القرن الأخير- الفصل 25

25 2 0
                                    

ظهر قرين يو وول أمام شي هيون في حديقة المنزل بهيئة بشرية فاستغرب شي هيون وجود شخص غريب وسأله من يكون.
- لقد أرسلني السيد سي جي إليك لأسلمك هذه الرسالة.
- رسالة؟ من نونا؟
- كلا، إنه يبلغك فيها بما عليك فعله بعد انتهاء اللعنة. نارا ستكون بانتظاركم جميعاً، اقرأ الرسالة جيداً فهناك الكثير من الأمور التي ستتغير.
- هل انتهت اللعنة حقاً؟
- أجل والآن يتم الترتيب لعودة نارا ولمسح الذكريات المتعلقة بالسيد سي جي واللعنة من ذاكرة جميع من عرف بهذه الأمور.
- ماذا؟
- الرسالة تحوي ورقتين، إحداهما كلمات السيد سي جي الأخيرة لك والأخرى تعليمات من السيد الكبير لما عليك فعله في المرحلة القادمة.
- حسناً فهمت.
انصرف قرين يو وول ليذهب إلى جو هيون الذي كان في مكتبه يعمل لوقت متأخر كعادته ففزع عندما رأى شخصاً غريباً داخل مكتبه المغلق وسأله من يكون فقال الشيء ذاته وأعطاه الرسالة فاقترب منه وسأله بقلق: ماذا عن نارا، أين هي الآن؟
- إنها بخير ويتم التحضير لعودتها الآن.
- ماذا تقصد بأنه يتم التحضير لعودتها؟
- عندما تقرأ الرسالة ستفهم كل شيء، عليك الالتزام بتعليمات السيد الكبير فهو لن يقوم بمسح ذكرياتك أنت وشي هيون بناء على طلب نارا. قالت بأن الظروف التي مررتم بها هي ما جعلتكم تدركون قيمة الحب وقوته.
- فهمت، أعتقد بأن هذا هو الأفضل للجميع. لا داعي لتذكر مثل تلك الأمور البشعة التي حدثت في هذه العائلة.
- تم إتلاف المذكرات وتغيير السجلات وسيبقى أمر اللعنة والقدرات المتوارثة في عائلتكم وما إلى ذلك في طي النسيان وسيتحتم على كليكما حفظ هذا السر للأبد. تبقى أن تجد عذراً لانفصالك عنها في السابق ومساعدتك لها لتقع في حبك من جديد ولن يستغرق الأمر طويلاً لأنها ستتذكر ذكرياتكما الجميلة فقط بأسرع وقت ممكن.
- حسناً، أبلغ سي جي سلامي وشكري.
- أخشى ... أنني لا أستطيع ذلك. السيد سي جي وحبيبته يو وول سيغادران هذا العالم قريباً ولكنني واثق من أنه كان يعلم بمشاعرك وما تفكر به عندما كتب لك هذه الرسالة. لقد أبلغتك بكل شيء ويتوجب عليَّ الذهاب الآن.
- شكراً لك.
اختفى قرين يو وول وأبلغ السيد الكبير بأنه قام بمهمته وأتى قرين نارا وأخبره بأنه تولى أمر المذكرات والسجلات والصور وتسجيلات كاميرات المراقبة التي ظهر فيها سي جي. كان ثلاثتهم يقفون عند حدود حديقة القمر فنظر السيد لها وابتسم فسأله قرين يو وول عما سيحل بحديقة القمر بعد الآن فقال: ستختفي الحدود المنيعة التي وضعها سي جي بعد مغادرته وستغدو مكاناً عادياً كبقية هذه الجبال، أما بشأن مكانه الخاص مع يو وول سيتحول لصخور صلبة وسيبقى الكهف مغلقاً عليهما إلى يوم الحساب. كما تعلم سي جي لا يحب أن يزعجه أحد المتطفلين.
ابتسم قرين يو وول قائلاً: أنت محق.
نظر السيد لقرين نارا وأمره بالعودة لها في حين كان جو هيون في طريقه للبيت عندما تلقى اتصالاً من شي هيون يخبره بأن والديه نسيا كل ما يتعلق بالقدرات المتوارثة وغياب نارا وبأنه لم يعد يستطيع قراءة أفكارهما.
وصل جو هيون المنزل فركض شي هيون إليه حتى البوابة فقد كان ينتظره في الحديقة فقال جو هيون: ماذا قالا عن نارا؟
- هيونغ لقد شعرا بأنني أتصرف بغرابة وخشيت أن أثير تساؤلاتهما بأسئلتي الكثيرة لذا قررت انتظارك.
- هذا جيد، سأرى ما يمكنني فعله ولكن ماذا عن يونغ جاي؟
- لقد نسيت أمر سي جي وأمر إمساكي بيدها وما قلته لها بشأن قدرتي على سماع الأفكار وما إلى ذلك، كل ما تعرفه بأننا أصبحنا أصدقاء خلال فترة قدومي معك أثناء التحقيق في القضية وأصبحنا أصدقاء مقربين ثم اعترفت لها بحبي بعد وفاة والدتها.
- آه، هناك الكثير من الأمور التي ستجعلنا نتخبط الآن.
- هل قرأت رسالة سي جي؟
- ليس بعد فقد أتيت إلى هنا مسرعاً لأنني أريد رؤية نارا ولا أدري أين ستكون، ماذا عنك؟
- قرأتها وقرأت التعليمات أيضاً لذا أردت انتظارك كي لا أثير الشبهات.
- هيا بنا لنتحدث إليهما.
حاول كلاهما أن يتظاهرا بالهدوء وجلسا مع والديهما وبدأ جو هيون يستدرجهما بالحديث شيئاً فشيئاً ليعرف ما يتذكرانه بشأن نارا حتى قالت والدته بأنها تشعر بالأسف على نارا وتتمنى أن تستيقظ بأسرع وقت ممكن. توتر جو هيون ولم يعد يعلم كيف يستدرجها لتخبره أكثر وإذا بهاتف والده يرن فنظر له وقال بأنه طبيب نارا، نظر جو هيون وشي هيون لبعضهما البعض باندهاش قائلين: طبيب؟!
تحدث والده مع الطبيب وإذا به يقف فجأة ويتهلل وجهه فرحاً ويقول: حقاً، هل استيقظت أخيراً؟
أنهى السيد كيم المكالمة وقال بأن عليهم الذهاب للمستشفى على الفور لأن نارا استعادت وعيها. ذهبوا جميعاً إلى هناك في سيارتين منفصلتين حيث استقل السيد والسيدة كيم سيارة وذهب شي هيون ويونغ جاي بسيارة جو هيون.
في الطريق قام جو هيون باستدراج يونغ جاي بالحديث ليعلم أكثر بشأن نارا وإذا بها تقول بأنها كانت ستسافر لإنهاء بعض الأعمال المتعلقة بمكتبها في الولايات المتحدة وتعود ولكنها تعرضت لحادث سير في طريقها للمطار وبقيت في غيبوبة لحوالي 3 أشهر أي بعد انتهاء العمل على القضية.
بعد بضعة دقائق وصلوا جميعاً إلى المستشفى وسمح الطبيب لهم بالدخول لرؤيتها فتردد جو هيون ووقف حائراً عند الباب يخشى ردة فعلها عند رؤيتها له خشية أنها قد تكون مستاءة منه بما أنها ستتذكر الماضي فقط.
دخل السيد والسيدة كيم وكذلك يونغ جاي بينما ربت شي هيون على كتفه وقال بأنه من الأفضل أن يتحدث معها على انفراد ثم دخل وتركه واقفاً بالقرب من الباب ينظر لها من نافذته الصغيرة بعيون دامعة.
كان الطبيب معهم بالغرفة وأخبرهم بأن نارا تعاني من فقدان جزئي للذاكرة ولا تذكر الفترة الأخيرة من حياتها. عانقت نارا السيد والسيدة كيم وبدأت تطرح عليهما بعض الأسئلة وأخبراها بأنها أتت إلى كوريا لتحقق في قضية ما وعملت مع جو هيون عليها لأنه كان المدعي العام المسؤول عنها.
- هل عملت مع أوبا على تلك القضية؟
- أجل يا ابنتي كما أنكما أصبحتما مقربين جداً مؤخراً.
- ماذا؟ ماذا تقصدين بمقربين؟
- لقد ...
أشار لها السيد كيم بالصمت وغير الموضوع ثم قال لهم الطبيب بأنها ستستعيد ذاكرتها تدريجياً أو جزءاً منها على الأقل ولكن عليهم أن يراعوا عدم صدمها بالتغيرات التي حدثت معها مؤخراً قبل الحادث.
لم تتعرف نارا على يونغ جاي فأخبرها شي هيون بأنها عملت معها على القضية حيث كانت مساعدة جو هيون وبأنها أيضاً حبيبته الآن. فرحت نارا من أجلهما وقامت بتهنئتهما. تحدثوا معها قليلاً لبضع دقائق ثم طلب منهم الطبيب أن يدعوها ترتاح قليلاً، خرجوا جميعاً وعندما رأوا جو هيون حزيناً اقتربت منه والدته وقالت: كنت أود إخبارها بأنكما كنتما تتواعدان بل وطلبت منها الزواج قبل سفرها ولكن والدك منعني، الطبيب يخشى أن تصاب بصدمة.
ابتسم جو هيون قائلاً: لا بأس يا أمي، سأهتم بها إلى أن تتذكر كل شيء أو أوقعها بحبي مجدداً ونصنع ذكريات جديدة.
ربت السيد كيم على كتف جو هيون وتنهد بإحباط ثم قال: سأتحدث مع الطبيب ومن ثم نعود للبيت.
قال جو هيون بأنه سيبقى هنا ويحاول التحدث معها فطلب شي هيون من والدته اصطحاب يونغ جاي وانتظارهما في السيارة لأنه يود التحدث مع جو هيون للحظات. خرجت والدته مع يونغ جاي في حين اقترب شي هيون من أخيه وقال: هيونغ إن كنت تود البدء من جديد فأول ما ستسألك عنه هو سبب انفصالك عنها.
- أعلم هذا، سأحاول أن أفكر بشيء مقنع وفي الوقت ذاته لا يغضبها كثيراً على الأقل.
- هيونغ، لدي عذر جيد، لقد فكرت كثيراً في الأمر ووجدت بأنه أنسب حل.
- ما هو؟
- أخبرها بأنك في تلك الليلة علمت بأنني أحبها لذا قررت أن تنفصل عنها مراعاة لمشاعري.
- ماذا؟ كيف يمكنني قول شيء كهذا؟!
- هيونغ، إنه عذر جيد ولن تغضب منك بل ستقدر ذلك صدقني. أخبرها بأنني رأيتكما تتبادلان القبل في تلك الليلة ولهذا شعرت بالحزن الشديد ومرضت. هي ستتذكر أمر مرضي لأنها كانت موجودة آنذاك.
- ولكن ...
- هيونغ من فضلك، افعل ما أقوله لك فهذا هو الحل الأمثل. يمكنك أن تخبرها بأنك قرأت مذكراتي مثلاُ أو أي ذريعة أخرى وعلمت بشأن حبي لها فقررت الانفصال عنها.
- ماذا لو حاولت التأكد وأرادت أن تسألك، ذلك سيجعلك في موقف حرج.
- لا بأس، إن كان هذا سيكون سبباً في تمهيد الخطوة الأولى لكما سأفعله.
- لا أدري ما عليَّ قوله شي هيون.
- لا تقل شيئاً، افعل ما قلته لك وحسب.
- ماذا عن يونغ جاي؟
- نونا لن تتجول وتخبر الجميع بأنها كانت حبي الأول وخاصة بعد أن بات لدي فتاة أحبها الآن وعلى أي حال حتى لو حدث أمر ما وعلم أحدهم فقد بات هذا من الماضي وقلبي الآن ملك يونغ جاي فقط.
ربت جو هيون على كتف شي هيون وابتسم قائلاً: دائماً يشعرني الحديث معك بالراحة وتجد لي حلاً لكل شيء، شكراً لك.
ابتسم شي هيون وتمنى له الحظ الجيد ثم ذهب لرؤية والده ليغادروا جميعاً معاً. اقترب جو هيون من الباب مجدداً ونظر لنارا التي كانت تحدق بالفراغ وقد بدا عليها الحيرة والارتباك وبعد دقائق استجمع جو هيون شجاعته وقرر التحدث معها فطرق الباب ودخل بخطوات مثقلة وقد بدا عليه التوتر والقلق وبدأت الدموع تتسلل إلى عينيه.
- أوبا، هل أتيت معهم؟
- أجل، كنت ... أنتظر في الخارج.
- لماذا ... لم تدخل؟!
- خشية أن تكوني غاضبة مني، فقد علمت بأنك فقدت ذكرياتك الحديثة.
- هلا اقتربت قليلاً.
اقترب جو هيون وجلس على طرف السرير بهدوء وما أن نظر لوجهها عن قرب حتى انهمرت دموعه رغماً عنه وقال: اشتقت إليك.
بقيت نارا تنظر له باستغراب ولكن سرعان ما شعرت بدموعها تنساب على وجنتيها فتفاجأت وتساءلت قائلة: لماذا أبكي؟
ابتسم جو هيون وقال: قلبك ما زال يذكر حبك لي، لم ينسني.
سألته نارا ماذا يقصد فقال: هل يمكنني أن أعانقك؟
أومأت له نارا برأسها إيجاباً رغم ترددها فاقترب وعانقها بقوة ودموعه تنساب على وجنتيه ويقول: اشتقت إليك بشدة، لقد انتظرت عودتك كل يوم.
رغم شعور نارا بالحيرة والارتباك ورغبتها بإبعاده عنها إلا أنها شعرت بأنها بحاجة لهذا العناق بطريقة أو بأخرى. بقي كلاهما متعانقين لبعض الوقت قبل أن يبتعد جو هيون ويمسح دموعه ثم أمسك بيدها قائلاً: هل هناك ما يؤلمك عدا أمر فقدانك للذاكرة، هل أنت بخير تماماً؟
أومأت نارا برأسها إيجاباً ثم قالت: أجل، قال الطبيب بأنني سأخرج غداً ولكن عليَّ الاستمرار بالعلاج ومتابعة الفحوصات الروتينية لمعرفة مدى التقدم بشأن ذاكرتي.
ابتسم جو هيون وقال: حسناً فهمت. المهم أنك على ما يرام الآن وبقية الأمور ستغدو بخير مع مضي الوقت.
- أوبا ما الذي يحدث، ما الذي حدث بيننا مؤخراً لتأتي وتعانقني وتقول بأنك اشتقت لي؟ أنا ما زلت ... غاضبة منك وأمقتك بسبب انفصالك عني بتلك الطريقة.
- لقد تجاوزنا هذه المرحلة نارا، لقد أخبرتك بأسبابي بعد أن بدأنا العمل معاً لأن الأمور كانت متوترة بيننا بسبب مشاعرنا الشخصية مما أثر على العمل.
- أذكر أمر تلك القضية ونيتي بالسفر لكوريا ولكنني لا أذكر سفري ووصولي إلى هنا وما حدث منذ ذلك الوقت.
- لا بأس ستتذكرين مع الوقت.
- إذاً ... ماذا كانت أسبابك وهل سامحتك ببساطة بعد ذلك؟
- لم يكن لديك خيار آخر فقد وقعت في حبي من جديد.
- ماذا؟ أنا وقعت في حبك بعد كل ما عانيته بسببك طوال السنوات الماضية؟! هذا مستحيل.
- لم يكن الأمر سهلاً ولكنك علمت بأنني لم أعشق سواك طوال السنوات الماضية وبأنني انفصلت عنك رغماً عني.
- رغماً عنك ... ماذا تقصد؟
- نارا دعينا نأخذ الأمور برؤية، أعلم بأنك مشوشة وتشعرين بأنك في حلم غريب الآن ولكنني سأبقى بجانبك وأساعدك لتتذكري مقدار حبنا لبعضنا البعض والوعود التي قطعناها.
- ماذا إن .... لم أتذكر؟
- عندئذ سأوقعك بحبي من جديد وسنصنع ذكريات جديدة.
- لماذا أنت واثق لهذه الدرجة؟
- لأنني أدرك تماماً مقدار حبك لي نارا وأعلم بأن قلبك ما زال يذكر ذلك جيداً حتى وإن نسيه عقلك.
- لا أدري ما عليَّ قوله لك ولكنني ....
- أعلم هذا ولا داعي لتقولي شيئاً نارا. أريدك فقط أن تعلمي بأنني كنت ولا زلت وسأبقى أحبك للأبد. بقية التفاصيل سنخوض بها بالتدريج لتتذكري كل شيء جميل حدث بيننا. هيا اخلدي للنوم الآن فعليك إجراء بعض الفحوصات صباح الغد.
- حسناً.
نهض جي هيون ووضع عليها الغطاء عندما عدلت وضعيتها استعداداً للنوم ثم نظر من حوله وقال: أين سأنام؟!
رفعت نارا رأسها قائلة: تنام؟ ألن تغادر؟!
نظر لها جو هيون وابتسم قائلاً: كيف لي أن أغادر وأتركك هنا؟ أنت لا تدركين كم انتظرتك.
نظرت له نارا بحيرة فمد يده نحوها يبعد خصلات شعرها عن وجهها ثم اقترب وقبل جبينها وحدق في وجهها عن قرب وقال: سأبقى في المنطقة الآمنة إلى أن تأذني لي بدخول المنطقة الحدودية.
نظرت له نارا باستغراب وتساءلت ماذا يقول فابتسم قائلاً: تصبحين على خير.
كان هناك مقعدين صغيرين في الغرفة فوضعهما جو هيون مقابل بعضهما البعض وجلس على أحدهما ووضع رجليه على الآخر ثم أغمض عينيه بعد أن نظر لنارا وابتسم. كانت نارا تراقب ما يفعله بحيرة واستغراب ثم قالت: عد للبيت وحسب فهذه الوضعية ليست مريحة على الإطلاق.
رد جو هيون وهو يغمض عينيه: لا بأس، اعتدت على النوم على الكرسي في مكتبي مؤخراً.
- لماذا؟ هل كان لديك الكثير من العمل؟
- كنت أشغل نفسي بالعمل كي لا أفكر بك كثيراً.
- هل ... كنت تفكر بي كثيراً؟
- أجل لدرجة أن قلبي كان يؤلمني.
- أنا لا يمكنني الاعتياد على طريقة حديثك هذه معي، ما زلت لا أصدق بأننا وقعنا في الحب مجدداً بعد كل هذه السنوات.
- نارا، أنا لم أتوقف عن حبك يوماً ولكن إن لزم الأمر سأوقعك بحبي من جديد.
- هلا توقفت من فضلك، كلامك هذا يشعرني بغرابة شديدة، كيف لي أن أصدق ما تقوله بهذه البساطة، كيف لي أن أحبك بعد كل هذه السنوات من جديد؟!
- لم يكن أمراً سهلاً بالطبع، لقد صرخت في وجهي وشتمتني وسكبت الماء على وجهي وصفعتني أيضاً. ربما لأنك أفرغت غضبك بكامله لم يتبقى سوى الحب.
- ما هذا الهراء؟
- سواء صدقت أم لا، أنت تحبينني وستدركين هذا مع الأيام.
- هذا غير صحيح، أنا لا أشعر بأي شيء تجاهك لذا أوقف هذا الهراء.
نهض جو هيون من مكانه متوجهاً نحوها بسرعة وقرب وجهه منها بغتة وحدق في عينيها وابتسم قائلاً: هل تعلمين كم أحاول التحكم في نفسي الآن كي لا أقول أو أتصرف بطريقة تغضبك أو تفزعك؟
كانت نارا تحدق به وقد انكمشت على نفسها وجذبت عليها غطاءها. مرر جو هيون اصبعه على شفتيها وعبث بخصلات شعرها ثم قال: إن كنت قلقة بشأن وضعية نومي فدعيني أنام بجانبك على السرير. نظرت له نارا بحنق وقالت: لقد فقدت صوابك حقاً، هلا ابتعدت عني قبل أن أوسعك ضرباً.
ابتسم جو هيون وأجاب بالموافقة على الفور حيث عاد لمكانه وأغمض عينيه مجدداً بينما نفخت هي الهواء بحنق وأولت ظهرها له. مضى بعض الوقت ونامت نارا أما جو هيون فقد نهض بهدوء متألماً ثم اقترب منها خلسة وبقي يحدق في وجهها ويبتسم وكأنه لا زال غير مصدقٍ بأنها هنا أمامه.
رغم قلق جو هيون في البداية من ردة فعلها إلا أنه رأى بأن كونها عادت سالمة وبخير أهم بكثير من كونها تتذكر حبهما أم لا. رغم ابتسامته وسعادته بعودتها وكل المشاعر المختلطة في داخله من سعادة وقلق إلا أن دموعه أبت إلا والخروج، ولكنه لا يدري إن كانت دموع فرحته بعودتها أم ألمه لأنها نسيت كل ما كان بينهما. شعر بأنها عادت لبرودها السابق تجاهه والذي كان نتيجة غضبها وخيبتها وألمها بسببه. ذلك البرود الذي كان يجعل قلبه يرتجف ويتألم، ولكن الفرق هو أنه بات يعلم بأن لا شيء يمكن أن يمنعه الآن من أن يغدقها حباً واهتماماً، لا شيء يقف في طريقهما ولا يمكن لشيء أن يمنعهما، وهذا ما منحه القوة والشجاعة لاحتمال أي شيء في سبيل عودتها له.

القرن الأخيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن