٤

8.4K 257 3
                                    


رفات الأمل تداعب اهدابها ...ونسائم الخريف حولها ..
وبر الليل يهدد دفء القلب لشتاء العشق الأتي

لم تكترث لأمر قدميها فقلبها من يقودها للخارج ، وللغرابة لم تدرك ذلك بعد ..رفرفت النسمات الليلية على بشرتها البيضاء الذي ناقضت ظلام الليل ليصيح طائر الكروان بنغمة صوته العذب لبدء استقبال عاصفة اتية من بلاد العشاق ... تهدد قلبها البريء

التفتت  حولها تبحث عنه بعيناها وللدهشة لم تجده ، عقدت حاجبيها في ضيق وتساءل ، فهل أرسلها إلى هنا ليسخر منها  هكذا ؟! .....أمامها اشجار الحديقة العالية الذي يندلع الظلام بين قسماتها ...أرادت أن تستند على واحدة منهم لتهدأ قليلاً أو شعور غريب يقودها لهذه الخطوات ..
خطت بضع خطوات وتعجبت من نفسها ....فهي تبحث عنه برغم الظلام الملفوف كالثعبان حولها إلا بارقة ضياء القمر والانوار البعيدة قليلا للفيلا ...
استندت بظهرها على الشجرة وهي تتنهد بضيق ، ثم قالت بدون وعي منها بأنه أقرب إليها من الظلام ..
_ أنت فين يا آدم ؟
وكأنه وجد من العدم ،ظهر أمامها بعيناه الزيتونية القاتمة بشكل ساحر ومالت على نصفه وجهه آنوار الڤيلا البعيدة حتى تسمرت هي كالجليد وتبلدت... اسند يداه بجانب وجهها على جسد الشجر الضخمة التي حجبت رؤيتهم لأي طرف ثالث ...
لم يخطط لذلك بل حدث هذا بالصدفة ،فهو أراد استنشاق بعض الهواء النقي حتى يتمالك اعصابه قبل أن يراها ويعنفها ولكن الآن لمع بعيناه شيء آخر ....
قال بتعابير وجه غامضة وحادة ولكن بها سمة الترجي :-
_ مريم
تنفست بصعوبة قبل أن تجيبه :-
_ نعم
انتظر قليلا وهو ينظر لها وتتحدث عيناه عما عجز هو عن قوله ...أردف بنبرة أقرب إلى الهمس :-
_ ما توافقيش على آنس ...
تابع وقد أزاد الدفء بنبرته :-
_ خليكي معايا
انتفضت بعد أن قال جملته بهذا الشكل وبدأ صوته كالفحيح ، احمرت وجنتيها بخجل شديد وسخر منها تمردها السابق ....الح بعقلها هذا السؤال ولم تعي أنه مرسول من قلبها :-
_ ل...ليه ؟
اغمض عينيه بقوة وهو يأخذ نفسه بعمق وما أراده ليس من حقه ولكن تمالك اعصابه   ثم ظهرت لمعة عينيه بضي عميق أكبر من حكمتها للتعرف عليه ...ابتعدت عنه على استحياء ثم اتجهت للداخل دون أن تجيبه ....

ارتسمت البسمة الخجولة على محياها وهي تدلف للداخل مرة أخرى واستقبلتها ابتسامة آنس الذي يبدو أنه تأفف من الانتظار ....
جلست أمامه بعد أن قررت ماذا ستفعل ،فهي بجميع الاحتمالات لن توافق على هذا الأنس ابداً...
لم ينتظر انس وبدأ الحديث مجددا بشرح ظروف عمله وقال :-
_ احنا مش هنقعد في امريكا غير سنتين بس ، انا قولت كدا لاستاذ آدم ، بس عشان اخد الترقية بتاعتي وأرجع تاني مصر ....
لاحت ابتسامتها المرحة على وجهها ،فآدم لم يذكر أمر تلك السنتين بل بدا الامر وكأن انس سيمكث بالخارج طيلة عمره ...
أردفت قائلة صراحةً :-
_ عشان اكون صريحة معاك يا استاذ أنس ، انا لسه صغيرة على الجواز ! انا عندي ١٩ سنة ، وكمان انا دايما كنت بعتبرك زي أخويا ، ويمكن لو ماكنتش أعرفك من واحنا صغيرين والفكرة دي كبرت معايا كنت فكرت لأنك انسان محترم جدا وبنات كتير تتمناك ...لكن انا ...
قاطعها أنس بفظاظة :-
_ انتي بتحبي آدم ..مش كدا ؟
حملقت فيه بصدمة ،وندمت انها كانت تتحدث مراعية شعور هذا الوقح ...اجابته بغضب :-
_ ما سيبتنيش اكمل ، انا كنت عايزة اقول ..
قاطعها مرة أخرى بنظرة غاضبة :-
_ انك بتحبي آدم ..ما تكذبيش !!
ضيقت عيناها عليه بحدة ثم هتفت :-
_ أنت مش طبيعي  ، لأن ده شيء ما يخصكش اصلا ولا ليك انك تسألني فيه ، وكمان لما انت عارف كدا جاي تتقدم ليييه ؟!!
نهض أنس من مقعده  بعصبية واقترب منها بشكل مريب حتى وقفت هي بسرعة لم تتعود عليها مما جعلها تتأوه من قدميها ....قال أنس بحدة :-
_ عشان هو عايز يمتلكك بس ،لكن مش بيحبك ، يا مريم انا ....
لم يكمل جملته حتى جرّه آدم بشكل غاضب  وهتف:-
_ لو والدك ووالدتك ناس تانية وكمان مش موجودين برا كان هيبقى ليا تصرف تاني ، اطلع برا دلوقتي عشان ماتهورش عليك ...
حاول أنس التملص من قبضة آدم ،  وهتف به  آدم بتحذير عنيف :-
_ مريم مش هتتجوز حد غيري ، واللي هيقربلها هيبقى آخر يوم في عمره 
لأول مرة تراه يتحدث عنها هكذا مما جعل طيف ابتسامة ترفرف على قسمات وجهها الذي هجر منه الخوف ثم ابتعد أنس بنظرة غريبة لمريم وقال :-
_ هتندمي يا مريم ......هتندمي

وحوش لا تعشق..الجزء الثاني من لياليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن