" المقبـره "

239 22 2
                                    

مشاكل البيت كانت كتيرة و خناق كل يوم ، وكل الخناق بسببى والمشاكل بتزيد كل يوم ، لحد ما سمعت خبر فرحنى جداااا ..
التنسيق بتاع الكلية نزل وهبقى فى كلية آداب فى عين شمس ، المُفرح فى كدة انى هاخد سكن وابعد عن مشاكل البيت وهيكون احسن بكتير بالنسبة ليا ، جه اليوم اللى سافرت فيه وخدت السكن وكان معايا فى السكن شاب من سنى ونفس الكلية وهيعيش معايا ، استلطفت الموضوع وقولت عادى اهو يونسنى شوية بدل مااكون لوحدى ، الشاب كان اسمه "ربيع عبد الفتاح" ولما الأيام مرت وبقينا واخدين على بعض اكتر بقيت اقوله يا "فتحى" على طول ، فضل معايا طول السنة وبنذاكر سوا وبناكل سوا بس أحيانا كان بيختفى معرفش بيروح فين وبيقعد كتير مش باين وبعدها يظهر تانى ويخترع اى حجة عشان يتحجج بيها ، فتحى كان طبيعى بالنسبة ليا وعادى جدا ، بغض النظر عن ان ملامحه كانت بتتغير كتير ونبرة صوته كانت بتبقا خشنة بس بقول عادى يمكن تهيؤات ، مرت فترة كبيرة وفتحى مازال معايا لحد ما جت فترة الاجازة اللى ف آخر السنة بعد الامتحانات وكنت بشيل حاجتى فى الشنط علشان خلاص همشى ، لما جيت انزل وقابلت صاحب السكن عشان احاسبه وبعد ما حاسبته قولتله ماشوفتش فتحى؟
-مين فتحى؟
=عبد الفتاح اللى معايا فى السكن ياعم مالك !
-تقصد ربيع عبد الفتاح ؟
=ايوون ربيع ، ماشوفتوش؟
-الله يرحمه ياباشا هو انت تعرفه؟
=نعم؟ اعرفه ازاى يعنى دة كان معايا طول السنة فى نفس الأوضة
-ايه اللى بتقوله دة بس يا استاذ دة ربيع عبد الفتاح متوفّى من سنتين لما جه هنا لوحده فى السكن ودخل الحمام علشان ياخد دش والسخان انفجر فى الحمام ومات محروق ..

وقفت مذهول قدام الراجل دة مش مستوعب اللى بيقوله وافتكرت ان دماغه مهوية حبة وسيبته ومشيت ، بس طول السكة وانا بفكر فى فتحى وهل ممكن دة يكون بجد ؟ وعمّال اتصل على موبايله بيدينى مقفول طول الوقت ، رجعت البيت ورجعت نفس المشاكل بتاعة البيت والخنقة ، وبسبب المشاكل سبت الكلية وبعدها بفترة نزلت شغل فى سوبر ماركت ، كانت حادثة السكن مر عليها سنين ونسيت الموضوع أصلاً ، السوبر ماركت اللى كنت بشتغل فيه كان فى محافظة تانية غير المحافظة بتاعتى وكنت بنزل اجازات قليلة على مدار الشهر ، وفى يوم من الأيام جارنا مات وأهلى اتصلوا بيا قالولى لازم تيجى تعزى ودة واجب وبتاع ، المهم سمعت كلامهم ونزلت إجازة للبيت وروحنا لجارنا دة عزيناه وروحنا معاهم الدفنة للمقابر ، ومن بعدها ابتدت الأحداث المرعبة ..

الساعة 10 بالليل وصلنا المقبرة ، كنا اتوبيس كامل مليان ناس وعربيات كتيرة ، نزلنا المقابر وأخدنا جارنا الميت فى التابوب وماشيين بيه والدنيا ضلمة جدا حوالينا ومش شايفين اى حاجة ، وواحد مننا جاب فانوس شعلة صغيرة بالنار وبقينا ماشيين بيه ، بس الفانوس دة منوّر حوالينا إحنا بس مش منوّر المكان كله ، فضلنا ماشيين فى السواد اللى قدامنا دة حوالى نص ساعة ، تعبت جدا من المشى ووصلنا للمكان اللى هندفنه فيه ، انا كنت اقرب واحد للتابوت ولما حطيناه قدامنا عشان نصلى عليه كانت عينى مابتنزلش من على التابوت ، خلصنا الصلاة عليه وشلناه من التابوت علشان ننزله القبر وكنت معاهم وهما شايلينه وكنا حوالى 6 أشخاص شايلينه ، انا كنت جنبه من ناحية دراعه اليمين وكنت شايل معاهم وكان فيه 3 تحت بيستقبلوه مننا لأن القبر نازل لتحت والفتحة بتاعته صغيرة جدا ، كانت الأمور طبيعية جدا لحد ما نصه دخل فى القبر وحصلت الصدمة الكبيرة ..

لقيت ايده اليمين بتتحرك وبتطلع من الكفن وبتمسك فيا جامد ، صرخت بسرعة وبعدت عنه والناس إللى كانت بتعيط وتصوت سكتوا مرة وحدة واستغربوا من تصرفى دة ، انا وقفت بعيد وانا بنهج ونفسى مقطوع ومصدوم وبتكلم وانا بتهته فى الكلام وبقولهم انه مسك فيا ، بس للأسف محدش صدقنى وبعدونى عنه ، وقفت بعيد وفضلت اقرأ قرآن بصوت واطى لحد ما هما خلصوا ودفنوه ، قولت لأهلى انا هستناكم فى الاتوبيس على بال ما تخلصوا ، مشيت تانى لوحدى على قد ما اتذكر فى الطريق للاتوبيس والحمد لله وصلت بسلام ، دخلت جوة الاتوبيس وقفلت الأبواب عليا وفضلت قاعد جوة فى الهدوء والظلام ، كانت الساعة تقريباً عدت 12 بالليل ، والجو ابتدا يبقى برد جدا ، بدأت ازهق من القعدة لوحدى وهما ماجوش لحد دلوقتى وبقالهم كتير اوى ، بس طول مانا قاعد فى الاتوبيس كنت سامع صوت حد بيجرى حوالين الاتوبيس بسرعة ، كأن حد بيجرى بشغف شديد ، افتكرت حد من اللى معانا بيهزر معايا وبيحاول يخوفنى بس اكتشفت أنه مش حد لما قولت "مين برا" وساعتها الجرى وقف ومحدش رد ، والدنيا رجعت هدوء ، ابتديت اعرق جوة الاتوبيس من الخوف وعدت فترة طويلة ..

الساعة 2 وانا لسة فى الاتوبيس لوحدى فى الجو الضلمة الهادئ ، آخر ما زهقت نزلت من الاتوبيس وقولت هروحلهم اشوف فيه ايه و اخروا ليه كل دة ، ملقيتش اى عربيات حواليا ومكنش فيه غير الاتوبيس فى وسط ساحة كبيرة جداً ، مشيت فى نفس الاتجاه اللى جيت منه على اساس انى ارجع تانى مكان مكانوا موجودين ، بس المفاجأة الأكبر ان اول ما وصلت مكان القبر ملقيتش ولااا واااحد ، بس لفت انتباهى حاجة بشعة جدا ، وهى ان الفانوس منوّر جنب القبر بالظبط من ناحية اسم المتوفى ..

"يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي - المرحوم (ربيع عبد الفتاح) نسألكم الفاتحة"

ربيع عبد الفتاح ؟؟ ايه دة ؟! هو دة نفس اللى كان معايا ؟ ولسة بفكر فى اللى انا شايفه دة وفجأة سمعت صوت حد بيتكلم من ورايا وبيقول "مالك مصدوم ليه" ؟ بنفس نبرة صوت ربيع بالظبط ، من معلوماتى عن المقابر ان لما اسمع اى صوت ورايا ماابصش عليه عشان هتلبس ! انا بعد ما سمعت الصوت دة جريت على طول ناحية الاتوبيس ، وفضلت اجرى بأقصى سرعة عندى وقلبى بيدق جامد ومش عايز اقف ومرعوب جدا جدا ، وطول مانا بجرى سامع خطوات حد بيجرى ورايا كأنه فى ضهرى بالظبط وقريب مني جدا وقرب يمسكنى ، بس بجرى اكتر واكتر لحد ما نفسى اتقطع خالص ، كنت وصلت مكان الاتوبيس وقتها وببص على الاتوبيس ملقيتوش !! نفس المكان ونفس المنطقة الواسعة وكمان فيه أثر خطوات اتوبيس فى المكان بس مفيش حد ، صوت الجرى اختفى من ورايا والمكان بقى هدوء اكتر من الاول ، وكل اللى باين قدامى حاجات بسيطة شايفها من ضوء القمر بصعوبة ، مابقيتش عارف اعمل ومش عارف اطلع من المقابى ومش عارف سكتها ازاى ، قعدت على جنب ارتاح من الجرى اللى جريته وباخد نفسى شوية ، بس فجأة لقيت طوب بيتحدف عليا من أماكن مختلفة ، معرفش جاى منين بس كل دقيقة مثلا ألاقي طوبة صغيرة اتحدفت عليا ، مرة من ورايا ومرة من يمينى ومرة من شمالى ، وانا مش شايف خالص لأن المكان ضلمة جداً ، قمت بسرعة من مكانى وفضلت اجرى فى كل مكان ومابقيتش عارف أروح فين ، وكل تفكيرى ف اهلى وهيقولوا ايه عليا وهيعرفوا احمد فين ولا لا ،  ولما احمد يموت هيفتكروه ولا ناسينه كالعادة ، فضلت اجرى واقول بصوت عالى انا مبخااافش ، احماااد مابيخااافش ، واجرى اكتر واكتر لحد ما اتكعبلت فى طوبة ومن الطوبة وقعت فى حفرة كبيرة وغالباً دة قبر ..
ومن ساعتها محدش سأل على أحمد ولا حد عرف عنوان أحمد ..
وعلى فكرة انا مش أحمد .. انا ربيع عبد الفتاح.

"انتظرونى كل خميس من كل اسبوع الساعة 12 بالليل فى قصة رعب جديدة ، فوت لو عجبتكم".

مجموعه قصص رعب(عالم أحمد طارق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن