أخذ جو هيون نفساً عميقاً ثم سألها إن كانت ستذهب حقاً إلى المتجر لتتسوق وعندما كانت إجابتها نعم قال بأنه سينتظرها ليوصلها بما أنها لا تعرف المكان. قبلت نارا على مضض فدخلت لتحضر حقيبتها ثم خرجت لتجده ينتظرها بالقرب من المصعد.
بينما كانا في المصعد قالت نارا باستغراب: ما الذي دفعك لتعرض عليّ أن توصلني؟
- لا شيء معين ... فنحن أقارب في نهاية المطاف وتركك تذهبين وحدك وأنت لا تعرفين المدينة سيكون سخيفاً جداً.
- حسناً سأصدق كلامك. ولكن ... أليس من المفترض أن تكون في عملك الآن؟
- كنت في تحقيق خارجي بالقرب من هنا.
- تحقيق خارجي؟! يبدو بأنك لست كفؤاً في عملك. تضيع وقت عملك هنا وهناك.
- يا... ماذا تعرفين عني وعن عملي لتقولي هذا؟ يلقبونني بالمدعي العام الشبح لسرعتي في حل القضايا وكشف المجرمين بالأدلة.
- آه ... هذا واضح. هيا بنا.
خرج كلاهما من المصعد متوجهين نحو السيارة وفي طريقهما للمتجر استجمعت نارا شجاعتها وقررت أن تتحدث مع جو هيون بصراحة حول علاقتهما.
- أوبا ... لماذا أنت مصر على أن تظهر لي جانباً سيئاً منك، أعلم بأنك لست وغداً فلمَ تفعل هذا؟ ما الذي تحاول فعله بتصرفاتك هذه؟
- أنا ... لا أحاول فعل شيء أبداً.
- توقف من فضلك. أخبرني الحقيقة فقط. لماذا انفصلت عني بيوم وليلة؟ ما الذي اقترفته بحقك؟
- نحن لم نتواعد حتى ننفصل، كانت قبلة غبية ولحظة ضعف غبية في حالة الثمالة لا شيء آخر. عندما استيقظت في اليوم التالي أدركت بأن ما فعلناه كان سيئاً وتصرفاً غبياً جداً وقررت وضع الحدود بيننا كي لا نستمر بالانجرار وراء هذا الخطأ.
- تعبيرك لي عن مشاعرك كان خطأ؟ لم نكن ثملين حتى فلماذا تكذب؟
- نارا، لقد تربينا معاً كأخوة، وما فعلناه كان مقززاً جداً. كلما تذكرت ذلك أشعر بالسوء من نفسي.
- أخوة؟! لقد كنت تعاملني كفتاة بل كنت مميزة جداً بالنسبة لك وكنت أرى الحب في عينيك رغم أننا لم نعبر عن مشاعرنا لبعضنا البعض مطلقاً.
- هذا من محض خيالك، كنت أعاملك بلطف وأشفق عليك لا شيء آخر.
- تشفق علي؟! حسناً، فهمت. ما دمنا قد تحدثنا وانتهينا من الأمر الذي بقي عالقاً منذ سنوات لنوقف معاملة بعضنا البعض بشكل مستفز. لننسى ما حدث في تلك الليلة فنحن لم نعد مراهقين كما ترى.
- أجل بالطبع، تفكيرنا بتلك اللحظة العابرة أمر طفولي جداً. ليس وكأننا عشنا علاقة حقيقية.
- أجل بالطبع، فهي مجرد لحظة غبية كما قلت. سأحاول أن أتصرف أمام العائلة بشكل عادي كي لا يشكوا في الأمر وأرجو منك أن تفعل بالمثل.
- سيكون الأمر شاقاً بالنسبة لي ولكنني سأحاول. كلما رأيتك تذكرت ما حدث وأشعر بالسوء والغضب. أرجو ألا يكون مكوثك هنا مطولاً وأن تنهي القضية التي تحدثت عنها بسرعة.
- سأبذل ما بوسعي لأعود بسرعة فلا تقلق.
خرجت نارا من السيارة وبالكاد تمنع دموعها من النزول، في حين انطلق جو هيون بسيارته دون أن يلتفت لها حتى ولكن سرعان ما أوقف سيارته على جانب الطريق، وبدت على وجهه مشاعر الغضب الممزوجة بالألم. شرع يضرب المقود بيده بكل قوته وقد اجتمعت الدموع في عينيه. تنفس بعمق ثم أكمل قيادة السيارة متوجهاً لمبنى الادعاء.
" إلى متى سأتظاهر بأنها لا تهمني وبأنني أغضب من وجودها ومن رؤيتها حتى، إلى متى سأبقى أدفعها عني وأنا الذي لم أنسَها للحظة واحدة طوال الأعوام الماضية. ولكن ... عليها أن تعود من حيث أتت، لا يمكنها البقاء بقربي مطلقاً."
كانت نارا تتجول في المتجر وعقلها مشغول بما قاله جو هيون. تشعر بالألم والغضب وتكاد تنفجر بالبكاء. فجأة اصطدم بها شخص ما ثم اعتذر فأومأت برأسها وهمهمت قائلة:" لا عليك" دون أن تنظر لوجه الرجل. حاولت نارا أن تمسك بحزمة مناديل ورقية من الرف العلوي ولكنها أوقعتها ووقعت مع العديد من الأشياء الأخرى وإذا بها تضع يديها على رأسها وتنكمش على نفسها خائفة وإذا بالرجل نفسه يجعل من جسده درعاً لها، وبعد أن وقع كل شيء على الأرض وانتهى الأمر قال: لا بأس، أنت بخير الآن يمكنك النهوض.
شكرته نارا على مساعدته لها ثم قالت: يا إلهي، ماذا سأفعل بشأن هذه الأشياء التي وقعت؟!
- لا عليك سيقوم الموظفون بترتيبها من جديد ولكن إن كان هناك شيء تالف سيكون عليك تعويضهم بالطبع.
- أجل بالطبع سأفعل. شكراً لك على ما فعلته من أجلي ولكن ... هل تأذيت؟ هل أنت بخير؟
- أنا بخير، شكراً لك.
- دعنا نذهب إلى المستشفى ليتم فحصك. لقد وقعت الأشياء على رأسك وظهرك، أخشى أن تكون قد تأذيت.
- أنا حقاً بخير. شكراً لك.
- حسناً، هذه بطاقتي، يمكنك الاتصال بي إن شعرت بأي ألم. سأدفع تكاليف الفحوصات والعلاج بالكامل.
- كيم نارا، اسمك لطيف. أنت محامية؟
- أجل، شكراً لك.
- أنا المحقق وانغ سي جي.
- آه سررت بمعرفتك، على الرغم من أننا تعارفنا في موقف محرج.
- على العكس تماماً، كانت فرصة سعيدة بالنسبة لي. سأتصل بك قريباً لتعوضيني عما حدث.
- أجل بالطبع. أرجو ألا تكون قد تأذيت بشدة.
- الأمر ليس كذلك. في الحقيقة يمكنك أن تعوضيني بفنجان قهوة، ما رأيك؟ (قالها بعد أن ضحك وابتسم بلطف)
- حسناً، لا بأس بذلك.
ابتسم سي جي ومضى في طريقه في حين بقيت نارا تحدق به مبتسمة وبعد لحظات أبعدت ناظرها عنه وقالت: يبدو لطيفاً، على العكس من وغد آخر أعرفه. حسناً سيكون من الجيد مقابلته مرة أخرى.
أكملت نارا التسوق ثم عادت للشقة وقالت في ذهنها وهي تمر من أمام شقة شي هيون: " هل يمكنك القدوم لمساعدتي في ترتيب هذه الأشياء؟ لقد اشتريت لك شيئاً لذيذاً."
كان شي هيون يجلس على الأريكة ويكتب في روايته عندما سمع هذا فقال متذمراً: ماذا؟ شيئاً لذيذاً؟! تتحدث معي وكأنني لا زلت طفلاً صغيراً.
فتح شي هيون باب الشقة ليجدها تقوم بفتح باب شقتها فاقترب وحمل الأكياس وأدخلهم للشقة وتبعته مبتسمة وما أن وضع الأكياس في المطبخ داعبت شعره بيدها وهي تبتسم قائلة: يا لك من لطيف. ليت جميع الرجال في حياتي لطفاء مثلك أنت والشخص الذي قابلته اليوم في المتجر.
نظر لها شي هيون بجدية وقال: من يكون هذا؟
روت له نارا ما حدث وهما يرتبان ما أحضرته ثم علقت قائلة: لقد كان المشهد كما في المسلسلات الرومانسية، يظهر البطل فجأة ويحمي البطلة.
- يبدو بأنه أثار إعجابك بالفعل.
- يمكنني قول هذا. لا أنكر فقد وسيماً وطويلاً وابتسامته من النوع المفضل لدي.
- وما هي هذه الابتسامة يا ترى؟! (قالها بنبرة متهكمة)
- تشبه ابتسامتك، لطيفة وقاتلة حتى الجنون.
- إذاً يمكنك أن تعجبي بي وحسب، على الأقل نحن نعرف بعضنا منذ سنوات ولم أظهر في حياتك فجأة مثله.
- أيها الشقي الصغير. هيا أحضر ذلك الكيس لنرتب ما فيه.
- ماذا؟ هل ستذهبين حقاً لشرب فنجان قهوة برفقته؟ ماذا لو كان محتالاً؟! ماذا لو كان يضمر السوء.
- إنه محقق، كما أنني سأشرب معه القهوة، لم أقل بأنني سأواعده.
- ماذا لو أثار إعجابك أكثر؟ ماذا لو كان طلب منك هذا لأنه أعجب بك من النظرة الأولى كما يقولون وطلب مواعدتك، ماذا ستفعلين حينها؟
- سأفكر بالأمر عندئذ.
- ماذا؟! ولكنك قلت بأنك ستعودين للولايات المتحدة فور انتهائك من القضية.
- وماذا في ذلك، أود تجربة مواعدة رجل كوري لمرة على الأقل في حياتي.
- وكأنك لم تفعليها من قبل. (قالها متهكماً)
- يا... وهل ما حدث بيني وبين أخاك الوغد يعد مواعدة. آه لا تذكرني حتى لا أغضب مجدداً.
ابتسم شي هيون وقال: هل تحدثتما بعد خروجكما من هنا؟
تنهدت نارا وقالت: تحدثنا ولكن كأننا لم نتحدث. يقول بأن رؤيته لي تذكره بأن ما مررنا به كان مجرد لحظة غباء واندفاع لأنني بمثابة أخته الصغرى وهذا يشعره بالسوء من نفسه.
نظر لها شي هيون وقال: هل تصدقين هذا؟ أهذا كان كل ما في جعبته لتبرير انفصالكما؟!
أومأت نارا برأسها إيجاباً وقد بدا عليها الإحباط فأردف شي هيون قائلاً: إن كان هذا كل ما تبقى لديه من مشاعر تجاهك ماذا عنك؟
نظرت له نارا بخبث وقالت: أنت تسألني بهذه النبرة لتقرأ أفكاري. لا تتعب نفسك فأنا لا أعلم ما أشعر به تجاهه ... كل ما أشعر به تجاهه هو الحيرة والغضب، لا شيء آخر.
رد شي هيون: على الأقل لا تعانين من عذاب الحب من طرف واحد.
نظرت له نارا بتعجب وقالت باستنكار: ماذا؟ بالطبع لا، لا أحد على هذه الأرض يستحق أن أحبه وهو لم يفعل من أجلي أي شيء ولا يبادلني المشاعر ذاتها.
نظر لها شي هيون وابتسم قائلاً: فتاة جيدة. أحسنت نونا.
وضع شي هيون يده على رأسها وابتسم بطلف وهو يعبث بخصلات شعرها فحدقت به نارا وقالت: أيها الشقي، لماذا أصبحت وسيماً لهذه الدرجة؟ على ما أذكر هناك حديث بيننا لم نكمله، أليس كذلك؟
ضم شي هيون شفتيه وبدأ يعود أدراجه للخلف ثم فر راكضاً نحو باب الشقة ولكنها أسرعت وأمسكت به ودفعته نحو الحائط وقد ضغطت بذراعها على أعلى صدره وقالت: لن أدعك تذهب حتى أعرف إن كنت قد سمعتني آنذاك أم لا؟
أنت تقرأ
القرن الأخير
Fantasiaكل شخص يخفي بداخله ما لا يستطيع قوله أو نسيانه ... عشق ... خوف ... ذنب ... جرح ... ألم. في جو من العشق والخوف والشوق والغموض والتضحية التي تمر بها شخصيات الرواية يجعلونا نعيش معهم أحداث في غاية التشويق مليئة بالعاطفة نعلم من خلالها أن ليس البشر وحده...