بعد حوالي ساعة التقى جو هيون ونارا وشي هيون ويونغ جاي بالسيد والسيدة كيم وذهبوا لتفقد قاعة الفندق التي سيتم فيها الاحتفال وقام كل منهم بتفقد أمر ما سواء الضيوف أو والموسيقى والعرض التقديمي والطعام والشراب وما إلى ذلك.
أتت موظفة وتقدمت نحو السيدة كيم وأخبرتها بأن خبيرات التجميل قد وصلن. طلبت السيدة كيم من نارا ويونغ جاي أن تذهبا معها كي يبدأن بتجهيز أنفسهن. همت نارا باللحاق بالسيدة كيم ويونغ جاي فأمسك جو هيون بيدها ونظر لها بإحباط وتذمر وقوس شفتيه قائلاً: لا ترتدي ذلك الفستان نارا.
ردت نارا بخبث: ولكنك لم تستطع إقناعي بسبب يمنعني من ارتدائه.
ترك جو هيون يدها وأشاح بوجهه قائلاً: افعلي ما يحلو لك ولكن تحملي العواقب.
عندئذ قالت نارا: لم أكن أعلم بأنك تستسلم بهذه السهولة أوبا.
التفت لها وقال مستنكراً: أستسلم؟! أنا أتحدث معك بهذا الشأن منذ يومين نارا.
اقتربت نارا وأمسكت بربطة عنقه لتعدلها ثم وضعت يديها على كتفيه وقالت: ألم تفكر بأن عنادي هذا قد يكون له سبب آخر ... كعقاب مثلاً لشيء قد فعلته ولم أعاقبك عليه حتى الآن.
نفخ جو هيون الهواء وقال: لقد طوينا صفحة دال هي منذ وقت نارا فلماذا تستمرين بالعودة لذلك الأمر؟ حسناً تريدين معاقبتي فافعلي شيئاً آخر، لقد نلت كفايتي من شعور الغيرة والقلق عليك نارا، من فضلك.
تذكرت نارا أمر غيرته من الشخص المحقق المجهول الذي كان يحاول إغواءها فشردت للحظات وإذا به يسألها إن كانت بخير فابتسمت وقالت إنها بخير ثم ذهبت مسرعة.
وضع جو هيون يده خلف رأسه وقال: ربما لم يكن يجدر بي قول هذا، لم أكن أقصد.
اقترب منه شي هيون عندما رأى تعابير وجهه وسأله ماذا هناك فتنهد جو هيون ولم يعد يعرف ماذا يقول فخرجا إلى مكان هادئ وجلسا كي يتحدثا.
- هيونغ، ما الخطب؟
- لا شيء جديد شي هيون، ما زلت أحاول جعل نارا تتخطى أمر شعورها بالذنب تجاهي، ما زالت تظن بأنها كانت تمتلك مشاعر تجاه شخصين في الوقت ذاته. لا أدري لماذا استعادت ذكريات متعلقة بسي جي فمن المفترض ألا تتذكر أي شيء يتعلق به.
- أنت محق، فهذه الذكريات المتقطعة زادت الأمر تعقيداً بالنسبة لها ومن الطبيعي أن تشكك بحبها لك لأنها كانت تشعر بالحيرة تجاه شخص آخر، من الصعب أن تثق بمشاعرها الآن هيونغ.
- أجل، خاصة أنها من النوع الذي يحاول تحكيم عقله في كل شيء وليس قلبها. لهذا كانت تخشى أن تنسى ذكرياتها وكانت تقول لي أن أتمسك بها حتى إن أبعدتني عنها.
- هيونغ، أنا لا أدري إن كان من الأفضل أن تتذكر نونا كل شيء أم لا ولكن واثق من أنها بحاجة لجميع ذكرياتها، على الأقل تلك التي ما قبل ذهابها مع سي جي. تلك فترة مهمة جداً في حياتها.
- أنت محق شي هيون، ولكن ماذا عليَّ أن أفعل؟
- ألا يمكننا إخبارها الحقيقة وحسب؟
- كلا، لقد قرأت الشروط وتعلم بأننا لا نستطيع فعل ذلك.
- حسناً، قلت بأنك ستأخذها إلى الأماكن ذاتها التي ذهبتما إليها أثناء التحقيق في قضيتكما الأولى.
- أجل.
- حسناً، أخبرها ما حدث في كل مكان بالتفصيل، لا داعي لتخفي أمر سي جي، أخبرها بأنه كان معكما ولكن لا تقل لها اسمه.
- شي هيون أنا حريص على ألا تتذكر شيئاً عنه فكيف عساي أخبرها بأنه كان معنا؟ ليس لدي أجوبة لها على أسئلتها.
- لقد قلت لها بالفعل بأنه عاد لحبيبته السابقة وغادر.
- أجل ولكن ماذا لو أرادت أن تعرف اسمه أو ترى صورته؟!
- ماذا عسانا نفعل إذاً؟ يجب أن تستعيد ذكرياتها كي تدرك حقيقة حبها لك هيونغ.
- لا أدري شي هيون، لقد تعبت كثيراً ولم يعد لدي طاقة لبذل المزيد من الجهد أو حتى الاحتمال.
- أعلم بأنك تتألم، أدرك قسوة الأمر ولكن ... ابذل ما بوسعك هيونغ ولا تستلم فقد اقتربتما من نهاية الطريق المظلم وستريان الضوء عما قريب.
- آمل هذا. هيا بنا لنذهب ونستعد، فالأخوين الوسيمين يجب أن يتأنقا الآن ليخطفا قلوب الفتيات في الحفل.
- لقد خطفت قلب فتاتي بالفعل، اهتم بأمر فتاتك هيونغ.
- أيها الشقي، أنت تزداد وقاحة يوماً بعد يوم.
- هيا انهض وتأنق فهناك فتاة عنيدة عليك أن تخطف قلبها الليلة.
- هل ستجدي أناقتي نفعاً مع عنادها؟! آه ... هيا بنا.
نهض كلاهما وذهبا لغرفتيهما. أخذ شي هيون علبة مجوهرات كان قد اشتراها من أجل يونغ جاي، حدق بها وابتسم للحظات ثم ذهب للغرفة التي يتجهزن بها. طرق الباب ودخل وسأل الموظفة عن يونغ جاي فأخذته لغرفتها فقد كانت كل واحدة منهن في غرفة من ذلك الجناح مع الموظفات. تفاجأت يونغ جاي برؤيته وسألته ما الذي أتى به.
- أردت أن أعطيك هذا، أحضرت لك هدية لارتدائها في الحفل.
- إنه ... جميل للغاية ولكن شي هيون ... إنه ألماس وثمين جداً. لا يمكنني ...
- يونغ جاي، أنت زوجتي المستقبلية والابنة في القانون لهذه العائلة، هذه الهدية لا شيء مقارنة بما تستحقينه.
- ولكن شي هيون ...
- يونغ جاي، من فضلك ... انسي هذه الأمور فلا داعي لتشعري بالحساسية تجاه شيء كهذا، كل ما لي الآن هو من حقك، لا تظني بأن أي شيء تأخذينه كثير عليك بل هو أقل بكثير مما تستحقينه. لقد منحتني الكثير يونغ جاي، منحتني الحب والأمان والثقة والسكينة، وحولت حياتي بأكملها إلى جنة، لذا فهذه الأشياء المادية لا تقارن أبداً بالأشياء القيمة التي لا تقدر بالثمن والتي ما زلت تمنحينها لي حتى الآن، وأنا واثق من أن عطائك سيستمر للأبد فكيف لي أن أقدر ثمن كل هذا يونغ جاي؟! أنا سأبقى مدين لك مهما قدمت وفعلت.
دمعت عينا يونغ جاي وعانقته فطلب منها ألا تبكي ثم وضع العقد حول عنقها ثم وضع لها السوار والأقراط. نظرت له دال هي وقالت: شكراً لك.
ابتسم وأومأ برأسه نافياً ثم قال: بل شكراً لك على دخول حياتي، أحبك.
قبل شي هيون وجنتها ثم خرج مسرعاً عائداً لغرفته.
اتصلت يونغ جاي بدال هي وطلبت منها القدوم وإحضار فستانها معها لتضع مستحضرات التجميل.
خرجت دال هي من غرفتها والتفتت نحو غرفة دو هان ثم مضت في طريقها وهي تفكر بما قاله لها، كانت ترفض الفكرة خشية أن تتطور مشاعره تجاهها وعندئذ سيصعب عليه تخطيها، كانت تخشى أن يصيبه ما أصابها بسبب حبها لجو هيون، حب تكلله النهاية المؤلمة والتعاسة والخيبة ومكابدة المعاناة مع الوحدة لوقت طويل.
مضى الوقت وخرج الشبان لينضموا للسيد والسيدة كيم التي انتهت مبكراً وخرجت لتقف مع السيد كيم أثناء استقبال ضيوف الحفل. كان جو هيون متوتراً خشية أن تأتي نارا وهي ترتدي الفستان ذاته. انتهت الفتيات الثلاثة ثم خرجن معاً وتوجهن إلى قاعة الحفل.
ما أن دخلن حتى توجهت أنظار جو هيون وشي هيون ودو هان نحوهن والأكثر دهشة كان دو هان فقد كانت المرة الأولى التي يرى فيها دال هي متأنقة لهذه الدرجة. توجهت ثلاثتهن نحو السيد والسيدة كيم الذين أطريا على جمالهن وأناقتهن حيث قالت السيدة كيم: أتمنى لو كان لي ولد ثالث ليتزوج بدال هي، كنت سأكون أكثر امرأة محظوظة في هذا العالم لكون أجمل 3 فتيات هن بناتي في القانون.
ابتسمت نارا ببرود لأن الحديث لم يرقها في حين ابتسمت دال هي بحرج وشكرت السيدة كيم على إطرائها ولم تجد عذراً للهرب من الحديث معها سوى دو هان. أسرعت وجلست إلى طاولته حيث كان دو تشان والسيد كيونغ برفقته أيضاً. أثنى دو تشان على أناقتها وكذلك السيد كيونغ فابتسمت وشكرتهما أما دو هان فقد كان يحدق بها مذهولاً دون أن يتفوه بحرف.
أسرع شي هيون ووقف بجانب يونغ جاي التي كانت تتبادل الحديث مع والدته وعندما سئم من انتظار انتهاء حديثهن قال بأنه يريد أخذ يونغ جاي فقالت والدته: اهدأ يا فتى، علينا أن نعرفها إلى الضيوف.
قوس شي هيون شفتيه متذمراً فابتسمت يونغ جاي بخجل. بدأت السيدة كيم جولتها مع نارا ويونغ جاي لتعرفهن على سيدات الطبقة المخملية وبعد قليل سمعن حديث بعضهن عن يونغ جاي بأنها فتاة فقيرة وكيف تمكنت من إغواء شي هيون وما إلى ذلك. دمعت عينا يونغ جاي فقد سمعت بأذنها ما كانت تخشى حدوثه، همت بالذهاب فأمسكت السيدة كيم بيدها وقالت: يونغ جاي، لا تهربي بل واجهي بقوة، أنت لست أقل من أفضل واحدة هنا، تعالي معي.
وضعت نارا يدها على كتف يونغ جاي ومسحت دموعها ثم قالت: ارفعي رأسك.
توجهت ثلاثتهن نحو أولئك السيدات ثم قالت السيدة كيم: يبدو بأن تعريفي السابق لابنتي في القانون المستقبلية يونغ جاي لم يكن كافياً لذا سأعرفكن عليها من جديد. يونغ جاي فتاة ذكية ومهذبة ولطيفة جداً، قلبها مليء بالحب وصادقة لأبعد الحدود. قوية وشجاعة ولكن الأخلاق ليست ما يهمكم لذا سأعرفكن بها بالطريقة التي تفهمنها. يونغ جاي ابنتي في القانون المستقبلية وهدية زواجها ستكون نصيباً كبيراً من أسهم مجموعة كيم. نصيبها في كل ممتلكات عائلة كيم سيكون أكبر من ثروة أغنى واحدة منكن. بعد أيام ستتسابقن للحصول على رضاها لتطلبن منها الموافقة على تمويل هنا ومشروع هناك فأحسنوا معاملتها.
نظرت نارا ليونغ جاي وقالت: لا تعاملي الجميع بلطف فهناك من لا يستحق أن تنظري له حتى، لا تدعي قلبك الطيب يتأثر بسواد قلوبهم وأشواك ألسنتهم الخبيثة.
التفتت نارا للسيدات وقد بدا عليهن الانزعاج والتذمر ثم قالت: يونغ جاي تعتبر كنز لعائلتنا، إنها جوهرة ثمينة للغاية ومن يجرؤ على محاولة خدشها سيدفع الثمن باهظاً.
عندما شعرن بأنهن في مأزق بدأن يبررن كلامهن واعتذرن ليونغ جاي. شعر شي هيون بأن هناك خطب ما بتعابير وجه يونغ جاي فاقترب منها يسألها ماذا هناك بعد أن ابتعدن عن أولئك السيدات. بقيت يونغ جاي صامتة فابتسمت نارا وطلبت منه أخذها للخارج قليلاً لتستنشق الهواء.
أمسك شي هيون بيدها وأخذها للخارج وما أن أدركت بأن لا أحد يراها لم تستطع منع دموعها أكثر. شعر شي هيون بالقلق وكرر سؤاله لها فأخبرته بما حدث. غضب شي هيون وهم بالنهوض قائلاً بأنه سيحاسبهن فأمسكت بيده وابتسمت قائلة: هل ستتشاجر مع نساء بعمر والدتك؟
- ولكنهن أسأن لك يونغ جاي.
- لا تقلق، أمي ونارا قالتا لهن كلاماً قاسياً جعلهن يلتزمن الصمت بل وشعرن بالحرج والخجل من أنفسهن.
- حقاً؟ لم أكن أعلم بأن أمي تجيد توبيخ أحد، هي توبخ أبي فقط. (ضحكت يونغ جاي)
- لا تقل هذا عنها، لقد وبختهن حقاً من أجلي ودافعت عني.
- هذا جيد، شعرت بالراحة الآن. لمَ تبكين إذاً؟
- في البداية كنت أود أن أبكي لأنني سمعت ما كنت أخشى سماعه منذ ارتباطي بك شي هيون ولكن ... عندما سمعت ما قالته أمي ونارا شعرت بالسعادة، علمت بأنني لست وحيدة وبأن لدي عائلة تحبني وتدافع عني مهما حدث.
- ألم تكوني واثقة من أننا عائلتك بعد؟
- كنت أعلم بأنكم تحبونني ولكن مفهوم العائلة يعني الكثير من الأمور شي هيون وقد رأيته اليوم. أمي ونارا لم تتساءلا عن هوية أولئك السيدات حتى ولم يترددن للحظة بعد سماع كلامهن، لم يفكرن بأنه ماذا لو كان هناك مشاريع أو عقود أو ما قد يسببه كلامهن من مشاكل، لقد دافعن عني وحسب، كرامتي كانت هي الأكثر أهمية والأغلى ثمناً بالنسبة لهن.
- بالطبع، أمي ونونا لن يفكرن بأمور مادية كهذه مهما حدث.
- شكراً لك شي هيون، لأنك جعلتني جزءاً من هذه العائلة الجميلة.
- شكراً لك لأنك زدت هذه العائلة جمالاً يونغ جاي.
أمسك شي هيون بيدها وقبلها ثم عادا للداخل.
كان جو هيون يلاحق نارا عن بعد وعندما رأى بأن الفرصة سانحة اقترب منها بهدوء وقال: أرى بأنك لم ترتدي ذلك الفستان.
- آه ... لقد غيرت رأيي سأرتديه غداً.
- ماذا؟
- مهلاً، هل كنت تبتسم من بعيد طوال الوقت ظناً منك بأنني قبلت بطلبك؟ يبدو بأن هناك سوء فهم، كل ما في الأمر بأنني قررت تبديل الفستانين، اليوم ارتديت هذا وغداً سأرتدي ذاك.
- نارا، هل تحاولين إغاظتي الآن؟
- ربما.
أمسك جو هيون بيدها وخرجا للشرفة فأفلتت نارا يدها من يده متذمرة.
- ماذا هناك؟ لم أرتدي ذلك الفستان فلماذا تبدو منزعجاً؟
- منزعج؟ لست منزعجاً نارا، ألم تعودي تعرفين مشاعري من نظراتي؟
- بل أعلم، ولكنك لم تقل شيئاً حتى الآن. (قوست نارا شفتيها بانزعاج فابتسم)
- أحضرتك لأقول ما لدي.
أخرج جو هيون علبة فيها سوار جميل للغاية ووضعه على معصمها ثم قبل يدها ونظر في عينيها قائلاً: تبدين جميلة للغاية الليلة ... بما أنك لم ترتدي ذلك الفستان.
كانت نارا مسحورة بنظراته وتسارعت دقات قلبها مع قبلته التي طبعها على يدها وفجأة غير المزاج بأكمله بجملته تلك مما جعل نارا تضحك. ابتسم جو هيون واقترب واضعاً يديه على خصرها ونظر في عينيها قائلاً: أحبك نارا، نظراتك التي تشتعل لهيباً أحياناً والقاسية أحياناً أخرى وحتى نظراتك الباردة في بعض الأحيان تجعل قلبي ينبض بجنون، أحبك في كل حالاتك ... مهما حدث ومهما طال الزمن.
طوقت نارا عنقه بذراعيها وألصقت جبينها بجبينه وقالت: وأنا أيضاً أحبك أوبا، كن واثقاً من هذا. أعلم بأن قلبي لا يمكنه أن يتسارع بجنون هكذا إلا من أجلك أنت.

أنت تقرأ
القرن الأخير
Fantasyكل شخص يخفي بداخله ما لا يستطيع قوله أو نسيانه ... عشق ... خوف ... ذنب ... جرح ... ألم. في جو من العشق والخوف والشوق والغموض والتضحية التي تمر بها شخصيات الرواية يجعلونا نعيش معهم أحداث في غاية التشويق مليئة بالعاطفة نعلم من خلالها أن ليس البشر وحده...