الفصـــــل الثاني
بعد يومين .. كان عابد يقف مع حسن في طرقة الملجأ يحاولان الدخول لعنبر البنات في محاولة منهم لرؤية لُقى ..المعتكفة داخل العنبر ولم تخرج منذ يومين ..
" ليست طبيعية يا حسن .. أنا متأكد أنها تخفي عني شيء "
رد حسن الذي كان يحاول تهدئة صديقة رغم قلقه هو الآخر ..
" اهدأ يا عابد .. وماذا ستخفي عنك برأيك .. أنت تتوهم يا رجل "
كان من الواضح أن عابد لم يسمع من حديث حسن شيء .. لأن كل تركيزه ..كيف يستطيع الدخول إليها .. في هذه اللحظة ..لمح الحارس المُكلف بحراسة هذا المكان يغادر مكانه .. عندها وبدون تفكير أمسك ساعد حسن الذي كان يرغي بكلام لا يسمعه حاليا ..
" عابد لا تجن .. انتظر لليل .. ونحاول التسلل لها .. في وضح النهار هكذا من الممكن أن يدخل أي أحد للعنبر "
وأيضاً من الواضح أن عابد لم يسمع لأن كل همه في هذه اللحظة أن يذهب إليها .. وصل للغرفة التي تضم عدد لا بأس به من الأسرّة
كانت مكومة على فراشها كالمعتاد .. ترك مرفق صديقه وجرى إليها ..
وصل لفراشها ..وجلس عليه بجوارها .. كانت نائمة ..ودمعات جافة على خديها .. تقطّع قلبه المسكين عليها .. مسح بأصابعه على خدها .. تململت تحت لمسته .. فتحت عينيها بهدوء .. وأشرقت ملامحها بفرحة لم تسيطر عليها .. وبدون إرادة منها ..رفعت جذعها ..ولفت ذراعيها حول رقبته متعلقة به بشدة .. إحساسها في هذه اللحظة لا يوصف ..خائفة .. بل مرعوبة .. وهو .. هو أمانها .. إحساسها بالحياة ..
تفاجأ عابد من تصرفها .. رغم طفولية التصرف من جهتها ..الا أنه هز أعماقه .. وكأنه مسحوباً كالأعمى .. رفع ذراعيه وحاوط جسدها الصغير يُطمئن ارتعاشها .. وأنين بكائها الذي جعله يعيش إحساسين في نفس اللحظة .. أولهما ..إحساس الجزع والخوف عليها ..وثانيهما ..
إحساس الغضب .. غاضب كالبركان لعدم معرفته ما بها ..بل والذي يشعل غضبه أكثر .. أن يكون هناك سبب .. أو أحدا .. لبكائها ..
مسد على ظهرها .. قائلا بود ..
" إهدأي صغيرتي .. أخبريني ماذا بكِ .. ولما تبكين هكذا ؟! .. ولماذا لم تغادري العنبر منذ يومين .. هل أذاكِ أحداً ؟!
ابتعدت عن أحضانه .. بعد أن تمالكت نفسها ومسحت وجهها بظاهر كفها بطفولية ..
" لا تقلق يا عابد .. أنا بخير .. فقط كنت متعبة .. "
" حسنا .. انهضي معي ..وسنذهب للمشرف ونطلب منه أن يراكِ الطبيب "
عند ذكر المشرف .. هتفت مذعورة متمسكة بكفيه ..
" لا يا عابد لا .. أنا بخير صدقني ... سأنام قليلا .. ومساءا سأخرج لكم في وجبة العشاء "
ضيق عابد عينيه .. قلبه يخبره بوجود خطأ .. ولكن ما هو .. وحالتها هذه لن يسكت عنها ..
أنت تقرأ
تراتيل الماضي.. ج١ سلسلة والعمر يحكي.. بقلمي راندا عادل..
Romanceرواية اجتماعية.. رومانسية..