دخل شي هيون المكتب بسرعة ووقف أمام يونغ جاي بعد أن أمسك بيدها ودفعها لتقف خلفه وما أن رآه جو هيون أسرع ووضع السماعات على أذنيه وسحبه للخارج. أبعد شي هيون السماعات مجدداً فقال جو هيون: هل جننت؟ ألم أقل لك لا داعي لقدومك، فما الذي أتى بك؟!
وضع شي هيون يديه على ذراعي جو هيون وقال: هيونغ دعك من هذا، لن تصدق ما حدث معي للتو. ما زلت لا أستوعب الأمر.
شعر جو هيون بالقلق وسأله ماذا حدث فقال: الفتاة التي تدعى يونغ جاي، ساعدتني على الدخول وتعرفنا وعندما صافحتني سكنت كل الأصوات التي أسمعها. أعلم بأنه شيء لا يصدق ولكنني تذرعت بأخذ الملفات منها ولمست يدها مجدداً وحدث الشيء ذاته.
- هل أنت واثق من هذا؟ ولكن ما السبب؟!
- لا أدري هيونغ، دعني أبقى هنا أرجوك، أريد التأكد من الأمر.
- ولكن ماذا لو ساءت حالتك؟
- سأغادر على الفور إن شعرت بالصداع، صدقني.
- شي هيون، هل تخدعني بشأن يونغ جاي فقط لأسمح لك بالبقاء؟
- كلا هيونغ، صدقني هذا ما حدث منذ قليل.
- ماذا لو ... كان هذا صحيحاً، ماذا ستفعل حينها؟
- لا أدري، دعنا لا نستبق الأمور هيونغ، دعني أتأكد أولاً والأهم لأعرف ما يدور في ذهن المدعو سي جي.
- حسناً، هيا بنا.
دخل كلاهما المكتب وعرف جو هيون الجميع إلى شي هيون وبعد ذلك تقدمت نحوه نارا وسألته بصوت منخفض لماذا أتى فقال بأنه سيكون بخير. ثم همس في أذنها يسألها من يكون سي جي فأخبرته بما يرتديه ليعرف من يكون.
جلس شي هيون على الأريكة يحاول التركيز في الأصوات التي يسمعها بينما كان جو هيون ونارا ينظران له بقلق أما سي جي فقد رمقه بنظرة ساخرة ورفع زاوية فمه بتهكم وأكمل عمله دون أن يكترث لأمره.
مضى بعض الوقت ثم نظر شي هيون لأخيه وأشار له بالنفي وقد بدا عليه الإحباط. نهض جو هيون من مكانه وطلب من السيد كيونغ ودو تشان أن يذهبا ويقوما بمهمة ما. استغرب دو تشان الأمر ولكنهما نفذا أمره بهدوء.
نهض شي هيون من مكانه وحاول الاقتراب من مكتب سي جي أكثر ليتذرع بشرب الماء ووقف يشرب على مهل وإذا بسي جي يلتفت ويبتسم له ببرود وإذا بشي هيون يوقع كأس الماء من يده ويضع يديه على أذنيه متألماً. أسرع جو هيون ونارا نحوه قلقين فوضع جو هيون السماعات على أذني شي هيون وأخذه إلى غرفة التحقيق.
أجلسه جو هيون على الكرسي ثم قال بحنق: هل تتألم كثيراً؟ لماذا تستمر بعنادك هذا؟! قلت لك سأتدبر أمره.
أزال شي هيون السماعات وقال: أخمن ما قلته دون سماعه. أنا بخير، ما حدث لم يكن بسبب سماعي لأفكاره بل العكس.
- ماذا تقصد؟
- بدا وكأنه يمنعني من فعل ذلك بطريقة ما، لم أسمع سوى طنين حاد. هذا غريب جداً لم يسبق أن حدث معي. هناك شيء غريب بشأن هذا الرجل هيونغ.
- أعلم هذا ولكن لا أدري ما هو.
- سأبقى وأحاول مرة أخرى ولكن ...
- ولكن ماذا؟
- يونغ جاي ... أريد حجة للمسها.
- يا ... عندما تقول هذا تبدو وكأنك منحرف. سأطلب منها أن تعد القهوة لك ولكن كن حذراً من أن تسكبها عليك.
- إنها تستمر بالتغزل بي منذ وصولي هيونغ وتقول بأنني أكثر وسامة منك.
- تلك الشقية.
- هيونغ، علينا أن نبحث في البيت الذي كان يسكن فيه والد نارا قبل وفاته فمن المرجح بأن المذكرات هناك.
- حسناً ولكن ... لا يمكنك أنت الذهاب.
- هيونغ، من فضلك ... لدي حل.
- ما هو؟!
- دع يونغ جاي تأتي معي. أخبرها بأية حجة ودعني أصحبها. أرجوك هيونغ.
- ولكن...
- ولكن ماذا؟! ألا يمكنك الاستغناء عنها لبضع ساعات؟ لن أصبر لعطلة نهاية الأسبوع، أرجوك.
- آه... حسناً، سأحاول ترتيب الأمر غداً وأبلغك.
- شكراً هيونغ. (قالها بحماس والابتسامة تعلو وجهه)
نهض كلاهما وعندما هم جو هيون بفتح الباب التفت له وقال: شي هيون، رغم رغبتي بأن تفعل هذا من أجلي أنا ونارا إلا أنني خائف جداً عليك، أخشى أن تتأذى. لا يمكنني احتمال شعور كهذا شي هيون لذا أرجوك لا تعاند أكثر وإن تألمت مجدداً فغادر على الفور.
ابتسم شي هيون وقال: أنا أفعل هذا من أجلنا نحن الثلاثة هيونغ، لا تقلق بشأني سأكون بخير. إن كان ما حدث معي منذ قليل بسبب لمسي ليونغ جاي حقيقياً فهذا سيحدث اختلافاً كبيراً في حياتي.
ابتسم جو هيون ووضع يده على كتف شي هيون قائلاً: أرجو أن يكون هذا صحيحاً، سأكون سعيداً للغاية إن كانت يونغ جاي تستطيع مساعدتك على التخلص من هذه الأصوات المزعجة ولكن... عندئذ سيكون عليك تزوجها لتبقى معك.
اتسعت عينا شي هيون وقال: ماذا؟! زواج؟! أوقف هذا المزاح هيونغ.
ضحك جو هيون وقال: انظر لقد احمرت أذنيك، هل شعرت بالخجل؟ آه بالطبع فأنت لم تواعد من قبل ولم تحصل على قبلتك الأولى حتى.
رد شي هيون ساخراً: بالطبع ستقول هذا فأنت خبير في المواعدة، هيونغ أنت لم تذهب في موعد لائق حتى الآن ورصيدك حتى الآن هو قبلة واحدة فقط.
تنهد جو هيون بإحباط وحنق وفتح الباب وهو يقول: أيها الشقي الصغير.
ابتسم شي هيون وخرج خلفه وعاد ليجلس على الأريكة ثم بدأت يونغ جاي بإعداد القهوة بناء على طلب جو هيون. بعد قليل أتت يونغ جاي تحمل كوب القهوة وهمت بوضعه على الطاولة أمام شي هيون فأسرع وأمسك بيدها بحجة إمساك فنجان القهوة وابتسم وشكرها وكان لا يزال ممسكاً بيدها. ما هي إلا لحظات وسحبت يونغ جاي يدها فجأة وهي تتألم قائلة بأن الفنجان ساخن جداً. بالكاد أمسك شي هيون بالفنجان لمنع انسكابه على الأرض وأمسك بيدها وبدأ ينفخ عليها ويعتذر لها. طلب منها أن تجلس وسأل جو هيون عن علبة الإسعافات الأولية. أسرع شي هيون وأحضرها وبدأ يضع لها المرهم على أصابعها في حين كانت نارا تنظر له مستغربة تصرفاته أما جو هيون فقد كان يبتسم بصمت ويقول في نفسه: شي هيون، ما الذي تفعله الآن؟ تبدو وكأنك تحاول إغواء الفتاة.
نظر له شي هيون محبطاً ثم عاد بنظره ليونغ جاي وسألها إن كانت بخير فقال جو هيون: ما الذي فعلته بمساعدتي شي هيون؟ جعلتها تحرق يدها بالقهوة وهي بالكاد خرجت من حادثة اعتداء خطيرة.
قالت يونغ جاي بخجل وتوتر بأنها بخير ثم أبعدت يدي شي هيون ونهضت قائلة بأنها ستكمل عملها. نظر جو هيون لشي هيون وقال بصوت منخفض: كيف جرت الأمور؟
رد شي هيون بنفس النبرة: يبدو بأن الأمر حقيقي، عندما ألمسها لا أسمع شيئاً هيونغ. كل الضجيج يختفي.
ابتسم جو هيون بسعادة غامرة ثم ضم شفتيه والتفت ليونغ جاي قائلاً: يونغ جاي، ضعي الملفات الجديدة في صناديق وقومي بترتيبها وخذي بقية الملفات التي على الرفوف وانقليها إلى تلك الغرفة الصغيرة. سنخصصها لتخزين الملفات التي لا نستعملها في الوقت الحالي.
نظرت يونغ جاي ليدها بإحباط ثم نظرت له وأبدت موافقتها ثم قال جو هيون: دعي شي هيون يساعدك.
نظر له جو هيون وابتسم قائلاً في نفسه: هيا اذهب وساعدها.
ابتسم شي هيون وأسرع نحوها وحمل الملفات التي كانت توشك على حملها وطلب منها أن ترشده أين عليه أن يضعها. توجه كلاهما للغرفة الصغيرة في حين نظر سي جي لجو هيون وقال: يا حضرة المدعي العام، لا أدري ما الذي جعلك تسمح لأخيك بالقدوم إلى هنا ولكن هذا أمر غير صحيح. هذا مقر تحقيق سري ولا يمكن لأي أحد دخوله فقط لأنه قريب أحد أعضاء الفريق.
اقترب منه جو هيون وابتسم بتهكم قائلاً: هذا شيء أقرره أنا وليس أنت أيها المحقق سي جي. آه بالمناسبة لقد حصرت بعض الأماكن التي يمكن أن يكون المجرم الذي تركته يهرب منك متواجد فيها. وضعت أفراد شرطة ليراقبوا هذه الأماكن وما أن يصل أي خبر سيكون عليك أن تخرج على الفور، كن مستعداً وأرجو ألا تفقده هذه المرة أيضاً.
رفع سي جي زاوية فمه بتهكم وقال: لا تقلق، سأمسك به بالتأكيد فما أن أضع هدفاً نصب عيني لا أحيد عنه مطلقاً مهما كان الثمن.
اقترب منه جو هيون أكثر وابتسم بغضب قائلاً: المهم هو أن تعرف قدر قوتك لتدرك إن كنت قادراً على تحقيق هدفك أم لا فأحياناً وضع أهداف لمجرد رغبتك بها دون أن تمتلك القوة والإمكانيات لتحقيقها يحولها لأضغاث أحلام لا غير.
ابتسم سي جي بثقة وغرور قائلاً: سواء كانت أهداف أو أحلام فثق بأن لدي القوة الكافية لتحقيقها.
كان شي هيون قد وضع الملفات التي كان يحملها في الغرفة حيثما أرشدته يونغ جاي وشكرته ثم التفت لها وسألها: هل يدك بخير؟
ابتسمت يونغ جاي بلطف وأجابت: أجل بخير، لم يكن شيئاً يذكر.
اقترب منها شي هيون وقال: أنا آسف جداً، لم أنتبه ولا أدري كيف لم يخطر لي بأنك ستتأذين.
توترت يونغ جاي وابتسمت بحرج: لا بأس فأنا حقاً بخير لا داعي لتشعر بالسوء. سأذهب لأحضر بقية الملفات.
همت يونغ جاي بالخروج وإذا به يمسك بذراعها ويبتسم قائلاً: أنا سأحضرها، يمكنك أن تطلبي مني أي شيء تريدينه اليوم، سأعوضك عن الأذى الذي ألحقته بك. أخبريني بما عليَّ أن أقوم به فقط.
خرج كلاهما وأشارت له إلى الصناديق التي عليه إحضارها وبدأ بنقلها للغرفة بينما حاولت يونغ جاي أن تقوم بترتيبها فطلب منها عدم فعل ذلك لأنه سيقوم بفعل ذلك ريثما ينتهي من نقل الصناديق. شعرت يونغ جاي بأنها تثقل عليه فحاولت القيام بذلك بنفسها وبينما كانت تحاول وضع الملفات على الرف العلوي أتى شي هيون ووضع ما في يده جانباً وأسرع نحوها وساعدها في وضع الملفات بشكل صحيح.
كان شي هيون خلفها مباشرة مما جعلها تشعر بالخجل فسحبت يدها للأسفل بهدوء وهي تقول في نفسها: ما هذا الموقف؟ كما في المسلسلات الرومانسية، قلبي ينبض بعنف ما الذي عليَّ فعله؟!
شعر شي هيون بالحرج عند سماعها تقول هذا فابتعد عنها واعتذر وطلب منها ألا تقوم بشيء كي لا تؤلمها يدها. ابتسمت يونغ جاي بخجل وشكرته وبدأت تشير له أين عليه وضع كل صندوق بعد أن تتفقد هي محتوياته. وبينما كان يقوم بترتيبها أحضرت له كوباً من الماء فابتسم وشكرها بامتنان أما هي فقد حدقت به وقالت في نفسها: ألا يكفي ابتسامته القاتلة تلك؟! كيف له أن يكون وسيماً وجذاباً حتى وهو يشرب الماء.
شعر شي هيون بالاختناق وبدأ يسعل فأسرعت وأخذت الكوب منه وسألته إن كان بخير فابتسم بحرج وقال بأنه بخير.
اقتربت نارا من جو هيون الذي كان يقف أمام اللوح يحدق به وسألته بصوت منخفض: ما الذي يجري بين هذين الاثنين؟!
ابتسم جو هيون وهمس في أذنها: هنالك قصة طويلة سأخبرك بها لاحقاً.
ابتسمت نارا قائلة: لقد أثرت حماسي وفضولي.
دخل السيد كيونغ ودو تشان وعادا لمواصلة عملهما وأراد سي جي استغلال عودتهما ونهض قائلاً: يا حضرة المدعي العام وكذلك حضرة المحامية نارا أنتما لم تقدما تقريراً بشأن مهمة التحقيق التي تغيبتما عن العمل من أجلها. ماذا وجدتما وماذا حدث، لم تخبرانا بشيء.
التفت له جو هيون ونظر له بخبث وقال: أظن بأن المحامية نارا أخبرتك بأننا لم نجد شيئاً يذكر.
هز سي جي رأسه بتهكم وقال: بهذه البساطة؟! ذهبت وأنت واثق من أنك ستجد شيئاً ما وعدت حتى دون أن تتفوه بكلمة عن المهمة، ألا يدعو هذا للتساؤل؟!

أنت تقرأ
القرن الأخير
Fantasyكل شخص يخفي بداخله ما لا يستطيع قوله أو نسيانه ... عشق ... خوف ... ذنب ... جرح ... ألم. في جو من العشق والخوف والشوق والغموض والتضحية التي تمر بها شخصيات الرواية يجعلونا نعيش معهم أحداث في غاية التشويق مليئة بالعاطفة نعلم من خلالها أن ليس البشر وحده...