الجزء 11

1.9K 57 5
                                    


الجزء الحادي عشر رواية ( عن ضلع اوجع ):


توقف خلف النافذة ليدخن سيجارته بغرور وهو يتابع بيضاء الثلج التي تقف تحت المطر بتجمد ، شيئا" ما اهتز بجسد يزن نحوها بل بداخله وهو يراقبها لدقائق سابحة ببرودة وألم وضياع تحت المطر في صمت
يزن شعر بالصدمة والتعجب في آن واحد ليخرج سيجارته اخيراً" ويندفع عن عيادته نحو تلك الفتاة ، توقف يزن على الرصيف البارد ليدرك انه وصل متاخرا" بعد ان شاهد بيضاء ثلوجه تصعد لسيارة أجرة للمرة الثانية قبل ان تطأها يداه !!

نظر نحو سيارته لينطلق محلقا" خلف تلك السيارة متتبعا" سيرها البطيء المعتم لفترة ، تجاوز يزن سيارات عديدة ولكنه تعلق مليا" نحو تلك السيارة بعينها وتلك الأنثى بجلدها الأبيض ووجنتاها الحنونة الفرولية الناضجة ..

شاهد يزن سيارة الأجرة التي ترتصف بجوار رصيفا" للنيل لتترجل غفران بتجمد وبرودة وملامح مصطنعة الحياة متجهه الى الاسوار المرتفعة لتقف ... عقد حاجبيه بتعجب ليترجل هو الأخر عن سيارته ويسير نحوها ، توقف يزن خلف غفران ليشاهد عيناها التي تنظر الى مياه النيل الراكدة بالأسفل في ضياع مزقه عتابا"

يزن وهو يعقد حاجباه : انتي بتعملي هنا ايه ؟
واحشك النيل اوي يا حنينة ؟؟!

غفران ببرود وهي تنظر للأسفل بضياع بارد مقتول : بفكر ارمي نفسي فيه دلوقتي..

عقد يزن حاجباه بصدمة وهو يستمع كلمتها لتأتيه كلمتها الأخرى صافعة بقاياه: ياترى النيل هيبقى احن عليا منكم ؟

يزن بصدمة : غفران !!

شاهد يزن غفران التي ترتكز على السور بيديها الصغيرتين لتصعد قليلا" وهي تنظر الى الاسفل بجسدا" يستسلم على وشك ان يهوي لتطلق كلمتها ببحة باردة : خدني جثة

اندفع يزن نحوها ليشاهد جسد غفران الذي يندفع هو الآخر مرتكزا" على السور لتهوي ، حاوط يزن جسدها بذراعاه باندفاع لتهوي غفران الى الخلف بدلا" من السقوط الى الأسفل ...

تهاوت غفران ببرود وضياع فوق صدر يزن ليسقط كلاهما الى الارض الباردة امام انظار الناس وصدماتهم وتجمدهم ، لحظات مرت بين الصمت ...
لحظات تخطت الكون بين اجسادهم المرتمية بتجمد على الارض لتتجمد بعثراتها وجسدها الثابت بظهرها على صدر يزن ويداه التي تحيط بها خمدت قوى غفران وكأنها لم تكن واستسلمت يداها الثلجية بانفراد للموت لتدرك انها لم تهوي ولم تمت ...

طرفت بعيناها لتتحرك اناملها قليلا" وهي تستوعب ما يحدث ، قدراتها العقلية وعدستا عيناها تتجول حولها لتشاهد تجمع الناس حولهم واصواتهم التي لا تصل لإدراكها تزعجها !، طرفت بعيناها في ضياع وجمود وهي تشعر فقط بيدا يزن التي تزلقاها لينام جسدها ثم تشعر بشيئا" يلتقطها لتصعد عن الارض قليلا"

رواية (عن ضلع أوجع  1 ) د.رانيا أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن