٣١

5.5K 236 1
                                    


جلست على فراشها واستقبلت زخات الغضب التي تتراقص أمام عيناها .... حتى بدأت تقطم أظافرها بعصبية ...لمن ذهب ؟ ....هل هي ؟! .... وكلما تذكرت تلك الكلمات تشعر ببراكين ملتهبة بقلبها ....كلماتٍ تعني أنها ليست المرة الأولى .....ماذا بينهم لتكتب فتاة هذه الكلمات بتلك الجرأة ؟! ..... بإنفرادية ! .....مرت هبات شيطانية بفكرها وكل الاحتمالات اصبحت محتملة الحدوث ....

ركضت الهرة بجانبها حتى اخذتها مريم وضمتها وبدأت تبكي بصمت ....قالت بعد برهة بضيق الكلمات بحلقها :-
_ لأ مش معقول آدم يعمل كدا ....هو عصبي آه بس محترم ..مستحيل يعمل كدا ويعصي ربنا ....مش هصدق غير لو شوفت بعنيا ....ممكن تكون الحقيرة اللي اسمها ندى هي اللي عايزة تشككني فيه !! ....

مرح لا يخفيه عيناه مع بعض القلق عليها ...فيعلم أن صغيرته لازالت طفلة متذمرة ....لا زالت زهرة مقبلة على النضج ... زهرة تحيطاها اغصان عشقه ومن يقترب ....سيتسمم بشوك شراسته .....
مر وقت طويل قبل أن يصعد لغرفته حتى تردد قليلا وهو على اعتاب الحجرة ولكن حيرته لم تمنعه من رؤيتها حتى دلف ببطء ونظراته تخترق وجهها النائم بجفون منتفخة من البكاء ....وكم حسد تلك الدموع الذي غفت على بشرتها براحة وتربعت بين مسامها .... اقترب حتى وقف بالقرب وتفحص وجهها جيداً ......ابتسم وهو يربت على رأسها بحنو جازف بدفئه .... قبّل رأسها وفحيح ابتسامته تغلغل بسمعها اليقظ .....وغفوتها الخادعة .....تلصصت النظر وهي تراه يتجه للشرفة ويقف متأملا بالسماء وعرض منكبيه احجب الرؤية عن ما أمامه .....تخللت انفاسه المتنهدة سمعها وكم شعرت بالحيرة من هذا الرجل ....كيف يفكر ومن هي .......حبيبته ؟!

كانت عيناه تناشد السماء كي ييسر له الطريق لقلبها ...لقلب يعشقه ...واتاحت حقه كزوج ميسرة ولكن هناك أشياء لا يقبلها ....كبريائه يآبئ الآخذ بالقوة .... الرضاء والحب أولا ثم كل شيء بعد ذلك .....
وما شعر بأفضل من هذا القول ....
_ يارب
قطبت مريم حاجبيها ودائما ذكر الله يطمئن القلوب ..فأطمئنت 💙
ابتسمت مرددة هذه الكلمة والمناجاة حتى تفاجئت بإبتسامتها التي سبقها رحمة ربنية تطمئنها إتجاهه ....استشعرت اجابة الدعاء ....
ودقائق مرت براحة وسكون حتى شعرت به يخلد بجانبها وربت مرة أخرى على رأسها بدفء ولم تغفو عيناه عن رؤيتها ...... ارتجفت عندما بدأ يرتل آيات الذكر الحكيم وهو يرقيها ثم تلاه آذكار كي تهدأ ....وكأنه ناشد بالسكينة فسكن القلب وتغنى .... ومالت رأسها على صدره بأمر يداه ثم ثبتت أنفاسه وذهب في سُباتٍ عميق في غفوة وابتسمت جفونه للأحلام ........

تظاهرت بالنوم رغم ارتباكها ولكن اغلقت جفونها بابتسامة وقالت بداخلها :-
_ لأ اكيد في حاجة غلط مش معقول آدم يعمل كدا 😊
_______________________صلّ على  النبي الحبيب

بعد أن اشغلت فاطمة وصلة حرارة الهاتف انتظرت طويلا مكالمته ولكنه لم يفعل مما جعلها تضيق من الحزن ...
وسكرات الحلم الجميع بدأت تودعها .....
                        ***********
صباحاً ...وقد وافق يوم الجمعة .....
استيقظت فاطمة على صوت الهاتف لتطوف ابتسامة على وجهها وهي تركض إليه ظنا منها أنه فهد ولكن تفاجئت بصوت ...سهى ....
هتفت سهى :-
_ بتصل بيكي من امبارح والتليفون مغلق !!
عقدت فاطمة حاجبيها بضيق وتعجب فقالت :-
_ كنت شايلة الفيشة منه ....في حاجة ولا ايه يا سهى ؟
لانت نبرة سهى واجابت :-
_ ما تقلقيش مافيش حاجة ....الكارنيه بتاعك وقع منك امبارح ..وللاسف ماعرفتش اجيلك عشان بابا جه امبارح من السفر وهيقعد معانا النهاردة وهيسافر تاني بكرا بليل ....
شعرت فاطمة ببعض نفاذ الصبر ولكن تحدثت بلطف :-
_ ربنا يسلمه يارب ..يروح ويجي بالسلامة ....انا ما خدتش بالي أن الكارنية وقع خالص !! ....اكيد سيبت الشنطة مفتوحة وانا بدخل الاجندة بتاعتي
سهى :-
_ الله يسلمك ياقلبي ....بصي انا مش هعرف أجي الكلية بكرا واصلا ما عندناش غير سيكشن واحد ....فالاحسن نتقابل وتاخدي الكارنيه النهاردة .....
قالت فاطمة بضيق وتذكرت فهد وانتظارها لمكالمته :-
_ مش هينفع اسيب البيت وأخرج ...
صمتت سهى لبرهة وقد أشار لها جاسر الذي كان يستمع للمكالمة حتى قالت سهى بعد أن فهمت اشارته :-
_ خلاص قوليلي عنوانك وهاجيلك ادهولك بسرعة وامشي
املتها فاطمة العنوان ثم انتهى الاتصال .....

وحوش لا تعشق..الجزء الثاني من لياليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن