٣٦

5.5K 226 6
                                    

لم يكن من خيار آخر لإنهاء الحفل الذي انتهى بمأساة للأشقاء وبدأ آدم يستقبل التهاني المودعة من ضيوفه واحدا تلو الآخر بابتسامة رسمية لا تشير إلى ما بداخله من مقت وضجيج حانق يسارع حتى يختلي بوالديه كي يشرح لهم الحقيقة كاملة ويعود رباط الأسرة مرةً أخرى ....

صعدت ليالي مباشرة إلى غرفة ابنتها مريم بعد أن اخبرتها كريمة بصعودها منذ دقائق ليست ببعيدة ....فصعدت ولحقها عمر بالأعلى ....
دلفت ليالي للغرفة ووقفت تتأمل مريم الذي كان شحوب وجهها موضع ذهول لليالي وهي من ظنت عكس ذلك فقالت بخفوف عندما لمحت دموعها :-
_ مريم !!
رفعت مريم رأسها بصدمة وهي من تمنت أن ترتمي بين ذراعي أمها الآن لكي تحتمي بأمانها من هذا الحزن الذي يسفك دماء قلبها بلا رحمة ...ظنت أنها تحلم ريثما نظرت لها وتأكدت أن وجودها حقيقة لا شك فيه ...هبت واقفة وبقدر سرعتها ذهبت اليها واجهشت ببكاء عاصف وقالت :-
_ انا مش مصدقة انك جيتي يا ماما .... يارب ما اكنش بحلم
ربتت ليالي على كتفيها بحنان ثم دلفت لداخل الغرفة وقالت بقلق :-
_ لا يا روحي انا هنا ...بس قوليلي بتعيطي كدا ليه ؟!
قطع الحديث وجود عمر فرمقهم بقلق ثم تحدث بتساءل :-
_ في ايه ؟!
نظرت مريم لأباها بألم حتى اقترب منها عمر ومرر يده على شعرها بحنو أبوي وتابع :-
_ مالك يا مريم بتعيطي كدا ليه ؟! .....انتي شوفتي اللي حصل في الجنينة ؟!
رغم تعجب من نهاية السؤال ولكن هزت رأسها نفيا وقالت مشيرة للاجندة بيدها وقالت :-
_ لأ ما شوفتش حاجة ، أقرأ الاجندة دي كدا واتأكد أن ده خط آدم ....
تطلعت ليالي بتوتر وقالت :-
_ فيها ايه الاجندة وخط ايه ؟!
أخذ عمر منها الاجندة وبدأ يفحصها بعيناه حتى صدم
________________________صلّ على الحبيب

وبعد آخر ضيف ذهب صعد آدم سريعا للأعلى ولم يجد ابواه في غرفتهم فذهب لغرفته سريعا .....
دلف ليجد أزواج من العيون تحملق فيه بحدة وما ظنه ما حدث ولكن ظن أنه يخص شقيقه فهد فقال معاتبا :-
_ أمي ، انا زعلان منك جدا انتي عمرك ما كنتي كدا ، بس بردو مقدر موقفك وهعذرك بس ارجوكي اديني فرصة افهمك بهدوء ..... واللي هقوله ده مش تهديد مني لكن لو فهد ما رجعش هو ومراته للڤيلا انا همشي ومريم كمان هتيجي معايا احنا اتفقنا على كدا ...مش هنسيب فهد
وقال بتساءل ليثبت صدق حديثه :-
_ صح يا مريم ؟
كاد عمر أن يجيب بغضب ولكنه صمت وهو يرى ابنته تنهض ببطء ودموعها التي لم تتوقف حتى وقفت أمام آدم مباشرة واجابت وهي تضع بيده دبلة وخاتم زواجهم :-
_ طلقني

جحظت عين آدم بذهول وكأن الزمن توقف عند كلمتها هذه بصدى يتردد داخل آذناه بترنيمة مرعبة ....غمغم بصدمة :-
_ بتقولي ..ايه ؟!
بلعت ريقها المر بصعوبة وكلمتها تشق قلبها قبل أن تخرج من شفتيها فكررت :-
_ طلقني ..... أنت مش رديت الجميل واتجوزتني .... وجيت على نفسك وانت بتحب واحدة تانية عشان ترد الجميل لأهلي ....دلوقتي بس فهمت ... فهمت اد ايه كنت ابتلاء في حياتك ....فهمت أنت شايفين أزاي يا آدم ....
شهقت ببكاء ثم قالت :-
_ انا وجودي في البيت ده من يوم ما اتولدت كان مصدر حزن للجميع ... ماكنتش حاسة اد ايه انا عبئ عليكم كلكم ... بابا وماما وافقوا على جوازي منك بسبب عرجي وأن محدش هيستحملني غيرك .....وانت وافقت عشان ترد الجميل .... وفهد كان دايما بيجي عليا عشانك ...وتيته ماتت يوم ما اتولدت كمان ..... انا ما كرهتش نفسي اد النهاردة ..
انتفضت ليالي من البكاء الصامت ونهضت سريعا وقالت معترضة :-
_ لا يا مريم ده انتي روحي ... الهواء اللي بتنفسه ..اوعي تقولي كدا تاني
تحرك عمر بغضب لم يشعر به منذ سنوات وأخذ ابنته لصدره بضمة قوية تبث لها الآمان والمحبة وقال :-
_ ما اسمعش منك الكلام ده تاني ، انا ما حبتش حد في حياتي ادك انتي ...
ونظر لآدم بعنف وقال :-
_ انا امنتك عليها بس ما صونتش الامانة ...أول مرة يا آدم اصدق أنك طالع لأبوك هشام
صعق آدم واختلجت عيناه عبرات لم تنزف بعد حتى قال بصدمة :-
_ انا مش فاهم حاجة !!
أخذت ليالي الاجندة وأشارت له بها وقالت :-
_ مش ده خطك وده كلامك ....انا عارفة خطك كويس أوي ما تحاولش تنكر .... انا ممكن اسكتلك على أي حاجة إلا مريم ...
ضيق نظرته بألم وهو يستمع أو بالاصح يشعر بمرارة قسوتهم حتى أخذ الاجندة واتسعت عيناه بذهول .... بحث عنها كثيرا ظنا منه انها بمكتبه ولم يجدها فكيف أتت إلى هنا !! ...... راقبت مريم نظراته وتأملت منه الدفاع ..أن يقل لا .....أن يستند بحبه لها ولكنه لم يفعل فقالت متساءلة :-
_ انت اللي كتبت الكلام ده صح ؟
بلع غصة بحلقه ولعن كذبه ذلك اليوم الذي ادى به لتلك العاصفة فقال بصدق :-
_ اه
ابرح رده قلبها ضربا حتى عادت لصدر ابيها وكأنها تحتمي من قسوة زوجه بحنان ابيها ......
الصمت حل بمحل الحديث حتى تبين ذنبه أمامهم فهتف عمر بصرامة وحدة لم يعدها آدم منه :-
_ طلق بنتي ....وده اقل شيء اقدر ارجعلها بيه كرامتها ، بنتي لا هي قليلة ولا كانت بدل تربيتي فيك عشان تفكر ترد الجميل بيها ..... لو كان عندي شك ١٪ أنك بتفكر كدا عمري ما كنت هسمحلك تتجوزها وزي ما جوزتهالك هطلقها منك .....
رد آدم بقوة وقد بدأ الغضب يتأكله من هذا الظلم :-
_ لا مش هطلقها ، مريم مراتي وهتفضل مراتي
ضيق عمر عيناه بشراسة وقد بدأت ليالي تقلق حقا من غضبه حتى جذبته من يداه عندما ترك مريم واتجه لادم بنظرة عنيفة وقالت :-
_ لا يا عمر ، ان كان هو ما صانش الامانة مانعملش زيه احنا ....
فهم آدم بمرارة مقصد ليالي ولأول مرة تفر الدموع من عيناه وقال بألم وحزن شديد :-
_ ربنا عالم انا صونت الامانة ولا لأ ، ربنا عالم بكل اللي جوايا .... كنت عارف أن اليوم ده هيجي ، اللي هتحسسوني فيه أني يتيم ...ماكنتش عايز اتعشم بحنيتكوا عليا ..... الكلام ده انا كتبته فعلا ...كتبته قبل الجواز لأني كنت خايف عليها مني .....انا لا بحب واحدة تانية ولا أي حاجة .....كنت ناوي اسيبلها الجواب ده قبل الجواز عشان تبقى حجة مقنعة ونسيب بعض لكن ده مش حقيقة ....ومع ذلك نسيت كل حاجة وسيبت كل حاجة وجيت ..انا حتى نسيت انا كتبت ايه وجيت لأني ما قدرتش ابعد عنها ....... محدش عارف انا عشت ازاي طول السنين اللي فاتت دي وانا حاسس أني ابن حرام .... أني دمي حرام ..... وجع غرقان فيه لسنين ومحدش حاسس بيا ..هل كان سهل عليا وانا طفل عنده ١١ سنة أن يعرف انه ابن حرام ...وأن اللي كبر معاهم على انهم اهله ماطلعوش كدا ..... ماكنتش عايزاها معايا وانا موجوع لأني هوجعها .... بس خلاص طالما دي رغبتكوا

وحوش لا تعشق..الجزء الثاني من لياليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن