ابتلعت نارا ريقها ثم قالت: يمكننا العودة للمكتب الآن ولنعمل بناء على هذه الأدلة وندع المختصين يحللونها لنتمكن من أخذ الخطوة التالية.
- أجل ولكن ماذا عن يونغ جاي؟! هناك الكثير من العمل وفي الوقت ذاته لا يمكنني تركها وحدها هناك.
- ليست وحدها، السيد كيونغ برفقتها وهناك شرطة لحمايتها أيضاً. وصلتني رسالة من سي جي يبلغني بذلك.
- وإن يكن، يجب أن أطمئن عليها.
- ألا تلاحظ بأن اهتمامك بها وقلقك عليها يتعدى كونه اهتمام مدعٍ عام بمساعدته؟! (قالتها بحنق)
- إنها ليست مساعدتي وحسب. (رد بنبرة باردة وتعابير وجه لامبالية)
- آه، فهمت، هذا يفسر الأمر إذاً. أعطني ناقلة البيانات وأنا سأهتم بالعمل بدلاً منك وأنت يمكنك الذهاب إليها.
- آه حقاً؟! لا، هذا تصرف خاطئ فعلي أن أولي عملي أهمية أكبر فهذه القضية خطيرة. (قالها وهو ينظر أمامه ببرود)
- افعل ما تريده. أوصلني للمكتب واذهب أينما شئت لاحقاً.
انطلق جو هيون بالسيارة وكان بالكاد يخفي ابتسامته في حين بقيت نارا متجهمة وتنظر من النافذة وفجأة هتفت قائلة: لقد نسينا أمر المجرم. لا بد من أنه سيذهب أو ربما قد ذهب إلى محطة القطارات ليفتح الخزنة.
ابتسم جو هيون بتهكم وقال: هل تذكرتِ هذا للتو؟
- ماذا تقصد؟
- لقد وضعت محققين متنكرين لمراقبة المكان بالفعل ودو تشان يراقب المكان عبر كاميرات المراقبة.
- آه، هذا جيد.
- هل هناك ما يزعجك؟
- كلا، وما الذي قد يزعجني؟! أنا فقط متوترة بسبب هذه التطورات السريعة وضغط العمل الذي يزداد والأمور بدأت تصبح جدية أكثر.
- لا داعي للتوتر فأنا هنا.
قالت نارا بهمس: كل ما يهمك مُساعِدَتُك يونغ جاي فقط.
كان شي هيون يفكر بما قاله جو هيون والاحتمالات التي قد تجعله يقول ذلك.
" إن بقيت أفكر بالأمر ولم أجد أجوبة على هذه التساؤلات العديدة التي تدور في رأسي فسأفقد صوابي. هيونغ لن يخبرني بأي شيء لذا عليَّ مواجهته بكلام منطقي وأقرب للحقيقة كي لا يتمكن من الإنكار ويخبرني بكل شيء. إن كان كل ما فعله مع نونا من أجل حمايتها لأنه يرى بأن قربه منها سيؤذيها فهذا يعني ... بأنه يحبها، بل لم يتوقف عن حبها يوماً، ويفعل كل هذا مرغماً. يبدو بأن قدري أن أعيد ربط خيط الحب بينكما. أجل ... قم بعمل جيد شي هيون فكلاهما بحاجة لك الآن."
ابتسم شي هيون بألم وأخذ نفساً عميقاً ثم أمسك بهاتفه واتصل بوالده الذي كان في الشركة. استغرب السيد كيم اتصال شي هيون فأجابه بقلق: شي هيون، هل أنت بخير؟
- أجل أبي أنا بخير، كيف حالك؟
- آه، لقد قلقت عندما رأيت اتصالك فأنت لست معتاداً على الاتصال بي في وقت كهذا.
- هل أنت مشغول؟ كنت أود أن أسألك عن أمرٍ ما.
- لا، أخبرني ماذا هناك.
- أبي، بشأن عائلتنا وتلك القدرات. هل حدث وأن كان هناك اثنين من جيل واحد ورثا تلك القدرات؟
- آه ... أذكر بأن جدي قال شيئاً كهذا. حدث الأمر عندما ولد توأمين متشابهين تماماً فورث كل منهما قدرة مختلفة ولكن أحدهما كانت قدرته قوية جداً والآخر كانت ضعيفة. وهما أجدادنا الذين نحن من نسلهما ونارا كذلك.
- إذاً هل تقصد بأن نارا ووالدها من نسل أحد هذين الجدين ونحن من الجد الثاني، صحيح؟
- أجل، تماماً. ولكن لماذا تسأل؟
- لا شيء، كنت أفكر في الأمر فقط. هل هناك حالة أخرى؟
- لست واثقاً، فأنا لم أهتم بالسؤال عن الأجداد القدماء وقدراتهم واكتفيت بسماع بعض القصص من أبي وجدي عما كانوا يفعلونه بتلك القدرات. كنت سأطلب منك الذهاب لزيارة جدك لتسأله ولكن حالتك لا تسمح.
- لقد اشتقت إليه فأنا لم أره منذ وقت طويل. أما زال يذكرك؟
- في بعض الأحيان يتذكرني. إنه يذكر الأحداث القديمة جيداً أما الحديثة فلا.
- أبي، أود رؤيته. لنذهب في نهاية الأسبوع.
- ولكن ... شي هيون.
- لا بأس يا أبي، لن أبقى طويلاً وسأبقي السماعات معي. لا تقلق.
- حسناً يا بني. سأطلب من المركز الصحي نقله في موعد زيارتنا إلى أبعد نقطة في المكان لنقابله وحدنا.
- سيكون هذا جيداً. شكراً لك أبي.
عاد جو هيون ونارا للمكتب وهناك أعطى جو هيون ناقلة البيانات لسو دو تشان وطلب منه نسخ المعلومات والتأكد منها وتوثيقها. أجرى جو هيون بعض الاتصالات ومن ثم اتصل برئيسه.
- جو هيون، كنت سأتصل بك فقد علمت للتو بأن مساعدتك تعرضت للاعتداء. هل هي بخير؟
- أجل. إصابتها لم تكن خطيرة.
- آه هذا مطمئن. خطوة جريئة ومتسرعة كهذه يعني أنك وضعت يدك على شيء مهم.
- أجل ولكن ليس هذا ما يشغل تفكيري الآن يا سيادة النائب العام.
- ماذا هناك إذاً؟!
- ما حدث اليوم يؤكد لي بأن هناك عضواً في فريقي يسرب المعلومات السرية الخاصة بالتحقيق. (أخفض جو هيون صوته ودخل إلى غرفة التحقيق)
- أنت محق والمخيف في الأمر أن اختيارهم تم بناء على مصداقيتهم وسيرتهم الذاتية الخالية من أية شبهة. جو هيون إنهم حقاً النخبة.
- آمل أن أكون مخطئاً ولكن ...
- ألم تضع احتمال أن تكون هواتفكم مراقبة؟!
- بلى ولذا سأطلب من الخبير التقني أن يتفحصها ورغم ذلك لن أطمئن أو أقتنع.
- جو هيون، افعل ما تراه مناسباً فأنا أثق بك ولكن كن حذراً في كل خطوة تخطوها. الأمور بدأت تأخذ منحىً خطيراً، لقد دخلت منطقة أسماك القرش وإن لم تكن قادراً على مصارعتها وهزيمتها ستأكلك.
- أدرك هذا جيداً يا سيدي.
- اعتنِ بنفسك.
خرج جو هيون من الغرفة فوجد نارا أمامه فسألته بقلق: هل كل شيء بخير؟
- أرجو ذلك.
- أعلم ما تفكر فيه ولكن لا يمكن أن يكون أحد أعضاء فريقنا.
- ولمَ لا؟
- أوبا، ألا تثق بيونغ جاي والسيد كيونغ؟!
- أنا أثق بهذين الاثنين ثقة تامة فهما يعملان معي منذ السنوات أما البقية فلا.
- البقية؟ حتى أنا؟!
- لماذا تضعين نفسك في كل شيء؟! هل ذكرت اسمك أو لمحت لذلك حتى.
- لقد قلت أما البقية فلا.
- نارا، أنت لست كالبقية. لا يمكنك أن تكوني ضمن مقارنة أو حديث كهذا حتى؟!
- ألهذه الدرجة تثق بي؟! (ابتسمت نارا بخبث واقتربت منه)
- أنا ... أقصد بأنني أعرفك قبلهم جميعاً حتى ولسنوات وعشنا معاً لذا لا يمكنك مقارنة نفسك بهم. هذا ما قصدته فقط. (بدا عليه التوتر وأشاح بوجهه عنها)
- حسناً فهمت لا داعي لكل هذا الشرح. ماذا عن الاثنين المتبقيين إذاً؟! لقد اطلعت على ملفاتهما بالفعل وبدوا جديرين بالثقة. كلاهما قام بمهمات عديدة وقاما بحل قضايا ضخمة ولديهما سجل رائع وهذا ما جعل الاختيار يقع عليهما.
- أنا لا أثق بالورق ولا حتى بالكلام والابتسامة التي يظهرها الناس أمامي. عندما تعملين في هذا المجال عليك أن تشكي بالجميع وإلا فالطعنة ستكون من أقرب الناس لك.
- أوبا، لم أقل لك أن تثق بهما ثقة عمياء ولكن دعنا لا نتسرع في الأمر حتى نتأكد.
- وهذا ما سأفعله فلا تقلقي.
وصل سي جي إلى المكتب وعندما رآه جو هيون من بعيد رمقه بنظرات حادة فقالت نارا بصوت منخفض: لا تتصرف هكذا ولا تستبق الأمور.
نظر لها جو هيون وبدا على تعابيره التذمر ثم توجه كلاهما نحو سي جي فنظر لهما قائلاً: من الجيد بأنكما هنا. لقد لاحظ المحققون في محطة الأنفاق وجود شخص مشتبه به حاول فتح الخزنة ذاتها وعندما اقترب منه المحققون لاحظ الأمر وفر هارباً.
نظر جو هيون إلى دو تشان وقال: لمَ لم تبلغني بالأمر؟
التفت له دو تشان قائلاً: أنا آسف ولكنني لم ألاحظ شيئاً كهذا.
عاد جو هيون بنظره إلى سي جي وسأله متى حدث ذلك بالتحديد ثم طلب من دو تشان العودة بالتسجيلات لذلك الوقت وبالفعل تم رصد الرجل في كاميرات المراقبة. حدق جو هيون به بحدة فطأطأ دو تشان رأسه قائلاً: يبدو بأن هذا قد حدث عندما دخلت الحمام. أنا أعتذر حقاً.
ابتسمت نارا قائلة: لا بأس، فأنت لم تهمل الأمر عمداً.
تقدم سي جي نحوه وقال: ليس هذا ما يهم الآن. تحقق من هوية هذا الرجل وحاول تحديد مكانه عبر الطرق التي سلكها لنقوم بحصر الأماكن التي قد يتواجد بها والأهم من هذا كله سيكون على الجميع الخضوع للفحص الدقيق ابتداء من هواتفهم وحتى ملابسهم ومكاتبهم ومن يرفض التعاون سيرى الوجه الآخر لي ولا أنصح أحداً برؤيته.
ابتسم جو هيون باستهزاء ورفع زاوية فمه اليمنى ثم قال: جيد بأنك فتحت الموضوع فقد كنت أنوي فعل هذا أيضاً.
وقف سي جي مقابله تماماً وقال: هذا الكلام يتضمن الجميع، الجميع سيخضع لهذا الفحص مهما كان منصبه وموقعه في الفريق يا حضرة المدعي العام.
وقفت نارا بينهما وأبعدتهما عن بعضهما البعض بيديها قائلة: ما بكما؟ لماذا تتصرفان هكذا ونحن لا نعلم كيف تسربت تلك المعلومات بعد؟!
ابتعد كلاهما عن بعضهما البعض وقد بدا عليهما الاستياء والغضب. نظرت نارا لهما ونفخت الهواء باستياء ثم قالت: ربما يكون أحدهم قد وضع جهاز تنصت في مكتبنا أو اخترق أحد هواتفنا. دعونا لا نتسرع بالحكم على بعضنا البعض. إن بدأنا نشك في بعضنا البعض فقد انتهى أمرنا، هل تفهمون ما أقوله؟! لنبدأ بالثياب فقد يكون أحدهم قد وضع فيها جهازاً ونحن في الخارج فهذا سهل جداً.
اقترب جو هيون وسي جي من بعضهما وبدأ كل منهما بخلع معطفه ثم وقف دو تشان وفعل المثل وبدأت نارا تتفقدها بدقة. اقتربت نارا من سي جي وهمت بتفقد ياقة قميصه فصرخ جو هيون: توقفي.
أنت تقرأ
القرن الأخير
Fantasíaكل شخص يخفي بداخله ما لا يستطيع قوله أو نسيانه ... عشق ... خوف ... ذنب ... جرح ... ألم. في جو من العشق والخوف والشوق والغموض والتضحية التي تمر بها شخصيات الرواية يجعلونا نعيش معهم أحداث في غاية التشويق مليئة بالعاطفة نعلم من خلالها أن ليس البشر وحده...