حدق كلاهما في عيني الآخر وإذا بهما بعد لحظات يشعران بالخجل ويشيح كل منهما بوجهه عن الآخر ثم نهض شي هيون قائلاً بأنه سيعد الطعام فتبعته يونغ جاي قائلة بأنها ستساعده.
- لا داعي لذلك، يمكنك الجلوس هنا ريثما أنتهي.
- ولكنني لن أشعر بالراحة إن تركتك تعده وحدك.
- يونغ جاي، أنت لا تجيدين إعداد الطعام.
- أجل ولكن ... (قوست شفتيها بإحباط)
- حسناً تعالي هنا، سأترك لك بعض المهمات البسيطة اتفقنا؟
- اتفقنا. (ابتسمت)
كانت نارا في البيت تعد بعض الشطائر لتأكلها عندما سمعت سي جي يطرق الباب ففتحت له قائلة ببرود: ماذا هناك؟
رد سي جي بحدة: أريد التحدث معك.
نفخت نارا الهواء ودخلت ليتبعها وجلسا إلى المائدة في المطبخ وبدأت تتناول شطيرتها وسألته ماذا هناك. تنهد سي جي وقال بأنه سيتحدث عندما تنهي شطيرتها لأنه يدرك أن ما سيقوله لن يدعها تكمل طعامها. لم تهتم نارا وأكملت تناولها بسرعة ثم شربت الماء.
- ها قد انتهيت، قل ما عندك.
- يونغ جاي حاولت الانتحار صباح اليوم.
- ماذا؟ هل هي بخير؟ كيف حالها الآن؟
- شي هيون أنقذها في اللحظة الأخيرة وأخذها للمستشفى وهي الآن في شقته. تدركين ماذا يعني هذا صحيح؟
- دخلت مرحلة الخطر بسبب اللعنة.
- ماذا أنت فاعلة الآن؟
- لا أدري .... لا أدري، لقد تعبت وسئمت.
- جميعنا تعبنا وسئمنا، ألا تدركين هذا؟ نارا، لقد تركتك لأيام حتى ترتاحي وتنفسي عن غضبك من الموقف الذي حدث بيننا مؤخراً ولكن الأمور تؤول للأسوأ وعليك إدراك هذا جيداً.
- ماذا تريدني أن أفعل؟
- الخطوة الأخيرة التي لم أشأ اللجوء إليها مطلقاً ولكننا مضطرين لذلك الآن.
- كلا، لا يمكنك فعل هذا بي. لا يمكنك أن تعبث بمشاعري تجاه أوبا.
- لا يوجد خيار آخر، ألا تفهمين؟! (صرخ سي جي في وجهها)
- لنحاول مجدداً، يمكننا تكرار محاولتنا الأخيرة عندما تصورت بهيئة أوبا. لنجرب مرة أخرى.
- كلا، فتلك المحاولة تجعل رغباتنا هي المسيطرة وليست مشاعرنا. النهاية لهذه المحاولة ستكون الخيانة وليست إنهاء اللعنة.
وضعت نارا يديها على وجهها تبكي ثم نظرت له وقالت: ماذا سيحدث لي بعد انتهاء اللعنة إن قبلت بما قلته، ماذا بشأن حبي لأوبا؟
- لا أدري، ولكن ربما أحاول مسح ذكرياتك عني كي لا تشوش مشاعرك.
- هل هذا ممكن؟
- لا أدري، سأحاول ولكن هذا سيكون خطيراً لأنني سأضطر لدخول عقلك الباطن لمنع كل الذكريات التي أنا فيها.
- سيكون خطيراً من أية ناحية؟
- ربما تتأثر ذاكرتك عن الفترة الماضية بأكملها ولا تنسي بأنها نفس الفترة التي وقعت فيها بحب جو هيون مجدداً، فأنتما تصالحتما وأحببتما بعضكما مجدداً بعد قدومك إلى كوريا.
- لا بأس بذلك، أوبا لن يتخلى عني، أثق بهذا تماماً.
- حسناً إذاً.
- ولكن ... دعني أقابله أولاً. لا تعترض فأنا أريد رؤيته للمرة الأخيرة كي أخبره بأمر فقداني لذاكرتي هذا كي لا يصدم بالأمر لاحقاً ويستطيع التعامل مع هذا الوضع.
- حسناً، سأعطيك بعض الوقت لتتحدثي معه.
- أنا لا زلت لا أعلم إن كان عليَّ الوثوق بك بعد كل ما حدث ولكن هناك صوت في داخلي يخبرني بأن أثق بك.
- أعلم هذا. ما أريدك أن تكوني واثقة منه هو أنني سأبذل ما بوسعي لتعودي إلى جو هيون.
أومأت نارا برأسها إيجاباً والدموع على وجنتيها. نهض سي جي وهو يقول بأنه سيأخذها إلى جو هيون في المساء. مضت بضع ساعات وانتهى جو هيون من عمله وتوجه مباشرة للاطمئنان على يونغ جاي وما أن رآها علم بأن حالتها النفسية باتت أفضل فجلس بجانبها يسألها إن كانت بخير وبماذا تشعر الآن في حين ذهب شي هيون ليعد القهوة.
- يونغ جاي، سعيد لأنك تفهمت موقفنا وأسبابنا لإخفاء الأمر عنك ولكن كوني واثقة من أننا كنا خائفين عليك.
- لقد أخبرني شي هيون بكل شيء وتفهمت الأمر، لا بأس سيدي.
- يونغ جاي، الخطر ربما بات أقرب لك الآن بما أن شي هيون اعترف بمشاعره لك وهذا يخيفني. لا أريدك أن تتأذي بسبب عائلتنا وتكوني ضحية جديدة لهذه اللعنة.
- سيدي، لولا شي هيون لكنت ميتة الآن، هو من يعطيني سبباً للبقاء فلا داعي للشعور بالذنب تجاهي.
- يونغ جاي، افهميني جيداً، حياتك في خطر وإن أردت البقاء مع شي هيون لتعيشا حياة سعيدة فعليك الانتباه لنفسك جيداً. لا تخرجي من المنزل حتى، ابقيا هنا معاً وأنا وأمي سنحضر لكما ما تريدانه أو يمكنكما الذهاب لمنزلنا حتى فهذا أفضل.
- لا بأس لدي بذلك، يمكنك مناقشة الأمر مع شي هيون وسأفعل ما تريدانه وما تريانه مناسباً.
ابتسم جو هيون ووضع يده على رأسها وعندما أتى شي هيون حاملاً القهوة أخبره جو هيون بما دار بينهما من حديث وطلب منهما الانتقال للمنزل للبقاء مع والديه فقال شي هيون: لا بأس لدي بذلك بما أنها معي، فالضجيج لن يؤثر بي بعد الآن.
نظر كلاهما للآخر بحب وابتسم فرفع جو هيون حاجبيه وقال متذمراً: آه أعطني القهوة لأشربها وأهرب من هنا، لا يمكنني النظر لكما أكثر من ذلك. سأخبر أمي لتجهز لكما غرفتين.
رد شي هيون: ألا يمكن أن تكون غرفة واحدة؟!
اتسعت عينا جو هيون وقال: أيها الشقي، لم أكن أعلم أنك بهذه الوقاحة، كنت أظنك خجولاً.
احمر وجه يونغ جاي فقال شي هيون متذمراً: ما الذي تفكران به؟ أردت الإمساك بيدها فقط لأنني لن أتمكن من النوم بسبب الضجيج.
ارتشف جو هيون بعض القهوة ثم نهض قائلاً: لا يمكنني احتمال المزيد، استعدا للانتقال غداً، كن مهذباً شي هيون.
نهض شي هيون يتبع أخاه نحو الباب وهو يقول متذمراً: هيونغ، ماذا تحسبني؟ قلت ذلك بنية حسنة ولم أقصد السوء صدقني.
خرج جو هيون وأغلق الباب وإذا به يرى سي جي بانتظاره عند المصعد فوقف مندهشاً للحظات ثم اقترب منه بقلق قائلاً: ماذا هناك، هل نارا بخير؟
رد سي جي قائلاً: أجل، أردت التحدث معك قليلاً، هلا ذهبنا لشقتها؟
أجاب جو هيون بالموافقة وتوجه معه نحو شقة نارا فخرج شي هيون من الشقة عندما علم بالأمر وسألهما ماذا هناك فقال جو هيون: سأتحدث معه قليلاً، ادخل ولا تترك يونغ جاي وحدها.
جلس جو هيون وسي جي مقابله.
- هل أتيت لتأخذ الملابس التي طلبتها مني لنارا؟
- كلا، ستأتي لتأخذها بنفسها.
- ماذا؟
- نارا تريد رؤيتك والتحدث معك.
- لماذا، ماذا حدث؟
- لقد حاولنا كثيراً وبقاؤنا معاً لفترة أطول ونحن في هذا الوضع سيجعل الأمر أكثر خطورة. منذ أيام تمثلت لها بهيئتك لأساعدها على قول تلك الكلمة ورغم علمها بأنني سي جي وليس أنت فقدت سيطرتها على نفسها. لا أدري إن كان عليَّ إخبارك بأمر كهذا لأنني أدرك تماماً بأنه سيغضبك ويؤلمك ولكن ... عليك أن تعلم ما يحدث وما نريد أن نتجنبه.
- ماذا تقصد بأنها فقدت سيطرتها على نفسها؟
- اسمعني جيداً، لقد أخبرتك سابقاً بأنني جزء من هذه اللعنة مثلكم تماماً ولهذا أحاول فكها.
- أجل.
- هناك طرف ثالث يحاول التدخل وأوقع نارا في حادثة خطيرة.
- ماذا؟ هل هي بخير؟
- أجل بخير لا تقلق، أنا لم أخبرها بهذا ولكن ما أريدك أن تعرفه هو أن هناك من يحاول العبث معنا وجعل نارا تتذكر بأنني من أخرجتها من السيارة يوم وفاة والدها ليشككها بصدقي وبروايتي بأكملها، لا أدري ما هدفه بعد من ذلك أو حتى من يكون بالتحديد ولكن ... عليَّ أن أوقع نارا بحبي لتقول تلك الكلمة وننهي اللعنة بأسرع وقت ممكن.
- ولكن ... ماذا سيحدث مع نارا بعد انتهاء اللعنة؟
- قلت لها بأنني سأحاول مسح ذكرياتها التي تتعلق بي وهذا يعني بأنها ستفقد الذكريات المتعلقة بعودتها إلى كوريا بأكملها.
- أي أنها ستنسى أمري وتعود لتكرهني وتتجنبني.
- لهذا هي تريد مقابلتك لتخبرك بالأمر.
- لماذا أتيت لتخبرني بكل هذا؟
- لأنني ... لا أريدكما أن تفترقا سواء بسببي أو بسبب هذه اللعنة فأنا أدرك تماماً ما يعنيه أن تفترق عن الشخص الذي تحبه. لننهي هذا الأمر وننقذ الجميع جو هيون فهذا هو الحل الأفضل للجميع.
- حسناً فهمت.
قالها جو هيون وهو يمسح دموعه على عجل ثم نهض سي جي قائلاً بأنه سيحضرها إلى هنا خلال لحظات. اختفى سي جي في حين بكى جو هيون بألم وقهر ثم أسرع ليغسل وجهه قبل قدوم نارا. عاد سي جي لحديقة القمر ليجد نارا قد ارتدت فستاناً جميلاً وتزينت فقال: مضت فترة منذ أن رأيتك أنيقة هكذا.
رفعت نارا حاجبها وقالت بتهكم: وهل سأتأنق من أجلك؟
رد سي جي متذمراً: ها قد عاد مزاجك السيء، هيا بنا فهو بانتظارك.
التفتت نارا إليه قائلة: هل أخبرته بقدومي؟
أومأ سي جي برأسه إيجاباً فتوترت نارا أكثر من السابق وعندما رأى سي جي ذلك سألها: لماذا توترتِ هكذا؟
- لا أدري كيف سأخبره بالأمر؟ أنا لا أحب إخفاء شيء عنه وخاصة إن كان أمراً يخص علاقتنا. ما حدث بيننا تلك الليلة على الرغم من أنني لم أكن واعية ولكنني أشعر بالذنب.
- لم يحدث شيء لتشعري بالذنب نارا، الأمر ... كان أقوى منا نحن الاثنين ولحسن الحظ عدنا لوعينا في الوقت المناسب.
- رغم هذا فأنا أشعر بالسوء.
- يمكنك التحدث عن هذا معه والأهم هو إخباره بما اتفقنا عليه. هيا ارتدي معطفك على الرغم من أنني أظن بأنه سيشعر بالغيرة لأنني سأحملك وأنت ترتدين فستاناً قصيراً كهذا.
- أعلم هذا لذا اخترت معطفاً طويلاً.
- حسناً هيا.
ابتسم سي جي فارتدت نارا معطفها بسرعة ثم اقتربت من سي جي قائلة: أنا جاهزة.
حملها سي جي بين ذراعيه بلطف ثم نظر لها وقال: سأبقى قريباً من المجمع السكني لذا عندما تنتهين نادي اسمي كي لا أظهر فجأة وأقاطعكما، هل فهمتِ؟
نظرت له نارا بحنق وقالت: لا تظهر قبل أن أناديك.
رد سي جي ببرود: لا تطيلي اللقاء إذاً.
قالت نارا وهي تصك أسنانها غضباً: لا تقم باستفزازي، أنا لم أرَه منذ فترة طويلة.
نفخ سي جي الهواء قائلاً: لقد ازداد مزاجها سوءاً، هيا أغلقي عينيك وتشبثي بي جيداً.
فعلت نارا كما قال وبعد لحظات ظهرا في الشقة أمام جو هيون الذي لم يصدق بأنها أمامه. أنزلها سي جي بهدوء وما أن التقت نظراتهما حتى هرع كلاً منهما نحو الآخر وتعلقت نارا بعنق جو هيون وكلاهما يذرف الدموع.
نظر لهما سي جي وهما يعانقان بعضهما وقال بصوت منخفض: لن يسمعانني أو يريانني بعد الآن، أصبحت خفياً رغم تمثلي بهيئة بشرية، لأذهب فهذا أفضل.
اختفى سي جي وتركهما وحدهما حيث ظهر على سطح المبنى لينتظر انتهاء لقائهما المنتظر.
بعد لحظات ابتعدا عن بعضهما قليلاً ووضع كل منهما يديه على وجنتي الآخر ينظران لبعضهما البعض وكأنهما لا يصدقان بأنهما معاً الآن. اقترب جو هيون وقبل جبينها فابتسمت رغم دموعها وقالت: لا زلت في المنطقة الآمنة أوبا بعد كل هذا الغياب.
ابتسم جو هيون وجذبها نحوه بقوة وقبلها بشوق ثم ضمها لصدره قائلاً: اشتقت إليك ... لقد افتقدتك بجنون نارا، كانت الأيام قاسية جداً بدونك.
ردت نارا: وأنا كذلك أوبا، اشتقت إليك بشدة.
أنت تقرأ
القرن الأخير
Fantasíaكل شخص يخفي بداخله ما لا يستطيع قوله أو نسيانه ... عشق ... خوف ... ذنب ... جرح ... ألم. في جو من العشق والخوف والشوق والغموض والتضحية التي تمر بها شخصيات الرواية يجعلونا نعيش معهم أحداث في غاية التشويق مليئة بالعاطفة نعلم من خلالها أن ليس البشر وحده...