبها الجميع هنا حتى الشرطة وان علق احدهم معها فمعناه انه جاء بأجله لنفسه .
كل هذا جاء بعقلي وانا أحدق اليها حتى انني نسيت مالذي كنتُ افعله وأخذت أفكر كيف سأخرج نفسي من هذه الورطة ! انحنت جالسة على ركبتيها لتسألني مجدداً بينما التصقت انا بالخزانة واشعر بنفسي اكاد اموت ذعراً حتى دموعي وقفت على طرف عيناي ولكنها لم تسقط ، لربما هذا من حسن حظي ، لم تتلقى مني رداً للتتحدث مجدداً وهي تميل برأسها نحو كتفها الايسر ويبدو النعاس على ملامحها :
-لا تخافي هكذا قولي فقط ما تريدين وسأعطيكِ اياه .
حاولت قولها بلطف الا ان صوتها الخشن لم يساعد على ذلك ، زال روعي قليلاً لربما تكون انسانة جيدة بعد كل شيء فهي لم تعامل اي احد منا بخشونة او قسوة كما كُنَ النساء يقلن ذلك لذا رفعت جسدي واتكئتُ على الخزانة لأتحدث بتوتر فَأنْا اشعر بالخجل من مشاركة هذه الأمور مع احد فلم يسبق لي ان تحدثت مع والدتي حتى بشأنها ! فأخذت أفرك يداي ببعضهما وانا افتح فاهي واغلقه محاولة إيجاد كلام مناسب فهناك شعور غبي بداخلي يوهمني انني اتحدث حالياً الى رجل وليس فتاة ! كانت ترفع حاجبيها كلما فتحت فاهي تنتظر بفارغ الصبر ان اتحدث حتى نطقت اخيراً بعد ان حشدتُ شجاعتي :
-هل .. يعني هل .. اريد فوطة ... اعني انا .احتاجها .. هل يوجد منها هنا ؟
اخذت احك أذني بحرج وانا أحدق اليها مبتلعة ريقي هذا الوضع بأكمله يضايقني ! أطلقت ضحكات ساخرة بعد ان سمعت كلامي المتقطع هذا لتمرر يدها على رأسها بحركة سريعة وبعدها نظرت لي مبتسمة وهي تقول :
-اجل يوجد ، انها في داخل الباب الذي خلفكِ في الرف السفلي انه يخص "هيلين " لذا أخبريها انكِ اخذتِ منها القليل فهي لا تسمح لأحد بأستعمال أغراضها الخاصة الا أشخاص معينين .
فقلت بصوت منخفض وانا ابتلع ريقي بينما هي نهضت ممدة جسدها :
-ولكنني لا اعلم من تكون ؟
نظرت لي بعين واحدة والأخرى مغمضة وهي تمدد جسدها ويديها خلف رأسها مجيبة علي :
-انها حبيبتي لذا لانكِ محتاجة ساعدتكِ نيابة عنها دبري نفسكِ في المرة القادمة .
فغرت فاهي وانا أحدق اليها ! عجباً ربما فعلاً ليس الامر بيدها ولكن ما بها الفتاة الاخرى تتخذها حبيباً هل فقدت عقلها ! انحنت وشدتني من يدي لأنهض من مكاني ثم أوقفتني على جنب لتفتح باب الخزانة وجلست على ساقيها وهي تعبث بالأغراض السفلية حيث اخرجت بيجاما وفوطة صحية وبعض الملابس الداخلية وناولتها لي ثم نهضت واغلقت الباب وتوجهت ناحية سريرها لتلتقط تيشيرت بلا أكمام كان واقعاً على الارض لترتديه ثم باشرت بأيقاظ الفتاة الراقدة في السرير العلوي وهي تناديها " هيليني " تارة و "عزيزتي " تارة اخرى فرفعت حاجبي بدهشة انها تلك الفتاة الجميلة اذن ! لقد سُجنت بتهمة قتلها لعمها فهي يتيمة وتربت عنده لكنه سلبها حقوقها وحقوق والديها واستولى على ثروتهما ثم زوجها لأبنه رغماً عنها ! لقد عاشت معاناة مع الاثنين فقتلت عمها وكادت تقتل ابنه لو لا والدته التي اتصلت على الشرطة في الوقت المناسب فحكم عليها بالسجن لخمسة وعشرون سنة وقبلها كانت في مصحة للامراض النفسية لذا هي تعاني من الكآبة ولا تتحدث مع احد ، كانت بطولي تقريباً ولكنها ممتلئة قليلاً ذات جسد جذاب ، شقراء طويلة الشعر ، بشرتها حليبية ، وجهها على شكل قلب ، عينيها واسعتين عسليتي اللون ، كانت البراءة تسكن ملامحها ولكنها عصبية وحادة الطباع كصديقتها او حبيبها كما قال قبل قليل !
توجهت ناحية الحمام واغتسلت قليلاً لارتدي تلك الملابس اتمنى حقاً الا تُخلعني اياها تلك الهيلين فهي كما يُقلن النساء عنها لا تربطها علاقة بأي واحدة منهن وتعتز بأغراضها كثيراً ولا ترضى بمنحها لأي احد ولو أُخذ منها شيء دون علمها فأنها تحرق الأخضر واليابس ! الجميل ان ملابسها لائمتني وكانت رائحتها عطرة تبعث على المزاج الجيد والنشاط فشعرت بطاقتي تتجدد وبنفسي قد بدأت أتقبل وضعي فالنظافة والعطر احد الطرق التي تحسن مزاجي من بعد الاستماع الى الاغاني . رميت ملابسي القديمة جميعها في كيس وضعته في القمامة فأصلاً كانت كبيرة ولا تلائم مقاسي خرجت لارى الاضواء منارة وجميع النساء قد استيقظن واستيقظ معهن سوق الهرج خاصتهن ، جلست على سريري وانا آزم شفتاي لا ادري ماذا اصنع ، ثم تحرك السرير الذي فوقي لأرى صاحبة الشعر المنفوش قد استيقظت لتنزل وتتجه ناحية الحمام دخلت خلفها هيلين التي مرت دون ان تلقي نظرة واحدة حتى علي ! يبدو انها لا تمانع فكرة انني اخذت منها بعض الحاجيات الامر الذي جعلني ممتنة لها ، سرعان ما وصلت لأنفي رائحة الشاي والخبز فأنفتحت شهيتي على الطعام ولكن سرعان ما مرت بداخل ذهني صور قديمة لبعض الصباحات التي نقضيها برفقة الخالة فهيمة حيث كانت تعد الشاي مع الحليب خصيصاً لي لاسيما ان كنّا متواجدين في المتجر خاصتنا لصنع الملابس حيث نجتمع معاً اضافة الى النسوة اللاتي يعملن معنا لنشرب الشاي اللذيذ من يدها مع بعض الفطائر الساخنة حيث كان المحل يمتلئ بأصواتنا العالية والتي تجذب بعض الزبونات اللاتي يشاركننا الجلسة ، شعرت بدموعي وهي تقف على جفوني مجدداً وبذلك الالم الذي يعتصر قلبي كقبضة من حديد فتراجعت الى الوراء متكئة على الحائط وقد زالت كل رغبة لي بتناول الطعام واكتفيت بضم ركبتاي الى صدري واتكئتُ عليهما برأسي أحدق الى أصابع قدمي بشرود وعيناي تغيمان بالدموع حيث انفصلت عن كل ما حولي وعدتُ الى ذكريات حياتي وبالطبع كل ما هو حزين وبائس اخذ يُعرض كشريط امامي منذ طفولتي وتعرضي للنبذ والضرب حتى مع بدأ فترة نضوجي وفترات انتقالنا وتعرض والدتي للضرب من قبل والدي وسبه لكلتينا انطوائيتي في المدرسة وكوني منبوذة من قبل البنات، درجاتي التي انخفضت مجدداً عدى عن كوني بذلتُ جهداً كبيراً في امتحانات السنة النهائية والان امامي فقط سنة تفصلني عن الكلية ولكن اي مدرسة تلك التي تقبل بطالبة هي ووالدها خريجا سجون ! اما الذكريات السعيدة تتلخص فقط حول والدتي فهي تكابد وتعاني لأعيش برفاهية ولا اشعر بنقص مقارنة بقريناتي ، خالتي فهيمة والمحل ورسوماتي تلك التي اخذت تتحول الى ملابس زاهية الالوان تتقاتل النساء للحصول عليها وأكثر ما اسعدني هو غيرة زميلاتي اللاتي كُنَ يراقبن صفحتي الشخصية وتفاعل الناس معي حيث كانت تعجبهم رسوماتي التعبيرية ، صوري التي انشرها حيث قال الأغلبية انني أتمتع بملامح جميلة تؤهلني لأن اصبح عارضة ازياء!
اصبحت افتقد كل هذا الان ، يا ترى الى متى سأبقى هنا وما هو مصيري لم اعد افقه شيئاً هل سأخرج من هنا بعد سنوات طوال ام انا هنا فقط انتظر موتي ببطء ! هل سيُحكم علي بالإعدام ؟ اسئلة كثيرة ملئت لي عقلي رفعت عيناي لأجد تلك الجميلة المحجبة التي جاءت معنا البارحة وهي تتقدم نحوي حاملة طبق في يدها لتجلس بجانبي برفق حيث تربعت وهي تضع يدها على كتفي تتحدث بحنان ذكرني بحنان والدتي فشعرت بقلبي يزداد وجعاً :
-جلبت لكِ فطوراً يا بُنيتي هيا لتأكلي قليلاً .
اومأت لها نفياً بهدوء وعدتُ للنظر لقدمي ولكنها عادت للإصرار علي مجدداً حتى انها شدتني من ذراعي بلطف لتتكلم برجاء بعد ذلك :
-سأطعمكِ بيدي ما رأيكِ ؟
انفجرت بالبكاء فوراً فكل ما فيها يذكرني بوالدتي شبيهتي التي افترقت عنها رغماً عني ، كلما كنتُ ارفض تناول الطعام كلما اجلستني في حجرها واطعمتني بيدها ، غطيتُ وجهي بيدي فلم ارغب ان ترى إحداهن دموعي لا اريد ان اظهر ضعفي اكثر من ذلك ، شعرت بها وهي تضمني الى صدرها وتربت على رأسي فأزداد بكائي اكثر لأشعر بعناقها يزداد شدة وكأنها تبث لي ذلك الحنان الذي اختفى من حولي فجأة ، هدأتُ تدريجياً لأرفع رأسي وانا كلي امل ان اجد ملامح والدتي ترتسم امامي فحقاً في قلبي الكثير والكثير الذي اريد سرده لها ولكنني وٌجدت وجه هذه الشابة وهو محمر وعينيها مبتلتين بدموعها ، شفتيها متقوستين الى الأسفل وهي تقاوم رغبتها في البكاء وعينيها غارقتين بحزن عميق ،شعرت انني اعرفها منذ زمن طويل كأننا تربينا وكبرنا معاً او انها كانت موجودة في حياتي منذ ولادتي لحد هذه اللحظة ، ابتعدت عنها لتمسح لي دموعي قائلة بصوتها المبحوح :
-انا هنا سأكون الى جانبكِ لا تبكي كل شيء سيهون .
مسحت دموعها هي الاخرى ملتقطة الصحن بيدها وهي تأخذ الطعام الذي كان عبارة عن البيض بيدها لتشكله كلقمة وهي تبتسم لي قائلة :
-هيا كلي يجب ان تهتمي بصحتكِ جيداً جداً لتكسبي قوام جميل فهذه النحافة لا تليق بِكِ .
كل حركة وكل كلمة وكل نبرة صوت فيها نسخة عن والدتي وَكَأنْ الله أرسل هذه المرأة لي لتهون علي شدتي فأخذت ابتسم لها بأمتنان شديد انحرجت من كونها تطعمني كأنني طفلة بعمر السابعة لكنها اصرت على ذلك حتى انتهيت من الطبق كله ، فقبلت وجنتي ووجها الملائكي مبتسم وهي تقول :
-بالعافية ان شاء الله .
-عافاكِ الله .
قلتها على استحياء لتتكلم هي بعدها وقد ارتسمت الجدية في ملامحها :
-اسمعيني الان صغيرتي انا هنا الى جانبكِ متى ما افرجها الله علي سأخرج ولكن الى ذاك الوقت سأظل اهتم بِكِ .
-لماذا ؟
حدقت الى عينيها منتظرة إجابتها لأجد غمامة الحزن تلف عليهما من جديد وهي تقول بأنكسار غلف نبرة صوتها :
-لانكِ تذكرينني بنفسي كثيراً ، عندما كنت بمثل عمرك كنتُ يتيمة الأم ولي زوجة اب قاسية لذا كنت هزيلة مثلكِ وكثيراً ما اتعرض للظلم والاضطهاد ولم يكن لي سبيل سوى الدعاء والصلاة لنفسي بالفرج .
ثم اكملت كلامها وهي تبتسم :
-حتى انكِ تجلسين مثلي ! كنت عندما تعاقبني زوجة والدي وتحرمني الطعام اجلس هكذا على سريري واكتفي بالنظر الى قدماي !
شعرت عليها بالشفقة وهدأ حزني على نفسي ، لم اعتقد يوماً ان هناك من يعيش قصص غير سعيدة ، تملئها التعاسة من جميع جهاتها ! قاطعنا نزول السمراء من السرير العلوي حيث وقفت أمامنا بأبتسامة حزينة وكانتا عينيها مغلفتين بالدموع حيث تكلمت بصوت منخفض يملئه الحزن :
-هل يمكنك الاهتمام بي انا أيضاً والبقاء الى جانبي فطوال حياتي لم اجد شخصاً يكون لي سنداً فهلا تكونين أنْتِ ذلك الشخص ؟
فتحت يديها مرحبة بها حيث ارتمت الاخرى فوراً في حضنها وصعدت على سرير جالسة عليه حيث قامت بأحتضاننا نحن الاثنتين فهمست السمراء :
-شكراً لكِ .
ردت عليها بقبلة على رأسها لأسئل انا بفضول مفسدة لحظتنا الحميمية :
-اذن الن نتعرف على بعض ؟
ضحكت كلتاهما لتبعد الشابة يديها من حولنا وتتكئ على الحائط واتكئنا نحن الى جانبها فتكلمت قائلة :
-اسمي صباح .
وقالت السمراء أيضاً :
-اسمي نيفين .
فتحدثت صباح بمرح وهي تخاطبني :
-اذن كوني أنْتِ اول شخص نتعرف على قصته هنا .
زممت شفتاي واخفضت راسي الى حضني فعادتي ان تكلمت مع احدهم فأنني أتحاشى النظر الى عينيه لذا حكيتُ للاثنتين كل تفاصيل حياتي ليقاطعنني بين فينة واُخرى بأسئلتهن حتى انتهيت ثم حلت لحظات من الصمت علينا كنت اسمع فيها أصوات انفاسنا حتى تحدثت صباح بحزن وقد تأثرت بقصتي كثيراً حتى انها عاودت البكاء من جديد ! فعلمت انها مثلي اي صاحبة قلب ابيض لم يعرف الحقد يوماً ، قد أكْونَ حقودة اجل ولكن حقدي هذا لا يدوم ولا يؤذي أحداً سواي ! :
-وما مصيركِ الان هل ستبقين هنا ؟ وللأبد ؟
زفرت أنفاسي قائلة :
-صراحة لا اعلم ولكن ربما قد ابقى لست سنوات او اكثر .
أجابت نيفين ساخرة :
-أنْتِ مسجونة حالياً على ذمة التحقيق اي هناك فرصة لخروجكِ من هنا .
حدقنا نحن الاثنتان اليها لأرد عليها :
-اجل ولكن في حالة وُجدت ادلة تثبت برائتي اما ان لم يوجد فقد اقضي نصف عُمريِ هنا .
اخفضت راسي بامتعاض مجدداً لتخفضه هي الاخرى بينما زفرت صباح انفاسها لأرفع راسي من جديد مبتسمة مخاطبة اياها :
-انه دوركِ الان .
ابتسمت بخفة واخفضت راسها لتتحدث بروية :
-كما قلت قبل لحظات انا يتيمة الام ، توفت والدتي رحمها الله بمرض السرطان وانا بعمر الثامنة كان في دماغها حينذاك ولم يكن يوجد لها حل كما قال الأطباء .
عاودت البكاء وتجعدت ملامح وجهها بالم لأشعر بالغباء والذنب في آن واحد ، يا ليتني لم اذكرها بما مضى فبالنهاية "معرفة ماضي أحدهم لا تنفع بشيء وانما هي فقط ارضاء لذلك الفضول اللعين المسيطر على عقولنا . "
مسحت دموعها بينما اخذت نيفين تربت على يدها محاولة مواساتها فأكملت بعد ان خفت حدة بكاءها :
-امي كانت كل شيء بالنسبة لي لذا وفاتها شكلت انتكاسة كبيرة لي خاصة بعد ان اضطررت لترك تعليمي ! والدي كان رجل عليل وكبير قليلاً وحاجته للطعام والشراب هي ما جعلني اتفرغ له وأحل محل والدتي رحمها الله حتى قرر الزواج مجدداً من احدى نساء منطقتنا .
اخذت نفساً عميقاً واتكئتُ برأسها على الحائط لتكمل :
-لم استطع ان اعود الى المدرسة ولم يختلف حالي بعد زواج والدي فلقد كنتُ الخادمة التي تطهو وتنظف وتقوم بكل شيء وزوجة ابي تصرف باموالنا تلك التي يجمعها بعرق جبينه بحجة احتياجاتها الخاصة واحتياجات طفلها حتى بلغت الخامسة عشر وتم تزويجي لرجل يكبرني بعشرين عاماً ! وبعدها بدأت حياة اخرى لم أكن افقه عنها شيء من تربية وتعليم لأطفالي ومن تلبية متطلبات زوجي وعائلته خاصة انه كان ثري لذا وجب علي ان أكْونَ وجهاً لائقاً له امام مجتمعه المنافق .
توقفت لتسحب انفاسها ثم اخذت تكفكف دموعها لتكمل وقد غامت عينيها بحزن اقسم انه يكاد ينافس البحر عمقاً :
-لقد أنجبت ثلاثة أطفال ولدين وفتاة لا أقول انه كان سيئاً جداً بل على العكس كان رجل متفهم وصبور ولكنه عصبي ومزاجي في بعض الاحيان كانت حياتي عادية لا تشوبها شائبة خاصة بعد انتقالنا للسكن في منزل لوحدنا حينها تغيرت معاملته كلياً وبات افضل عن ذي قبل ، رجل محترم ومتفهم ويحبني جداً .
قاطعتها قائلة واشعر بقلبي يتألم لألمها :
-اذن لماذا دخلتي السجن ؟
نظرت لي ووجها محمر بالكامل وشفتها السفلية ترتجف بقهر ، مسحت دموعها التي تنسكب بغزارة لانتبه اخيراً لتلك الحلقة الذهبية التي تطوق بنصرها حيث تحدثت بصوت ازداد بحة :
-كانت هناك أمرأة تكون ابنة صديقة والده كان من المفترض ان يتزوجها او هكذا هي تدعي ، ظهرت فجأة في حياتنا وعكرت صفوها ، حاولت استمالته اليها فلم تفلح فقد كان رجلاً ملتزماً ومحترماً والاهم من ذلك لقد احبني واقتنع بي فلم يكترث لها لتبدأ بأرسال رسائل تهديد بشكل شبه يومي الى منزلنا حتى ذات يوم تلقينا دعوة من والدها فلبى زوجي الدعوة لكون ابيها عزيزاً عليه ولكن قلبي لم يكن مرتاحاً لهذا اللقاء المفاجئ .
خرجت شهقاتها بقهر من بين شفتيها وأخذت تبكي بحرقة حتى التممن عليها النسوة فهن الأخريات أخذن يصغين الى حديثها فقمن بمواساتها وما ان هدأت حتى حثثنها على الاكمال ففعلت :
-بعد ذلك ذهبنا فعلاً وجلسنا مع والدها كان رجل اعمال لذا اخذ يتناقش مع زوجي في أمور لم أكن اعلمها او حتى افهم بها وبعدها شربا القهوة وشاركتنا ابنته الجلسة ولكنني لم ارتح لنظراتها ، تلك النظرات التي تبوح بحقدها وغلها تجاهي وتجاه زوجي وتلك ابتسامتها الغريبة التي توشي بأنتصار كبير قد ظفرت به وما ان خرجنا حتى عدنا باكراً للمنزل فزوجي وقتها تعب فجأة وما ان حل منتصف الليل اخذت آلامه تزداد فنقلته الى المستشفى وهناك اكتشفت انه تم تسميمه وما ان حل الصباح حتى لاقى ربه الكريم .
أنهت كلامها وأخذت تبكي بحرقة ثم تحدثت بقهر وهي تضرب صدرها بسبابتها :
-لقد اتهموني بقتل زوجي وانا ليس لي ذنب توفى والدي من القهر ولحد الان لم استطع تعيين محامي ليدافع عني ، الله وحده يعلم كم أحببته وقدرته وما كنت يوماً لأؤذيه .
تساقطت دموعي انا الاخرى ووجدتها ترتمي في حضني لاربت عليها واحتضنها ، لطالما فشلت في مواساة الآخرين ولكن مع ذلك حاولت ولو ان امسح عنها دموعها ، اخفت وجهها في عنقي لاعانقها وعانقتها نيفين من الخلف فصار عناقاً جماعياً فعلقت ساخرة :
-سترتمي الان النسوة فوقنا ليتحول العناق الجماعي الى خنقة جماعية .
أطلقت صباح ضحكات عالية تبعتها نيفين حيث نهضت من حضني وأخذت اضحك معها ثم اخذت اتحدث ببعض النكت وبعض المواقف المحرجة التي وقعت بها ومنها الموقف صباح اليوم لأضحكها والحمد لله نجحت في ذلك ولو لستٰ بارعة في إلقاء الدعابات . بعد ذلك أخذن النسوة يتحدثن عن الكثير من الأمور من حياتهن الخاصة وامور اخرى ظريفة حتى قاطع كل هذا مجيء تلك العجوز والتي فعلياً قلبي لم يرتح لها منذ ان رأيتها للمرة الاولى حيث اسكتتنا جميعاً لتتحدث بصوت عالي وهي تلقي اوامرها بغطرسة :
-اجل والان مزحنا وضحكنا وقضينا أوقات جميلة ولكن الى هنا ويكفي فقد جاء وقت الجد .
ثم كتفت يديها الى صدرها بينما وقفت تلك المرأة التي كانت تتهامس معها يوم أمس بقربها تطالعنا ويدها على خصرها وتبتسم بسخرية ، بينما تحدثت العجوز ولا زالت الغطرسة تعتلي نبرة صوتها كما لو كانت الحاكمة هنا !:
-بالنسبة لضيفاتنا العزيزات واللاتي لا يعرفنني او لا يعرفن شيئاً عن قواعد السجن ، انا هنا المسؤولة عن هذه الزنزانة كما لكل زنزانة رئيسة خاصة بها لذا انا هنا بمثابة رئيسة لكن احافظ على النظام وسير الأمور جيداً وطبعاً لا يتنفس هنا احد الا بأذني ! اي انا هنا المسيطرة على كل شيء وكل ما يهمني هو ان اجد منكن التعاون والالتزام بسير القوانين لا اكثر ولا اقل .
بعدها أطلقت تنهيدة قصيرة لتكمل حديثها :
-والان سنعيد تقسيم جدول العمل بينكن فلا يصح ان تجلسن هكذا بدون عمل ، غوزيدا ستقوم بأخباركن بما ستقمن بعمله .
رحلت وجاءت تلك صاحبة العيون الصغيرة وهي تتحدث بصوتها ذو النبرة الرفيعة التي تثير ضيق المقابل وقد تخصرت وهي تشير بيدها الاخرى :
-نبدأ أولاً بمن منكن تستطيع الطهو ؟
-انا .
قالتها صباح لترد الاخرى :
-جيد ، اذن أنْتِ و" ناهدة " و"سنا" و"عزيزة" كل واحدة منكن ستطبخ في وقت معين ويوم مخصص لها فقط لذا اتفقن على هذا الامر بينكن .
ثم اخذت تقسم الاعمال الاخرى بيننا حتى وقع علينا انا ونيفين غسل الحمامات ! لكونها وظيفة تلائمنا نحن الاثنتين بسبب نحافتنا ! ثم تفرق الجمع ومعهن ذهبت صباح وانطلقت انا برفقة نيفين أقاوم الالم الذي الم ببطني وبمفاصلي وكذلك مزاجي الاسود وكآبتي ، ملئنا دلوين من الماء مع بعض الصابون المعطر وأخذنا نغسل الارض معاً بالنسبة لي كنتُ متعبة وكنت ازفر أنفاسي بضجر كل فينة واُخرى حتى قاطعت هي هذا الصمت قائلة :
-لم تسنح لي الفرصة للتحدث عن نفسي .
نظرت لها مولية اياها اهتمامي فبعض الدردشة تنهي العمل وتنسي الالم . فأبتدأت كلامها وهي لا زالت تمسح الارض ونظرها مصوب للأسفل :
-في الواقع انا على عكسكما تماماً ، أعيش برفاهية وسط والداي فنحن أثرياء نعيش في فيلا فخمة كما انني دخلت كلية الفنون الجميلة وبرزت بموهبتي فيها في تصميم الأزياء لم أكن اشكو من شيء عدى عن امر واحد لم يستطع والداي توفيره لي .
ثم توقفت عن التنظيف ووقفت تحدق لي بينما جلست انا على الارض احتضن نفسي ولم اعد أطيق ما انا به من الم وسوء مزاج فعدت لضم ركبتاي الى صدري واتكئتُ عليهما فجلست هي امامي متربعة على الارض قائلة :
-الاهتمام ! انه الشيء الوحيد الذي لم أحظى بِه طوال حياتي .
ابتلعتُ ريقها ونظرت للحظات الى الارض ثم جلست مثلي وهي تحدق لي مكملة حديثها وعينيها تبرقان بحزن :
-كنت مصدر اهتمام للكثيرين فقط لكوني غنية فيأتون لي طمعاً بالاموال التي أصرفها عليهم بدافع البقاء بجانبي اما والداي فبصراحة كانا كثيراً ما يغيبان عن المنزل لذا كانت تلك الفيلا التي يطمح الكثيرون بسكنها خالية تماماً لا يسكنها احد سواي انا وقطتي المدللة "فيشي" اضافة الى الخدم والطباخ .
ضمت نفسها اكثر بينما شعرت بالمي قد زال قليلاً لذا اخذت أصغي اليها بعمق حيث تحدثت مجدداً :
-لم أحبب يوماً تصميم الازياء فحتى الان لا اعلم ما هي موهبتي الحقيقية ، والدتي مصممة مشهورة لذا أجبرتني على ان اصبح مثلها وابي رجل اعمال لا يكترث سوى بمنحي جبالاً من الأموال ولم يهتم يوماً بقول ولو كلمة صادقة تنبع من قلبه كأب بل كان يتصرف كنبيل من القرن التاسع عشر ، في الكلية لم اجد أحداً، ولكن في احد الايام تعرفت بأحدهم وقد وجدته مختلفاً عن الجميع او هكذا ظننت !
ها هي تتنهد مجدداً بحسرة فخمنت انها علاقة حب سرعان ما تكللت بالفشل ، عاودت حديثها وهي تهز نفسها الى الوراء والى الامام بخفة فبدت كطفلة صغيرة :
-تطورت علاقتنا من المراسلة الى المواعدة لم يكن يطلب مني المال كما يفعل غيره وكان يهتم بمشاعري ويحرص على مفاجأتي بالهدايا بالرغم من كونه شاب ميسور الحال ولم يكن غنياً مثلي ! حتى وصل الامر الى ان أقمنا علاقة وبعدها تحديداً بعد تلك الليلة تغير كثيراً كأنني أقابل شخصاً غريباً عني وليس ذلك الشخص الذي عاملني بحب واهتمام .
زمت شفتيها وبرزت دموعها على طرف جفنيها كنت سأتسرع وأقول لها " أنْتِ حقاً غبية كيف وثقتِ به هكذا بالنهاية هم يأخذون رغباتهم ويرحلون " لكنني فقط اكتفيتُ بالصمت لو كنت مكانها لما اوصلت الامر الى هذا الحد فأكملت وهي تغالب دموعها :
-بعدها بأسبوع اصبح يطلب أموال طائلة ولأنني املك المال لم أكن ابخل عليه حتى مرت ثلاثة أشهر سئمت فيها منه فعلاقتنا كانت عبارة عن الفراش والمال فقط وكان يجرح قلبي ببروده وتجاهله لي وتعرفه على غيري من النساء كما عرفت بعدها انه على علاقة بأخرى وكان يصرف عليها من أموالي هل تتخيلين انه كان وغداً الى هذا الحد ؟
لم اجبها وبقيت صامتة حتى قاطعنا دخول هيلين وهي تحمل بيدها كيس كبير جاءت ورمته علي بفظاظة ثم قالت بحدة :
-جلبت لكِ الشرطية هذه الأغراض لقد طلبتها من اجلكِ اياكِ والعبث بأغراضي مجدداً .
ثم خرجت بعدها لأنظر في اثرها وانا عاقدة حاجباي حيث همست :
-شكراً .
فتحت الكيس لأجد فيه بعض الملابس المنزلية المريحة واُخرى داخلية اضافة الى ما احتاجه حقاً ، نهضت وخرجت ثم وضعت الأغراض على سريري ودخلت مجدداً الى عند نيفين بعد إغلاق الباب كي نتحدث بمعزل عن النساء .
جلست امامها ثم طلبت منها الاكمال لم تسأل عما يوجد في الكيس بل عادت لضم نفسها مجدداً وهي تتحدث عن مأساتها :
-بعدما واجهته بتلك الحقيقة التي يخفيها عني وطلبت منه الانفصال ، اتعرفين ماذا فعل ؟
نظرت بثبات الى عيني وهي تزم شفتيها وتساقطت دموعها حيث تجعدت ملامحها بحزن فنفيت برأسي بتوتر لتكمل :
-لقد فتح هاتفه امامي وأراني الكثير من الفديوهات ! تلك التي كان يصورها لي خلسة كلما لمسني !
اخذت تبكي بحرقة لتكمل :
-لقد اصبح يهددني بنشر تلك الفديوهات وبقيت ادفع له الأموال مرغمة ، اصبتُ بالكآبة وادمنت الشراب وحاولت الانتحار بكل الطرق لم يهتم احد بما أصابني وواجهت كل هذا لوحدي .
اخذت تصرخ بكل هذا الكلام وهي تحرك يديها بعصبية وانا كنتُ انظر نحو الباب بتوتر اخشى ان تدخل علينا إحداهن لتجدنا جالستين هكذا بلا عمل ونتحدث عن مأساتنا فقط بينما اكملت نيفين وعادت لاحتضان نفسها وعقدت حاجبيها بغضب :
-لقد قام بنشر تلك الفديوهات بعد كل الأموال التي صرفتها عليه !
فغرت فاهي بصدمة حقاً لم أتوقع ذلك اكملت كلامها وأخذت تهز نفسها بغضب :
-والداي تبريا مني بعد انتشار هذه الفديوهات بشكل جنوني وتم فصلي من الكلية وعشت كالمشردة في الشوارع بلا مأوى او طعام ، فقط أجوب شوارع اسطنبول بتيه حتى دخلت احد الايام الى بار كنت انام بالقرب منه فوجدته هناك برفقة حبيبته أتعلمين ماذا فعلت ؟
اومأت لها نفياً وعقلي يضع تصورات مرعبة عن مافعلته لهما حتى قالت :
-كسرت زجاجة خمر بقربي واندفعت نحوه وأخذت اطعنه بكل ما أوتيت من قوة !
سئلتها بفضول ممزوج ببعض الخوف :
-وهل مات ؟
نفت برأسها وعيونها تذرف الدموع بلا توقف فقالت :
-لقد جاء الأمن وفصلوني الناس عنه اخر مشهد له رأيته يتلوى على الارض ولكن بعدها جاءت الشرطة وتم اقتيادي الى المخفر لا زالت محاكمتي لم تُعقد لحد الان فلقد حصلت هذه الحادثة قبل البارحة حيث جاءتني تلك السافلة قائلة انه تم نقله للمستشفى وإصابته ليست خطيرة فأصلاً تلك القطعة كانت صغيرة الحجم ولم تفي بالغرض !
هدأ بكاءها قليلاً لأتحدث لها ببعض المرح محاولة التخفيف عنها :
-هذا جيد اذن هناك فرصة لكي تخرجي وتحصلي على براءة كاملة .
نظرت لي وتحدثت ساخرة :
-لم يتم تعيين محامي لي لحد الان حالي حال صباح .
زممت شفتاي قائلة :
-سأتدبر أمركما .
نظرت لي بعدم فهم لاكمل :
-السيد احمد قيل عنه انه محامي بارع سأتحدث معه بشأنكما وبالتأكيد لن يمانع .
شقت الابتسامة شفتيها قائلة بعدم تصديق :
-حقاً !
قفزت علي محتضنة اياي وهي تردد كلمات الشكر فلم استطع سوى الضحك حتى نهضت من فوقي وهي تقبلني قائلة بفرح :
-لن أنسى فضلكِ هذا طوال عُمريِ .
عدنا للجلوس على الارض لاقول لها بجدية :
-بشرط واحد .
ثم رفعت لها سبابتي وانا أشير به كرقم واحد لتصغي لي هازة رأسها :
-أياً كان انا موافقة عليه .
قالت بابتسامة لأتحدث بذات الجدية :
-لا مزيد من العلاقات ولا مزيد من إسراف الأموال كوني نفسكِ وعيشي من اجلها وإذا اردتِ يمكنني ان اعطيكِ عنوان والدتي اذهبي واعملي معها في المتجر الى حين خروجي يمكننا العيش معاً .
هزت راسها موافقة وعادت لأحتضاني مجدداً فبادلتها العناق لعدة دقائق لأربت على ظهرها قائلة :
-هيا لننهي عملنا المقرف هذا بسرعة اكاد اموت جوعاً .
اومأت لي مجدداً ثم عدنا للتنظيف لتقوم بالغناء وشاركتها انا أيضاً وبعدها فُتح الباب لتدلف صباح منه حيث قالت وهي تأخذ ممسحة كانت بقرب الباب الذي أغلقته خلفها :
-اتيت لأقوم بمساعدتكن يا فتيات .
ثم ملئت دلواً من الماء ورمت بعض المياه على الارض لتمسحها بينما عادت نيفين للغناء مجدداً حيث شاركناها نحن الأثنتان .

" بالنهاية قد لا يكون السجن سيئاً الى هذا الحد "


يتبع ....



"القاعدة السابعة "
"تذكر دوماً شيئاً واحداً :مهما أُغلقت الأبواب في وجهك لابد ان يبقى احدها مفتوحاً "

براءة مُدانة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن