الجزء 16 قسم 1

1.5K 47 2
                                    

الجزء السادس عشر ( قسم 1) رواية ( عن ضلع اوجع):

يا الله ...

انا ساقط من الدنيا ...

يا الله انا اتألم بكل اعماق الأرض وسبعايتها ورواسيها ...

انا يا الله اتألم ...

ارغب بشدة ان اعود الى ذاتي .. ان اكون آدمي .. آدمي الذي دعاك كثيرا" وبكاك رجاء"...

يظنون اني سعيدا" كثيرا" وانا انتزعك من فطرتي واسعى بدون إله .. يظنون اني انتصر واختصر مسافات الدنيا لأعبث وانا بكامل عفويتي ماحيا" عقابك وثوابك !!!!...

لا يدركون اني اتألم للفكرة ... احترق بدونك ... اتساقط جريمة وعقابا" وذنوبا" وحيدا" بلا منطق يخفف حدة ما بي ... بلا سماء" انظر اليها طامحا" راغبا" في عفوك وانا اثق تماما" ان هناك من يسمعني ..

يا الله .... ان كنت تسمعني اترك علامتك ...
يا الله ان كنت تسمعني ... اترك لي علامة !
يا الله ... يا الله .....
لا كفرا" يريحني ولا نعيما" مس قلبي !...
اخاف ان اخرج ما بقلبي لحدا" فأخرج عن ملكوتك كليا" وانت حقيقة حقيقة حقيقة ...
واخاف ان اتبع فطرة نشأتها فأتوه جوعا" واغفالا" ...

يا الله ...

اتوقف اليوم اتابع تلك الصفوف البيضاء وقلبي ينزف ، لم ادرك طيلة سنواتي التي رشدت انني يوما" سأدفن طفلا" لم ينضج ، لم ادرك ان صديقي سيركد وحيدا" بتلك الحفرة الباردة لدودا" يلتهمه ، رحل عمرو وبقيت اراقب جسده يلتف بالبياض ليزف لعالم آخر ، اشعر ان قلبي قد ثقل وعيناي تجردت ... تلك الروح التي نطقت بداخلي كوميضا" يشتعل وينطفأ ....... بحثت عنك يا الله في رحمة حولي وحينها لم اجدك !..

كنت ذلك الآدم التائه المتروع فزعا" المختنق فقدانا"، كدت افقد صوابي وانا اراقب بعينان جائعتان صديقي يسقط بين دعائك واسمك الى الحفرة باستسلام !!...
مات عمرو ...
مات وبقيت اراقب تلك الحقيقة منتظرا" ......
منتظرا" ان اجدك ... اردت بشدة ان اجدك ... طرفت كثيرا" وانا اراقب ملائكة رحمتك حولي ولكني لم اجد سوى جثثا" اخرى تدعوا برحمتك لجثة فعليه .!!.. ، شهقات والدته ذبحتني ونواحها حطمني ...
كنت اقف متجمدا" اشاهد التراب ينثر وعمرو يغيب .. يغيب ... يغيب اسفله ويردم !

يا الله ..... انا ... انا ابكي ... اتألم ... اموت حياة

يا الله ... لما ترحمه ؟...... يا الله .. اتسمعني ؟
يا الله ....
يا الله ..
امسك آدم يده العاجزة ليتحسسها وهو ينظر بضياع نحو قبر عمرو بين الهواء البارد وعتمة الليل ، شرودا" اكل قلبه وهو ينظر نحو وحشة المكان ووحدته وسط نباح الكلاب وصمت الموتى المخيف ...

تأمل الهيكل الأبيض الصغير الذي يصعد فوق اكتاف الحفرة الساكنة ويتساءل أعمرو يتألم وحده بالأسفل ؟؟... اجسده تلاشى وتآكل تماما" ولم يبقى منه سوا العظام المنكسرة !!...
سقطت دمعة عن عيناه بمرارة وهو ينظر للقبر بشرود ويضربه الهواء بينما يتحسس ذراعه بضياع ، الما" يتسيقظ يا عمرو ولا يموت ... لا نسيانا" يأتي ولا ساعات تمضي ...
جميعهم عبروك ... جميعا" عبروا احزانهم وتضائلت كما اخبروني !..

رواية (عن ضلع أوجع  1 ) د.رانيا أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن