أمسك سي جي بيدها مجدداً وقبلها بلطف فابتسمت بخجل وهي تعيد خصلات شعرها خلف أذنها. ارتشف كلاهما بعض القهوة ثم طلبت منه العودة كي لا يتأخرا. نهض سي جي واقترب منها ماداً يده لها. أمسكت نارا بيده ونهضت ثم همت بسحب يدها فأحكم الإمساك بها وهو يحدق في عينيها مبتسماً ويقول: دعيني أمسكها لوقت أطول فلا أحد يرانا الآن.
ابتسمت نارا بحرج ولم تستطع رفض طلبه وعندما خرجا من المصعد سحبت يدها من يده بسرعة عندما رأت يونغ جاي والسيد كيونغ متوجهين للمكتب. تنفست نارا الصعداء لأنهما كانا يوليان ظهرهما ولم يرياها تخرج من المصعد مع سي جي وأيديهما متشابكة. ابتسم سي جي واقترب من أذنها قائلاً: لا تقلقي، لم يرَنا أحد.
عاد كلاهما للداخل ورحبت نارا بعودة يونغ جاي في حين لاحظ جو هيون توترها وشك بأن هناك أمراً ما قد حدث بينها وبين سي جي عند خروجهما معاً وحاول جاهداً ألا يفكر في الأمر.
عندما غادرت نارا عملها أسرعت إلى شقة شي هيون وأخبرته بما حدث بينها وبين سي جي.
- نونا، قلتِ بأنك لن تأخذي أي خطوة قبل أن تفكري بها جيداً.
- أنا لم أفعل شيئاً ولم أعده بشيء. أخبرته موقفي بوضوح ولكنه يبالغ بثقته بنفسه ويصدق فكرة بأنني سأعدل عن قرار سفري من أجله.
- هل هو مجنون؟!
- لا أدري، في الحقيقة ... كان يغمرني إحساس غريب جداً، كنت سعيدة بما يقوله لي وفي الوقت ذاته قلقة وخائفة ولا أدري من ماذا.
- قلقة وخائفة؟! هل فعل معك شيئاً لم تخبريني به؟!
- كلا، الأمر ازداد حدة عندما قبل يدي ومن ثم أصر على الإمساك بيدي حتى خرجنا من المصعد. كان شعوراً غريباً جداً شي هيون.
- ولماذا سمحت له بالإمساك بيدك؟! (قالها بحنق)
- قلت لك انتابني شعور غريب، لم أستطع رفض ما يطلبه مني. هذا لم يحدث معي من قبل، لم يحدث أن فعلت شيئاً ضد رغبتي حتى لو كان بسيطاً خاصة من شخص غريب، فلا أحد يمكنه فعل ذلك معي سوى أوبا.
- نونا ... هل وقعت بحبه بهذه السرعة؟!
- بالطبع لا. كيف لي أن أحب شخصاً لدرجة أن أطيعه هكذا وأسمح له بالإمساك بيدي وتقبيلها بهذه السرعة.
نظرت نارا ليدها وقالت: هناك شيء غريب شي هيون، شعور لا أفهمه ويسبب لي القلق.
تنهد شي هيون ثم قال: عندما أخرج من أجل قراءة أفكار هيونغ تجاهك لنحاول أن نرتب أمراً لتجمعيني بهذا المحقق. أريد أن أعلم بماذا يفكر فأنا لا اشعر بالراحة تجاهه أيضاً، يبدو بأن هيونغ محق.
أومأت نارا برأسها موافقة ثم طلب منها بأن تذهب وتبدل ثيابها وتعود لتتناول الطعام معه.
مضى يومان وتمكن دور تشان من تحديد المكان الذي أتت منه الفتاة وقال بأنها أتت من مدينة (نام هيه). قرر جو هيون الذهاب لتلك المدينة لعله يجد شيئاً ما عن هذه الفتاة وتطوعت يونغ جاي أن تأتي معه فرفض لأنها خرجت من المستشفى حديثاً.
اقتربت منه نارا وقالت بنبرة حادة: أنا سآتي معك فهذه الفتاة تبدو خائفة ولن تتحدث معك مطلقاً ولكنني سأجد طريقة للتحدث معها وإقناعها.
رد جو هيون متذمراً: أنا ذاهب للبحث عنها ولست واثقاً من أنني سأجدها وأقابلها، أريد شخصاً يجيد البحث.
ورد جو هيون اتصالاً فخرج من هناك قاطعاً حديثه مع نارا عندئذ قال سي جي بأنه يمكنه الذهاب معه إن أراد فنظرت له نارا وقالت: كلا، أنا سأذهب فإن وجدتما الفتاة ربما تهرب ولن نجدها بعدها وأنا شبه واثقة من أنها هاي سو لذا لا يمكنني البقاء.
قالت يونغ جاي: ولكن ماذا لو أصر المدعي جو هيون على رأيه؟ فهو عنيد ولا يغير رأيه بسهولة.
ابتسمت نارا قائلة: لا تقلقي من هذه الناحية.
عاد جو هيون إليهم وكان يفكر بأن يطلب من سي جي القدوم معه ولكنه لا يرتاح لوجوده ولا يثق به حتى. نفخ جو هيون الهواء ثم نظر للسيد كيونغ للحظات وعاد بنظره للأرض وهو يسند كفيه على خاصرتيه.
دخل جو هيون لغرفة التحقيق وبدأ يحدق في المرآة تارة وفي الأرض تارة أخرى ويفكر بحيرة. دخلت نارا الغرفة فجأة فنظر لها قائلاً: لقد أفزعتني، ما بك؟!
اقتربت منه نارا وابتسمت بخبث قائلة: أعرف ما تفكر فيه الآن، أنا خيارك المثالي. عليك أن تعترف بهذا.
- لستِ كذلك ولن أصطحبك.
- أوقف عنادك الطفولي هذا أوبا. أنت لن تأخذ سي جي لأنك كما قلت لا ترتاح بوجوده قربك ولن تأخذ يونغ جاي لأنها خرجت من المستشفى حديثاً ولن تأخذ السيد كيونغ لأنه الوحيد الذي تثق بأنه سينفذ أي مهمة تطلبها في أي وقت خاصة أن يونغ جاي لا زالت متعبة ودو تشان بالطبع هذا ليس عمله. لم يتبقَ سواي.
- لا تحلمي بذلك حتى.
- أنا لا أحلم بل أنفذ. سأنتظرك صباح الغد لتأتي وتقلني.
- تتحدثين وكأننا ذاهبين في رحلة، أنا لا أعلم ما قد نواجهه هناك لمَ لا ... (تنهد جو هيون بغضب وأمسك بالكرسي الذي بجانبه وأمال جذعه للأمام نحو الطاولة)
- أوبا، لا تخف علي. أنا أقوى مما تظن. لا أدري ما الذي يخيفك لهذه الدرجة وما الذي يدفعك للقيام بكل هذه التصرفات تجاهي ولكني سأكون بخير صدقني. إن كنت حقاً تخشى حدوث شيء لي فابقَ بجانبي ... لتحميني، أليس هذا ما وعدتني به منذ كنا أطفالاً؟!
شعر جو هيون بقلبه يتألم وجاهد لمنع دموعه. اقتربت منه نارا وأمسكت بذراعه بكلتا يديها فأشاح بوجهه عنها ثم قالت: أوبا، من فضلك ... دعنا نقم بعملنا كما يجب ولا تدع أي عقبة أو خوف يعيق طريقنا.
نفخ جو هيون الهواء وقال: سنضطر للمبيت هناك لليلة على الأقل لذا أحضري معك بعض الملابس. كوني جاهزة منذ شروق الشمس لأننا سنذهب بالقطار. إن تأخرت دقيقة واحدة سأذهب وحدي، هل فهمتِ؟
أومأت نارا برأسها إيجاباً وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة لطيفة عندئذ دفع جبينها بسبابته قائلاً: لا تبتسمي هنا أمام هؤلاء تبدين ... سخيفة.
خرج جو هيون من الغرفة وقد وضعت يدها على جبينها متذمرة ثم ابتسمت قائلة: تقصد جميلة.
خرجت نارا من الغرفة لتجد بأن جو هيون قد أخبر الجميع بأنه قد حسم قراره وسيصطحب نارا معه. في تلك الليلة أخبرت نارا شي هيون بأنها ستذهب مع جو هيون وسألته إن كان بإمكانه القدوم للتحقق من أفكاره بما أنهما سيكونان وحدهما عندئذ ابتسم شي هيون بألم وقال: آه، لقد نسيت كلمة سفر حتى وأنا حبيس بين هذه الجدران، لا أدري إن كان بإمكاني فعلها نونا. غداً سأذهب مع أبي لرؤية جدي وسأحاول اللحاق بكم لاحقاً. دعينا نبقى على تواصل.
ابتسمت نارا وأومأت برأسها إيجاباً ثم قالت: أعلم بأنني أطلب منك الكثير بل ما أطلبه فوق طاقتك حتى. أنا آسفة حقاً شي هيون.
- لا تعتذري نونا فأنا أيضاً أريد معرفة ما يخفيه هيونغ، وكذلك أريد محاولة التحقق من محاولتي السيطرة على هذه القدرة. لا أريد البقاء مختبئاً بين أربعة جدران كالسجناء، هذا ... مؤلم جداً نونا.
- عندما علمت بشأن قدراتك ظننت بأن الأمر سيكون مذهلاً وممتعاً بالنسبة لك ولكنني لم أفكر بأن الأمر كان قاسياً عليك ... لهذه الدرجة.
- أنا لم أشعر يوماً بأنني على قيد الحياة نونا، كل شيء في حياتي توقف. لا أصدقاء ولا سفر ولا نزهات ولا حتى تسوق ولا لهو.
- حسناً توقف عن قول هذا فأنا على وشك البكاء الآن. أعدك بأنني سأبحث في الأمر وسأكلم أصدقائي وأجد لك أفضل الأطباء سواء أطباء أعصاب أو أطباء نفسيين. أنت بحاجة إلى الوصول إلى طريقة للتحكم بهذه القدرة، ربما إن عرفت الطريقة وحاولت التمرن عليها سيكون الوضع أسهل.
ابتسم شي هيون بيأس وأومأ لها موافقاً عندما رآها تتحدث بأمل وحماس ولم يشأ إخبارها بأنه قد جرب الأمر كثيراً ولم ينجح.
في صباح اليوم التالي كانت نارا قد ضبطت المنبه واستيقظت مبكراً. بدلت ملابسها وأخذت الحقيبة الصغيرة التي وضعت فيها بعض الملابس بالإضافة لحقيبة ظهر. فتح شي هيون باب شقته وبدا بأنه استيقظ للتو، عندما خرجت نارا ورأته ابتسمت بحرج قائلة: أنا آسفة، لقد استيقظت بسببي، حاولت التحدث بصوت مسموع كي لا أتحدث في نفسي ولكنني كنت أنسى الأمر بين الحين والآخر.
ابتسم شي هيون وعينيه بالكاد مفتوحتين قائلاً: لا بأس فقد كنت أود رؤيتك وأنت تغادرين لأودعك.
اقتربت منه نارا قائلة: هذا يعني بأنك لن تأتي؟!
ابتسم وأومأ برأسه نافياً وقال: لا أعلم بعد، سأرى ماذا سيحدث لي بعد خروجي من هنا وإن كنت لا أزال بخير سأحاول القدوم ولكن بالسيارة وهذا سيأخذ وقتاً.
وضعت نارا يدها على وجنته قائلة: لا تضغط على نفسك، يمكننا أن نحصل على فرصة أخرى عند عودتنا، لا داعي لقدومك. فقط أخبرني إن عرفت شيئاً من جدي.
ابتسم شي هيون وأومأ لها برأسه إيجاباً وإذا بها تمسك بوجنتيه بقوة وتقول: هذه الابتسامة تغريني لأمسك بوجنتيك. أنت وسيم حتى فور استيقاظك من نومك، هذا ليس عدلاً.
قال شي هيون متذمراً: نونا!!
تركته نارا وابتسمت قائلة: هيا اذهب وأكمل نومك، عليَّ الخروج قبل وصول أخيك المزعج.
لوح كلاهما بيده للآخر وأسرعت نارا نحو المصعد وبعد دخولها إليه دخل شي هيون لشقته وهو يضع يده على صدره ويقول: أحسنت شي هيون، لم تجعل قلبك يرفرف ... بقوة عندما أمسكت بوجنتيك هذه المرة. آه .... سريري العزيز، أنا قادم إليك.
وقفت نارا على الرصيف بانتظار جو هيون الذي أتى بعد دقائق وعندما رآها بانتظاره ابتسم لوهلة. ركبت نارا وهذه المرة كان السائق هو من يقود السيارة. ركبت نارا بجانب جو هيون في المقعد الخلفي وألقت تحية الصباح فرد عليها بالمثل.
- ما كل هذه الأمتعة؟
- ماذا؟ حقيبة ملابسي وحقيبة ظهر فقط.
- فقط؟! حسناً.
- هل حجزت مكاناً لنبيت فيه ليلتنا؟
- أجل، حجزت في فندق صغير هناك ولكن أخشى ألا يناسب أناقتك آنسة نارا.
- يكفي بأن يكون نظيفاً والسرير مريحاً. (ردت بتذمر)
- لم أكن أعلم بأنك فتاة سهلة الإرضاء في هذه الأمور.
- أوبا، هناك الكثير من الأشياء التي لا تعرفها بشأني.
- أنت محقة مثل ما حدث بينك وبين سي جي مؤخراً مثلاً.
- مـ....ماذا تقصد بما حدث بيننا؟
- لا شيء، ففي كل الأحوال أياً كان ما حدث أو يحدث لا يهمني على الإطلاق.
- لم يحدث شياً يستحق الذكر.
- وأنا لم أسألك.
- أوبا لا تراوغ في كلامك. أنت تشعر بالفضول ولكن كبرياؤك يمنعك من سؤالي، تعلم بأنني لن أخفي عنك إن سألتني فنحن مقربين لدرجة أن نخبر بعضنا بأمور شخصية كهذه.
- أمور شخصية؟! (ابتسم شي هيون بتهكم وغضب وأشاح بنظره نحو النافذة)
شعرت نارا بالغضب منه أيضاً وأشاحت بوجهها للناحية الأخرى أما جو هيون فقد كان يقول في نفسه: ربما لهذا لا أريد أن أسألك أو ربما خائف من أن أسألك ... لأنني أخشى سماع إجابة لا أرغب بسماعها. لا يحق لي منعك من عيش حياتك والبحث عن شريك لك وفي الوقت ذاته لا يمكنني تحمل رؤيتك مع شخص غيري.
.............................
أنت تقرأ
القرن الأخير
Fantasíaكل شخص يخفي بداخله ما لا يستطيع قوله أو نسيانه ... عشق ... خوف ... ذنب ... جرح ... ألم. في جو من العشق والخوف والشوق والغموض والتضحية التي تمر بها شخصيات الرواية يجعلونا نعيش معهم أحداث في غاية التشويق مليئة بالعاطفة نعلم من خلالها أن ليس البشر وحده...