القرن الأخير - الفصل 29

22 2 0
                                    

نهضت دال هي وقالت بأنها ستذهب لأن لديها الكثير من العمل وما أن خرجت من غرفة التحقيق حتى دخلت غرفة المراقبة مباشرة لتجد المحقق هناك الذي وقف متفاجئاً يسألها كيف دخلت إلى هنا فانقضت دال هي على عنقه ودفعته نحو الخائط فأمسك بيديها ودفعها نحو الحائط وثبت يديها.
- هل تظنين بأنني خصم سهل لأنني لم أردعك سابقاً أيتها المدعية؟
- كل شخص فاسد هو خصم سهل بالنسبة لي.
- كيف حكمت بأنني شخص فاسد؟ فمن وجهة نظري أنت الشخص الفاسد هنا.
- ماذا؟
- أنت من أتيت وافتعلت مشكلة في مركز الشرطة واستخدمت علاقاتك لرؤية المتهم واعتديت على محقق أثناء تأدية واجبه وحاولت الاعتداء عليه مجدداً وفوق كل هذا تدافعين عن رجل متهم باغتصاب فتاة بل ومدعية عامة مثلك، أليس لديك أدنى إحساس بالاشمئزاز تجاه هذا الرجل؟!
- المدعي جو هيون رجل محترم وهو بريء من هذه التهمة وأثق به كما أثق بنفسي وكما لن أثق بأحد. لو كنت أشك به بمقدار واحد في المئة لوضعت القيود على يديه وأدخلته السجن بنفسي.
- كل هذه الأدلة ولا تشكين بأنه مذنب؟
- أجل لأنني أثق تماماً بأنها مزورة ولكنني لا أثق بك.
- لا يهمني أن تثقي بي فأنا أقوم بواجبي وحسب.
- وهل من ضمن واجبك أن تسترق السمع على محادثات المتهم مع محاميته؟
- ماذا؟
- إن كان جو هيون ونارا لم ينتبها للأمر فهذا لا يعني بأنني لن أنتبه أيضاً، لقد وضعت ميكروفوناً إضافياً في الغرفة بدلاً من الآخر المغلق على الطاولة لتستمع لكل ما يقال في الداخل.
- هل هذا سبب هجومك الجديد؟
- أجل وهل تراه سبباً بسيطاً؟! إن حدث وتسربت المعلومات التي قلتها في الداخل وقام أولئك الأوغاد بأي حركة تجعلني أشك بأنك أوصلت لهم الخبر لن أدعك وشأنك.
- لا أدري من الذين تتحدثين عنهم ولكن أوقفوا اتهاماتكم لي بأنني محقق فاسد يتلقى الرشوة وما إلى ذلك فقد ضقت ذرعاً هل فهمتِ؟
- لماذا كنت تستمع لحديثنا إذاً ومنذ متى؟
- لقد شعرت بالفضول فقط، أردت أن أعرف لماذا تحبه محاميته لهذه الدرجة وتؤمن ببراءته، أردت أن أعلم إن كان حقاً بريئاً أم أنه يخدعها ويستغل مشاعرها تجاهه.
- المدعي جو هيون ليس من هذا النوع، إن كنت حقاً محققاً شريفاً ولا علاقة لك بأولئك الأوغاد فحقق بالقضية بشكل جدي فهم يريدون إغلاقها بسرعة الآن وإثبات التهمة عليه.
- تحدثي معي بلطف فربما أقبل.
- أنا لا أجيد التحدث بلطف.
- هذه مشكلتك إذاً.
- هل ستبقى ممسكاً بي هكذا؟ ستبتعد أم أوجه لك الضربة القاضية؟
- الضربة القاضية؟!
أومأت له دال هي بعينيها للأسفل ليجدها تهم برفع ساقها بين ساقيه فازدرد ريقه وابتعد على الفور. أمسكت دال هي بحقيبتها وهمت بالخروج من الغرفة ثم التفتت له وقالت: أنت في نظري محقق فاسد إلى أن تثبت لي العكس.
اقترب منها وقال: وأنت كذلك بالنسبة لي لذا أقنعيني ببراءته كي أساعده.
خرجت دال هي من هناك وغادرت عائدة لمبنى الادعاء في حين كانت نارا تتبادل الحديث مع جو هيون بشأن المستجدات التي قالتها دال هي ثم قالت بأنها ستعود ما أن تحصل على الموافقة لإطلاق سراحه فابتسم وأمسك بيدها قائلاً: سأنتظرك.
اقتربت منه نارا وقالت بخبث محاولة إخفاء غضبها: أوبا ... قبل أن أنسى، هل تعلم بماذا أخطأت اليوم؟
فهم جو هيون ما ترمي إليه فازدرد ريقه وابتسم بقلق متسائلاً: ماذا؟
وضعت نارا يديها على كتفيه بنفس الطريقة التي وضعها بها على كتفي دال هي ثم اقتربت منه أكثر وقالت: سأخبرك عندما أنتهي من قضيتك ولكن احرص على عدم ارتكاب أخطاء أخرى لأنني سأجمعها معاً وأحاسبك عليها دفعة واحدة.
ابتسم جو هيون وأبعد يديها عن كتفيه ووضعهما حول خصره ثم ضمها لصدره ومسح على رأسها قائلاً: نارا، حبيبتي أنت فتاة جيدة وتعقلين الأمور صحيح، أحبك.
قبل جو هيون جبينها ولكنها بقيت تحدق به بحدة. همت بالابتعاد فأمسك بها قائلاً: هل ستذهبين وتجعلين هذه الكلمات والنظرات آخر شيء تقولينه لي .... رغم علمك بوضعي؟!
حدقت به نارا للحظات ثم اقتربت وطوقت عنقه بذراعيها قائلة: أنا آسفة ولكن هذا لن يدعك تهرب من العقاب أوبا.
وضعت نارا يدها على وجنته وابتسمت ثم خرجت من الغرفة فابتسم قائلاً: آه ... تبدو مخيفة حقاً ولكنها ... تجعل قلبي يرفرف في الوقت ذاته.
لحق المحقق بنارا حتى خرجا من باب مركز الشرطة فالتفتت له وسألته ماذا هناك فنفخ الهواء ثم نظر لها وقال: هل أنت أيضاً تظنين بأنني محقق فاسد؟
- أجل، لن أكذب عليك فأنا لا أحب الكذب.
- لماذا؟ أنا أقوم بعملي وفقاً لما بين يدي من أدلة.
- هل تثق بالأوراق أكثر من البشر أيها المحقق؟
- البشر يكذبون أيتها المحامية أما الأوراق والتحاليل فلا.
- ليس جميع البشر كاذبون ولكن هناك فاسدون يجعلون من الأوراق التي تصدقها أنت دليلاً مزيفاً لسحق بعض البشر الأبرياء.
- لقد قلت هذا لتلك المدعية المجنونة، أريد دليلاً يجعلني أصدق براءة ذلك الرجل لكي أقوم بعملي كما يجب فأنا أيضاً لا أريد زج شخص بريء في السجن.
- هل تعني ما تقول؟
- أجل، أعني ذلك تماماً.
- سأفكر في الأمر.
- أنت لا تثقين بي وأتفهم أسبابك ولكن أنا أيضاً لا أثق بأي متهم لأنني على يقين من أنه سيكذب لذا دعي العلاقة بيننا واضحة ومبنية على الأدلة لا على الثقة.
- فهمت، سأبلغ أوبا بالأمر وسنعمل معاً بعد خروجه لنرى ما بوسعنا فعله ولكن ...
- ولكن ماذا؟
- إن كنت حقاً تريد التحقيق في القضية معنا بشكل جدي فعليك أن تعلم بأننا نواجه أشخاصاً خطيرين للغاية وذوي نفوذ ويمكنهم فعل أي شيء ... وأقصد حرفياً أي شيء. لذا فكر بالأمر جيداً وأبلغني بجوابك غداً. هذه بطاقة عملي.
أعطته نارا بطاقتها فأمسك بها وابتسم قائلاً: المحامية كيم نارا.
أخرج هو أيضاً بطاقته وأعطاها إياها وابتسم قائلاً: أعلم بأن تعارفنا أتى متأخراً ولكن سأقدم لك نفسي، المحقق تشوي دو هان.
مد يده ليصافحها فنظرت ليده لبضع لحظات ثم مدت يدها لمصافحته فاتسعت ابتسامته ثم تركته نارا وغادرت بينما بقي يحدق بها وهي تغادر بسيارتها وهو يضع يده على صدره ويبتسم ابتسامة بلهاء فأتاه زميله قائلاً: ألهذه الدرجة تعجبك؟
فزع دو هان والتفت له بحنق ثم نظر من حوله وقال: لقد اختفت الفراشات.
ضحك زميله وقال: هل رأيت الفراشات أيضاً؟ يا إلهي، حالتك سيئة.
- أجل سيئة للغاية.
- ما خطبك مع هاتين الفتاتين؟ إحداهما تجعل قلبك يرفرف وترى الفراشات وأخرى ... تضربك وكادت أن تكسر أصابعك.
- كلتاهما تجعلان قلبي يرفرف.
- ماذا قلت؟ حتى تلك المدعية المجنونة؟!
- أجل للأسف.
- لقد فقدت صوابك حتماً، شعورك بالوحدة وعدم مواعدتك لفتاة من قبل حطم معاييرك بشأن فتاة أحلامك.
- الأمر ليس كذلك ولكن كلتاهما نوعي المفضل والفرق الوحيد هو أن تلك المدعية مجنونة بالكامل أما المحامية نارا يمكن التعامل مع جنونها ولديها جانب عقلاني أيضاً، إنها مزيج رائع.
- يا إلهي، لقد فقدت عقلك، أعتقد بأن المدعية المجنونة تناسبك تماماً، يمكنها أن تضربك كلما فقدت صوابك وتعيدك لرشدك.
- أيها الوغد، ماذا قلت؟!
- أنا آسف.
ضحك زميله وهرع للداخل فلحق به دو هان وهو يتوعده.
اتصلت يونغ جاي بنارا وأخبرتها بأن رئيس الادعاء الجديد أمرهم بتسليم جميع القضايا التي كان يتولاها جو هيون لمدعٍ عام آخر فشعرت نارا بالغضب وقالت بأنها ستحل الأمر. اتصلت نارا بدو تشان وسألته إن كان قد فعل ما طلبه منها فقال بأنه أنجز بعض الأمور التي طلبتها منه ومن ضمنها ما يتعلق برئيس الادعاء فابتسمت بمكر وطلبت منه إرسال ما يتعلق به إليها على الفور.
توجهت نارا لمكتب الادعاء بأقصى سرعة وعندما وصلت كانت يونغ جاي بانتظارها فطلبت منها نارا أخذها لمكتبه على الفور فسألتها ماذا ستفعل عندئذ قالت نارا بأنها ستتولى أمر الوغد.
اتسعت عينا يونغ جاي وشعرت بالقلق مما ستفعله نارا وعندما وصلتا طلبت منها نارا أن تعود لمكتبها ثم دخلت نارا مكتبه دون طرق الباب حتى لتجده يقف مع المدعي لي يونغ سو الذي نصب الفخ لجو هيون برفقة زميله الآخر وعندما رأتهما نارا ابتسمت بتهكم ورفعت زاوية فمها. تجاهلت أسئلة رئيس الادعاء بكل برود وتقدمت لتجلس على الأريكة ووضعت ساقاً فوق الأخرى ثم التفتت له وأشارت له بسبابتها ليأتي ويجلس مقابلها.
صرخ رئيس الادعاء متسائلاً من تكون فاقترب يونغ سو وهمس له فضم الآخر شفتيه وأدرك ما أتت من أجله ثم أشار له بالخروج بينما توجه هو ليجلس مقابلها. قبل خروج يونغ سو من المكتب قالت نارا: أيها الوغد الخائن لي يونغ سو.
التفت لها وقال مستنكراً: ماذا قلتِ؟!
- قلتُ ما سمعته بأذنيك، لا تظن بأن ما فعلته بكيم جو هيون سيمر مرور الكرام. سأجعلك تقف في المحكمة ولكن ليس كمدعٍ عام بل كمتهم ذليل بانتظار حكم الإدانة.
- ما الذي تهذين به؟
- لا تتحدث معي بعجرفة فأنت تعلم جيداً ما أتحدث عنه.
- لا وقت لدي لأضيعه معك.
- ولا أنا هيا اغرب عن وجهي.
- ما هذا الهراء؟!
خرج يونغ سو غاضباً يخفي قلقه وتوتره في حين بدأ رئيس الادعاء يتوتر بعد رؤيتها تتحدث بهذه الثقة والقوة. التفتت له نارا ثم وضعت على الطاولة الجهاز اللوحي الذي بحوزتها قبل أن يكمل سؤاله لها عن سبب قدومها. أمسك بالجهاز اللوحي وأشارت له بتفقد ما فيه فرأى بعض الصور ومقطع فيديو.
بدأ يتصبب عرقاً ويقول: كيف وصلت لكل هذا؟ من تكونين بحق الجحيم؟!
- أنا من ستحضر لكم البلاء والفضائح وسنوات طويلة في السجن.
- من أين حصلت على كل هذا؟ تكلمي.
- ليس بشيء صعب، هناك المزيد ولكنني اكتفيت بهذا القدر في الوقت الراهن. أنتم تحبون الاحتفاظ بالبطاقات الرابحة كي تضغطون بها على بعضكم البعض. هناك لعبة كنا نلعبها عندما كنا أطفالاً، كنا نضع البطاقات صفوفاً خلف بعضها البعض وبحركة واحدة يمكنك أن تطيح بكل البطاقات مهما بلغ عددها. ليس لأنك استخدمت القوة بل لأنك حافظت على مسافة مناسبة بينها وهذا ما تفعلونه أنتم، تظنون بأن من هو أعلى منكم أكثر قوة ولكنكم جميعاً متصلون ببعضكم البعض وما علينا سوى دفع أصغر واحد فيكم وسينتهي الأمر بوقوع أكبركم. هل فهمت الآن؟
- ما الذي تريدينه؟
- حتى الآن ... لا تحول قضايا المدعي كيم جو هيون لأحد آخر لأنه سيعود ليكملها بعد إثبات براءته.
- إثبات براءته؟ لا يمكن ذلك.
- هذا ليس من شأنك، اترك قضاياه على حالها ولا أريد سماع شيء بشأن تعليقه عن العمل وإلا ... اسمك سيتصدر عناوين الأخبار العاجلة بالإضافة لهذه الصور، وأنت تدرك تماماً بأنهم سيحملونك اللوم ويتخلصون منك فهم لا يحبون البطاقات المحروقة صحيح؟!
- من أنت؟ ماذا تكونين؟
- لقد أخبرتك بالفعل. آه ... لا تحاول القيام بحركة غبية معي كالخطف أو محاولة القتل أو شيء كهذا لأنني أخذت احتياطاتي بالفعل وهذه الصور ستصل لكل مكان مرفقة بتقرير جميل. اتفقنا؟
- هل تفعلين كل هذا من أجل جو هيون؟ لا يمكنك إثبات براءته مهما فعلت.
- بل يمكنني، سأفعل أي شيء لتبرئته. لقد عبثتم مع الشخص الخطأ وعليكم تحمل العواقب.
نهضت نارا وأخذت الجهاز اللوحي من بين يديه بكل برود وخرجت من مكتبه وأغلقت الباب بقوة بينما بقي هو متوتراً لا يدري ما عليه فعله. توجهت نارا لرؤية يونغ جاي والسيد كيونغ الذين كانا ينتظرانها بقلق وما أن دخلت المكتب سألاها عما حدث فابتسمت وطمأنتهم قائلة: لا تقلقا، لقد تفاهمت معه بالطريقة التي يفهمها ولن يجرؤ على سحب القضايا، أطلعوني على المستجدات أولاً بأول.
ابتسم كلاهما بارتياح ثم قالت نارا بأنها ستعود للبيت وتكمل العمل مع شي هيون ودو تشان ريثما يأتيان.

القرن الأخيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن