جفف جو هيون يديه بسرعة والتفت إليها واضعاً يديه على وجنتيها وقال: أخبريني ماذا حدث معك حتى وصلتِ لهذه الحالة، أنا واثق من أن السبب لا يتعلق بقصة والدك تلك، أخبريني الحقيقة نارا، كيف عرفت بهذا وما الذي أوصلك لهذه الحالة؟!
توترت نارا وقالت: لقد ... بحثت في الأمر بشأن والدي وعلمت بشأن تلك الحادثة. لا أستطيع إخبارك بالتفاصيل لأنهم أخبروني بأن ملف التحقيق سري ولا يمكن لأحد الاطلاع عليه لذا ... لا يمكنني إخبارك.
- حسناً وماذا بشأن ما أوصلك لهذه الحالة؟ وأين بقيت ليلة أمس؟
- طلبت منك البقاء معي لا أن تحقق معي أوبا.
- نارا، أنا قلق عليك، يجب أن أعرف ما حدث كي أحدد السبب في حالتك هذه، لقد أرسلت شي هيون ويونغ جاي للبحث عن المذكرات من شدة خوفي عليك فكيف ...
- أنا ... آسفة، أنا متعبة وقلقة، لا أدري ما يحدث معي، أعتقد بأنني خنت البلاد في حياتي السابقة حتى أحصل على هذه المعاناة.
- لا تقولي هذا، لا بأس إن كنت بحاجة للمزيد من الوقت لتخبريني، سأنتظر حتى تفصحين لي عما يدور في ذهنك.
- أوبا ... هل يمكن لحكايتنا هذه أن تنتهي بنهاية سعيدة؟! أم أن السعادة ممنوعة وليست من حقنا؟!
- كفى ... كفى نارا، لا تفكري بهذه الطريقة من فضلك، سيكون كل شيء بخير، دعينا لا نستسلم، أليس هذا ما طلبته مني؟ ألم تقولي بأن علينا أن نغير هذه الرؤيا ولا نجعلها تسيطر على مصيرنا.
- الأمر ليس متوقفاً على الرؤيا فأنا أشعر بأنني أفقد صوابي، أخشى أن أستمر بجعل من حولي يعانون، ربما كان عليَّ الموت مع أبي تلك الليلة.
- توقفي، ما هذا الهراء الذي تقولينه؟! إياك والتفوه بشيء كهذا مجدداً.
أمسك جو هيون بذراعيها وهزها بقوة كأنه يطرد عنها هذه الأفكار وهو يقول جملته الأخيرة. تنهد بألم ووضع يديه على وجنتيها ولم يستطع قول المزيد وهو ينظر لتعابير وجهها الخائفة الحائرة، أدرك بأن الصراع الذي تعيشه في داخلها الآن لم يسبق وأن مرت فيه مطلقاً، شعر بأن ما تمر فيه نارا ليست مجرد ظروف عادية ناتجة عن صدمتها بمعرفة ما حدث مع والدها أو خوفها من الرؤيا بل هناك شيء أكبر من هذا يستمر بتأجيج هذا الصراع في داخلها لتبقى تائهة متأرجحة لا تدري ما عليها فعله.
ضمها جو هيون لصدره وقبل رأسها ثم عاد ونظر في عينيها واقترح عليها أن يخرجا ويتنزها في مكان جميل لتخفف توترها وضيقها، مانعت نارا في البداية ولكنه شجعها فقبلت. خرج كلاهما وذهبا ليتمشيا في أحد المتنزهات الجميلة في الجوار. بقي جو هيون يمسك بيدها ويراقب تعابير وجهها ويحاول أن يخفف عنها بكلامه ومزاحه كي يبعد عنها الأفكار السيئة.
كان سي جي مغمض العينين في تلك الغرفة أمام لوحة يو وول وإذا بقرينها يظهر له ولكنه بقي صامتاً متردداً فقال سي جي وهو لا يزال يغمض عينيه: تكلم ماذا هناك؟
- شي هيون ويونغ جاي ذهبا للبحث عن المذكرات وسيجدانها خلال وقت قصير ويعرفون كل شيء.
- حسناً.
- هل عليَّ إيقافهما أم ماذا؟
- لا تفعل شيئاً، راقب ما يحدث فقط، لقد اقتربنا من النهاية فلا بأس إن علموا.
- ولكنك لم تحصل على الفتاة بعد.
- سأحصل عليها عاجلاً أم آجلاً. ماذا حدث بشأن ذلك الأمر؟
- ما زلنا نبحث عن قرين أخ يو وول لنعلم إن كان لديه أبناء آخرين لا نعلم عنهم أم لا.
- يجب أن أعلم سبب هذا التشابه العجيب بينهما هل فهمت؟! ابذل جهداً مضاعفاً.
- حسناً سيدي، ماذا ستفعل بعد انتهاء اللعنة؟ ماذا ستفعل بالفتاة، هل ستعيش معها بدلاً من يو وول أم ...
- لا يوجد بديل ليو وول، لا أحد يمكنه أن يحل مكانها هل فهمت؟!
- أنا ... آسف. كل ما قصدته بأنك انتظرت طويلاً ويو وول ماتت وانتهى الأمر وهذه الفتاة نسخة مطابقة لها فلمَ لا ...
- اصمت، ربما تكون تشبهها في الشكل وحسب ولكنها لا تشبهها في شيء آخر. اغرب عن وجهي فأنت مزعج.
- أنت تغمض عينيك بالفعل كي لا تراني.
- لا أريد سماع صوتك وتذمرك كذلك، هيا اذهب وافعل ما طلبته منك.
- أمرك سيدي.
كان شي هيون ويونغ جاي قد بحثا في البيت بأكمله ولم يجدا شيئاً، خرج شي هيون ليتفقد مخزناً خارجياً للبيت لعله يجد فيه شيئاً في حين تفقدت يونغ جاي لعلها تجد خزنة ما أو مكاناً غفلا عنه. بدأ الظلام يحل ونفذت بطارية هاتف شي هيون حيث كان يستعمل ضوء الهاتف خلال البحث. وخلال بحثهما كان قد رأى بعض الشموع فتوجه عائداً للبيت وأخرج الشموع وقام بإشعالها ثم حمل أحدها ومشى خلف صوت يونغ جاي التي كانت تفكر بأنها قد وجدت مكاناً لم يبحثا فيه وهمت بمناداته فوجدته يقترب منها. ابتسمت يونغ جاي قائلة: لقد أتيت، كنت على وشك مناداتك، رأيت باباً صغيراً تحت الدرج خلف هذه الصناديق، ربما تكون غرفة لتخزين الأشياء المهمة.
ابتسم شي هيون وأعطاها الشمعة قائلاً: أطفئي ضوء هاتفك لتوفير البطارية، يتوجب علينا الاتصال بسيارة أجرة عقب انتهائنا.
أطفأته يونغ جاي وهي تقول: لم يتبقَ الكثير فهي على وشك النفاذ بالفعل.
أبعد شي هيون الصناديق ثم كسر قفل الباب وعندما فتحه نظر لها وقال: هل ستنتظرين هنا أم تدخلين برفقتي؟
أمسكت يونغ جاي بطرف معطفه وابتسمت لتخفي ذعرها من المكان الذي بات مخيفاً أكثر مع حلول الظلام وقالت: سأبقى معك بالطبع.
ابتسم شي هيون وقال بصوت منخفض: لم أكن أعلم بأنك جبانة لهذه الدرجة.
دخل كلاهما الغرفة يبحثان في الأرجاء فوجدت يونغ جاي صندوقاً خشبياً قديماً كبير الحجم وطلبت منه أن يلقي نظرة. اقترب شي هيون وقال: أعتقد بأن هذا هو.
هم شي هيون بكسر قفل الصندوق فقالت يونغ جاي: ألا بأس بكسرك له؟!
رد شي هيون وهو يركز نظره على الصندوق: لا بأس فليس لدي وقت للبحث عن المفتاح.
كسر شي هيون القفل وفتح الصندوق ووجد فيه المذكرات، قام بتفقدها ووجد واحداً مختلفاً وأصغر حجما وعندما فتحه وجد اسم والد نارا عليه فتهلل وجهه وتبسم قائلاً: إنها هي حقاً، لقد وجدناها أخيراً.
طلب شي هيون من يونغ جاي أن تعطيه هاتفها ليتصل بجو هيون. أجاب جو هيون على المكالمة فقال شي هيون: هيونغ....
بدأ الهاتف يصدر تنبيهاً معلناً أن البطارية على وشك الانتهاء فقال شي هيون: هيونغ، بطارية الهاتف ستنفذ فتعال لأخذنا أو أرسل لنا سيارة أجرة، لقد وجدنا المذكرات.
لم يتمكن جو هيون من سماع ما قاله وظن بأن الاتصال قد انقطع، نظر لنارا قائلاً: لقد انقطع الاتصال، ربما هما في طريق عودتهما.
- هل وجدا المذكرات؟
- لست واثقاً من هذا، سنرى عندما يأتون فالهاتف ... مغلق، ربما نفذت البطارية. (كان يحاول إعادة الاتصال به)
- ماذا لو كانا في مشكلة؟!
- لماذا تحاولين إثارة قلقي الآن؟ سيكونان بخير.
- آمل هذا، لا تنس بأن ذلك البيت مهجور وربما لا يوجد فيه كهرباء ولا ماء.
- لا تبالغي.
- ماذا لو انتهى شحن هواتفهما ولم يجدا سبيلاً للعودة.
- نارا، لماذا تستمرين بقول هذه الأفكار السلبية أمامي، أنت لا تعلمين كيف يعمل عقلي في أمر الاحتمالات، لن أتوقف عن التفكير بشأنهما.
- أنا فقط خائفة عليهما.
- لننتظر ساعة أو ساعة ونصف وإن لم يأتيا أو يتصلا سأذهب إليهما على الفور.
- حسناً.
شعر جو هيون بالقلق بعد كلامها واستمر بمحاولة الاتصال بكل من شي هيون ويونغ جاي دون فائدة.
أخرج شي هيون الصندوق من تلك الغرفة ووضعه على الطاولة في غرفة المعيشة ولم يشأن بفتح المذكرات أمام يونغ جاي ليقرأها ثم نظر لها وقال: لا أظن بأن هيونغ سمع شيئاً من كلامي فقد انقطع الاتصال فور رده علي.
- ماذا سنفعل الآن إذاً؟ كان علينا طلب سيارة الأجرة بدلاً من الاتصال به.
- حتى هذا كان صعباً فقد كانت ستنقطع المكالمة على أي حال.
- أنت محق، هل نبحث عن هاتف عمومي قريب؟
- فكرة جيدة، سأخرج لأجد واحداً، ابقي هنا فالجو بارد.
- أنت تمازحني صحيح؟ لن أبقى في هذا البيت المخيف المظلم وحدي لدقيقة واحدة.
- أنت حقاً جبانة. (قالها بابتسامة لطيفة)
- قل ما تشاء، لن أبقى هنا وحدي.
- حسناً ولكن ... لا أدري كم سنمشي حتى نجد واحداً.
- لا يهم.
- كما تشائين، لنترك الصندوق هنا وبعد طلبنا لسيارة الأجرة سنعود للبيت مجدداً.
- حسناً.
خرج كلاهما من البيت يبحثان عن هاتف عمومي وقد مشيا مسافة طويلة دون فائدة فالمكان بعيد عن المناطق السكنية ولم يصادفهما حتى سيارات تمر من الطريق.
بقي جو هيون يشعر بالقلق ويفكر بشأنهما ويستمر بمحاولة الاتصال بهما دون فائدة. لاحظت نارا الأمر فطلبت منه أن يعودا للبيت وفي طريق عودتهما قالت نارا: أنا آسفة على ما قلته مسبقاً، لقد جعلتك تشعر بالقلق.
- الساعة شارفت على الانتهاء ولم يظهرا أو يتصلا حتى الآن.
- أنا حقاً آسفة، لم أتوقع أن تصل لهذه الحالة بسبب ما قلته، ربما يكونان في طريق عودتهما.
- آمل هذا.
خرج كلاهما من المصعد فتوقف جو هيون أمام شقة شي هيون وقال: أريد أن أجرب أمراً لعلي أستطيع رؤية شيئاً بشأنهما.
فتح جو هيون باب الشقة وتبعته نارا فبدأ يلمس ممتلكات شي هيون والتي يلمسها كثيراً ويغمض عينيه ويحاول أن يركز لعله يستطيع أن يرى شيئاً بشأنهما.
أنت تقرأ
القرن الأخير
Fantasíaكل شخص يخفي بداخله ما لا يستطيع قوله أو نسيانه ... عشق ... خوف ... ذنب ... جرح ... ألم. في جو من العشق والخوف والشوق والغموض والتضحية التي تمر بها شخصيات الرواية يجعلونا نعيش معهم أحداث في غاية التشويق مليئة بالعاطفة نعلم من خلالها أن ليس البشر وحده...