في صباح اليوم التالي كان شي هيون ونارا مستعدين وبانتظار وصول جو هيون ليأخذهما معه إلى المكتب. وعندما رأتهم يونغ جاي يدخلون المكتب تقدمت نحوهم بابتسامة لطيفة كعادتها وأطلعت جو هيون على آخر التفاصيل وأرته بعض الأوراق الضرورية. ثم أعطى جو هيون أوامره لسي جي والسيد كيونغ بأخذ الدعم والذهاب لبعض الأماكن التي استطاع جو هيون بمساعدة شي هيون معرفتها من المتهمين خلال التحقيق للحصول على المزيد من الأدلة على جرائم القتل التي ارتكبوها وبقية الأمور.
أعدت يونغ جاي القهوة للجميع وبعد دقائق خرج سي جي والسيد كيونغ وانشغل دو تشان بالعمل وكان شي هيون قد بدأ يشعر بالألم في رأسه فتذرعت يونغ جاي بطلب مساعدته في حمل بعض الصناديق وترتيب الملفات في الغرفة.
وما أن ابتعدا عن مجال كاميرا المراقبة أمسكت بيده بسرعة سألته إن كان بخير عندئذ تنفس الصعداء وقال بأنه سيكون على ما يرام. اقترب منه جو هيون ووضع يده على كتفه قائلاً: أنا آسف لأنني أدعك تأتي وتساعدني ولكنني بحاجة لك حتى انتهاء التحقيق، لولا يونغ جاي لما سمحت لك بالقدوم.
نظر له شي هيون وابتسم قائلاً: لا تقل هذا هيونغ، فهذه أول مرة أشعر بأنني أستغل قدرتي هذه بالشكل الصحيح.
كانت يونغ جاي تنظر لهما ولا تفهم عمَّ يتحدثان فقالت متذمرة: سيدي، لقد قلت بأنني لا أحب التفكير المبالغ فيه ولا يهمني ما لا يخصني ولكنني لا أحب أن أكون ضمن حديث أظهر فيه بأنني غبية.
ابتسم جو هيون بتذمر وهو يمد يده بهدوء نحو أذنها ويقول: يونغ جاي، دائماً تكونين نشيطة في الصباح وتتكلمين بطريقة لا تناسب عملك مع مدعٍ عام رائع مثلي.
قوست يونغ جاي شفتيها وعلمت بأنه سيشد أذنها فأغمضت عينيها وإذا بشي هيون يقف أمامها ويمنعه من الوصول إليها قائلاً: هيونغ، إنها محقة. دعنا لا نتحدث في هذا الأمر أمامها فهي بالفعل تجاهلت الكثير من الأمور من أجل مساعدتي فقط.
رفع جو هيون حاجبيه وابتسم بخبث قائلاً: هل بدأت تأخذ صفها إذاً؟ هل أنت سعيدة آنسة يونغ جاي. أنت أول فتاة يدافع عنها شي هيون ويقف أمامي هكذا من أجلها... للمرة الثانية على التوالي.
ابتسم شي هيون ورد بتهكم قائلاً: ليس وكأني كنت أتجول معك وأدافع عن كل فتاة تغضب منها هيونغ.
اقترب جو هيون وهمس في أذنيه قائلاً: لقد احمرت أذنيك أيها الشقي الصغير.
وضع شي هيون يده على أذنه ونظر لجو هيون متذمراً وقال: الأمر ليس كذلك.
ابتسم جو هيون واستدار مبتعداً عنهما وعاد ليتابع عمله وطلب إحضار بقية المتهمين الواحد تلو الآخر للتحقيق. اعترف الشخص الذي اعتدى على يونغ جاي بما فعله ولكنه لم يخبرهم باسم من طلب منه ذلك وقال بأنه دخل بحجة السرقة فقط.
في أثناء ذلك لاحظ جو هيون بأن نارا تفكر في شيء ما فاستغل عدم انشغاله للحظات واقترب منها وسألها ماذا هناك فقالت: لا شيء مهم، كنت أفكر بما قاله المحقق سي جي بشأن الفرد من عائلتنا الذي قال بأنه قد تم تزييف سبب موته. لقد بحثت عبر الانترنت ولم أجد شيئاً كهذا.
رد جو هيون قائلاً: هل هذا يعني بأنكِ صدقتِ ما قاله؟ لقد طلبت من الجميع بألا يفكروا بما قاله ذلك الوغد لأن العواقب ستكون خطيرة على الفريق والقضية فلمَ تفعلين هذا نارا؟!
أجابت نار: الأمر ليس بيدي عدا عن أنه لا يمكن أن يقول معلومة كهذه بلا دليل.
رد جو هيون بحنق: وهل بقية المعلومات والتحليلات التي قالها مستندة لدليل برأيك؟! .... أوقفي هذه الترهات نارا ولا تفكري بما قاله مطلقاً، هل فهمتِ؟!
استغربت نارا ردة فعله وغضبه المفاجئ وقالت: حسناً ولكن لماذا غضبت لهذه الدرجة؟
أجاب جو هيون: لا شيء أنا فقط متوتر بسبب التحقيق، عودي لعملك.
جلست نارا تفكر وشعرت بأن هناك أمراً مريباً وبأن جو هيون يعرف شيئاً بالفعل. أرسلت نارا رسالة لسي جي تطلب منه فيها أن يذهب لسطح المبنى مباشرة عند عودته للمكتب ويبلغها كي تلحق به لأنها تريد التحدث معه في أمر ما.
عندما تلقى سي جي الرسالة وقرأها ابتسم قائلاً: هذا جيد.
أنهى سي جي عمله بسرعة وعاد للمكتب وقد أبلغ جو هيون بما فعله برسالة وتوجه مباشرة لسطح المبنى وأرسل رسالة لنارا يعلمها بوصوله. توجهت نارا إلى السطح مستغلة انشغال الجميع.
- شكراً لقبولك طلبي.
- لماذا دعوتني لهذا المكان وأنت تعلمين ما حدث بيننا آخر مرة هنا. لي ذكرى جميلة هنا فهل تريدين إفسادها لي أيتها المحامية نارا.
- أنا آسفة ولكنه المكان الأنسب لأتحدث فيه معك.
- ماذا تريدين مني؟ لا تتوقعي مني أي اعتذار عما قلته لكم سابقاً، أردتكم أن تعلموا بأنكم كما تشكون بأمري فأنا أيضاً لدي أسبابي لأشك بأمركم.
- كيف أمكنك العمل معنا طوال الفترة الماضية وأنت تشك بأمر الجميع؟!
- لم أقل بأنني أشك بأمر الجميع ولكنني غضبت بسبب شككم المستمر بي رغم عدم وجود دليل لذلك فعلت المثل معكم لكي تتأكدوا من أن الجميع يمكنهم أن يشكوا ببعضهم البعض عندما تختلف نظرتنا وتحليلنا للأمور.
- هل هذا يعني بأنك تثق بنا وقد قلت ذلك لتثبت وجهة نظرك وتدافع عن نفسك فقط.
- يمكنك قول هذا ولكن هذا لا يعني بأن كل ما قلته كان كذباً، بل كان صحيحاً ولكن إن رأيناه من وجهة نظر أخرى سيكون مثيراً للريبة.
- لم أعد أفهم شيئاً، دعك من كل هذا فلدي أمر واحد أريد التأكد منه.
- ما هو؟
- عندما قلت بأن أحد أفراد عائلتنا تم تزييف سبب موته من أجل سمعة العائلة... هل هذا حقيقي؟
- يفترض بأنك تعلمين هذا بالفعل فلماذا تسألينني أنا؟!
- لو كنت أعلم لما سألتك، من يكون هذا الشخص؟
- نارا، ما تقولينه مستحيل. لقد كنت في سن يسمح لك بتذكر ما حدث لذا لا تحاولي خداعي من فضلك.
- أنا لا أحاول خداعك، أريد معرفة الحقيقة فقط.
- عندما قال جو هيون بأنك أخته علمت بأنه يكذب لأنني بحثت في خلفيته وأعلم بأنه ليس لديه سوى أخ واحد. عندئذ علمت بأنك قريبته التي قاموا بتربيتها بعد وفاة والدها.
- كنت تعلم هويتي منذ وقت طويل فلماذا كنت تدعي العكس وتتظاهر بأنك تصدق كذبة بأننا أخوة.
- لم أشأ أن أحرجك وأخبرك بأنني أعرف أمر هذه الكذبة. لقد أعطيتك العديد من المبررات ووثقت بك وكنت أنتظر أن تثقي بي بالمقابل لتفتحي لي قلبك ونتعرف إلى بعضنا البعض أكثر ولكنك ... (تظاهر سي جي بأنه متألم مما حدث وأشاح بوجهه عنها)
- آسفة لأنني لم أراعي مشاعرك ولكنني لم أشأ خداعك فأنا لا أظن بأنني سأتمكن من مبادلتك المشاعر ذاتها، لم أشأ أن أظلمك وأدع مشاعرك تتطور تجاهي.
- أنت لم ترغبي بأن تعطيني فرصة حتى نارا أنت ... دعينا لا نتحدث في هذا الأمر لأنه ... يجرح قلبي.
- أنا ... آسفة حقاً. لنعد لسؤالي السابق، أخبرني من هو هذا الشخص من فضلك؟
- نارا، كيف توفي والدك؟
- بنوبة قلبية، لماذا تسأل عنه بغتة؟!
- هذا مستحيل، إما أنك تكذبين الآن أو أنك بالفعل لا تذكرين.
- ولمَ قد أكذب وما الذي تقصده بكلامك هذا؟!
- هل حقاً لا تذكرين ليلة وفاة والدك؟!
- أنا ... ذاكرتي مشوشة بشأن تلك الفترة. هل هناك شيء عليَّ تذكره؟
- كلا، انسي الأمر... من الأفضل بألا تتذكري.
(همَّ سي جي بالذهاب فأمسكت بذراعه)
- أرجوك أخبرني. ما الذي لا أذكره بشأن وفاة أبي؟ ولم قد تزيف عائلتي أمر وفاته؟!
- لو كنت أعلم بأنك قد نسيت الأمر لما قلت ما قلته، أنا آسف حقاً نارا ولكن من الأفضل بألا تعلمي. لا يمكنني إخبارك بأمر كهذا.
هم سي جي بالذهاب مجدداً بعد أن أبعد يدها فأسرعت نارا ووقفت أمامه مجدداً وقد بدأت الدموع تنساب من عينيها وترجوه ليخبرها. تنهد سي جي بألم ومسح دموعها قائلاً: معرفتك لأمر كهذا ستؤلمك بشدة ولا يمكنني رؤيتك تتألمين نارا، أرجوك لا تطلبي مني أمراً كهذا.
أمسكت نارا بأطراف معطفه بإحكام وأصرت عليه ليخبرها وهي تبكي فعانقها وربت على رأسها قائلاً: لا تبكي، سأريك ملف التحقيق والصور فلا يمكنني إخبارك بأمر كهذا. تعالي إلى منزلي الليلة ولكن عديني بأن تكوني قوية، اتفقنا؟!
ابتعدت عنه نارا وأومأت له برأسها إيجاباً. مسح لها دموعها وحدق في عينيها للحظات وهو يضع يده على وجنتها ثم قال بعيون دامعة: لو تعلمين مقدار حبي لهذا الوجه ولهاتين العينين.
قاومت نارا شعور انجذابها له الذي يصيبها كلما اقترب منها وأبعدت يده عنها وتراجعت للخلف وشكرته. قال سي جي بأنه سيسبقها للمكتب وبأنه يمكنها العودة عندما تهدأ كي لا يلاحظ أحد ما بكاءها ثم أرسل لها عنوان بيته برسالة نصية.
كان التحقيق يسير بشكل جيد وقد أحكم جو هيون قبضته على الجميع وأثبت العديد من التهم عليهم وتوصل لأدلة جديدة تثبت بأن تلك الحوادث التي مات على إثرها الصحافي والمحقق هي جرائم قتل. استمر جو هيون وشي هيون باستخراج المعلومات من المتهمين واستمر بطلب المزيد من المهام من سي جي والسيد كيونغ ودو تشان.
مضت ساعات وعاد الجميع لبيوتهم. حاولت نارا أن تتحكم بأفكارها أمام شي هيون كي لا يعرف بأمر لقائها بسي جي. دخلت شقتها واغتسلت وبدلت ثيابها ثم خرجت بهدوء وإذا بشي هيون يفتح باب شقته ويقول: نونا، أنت هادئة على غير العادة اليوم. إلى أين أنت ذاهبة؟
ابتسمت نارا قائلة: حاولت التحكم بأفكاري كي لا أزعجك فأنت بقيت معنا طوال اليوم ولا بد من أنك مرهق. سأذهب إلى المتجر وأشتري بعض الأشياء الضرورية، هل تريد شيئاً؟
أجاب شي هيون نافياً وعاد للداخل. تنفست نارا الصعداء وأسرعت نحو المصعد ومن ثم أخذت سيارة أجرة متوجهة لبيت سي جي.
وقفت نارا أمام البيت وقرعت الجرس قائلة: لم أكن أعلم بأنه يعيش في بيت فخم كهذا.
أنت تقرأ
القرن الأخير
Fantasyكل شخص يخفي بداخله ما لا يستطيع قوله أو نسيانه ... عشق ... خوف ... ذنب ... جرح ... ألم. في جو من العشق والخوف والشوق والغموض والتضحية التي تمر بها شخصيات الرواية يجعلونا نعيش معهم أحداث في غاية التشويق مليئة بالعاطفة نعلم من خلالها أن ليس البشر وحده...