" 3:59 "

1.8K 77 5
                                    

مكنتش حابب احكيلكم الموقف دة عشان عارف ان كتير منكم بيخاف بس انا معتش قادر اكتم جوايا ولازم احكى بأى شكل وبأسرع وقت ..
يوم الجمعة اللى فاتت دى كنت خارج انا واصحابى بنتمشا بما انه يوم جمعة و اجازة لينا من الشغل ، كنا مبسوطين زى اى خروجة بنتبسط فيها بس المراادى كانت خروجة مختلفة تمااااماً ..
السهرة خدتنا ومحسيناش بالوقت كأنه عدا بسرعة ، كنا حاجزين ساعتين بلايستيشن وكان باقى نص ساعة تقريباً ، طلعت الموبايل اشوف الساعة لقيتها 3:59 الفجر ، قلت لاصحابى انا يادوب ألحق امشى عشان اعرف اصحا لشغلى الصبح ، لسة مخلصتش كلامى ولقيت رقم غريب بيرن عليا ، كسلت اشوف مين لأنى كنت مرهق جداً ، رن مرة وفصل مارنش تانى ، قومنا مشينا طلعنا على الشارع العمومى عشان نلاقى اى تاكسى او مواصلة توصلنا البيت لاننا بعدنا عن البيت بحوالى 15 كيلو ، ومن حسن الحظ اننا كلنا ساكنين فى نفس العمارة ، يعنى مشوارنا واحد .. وقفنا ع الطريق نستنا اى عربية لكن مفيش ، موبايلى رن تانى بصيت لقيت نفس الرقم بيرن ، ماردتش ورجعته جيبى تانى .. واحد صاحبنا اسمه "نبيل" قال الصبح قرب يطلع علينا وبكدة مفيش غير حل واحد ، ردينا عليه كلنا بنفس الرد "ايه هو؟؟" قالنا لازم نتمشا لحد الموقف اللى بيروح منطقتنا ، بس الموقف بعيد شوية بس عشان نوصله لازم نعدى على أرض زراعية واسعة .. (وصل عند كلمة واسعة ولقينا وشه اترعش وسكت فجأة) قولناله ايه يابنى مالك ما تكمل كلام ، قال هاا .. لا بس كدة يلا بينا ، كلنا لاحظنا ان فيه علامات غريبة على وشه بس مكناش عارفين سببها ، هل الارض دى فيها حاجة ؟ ولا هو تعبان ولا ايه!!
خدنا بعض و اتجرأنا ومشينا بنضحك ونهزر ونجرى ورا بعض لحد ما شوفنا الارض دى من بعيد ، كان سواد الفجر ابتدا يختفى والنهار قرب يطلع ، مشينا ناحية الارض دى وكلنا وقفنا مكانا مااتحركناش من اللى شوفناه !!
واحد تخين اوى لابس جلابية مقطعة ورافع ايده وواقف فى وسط الارض دى مابيتحركش ، واحنا بصراحة خفنا لاننا من الاول واحنا مقلقين من الارض دى ، فضلنا باصين عليه وهو باصص علينا مابيتحركش نهائى ، اتشجعنا ببعض ودخلنا الارض دى وبنمشى ، وعشان نعدى الناحية التانية لازم نعدى من قدام الراجل دة ، اول ما دخلنا الارض رجلينا غرزت فيها وكان فيها طين بس تقيل جدا ، وكلها زرع اخضر خفيف ، وفيه هوا جامد رغم اننا ف عز الصيف .. ابتدينا نمشى اكتر وبصعوبة جداا وصلنا لنص الطريق ، وقربنا من الراجل دة واحنا ماشيين مرعوبين ناحيته وقربنا نوصل عنده ومندمجين ف ملامحه ، فجأة نبيل فضل يضحك بهيستيرية جامد وصوت عالى ، وكلنا بصينا عليه مستغربين ، "فيه ايه يابنى" ، وهو بيضحك ضحك متواصل بصوت عالى ، وبص علينا وقالنا : ركزوا فى الراجل العبيط إللى راعبكم دة .. ركزنا فيه فعلاً ووقعنا على الارض من كتر الضحك لما اكتشفنا انه مجرد هيكل عمود خشب ولابس جلابية علشان الطيور ، والهوا كان بيهز الجلابية ومخلى الشكل تخين .. قمنا تانى واحنا بنضحك على العبط اللى احنا فيه وكملنا مشوارنا ، طلعت الموبايل من جيبى لقيت الساعة 3:59 ، ايه دة الساعة مابتمشيش ولا ايه ! شوفت الساعة عند اصحابى لقيتها برضو 3:59 رغم ان النهار طلع ، بصينا لبعض باستغراب لحد ما قطع تفكيرنا صوت موبايلى بيرن ، بصيت لقيت نفس الرقم .. خدت نفس عميق وغمضت عينى وفتحتها وبرضو ماردتش ، كملنا مشى والشمس قربت تطلع واحنا لسة مخلصناش الارض دى ، وكل ما نمشى نحس ان فيه واحد بيمشى ورانا ، نقف نبص ورانا منلاقيش حد ، نمشى تانى ونفس الصوت يطلع ونبص ورانا وبرضو مفيش حد ، نفس الضحكة الهيستيرية طلعت تانى من نبيل ولما سألناه قال دة صوت سوستة الشنطة اللى معايا ، بتطلع صوت كأن حد بيمشى ورانا ، كنا قربنا نموته عشان هو اللى راعبنا رغم ان مفيش حاجة ، مشينا اكتر لحد ما قربنا نوصل لآخر الارض ولمحنا ان فيه شارع وعربيات كتير واقفة لحد ما عدينا الارض وبقينا فى الشارع والناس مستغربة شكلنا لأن هدومنا كلها طين وشكلنا مسخرة ، سألنا على عربية تودينا لمنطقتنا ولقينا عربية واحدة بس اللى بتروح ، وصاحب العربية عنده 80 سنة تقريبا والسجارة مبتفارقش بوقه ، بس هو ضخم وكبير و ايديه كلها شحم و عربيته قديمة ، أول ما شافنا قالنا انتوا اللى جايين من الارض الواسعة ؟ استغربنا جدا وقولناله انت عرفت منين !! قال مش مهم ، المهم انا وصلكم لحد العمارة اللى انتوا ساكنين فيها وهاخد 200 جنيه مقفولة ، استغربنا اكتر وقولناله انت تعرف منين اننا ساكنين ف عمارة واحدة ، راح بص فى الارض وقال "ربنا يرحمها" اركبوا يلا عشان ألحق اجى احمل تانى ، متقطعوش اكل عيشى ..
مكنش قدامنا حل غير اننا نركب رغم اننا مش مستوعبين اللى بيقوله الراجل دة نهائى ، ركبنا عربيته وركبت انا جنبه و3 من اصحابى ورا ، اتحركنا بالعربية وهو ما زال بيشرب السجارة وكل شوية يبص عليا ويبص ع الطريق بطريقة بطيئة وفيها دراما ، وانا بعمل نفسى مش واخد بالى وببص ع الطريق ، لحد ما ابتدا كلام معانا وقالنا :
-كان لازم تمشوا من الأرض دى ؟؟
=ليه مالها !
- تعرفوا انكوا اول ناس تمشى ع الأرض دى بعد حوالى 359 سنة !
= عينيا وسعت اوى ومكنتش مستوعب كلامه خصوصاً ان عدد السنين دى نفس عدد الساعة اللى معلقة معايا وبقوله ازااى دى الارض كانت مبلولة وكان فيه هيكل هناك.
- يلا خير ، ربنا يسترها معاكم الفترة الجاية ، وبالأخص انت يا احمد.
= أحمد ؟؟ وكمان عارف اسمى؟ انت ايه حكايتك؟
- أيوة سمعت اصحابك وهما بيقولولك يا احمد.
= رغم ان محدش نادى عليا قدامه بس عديتها عشان نوصل البيت وخلاص.
هزيت راسى بحركة بطيئة وسكت وسبته يتكلم لحد ما وصلنا قدام عمارتنا ، ونزلنا من العربية وحاسبناه ، بس وانا بديله الفلوس مسك فى ايدى و بص ف عنيا بطريقة مرعبة جداً وعنيه وسعت وقالى :
- ياريت تقولها العم ميلاد بيسلم عليكى.
= اقول لمين ؟
- مع السلامة يا أحمد.
و اتحرك بالعربية بسرعة جدا رغم انه كان سايق بطيئ اوى واحنا معاه ، كبرت دماغى من كلامه وقولت أكيد راجل بيخرف ومشيت مع اصحابى طلعنا العمارة واحنا مبهدلين وكل واحد دخل شقته ، كنت انا ساكن ف آخر دور ، طلعت لوحدى ووصلت قدام باب الشقة بطلع المفاتيح راح طلع الموبايل ف ايدى ، بصيت فيه لقيت الساعة لسة 3:59 ، لسة هشيله ف جيبى لقيت الرقم بيرن تانى .. ماردتش وطلعت المفاتيح ودخلت البيت ، قفلت الباب ورايا ودخلت اوضتى لقيت امى صاحية كانت قلقانة على تأخيرى وسألتنى كنت فين كل دة و ايه اللى بهدلك كدة ، قولتلها ارتاح بس وهحكيلك بعدين ، قلعت هدومى وعلى الحمام على طول ، خلصت دش بعد ساعة إلا ربع تقريباً ..
- ماما هاتى الفوطة من اوضتى عشان نسيت اخدها.
= طيب ماشى.
مديت ايدى من باب الحمام وخدت الفوطة من ايديها بس استغربت جدا لما بصيت على ايديها لقيت ضوافرها طويلة جداً وشكلها مريع ، خدت الفوطة وطلعت من الحمام وقولتلها انا هنام ومحدش يصحينى عشان تعبان ، وهستأذن من الشغل النهاردة مش هقدر أروح ، مفيش حد بيرد عليا .. يا ماما سامعانى ؟؟ برضو مفيش صوت ، طلعت من الاوضة بدور فى انحاء الشقة مفيش حد ..
دخلت اوضتى مسكت موبايلى لقيت الرقم بيرن ، مش عارف ليه كل ما امسك الموبايل الاقى الرقم دة بيرن ، كنسلت عليه وطلعت رقم امى اتصلت عليها و ادانى جرس لفترة طويلة ، وقبل ما آخر رنة فى الجرس تفصل لقيتها بترد عليا ..
- أيوة يا ماما انتى روحتى فين ؟
= ايوة يا احمد انا عند خالتك بايتة عندها من امبارح بالليل عشان انت اتأخرت قولت اروح ازورها و هى اصرت انى ابات عندها.
- خالتى ايه اومال مين اللى كان معايا هنا ؟؟
= معاك فين يا حبيبى مالك بس فيك ايه ؟
- مفيش يا ماما خلاص ، لما تيجى ابقى رنى عليا عشان هنام.
لبست هدومى وانا مش عارف ايه اللى بيحصللى دة وبسبب ايه ؟ وهل دة بجد ولا تهيآت ؟! اقنعت نفسى انها تهيآت بس عشان اعرف انام مش اكتر ، روحت سريرى مسكت الموبايل عشان اتصل بالشغل آخد اجازة النهاردة لقيته بيرن ، ونفس الرقم ، طلعت نفس عميق بعصبية و رديت ..
- الو !!
= *مفيش صوت*
- الووووو
= *مفيش صوت*
- ماهو طالما محدش بيرد اومال بترن على اهلى من امبارح لييه ؟
وفجأة سمعت صوت تنهيدة من الموبايل وصوت وحدة مرعب جداً بيقول :
= أحمد ..... قابلنى ...... النهاردة ...... الساعة ..... 3:59 ...... الفجر.
بنفس الطريقة كدة و صوت وحدة بتنهج و بتقطع بالكلمات ، انا حسيت انى وقعت ف حمام سباحة فيه ميه تلج ، رديت عليها قولتها مين معايا وهقابل مين ؟؟
=أحمد ..... قابلنى ...... النهاردة ...... الساعة ..... 3:59 ...... الفجر.
والمكالمة قفلت ..
بصيت فى الموبايل وعلى الرقم وانا مصدوم جدا ، عملت كوبى للرقم وحطيته فى التروكولر جابلى الاسم : العم ميلاد ..
أول مرة تطلع مني شهقة زى دى وحسيت وقتها ان قلبى هيقف ، ايه اللى بيحصللى دة و ايه الغموض دة انا مش فاهم حاجة ، ابتديت اتكلم بصوت عالى وافكر مع نفسى بس ماوصلتش لحل برضو ، مسكت الموبايل لقيت رسالة جايالى على الـ Gmail من إدارة الكلية بتاعتى بيقولوا فيها انى مدعو لحضور حفل تكريم الفائزين بالدورى فى كرة القدم ، و ان حضورى دة هيفرق معاهم فى أعمال السنة و ان الدفعة كلها هتحضر ، كان الموضوع عادى جداً بالنسبالى بس لحد ما وصلت لآخر الرسالة وبدأ الموضوع يكون مش عادى ، لما قريت ان معاد الحفل دة الساعة 3:59 الفجر ،
ابتديت اشك ف الموضوع بس ف نفس الوقت بقول صدفة لأن محدش يقدر يلعب ف موقع التربية والتعليم ويبعت رسايل منه للطلبة إلا الإدارة نفسها ، سبت الموبايل مفتوح و فضلت افكر فى الموضوع لحد ما عينى قفلت وحدها و روحت ف سابع نومة ، صحيت على صوت المنبه بيرن الساعة 3:59 الفجر ، مع انى معملتش اى منبهات خالص بس معرفش ليه رن فى الوقت دة ، قمت قفلته وحاولت انام تانى بس معرفتش ، قولت انا هقوم انزل الكلية واللى يحصل يحصل ، خدش دش وطلعت لبست وخدت الموبايل ونزلت من البيت للشارع تحت كان الشارع هدوء جداا ومفيش ناس خالص وف نفس الوقت فيه هوا شديد ، المسافة بين عمارتى وبين الكلية مسافة مش بعيدة بس حبيت اتمشا فى الوقت لأن مكنش فيه عربيات وكنت حابب المشى فى الجو دة ، مشيت متجه للكلية بتاعتى وانا مازلت افكر فى الموضوع ، طلعت الموبايل من جيبى لقيت الساعة زى ماهى 3:59 ، والرقم رن ، رديت عليه لقيت نفس الصوت بتقوللى :
- انت ..... فيين ؟؟
= ماهو انا مش هتكلم غير لما اعرف مين معايا.
- مش ...... هينفع ...... تعرف ...... بس ...... لازم .... تيجى .... دلوقتى ..... ضروووووووى.
= كنت مستحمل بشاعة الصوت بالعافية لأنه صوتها كان غليظ و خشن جداا ، قفلت المكالمة وفضلت امشى فى اتجاهى للكلية لحد ما وصلت هناك ، كانت الساعة 4:20 تقريباً بس موبايلى ماسك نفس الساعة مابتتغيرش ، وصلت الجامعة ومكنش فيها حد نهائى حتى الأمن مش موجودين ومفيهاش اضاءة خالص والنهار لسة مطلعش والباب الرئيسي مفتوح .. دخلت من الباب لقيت مكتوب عليه بخط صغير "ميلاد رفعت" وانا بمشى بالراحة وبلتفت حواليا لأنى مش شايف حاجة من السواد ومفيش قدامى غير مبنى كبير فيه اوضة فيها نور ، الاوضة الوحيدة اللى منورة فى الجامعة كلها ، بصيت ناحية الاوضة دى لقيت شخص واقف فى الشباك وبيشاورلى بيقولى تعالا ، وعشان نظرى ضعيف مقدرتش اجيب ملامح الشخص دة بالظبط بس الوش كان نحيف جدا والشعر نازل ع الوش وكان طويل ، تقريبا دى وحدة مش واحد ، ترددت كتير بأنى اطلع او ارجع و امشى بس جمدت قلبى وقولت اللى حصللى قبل كدة خلانى مااخفش ، وصلت للمبنى واتجهت ناحية السلم وطبعا كله ضلمة وانا مش شايف حاجة الا اضاءة بسيطة من نور القمر اللى قرب يختفى ، طلعت على اول السلم وبطلع خطوة خطوة لفوق والدنيا كلها ضلمة ، وكل ما اطلع اكتر الدنيا بتسود اكتر ومع كل درجة بطلعها نبض قلبى بيزيد فيها ، بدأت اطلع اكتر واكتر لدرجة انى مش شايف درجات السلم عشان امشى من كتر السواد ، طلعت اكتر وانا حاسس ان فيه حد جنبى بيتنفس ، وانا مش شايف حد نهائى ، وبدأت اسرع ف خطوتى و اطلع اسرع شوية ، والنفس بيزيد برضو و كأنه بيطلع جنبى ولازق فيا ، سرعت اكتر لحد ما وصلت لنهاية السلم ولقيت قدامى ممر مظلم جداا و فى آخره اوضة مفتوحة فيها اضاءة خفيفة ، الصوت اختفى من جنبى وبدأت امشى برااحة فى الممر وانا مش شايف حواليا من الضلمة ، دقات قلبى بدأت تزيد اكتر كل ما اقرب للاوضة دى ، مشيت اكتر ولقيت علامة فوق باب الأوضة مكتوب عليها "المسرح" ، وتحتها مكتوب بخط صغير "ميلاد رفعت" ، دخلت وانا ببص حواليا لقيت مسرح كبيير جدا جدااا ، وكله كراسى قديمة وتراب ف كل حتة و ريحة عفونة فظيعة ، وفى السقف فيه شبكات عنكبوت وفى آخر المسرح من ورا خالص كل الكراسى مقلوبة ، دخلت وانا مش لاقى حد خالص ، وقفت فى الشباك اللى كان واقف الشخص اللى شاورلى لما كنت تحت ، كنت شايف الجامعة كلها بكل المبانى اللى فيها ، وفجأة سمعت صوت كركبة كراسى ورايا ، بصيت لقيت كرسى كان عدل و اتقلب ، نبض قلبى ابتدا يزيد اكتر ووشى بيطلع سخونة ، بصيت لآخر المسرح من ورا ناحية الكراسى المكسورة والضلمة لقيت نفس الشخص قاعد ف اواخر الكراسى ورا ، اكتشفت انها هى وبتبصلى وبتشاورلى ، مشيت ناحيتها ببطء جدا وانا خايف اوصلها بس معرفش ازاى قلبى طاوعنى وخلانى اعمل كل دة ، وصلت عندها ومكنش وشها باين من كتر الشعر إللى نازل عليه ، قالتلى تعالى متخفش مني ، لقيتها بتتكلم عادى جدا مش زى فى الموبايل ، قولتلها انتى عاوزة مني ايه ؟
- انا مش عاوزة منك حاجة ، انا عاوزة اعرف ليه انت واصحابك مشيتوا فى الارض دى ؟
= ايه المشكلة لما نمشى فيها ثم احنا مكناش بنلعب فيها احنا مكنش فيه طريق قدامنا غيرها.
- وانت متعرفش انها دى ارضى ؟ انا اتولدت فيها و مت فيها ، ومن ساعتها محدش بيمشى هناك ولو حد مشى انا بعرف ومش بسيبه بسهولة الا لما ادفنه فيها ، ولحد دلوقتى انا دافنة فيها مئات الشباب اللى زيك.
= طيب ومعملتيش كدة معايا ليه ؟
- لأن ميلاد وصانى عليك.
= ميلاد ؟ انتى تعرفى ميلاد؟
ضحكت ضحكة سخيفة وبصت فى الارض وقالتلى :
- ميلاد قبل ما يموت من حوالى 300 سنة كان اعز شخص فى حياتى ، ميلاد مكنش جوزى بس ، ميلاد كان كل...
= استنى بسسسسس ، يعنى ميلاد ميت اساسا؟؟؟
- ميلاد ميت بس روحه مابتموتش ، موجودة حواليا وحوالين كل شخص مشى على الأرض دى.
= انا مش فاهم حاجة ، مين فيكم عايش ومين ميت ، انا اول ما شوفت ميلاد قالى "ربنا يرحمها" ومارضيش يحكيلى ، وانتى دلوقتى بتقولى ان ميلاد ميت من 300 سنة ، رغم انكم انتوا الاتنين عايشين ..
- بص يا أحمد...
= بسم الله ماشاء الله حتى انتى كمان عرفتى اسمى !!
- سيبنى اكمل عشان تفهم ، النهاردة مش حفل تكريم الفائزين ، انا عملت الحجة دى عشان اجيبك هنا ، العم "ميلاد رفعت" كان دايما متفوق فى الدراسة وفى الانشطة فى الكلية ، كان اسمه مكتوب فى كل حتة هنا.
= أيوة انا لاحظت كدة.
- كان محبوب من كل الدكاترة ومن كل اصحابه ، فيه شخص واحد بس هو اللى يعرف كل التفاصيل دى ، والشخص دة قريب منك جداا .. اتمنى انك متعرفوش لانك هتخسره ، واللى هيقولك ع الشخص دة هو ميلاد ، ميلاد الوحيد اللى يقدر يقولك على اسم الشخص دة ، امشى انت دلوقتى علشان النهار قرب يطلع وانا مينفعش اظهر فى النهار .. بس هتستنا فى مكالمة علشان عزماك على حفل تخرج ابني هنا.
لسة بتتكلم معايا ولقيتها اختفت خالص وكأنها مكانتش معايا لأن الشمس طلعت ، حسيت ان راسى بقت تقيلة جدا ومكنتش قادر اتحرك .. حاولت اتحرك وبصعوبة جدا قمت من الكرسى وطلعت من المسرح بصيت ورايا على باب المسرح وبصيت على العلامة اللى مكتوبة فوق الباب كلمة "المسرح" وتحتها "ميلاد رفعت" وفضلت ابص للاسم اوى ، بعدها بصيت الناحية التانية ومشيت كانت الشمس طلعت ، موبايلى رن طلعت اشوف مين لقيت امى ، رديت عليها بتقولى انها وصلت البيت قولتلها انا برا بجيب حاجة و راجع ، قفلت المكالمة معاها وبصيت لساعة الموبايل لقيتها 5:23 ، ياااه أخيرا الساعة اتظبطت ، نزلت من المبنى ووصلت تحت وكل عمود يقابلنى الاقى مكتوب عليه "ميلاد رفعت" ، رجعت البيت وانا حاسس ان قلبى مقبوض ومخنوق ومش عارف ايه اللى بيحصللى دة ، بفكر اروح للموقف تانى و اشوف ميلاد و اسأله مين الشخص اللى عارف كل دة ، تفكيرى زاد و اصرارى بالنزول بيزيد اكتر لحد مانزلت تانى ركبت تاكسى قلتله ع الموقف وركبت معاه ، ومن عوايد السواقين انهم بيحبوا الرغى مع اى زبون فاا ابتدا معايا بالكلام وقالى :
- الاستاذ مسافر !
= لا ، رايح اجيب حاجة من هناك.
- متقلقش ، مش هتلاقيه.
= مين هو اللى مش هلاقيه؟
- إللى انت رايحله.
= انا مش رايح لحد ومش ناقص كلام من حد واتفضل سوق وانت ساكت.
- تمام ، آسف.
وصلنى لحد الموقف ونزلت وحاسبته بس لما اديته الفلوس مسك ف ايدى وكانت نفس ايد العم ميلاد ، بص ليا وقالى "هتعرف" وابتسم ومشى ..
ايه داااا الناس حصلها اييه هما كلهم لاسعين للدرجادى ؟؟ وصلت الموقف وانا بدور وسط العربيات على عربية ميلاد او ميلاد نفسه بس كلام سواق التاكسى كان صح ، مش لاقيه .. سألت كذا سواق من الموقف وكانت اجابتهم وحدة ، العم ميلاد ميت من حوالى 300 سنة ، وهما اصلا ماشافهوش بس كلهم عارفين حكايته ، والمشكلة ان محدش فيهم راضى يحكى الحكاية ايه ، حسيت ان مفيش أمل منهم اتجهت الناحية التانية ومشيت ، بس قبل ما امشى وقفنى راجل عجوز بس شكله ابن ناس وغلبان ، كان قاعد على قهوة ولما شافنى خدنى و قالى اقعد ، كنت محتاج القعدة دى لأن الجو كان حر جداً ، قعدت معاه وطلبلى شاى ، قالى بتدور على مين يا ابنى ؟
- بدور على سواق هنا يا حاج اسمه ميلاد.
= ميلاد رفعت ؟؟
- انت تعرفه يا حاج؟
= انا اسمى حسن ، تقدر تقوللى عم حسن لأنى لسة ربنا مكتبليش احج.
- ربنا يكتبهالك ان شاء الله ، بس عايزك يا عم حسن تحكيلى كل حاجة عن "ميلاد رفعت"
= بص يا ابنى ، حكاية ميلاد دى حكاية طويلة جدا ، ومحدش يقدر يحكيها بالساهل كدة ، بس انا هحكيهالك لأنى كنت صاحب عمر لميلاد رفعت ..
*اتفضلوا الشاى يا بشاوات*
مسك عم حسن كوباية شاى وحطها قدامى ، وخد الكوباية بتاعته ، طلع علبة سجاير كليوباترا قديمة جدا تقريبا بقالها معاه شهر ، وكان فيها آخر سجارة ، قالى اتفضل .. قلتله لا يا عم حسن مابشربش ، قالى ماشى ..
طلع السجارة من العلبة و رمى العلبة فى الشارع ، وطلع من جيبه التانى كبريتة مشط وولع السجارة وخد منها نفس عميق كأن واحد ماشربش سجارة من سنة ، وطلع دخان بقوة .. مسك كوباية الشاى وعينيه ضاقت و شرب منها بوق ورجع الكوباية تانى ، عم حسن ملامحه بسيطة جدا و شبه ناس كتير ، باين على وشه التجاعيد البارزة والشعر الابيض الخفيف اللى ف دقنه ولابس طاقية صلاة فى راسه وعينيه عسلى فاتح و قمحاوى البشرة ، خد نفس عميق تانى من السجارة و طلعه وبعدها بص ليا وقالى :
- ميلاد رفعت ، كنا انا وهو مابنختلفش على حاجة ، كنا اكتر من اخوات وهو اقدم واحد فى الموقف دة.
قاطعته بالكلام وقولتله ازاى ياعم حسن الناس بتقوللى انه مات من 300 سنة ، يعنى انت دلوقتى عندك اكتر من 300 سنة ؟ بص على ناحية الموقف وقال :
- لما حكيت الحكاية دى لابنى سألنى نفس السؤال ، اتمنى تسمع للآخر ومتقاطعنيش.
= حاضر ياعم حسن اتفضل كمل ..
- ميلاد كان راجل مسيحى ، بس كان يعرف ربنا ومؤمن بيه اكتر من المسلمين ، كان حقانى و طيب جدا ، بس الكلام دة بعد شبابه وبعد اللى حصله ف شبابه.
= ايه اللى حصله ف شبابه يا عم حسن.
- ميلاد فى شبابه كان كل معارفه بنات ، وكان بيسهر ويسكر كل يوم ويلعب قمار ويخسر ، كان هيبيع اللى قدامه واللى وراه عشان يلعب اكتر ويكسب ، بس مكنش بيكسب ، لحد ما خلص كلية وخلص جيش و ربنا بعتله بنت تتحط ع الجرح يطيب ، بعتله وردة من الجنة ، كان اسمها وردة بس فعلا كانت وردة .. اتجوزوا وبقا عندهم بيت وعيلة وخلفوا ولد جميل ، ربنا رزقه بشغل كويس وبقا عنده فلوس كتير وعمل بيت ليه ولابنه ، بيت كبير جدا جدااا ، مكان الارض الواسعة اللى قدامك دى.
= هى الارض الواسعة دى كانت بيت ميلاد ومراته؟؟
- أيوة ، بس ولاد الحرام ماسابهوش ف حاله .. ايام ما كان بيلعب معاهم قمار كان خسر كتير و مضالهم على وصولات أمانة بمبالغ كبيرة ، بس من بعد ما اتجوز وهو نسى اللعب ونسيهم .. وفى ليلة من الليالى الشتوية كان اشترى عربية علشان يشتغل بيها على الموقف دة ، وكان اول صاحب عربية يعمل الموقف دة ، وفى مرة كان رايح يجيب ناس من مكان بعيد جدا ، وكان سايب مراته وردة و ابنه نبيل فى البيت لوحدهم ، دخلوا عليهم اصحابه الساعة 3:59 الفجر وكان معاهم جراكن بنزين و فضوا الجراكن حوالين البيت كله وولعوا فيه و هربوا .. رجع ميلاد من السفر بعدها بليلة ووصل للبيت لقى البيت عبارة عن قطعة ارض زى ما انت شايفها دلوقتى .. اتجنن والناس وقفت معاه لحد ما فهموه اللى حصل ، ميلاد بسبب اللى حصله دة قعد اسبوع فى غيبوبة فى المستشفى ، كمل اليوم التامن وتوفى بعدها ماقدرش يكمل من حرقة قلبه على مراته و ابنه ، فى نفس المستشفى كانت مراته بتتعالج من تشوهات الحروق بس ماتت قبله بيوم ، نبيل كان فى اوضة لوحده موصلهاش نار خالص و اهل المنطقة عرفوا يطلعوه ، وفضل عايش بعد موت ابوه و امه.
= وهو فين ابنهم دلوقتي؟؟
- دة نفس السؤال إللى سألته لـ جدي الله يرحمه وهو بيحكيلى حكاية ميلاد رفعت.
= اهاااا ،، يعنى يا عم حسن مش انت إللى كنت مع ميلاد.
- جدى هو اللى كان معاه وحكالى حكايته ، انت عاوز توصل لأيه بالظبط بقى ؟
= عم حسن انا دماغى هتفرقع والليل قرب يليّل علينا ، اوعدك هجيلك تانى بس انا هستأذنك لانى مبقتش مجمع معلوماتى كويس و حاسس انى تايه.
- طيب مش هتشرب الشاى ؟؟
= مرة تانية ان شاء الله يا عم حسن.
- طريق السلامة يا بنى.
مشيت وانا دماغى هتفرقع من الحكاوى دى اللى ملهاش اول و لا آخر ، ركبت تاكسى ووصلت العمارة ، طلعت ع السلم لقيت نبيل صاحبى نازل من شقته سلمت عليه وقالى انا عازمك على حفلة التخرج بتاعتى النهاردة بالليل ، متنساش عشان هستناك فى الجامعة ، قلتله حاضر ماشى وطلعت شقتى دخلت اوضتى ونمت ع السرير زى مانا حتى من غير ما اقلع الجزمة وسرحت ف كلام عم حسن وحكاية ميلاد الغامضة دى اللى ملهاش تفسير ، تفكيرى يودى ويجيب لحد ما روحت ف سابع نومة ..
صحيت على صوت موبايلى بيرن :
- الوو !
= انت فين يابنى برن عليك من بدرى مابتردش.
- معلش يا نبيل كنت تعبان ونمت والله.
= طيب يلا قوم اجهز عشان انا ف الجامعة وباقى نص ساعة والحفلة تبدأ.
- طيب حاضر.
قفلت معاه وانا جسمى مكسر ومكسل انزل اصلا بس ف نفس الوقت مينفعش مااروحش ، قمت خدت دش ولبست ونزلت من شقتى كانت الساعة 7:30 العشا ، وقفت تاكسى و اتجهت للقاعة اللى عامل فيها الحفلة بس كانت غريبة بالنسبالى انى اركب مع سواق مش رغاى ، يمكن عشان كان راجل كبير ، معرفش ما علينا .. نزلت من التاكسى ودخلت القاعة كان فيه ناس كتير جدااا و اغلبهم لابس بدلة تخرج وطاقية ، طلعت موبايلى هتصل على نبيل لقيته هو بيتصل ، رديت عليه قولتله :
- ايوة يابنى انت فين انا لسة داخل القاعة.
= يب تا كك وانا يي ليك.
- مش سامعك يا نبيل ابعد عن صوت الاغانى دى.
= سامعنى كدة كويس؟؟
- ايوة كنت بتقول ايه ؟
= بقولك طيب استنا مكانك وانا جاى ليك.
- طيب ماشى انا ف اول القاعة مستنيك.
قفلت معاه ومكملش دقيقة ولقيته جه قدامى لابس بدلة التخرج والطاقية ومبسوط جدا ، سلمت عليه وباركتله وخدنى ودخلنا القاعة جوة ، قالى باقى 5 دقايق والحفلة تبدأ ، وعدت الـ5 دقايق والزيطة بدأت و اغانى بصوت عالى و رقص وفرحة وبهجة و نبيل انشغل بالرقص مع زملاته فى الدفعة ولفت انتباهى شئ مريب جداا ، فى آخر القاعة من ورا خالص لقيت الست اللى قابلتنى ف مبنى الجامعة امبارح ، وبتشاورلى بتقولى تعالا .. روحت عندها و لأول مرة اشوف وشها ، كانت لابسة كويس ورابطة شعرها رغم انها ست كبيرة بس كانت ف منتهى الجمال ، قالتلى فاكرنى ؟
- طبعا اكيد.
= انت لسة متعرفش اسمى؟
- عرفت لما سألت ، مدام وردة.
= اهاا ، سألت مين بقى ؟!
- كنت رايح الموقف اشوف عم ميلاد علشان يقولى على الشخص اللى عارف كل التفاصيل.
= وبعدين !
- بس ولقيت حد اسمه عم حسن حكالى كل حاجة.
= ياااه ، عم حسن لسة موجود ؟؟
- ايه هو دة كان مات هو كمان؟
= هههه عم حسن اكبر من ميلاد بحوالى 70 سنة ، ميلاد متربى على ايد عم حسن.
- يااااااادى النيلة ، اوماال ميين اللى كان قاعد معايا وحكالى كل دة؟؟
=اهدا بس ، انا امبارح كنت عازماك على حفلة تكريم ابني الوحيد ، ومبسوطة انك جيت.
- ابنك؟؟؟ ابنك مين انهى واحد فيهم ؟ انا معرفش غير نبيل بس وهو اللى عازمنى.
= ههههه تركيزك ضعيف جدا كنت اتمنى تكون أذكى من كدة.
- وهو إللى يعرفكوا يجيله تركيز منين انا مخى قرب ينفجر من حكاويكم دى ، ازاى انتى وعم ميلاد وعم حسن ميتين من 300 سنة وكلكم موجودين.
= عشان الجن ملوش عمر يا احمد ، بنوصل للـ 1000 سنة واكتر ، و ابنى نبيل مات بعد ما انا مت بيومين ، بس دلوقت بيتخرج قدام عينى.
ويقطع كلامنا صوت وحدة بتتكلم فى المايك وتقول "الخريج رقم 4 ،، نبيل ميلاد رفعت" واشتغلت اغنية وزيطة ..
كنت انا باصص ناحية الطلبة ، رجعت بصيت تانى ناحية وردة اللى كانت واقفة معايا ملقيتهاش .. انهارت وقعدت ع الكرسى بعد ما كنت واقف انا وهى ، اعصابى باظت ومبقتش قادر اتنفس .. وانا قاعد ف آخر القاعة وشايف قدامى على المسرح "نبيل" صاحبى و أمه "وردة" و أبوه "ميلاد رفعت" وكلهم بيحتفلوا بـ تخرج ابنهم الوحيد.

انتظروني فى قصص جديدة كل خميس من كل أسبوع الساعة 12 بالليل ......

متنسوش تعملو فوت وكومنت💛

مجموعه قصص رعب(عالم أحمد طارق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن