١٠

7.3K 279 3
                                    

لم يكن ثمة ما تندم عليه من قرارها بالابتعاد عنه ولكن فوارق الألم قد شقت طريقها إلى القلب بقسوة ..صعدت إلى منزلها البسيط في السطوح الذي تفاجئت قليلا كيف اتت إليه ؟ فكانت الاجابة الحتمية أنها شردت مسافة الطريق بأكمله وتواتر على مرآها مجرى الطريق دون أن تتذوق عيناها الرؤى والتفحص ، حتى عندما اتت إلى هنا بخطا قدماها التي اعتادت الطريق تلقائيا ...اتت..
تعجبت الأم التي همت منذ قليلا بتنظيف المكان حتى راقبت ابنتها وهي تدلف وقد انتهجت ملامحها العبوس ..اقتربت متساءلة  بقلق وهي تلقي مكنسة التنظيف من يدها :-
_ حصل إيه يا فاطمة ؟ رجعتي بدري ليه ؟
ران الصمت لدقيقة حتى نظرت فاطمة بتيهة إليها ثم قالت ببطء  وحاولت أن تتماسك من صراخ قلبها :-
_ سيبت الشغل
عقدت الام حاجبيها بشك ودب القلق بعيناها واعادت التساؤل مرة أخرى :-
_ اكيد حصل حاجة !
لمعت عين فاطمة بدمعة كادت أن  تسرق قوتها وتسري على وجنتيها :-
_ لأ ، بس اتخنقت من زعيق صاحبة الشغل ومعاملتها معايا ...
تعمقت نعيمة بعين ابنتها حتى تسبر أغوارها ولكن لم يكن من بد من تهرب فاطمة من الافصاح عن السبب الحقيقي ...قالت الام وهي ترجي راحة ابنتها ثم استدراجها بالحديث لاحقا :-
_ ما تزعليش ، في ستين داهية ، هتلاقي احسن منه ولا حتى ما تلاقيش مش مهم ،  انا لقيت شغلانة ليا على ما ربنا يفرجها والاقي احسن ....هروح مع الجارة اللي في البيت اللي جنبنا انضف شقق وهاخد في اليوم ١٠٠ جنيه

اتسعت عين فاطمة بغضب واعتراض ثم قالت :-
_ لأ ، مستحيل اخليكي تعملي كدا ، الشغل مش عيب بس بناقص بهدلة بقى وكفاية عليكي كدا ...
رفضت فاطمة ان تعمل امها بهذا العمل ولكن لم تستطع الافصاح عن ذلك حتى لا تجرحها أكثر ..
التزمت نعيمة الصمت فلا داعي للاستمرار في هذا الحديث الذي لن تجدي منه غير الرفض من الجميع ...
عادت إلى تنظيف المنزل واندست فاطمة خلف الستارة البالية حتى تبدل ملابسها ثم جففت عيناها التي استغلت العزلة وغمرت وجنتيها بالدموع الذي لم تكن تظرفها ولو لدقيقة لمجرد ترك عمل بائس كهذا ! ...بل هناك ترك آخر جعلها تتألم هكذا ..ولا حيلة في زمام ما يريده القلب

__________________________أذكروا الله

عكر صفو هدوء مكتب إسلام صوت هاتفه الخاص الذي اعلن عن رقم قلما كان يتصل به حتى تلقى إسلام الاتصال بعصبية وهتف وهو يترقب الباب بحذر :-
_ بتتصل بيا ليه دلوقتي يا غبي ، مش لينا مواعيد بنتكلم فيها  !؟
اجاب حداد بنبرة انفعالية لم يكن ليجرؤ سابقا أن يتحدث بها مع إسلام حتى قال بحقد :-
_ كان لازم اتصل بيك عشان في اخبار مهمة لازم تعرفها
ضيق إسلام عينيه بقلق ثم قال :-
_ قول اللي عندك بسرعة

جلس حداد على احد الصناديق الخشبية السميكة في غرفة تملؤها القمامة وزجاجات الخمر  الفارغة الملقاة على الأرض بإهمال ثم سرد :-
_ انا عرفت مين اللي بيوصل لفهد الاخبار ..مش هتصدق يا اسلام بيه ! ...مصطفى الطبال وبنته
ظهر الاستفهام بعين اسلام وقال :-
_ مين دول ؟!!
اجابه حداد بتوضيح سريع حتى تذكر إسلام تلك الفتاة واباها التي اتوا مع حداد منذ أيام ...
رد إسلام بتهكم :-
_ طب ودي عايزة سؤال ! ،مش هيبقوا احسن من مرزوق يعني !
امتقع وجه حداد بشراسة ثم قال :-
_ لأ يا اسلام ، البت تلزمني ، وانا هعرف هتعامل معاهم أزاي ومش هيفتحوا بقوهم بحرف واحد ..
جز إسلام على اسنانه بعصبية ثم هتفت :-
_ انا مش هكرر كلامي ، واللي بقوله يتنفذ ، بس انت عرفت منين واتأكدت أزاي انهم اللي بيوصلوله الاخبار ؟!
اجاب حداد وقد تذكر ليلة أمس عندما أرسل من يراقب فهد في منزله حتى يتحرك هو  بحرية دون قلق بأن يتم القبض عليه ملثما حدث قبلا :-
_ عشان أعرف اوصل لرجالتي كان لازم اراقبه الأول عشان ما يغفلنيش زي المرة اللي فاتت ، والبت وابوها كانوا هناك في بيته وكان في فرح بس مش عارف لمين ، واللي عرفته انها كانت على متزوقة اظن ده كفاية عشان اتأكد وكل  اللي اتعمل في القسم ده كان حوار مش اكتر ...

وحوش لا تعشق..الجزء الثاني من لياليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن