الفصل الثاني والعشرون

1.1K 56 4
                                    

الفصل الثاني والعشرون ..

" جد لُقى ؟!!! "
كانت هذه همسة حسن الغير مستوعب لما قيل .. و عابد يناظر الرجل بدهشة .. سعادته الآن لا توصف .. صغيرته لديها أهل .. وكم تمنى وجودها في كنفه الآن .. كان ليسرع لها ويخبرها .. ويتزوجها في حضور أهلها .. وعلى ذكر الزواج .. اكفهرت ملامحه وغصة حكمت قلبه  حين تذكر خيانتها له.. سمع الرجل يسأل بفرحة ..
" هل تعلمون مكانها ؟! "
" نعـ ... "
هم حسن ليرد .. ولكنه لم يُكمل حين قاطعه عابد .. يقف معتدلا بشموخ لامبالي ..
" كنا .. كنا نعلم مكانها .. والآن لا نعلم "
استقام الرجل من مكانه غاضبا .. هاتفا بصياح ..
" كيف لا تعلمون .. لقد علمت من مدير الملجأ أنك تعلم مكانها "
شتم عابد بسره .. فهذا الرحل يتعجل النهاية .. وسيكون أكثر من مُرحب حين يكتبها له بنفسه .. فقط ينتهي مما هو فيه ..
كان حسن ينظر لعابد بدهشة .. غير متوقع لما قال .. نعم لا يعلمون مكانها .. ولكنهم يعلمون على الأقل مع من موجودة .. وصله صوت عابد يتحدث بلا مبالاة وكأن الموضوع لا يهمه ..
" كما سمعت .. لا نعلم مكانها وهذا نهاية الحديث "
اشتعل غضب الرجل .. وخرج من المكتب صافقا الباب ورائه بغضب .. نظر حسن لعابد نظرة قاتلة .. آلمته .. ولكنها ليس بمقدار ألمه الذي عاشه خلال الساعات الماضية ..

***** 

خرج حسن مسرعا وراء الرجل .. ونادى ليوقفه ..
" سيد عبد الرحمن .. انتظر لحظة من فضلك "
توقف الرجل ينظر للمنادي .. وقال غاضبا ..
" ماذا تريد .. ألم تقولا أنكما لا تعلمان مكانها .. حسنا دعني أبحث عنها بمكان آخر "
قال آخر كلماته يتحرك من أمام حسن الذي تحرك بدوره ليقطع تحرك الرجل من الأمام .. وقال بهدوء ..
" سيد عبد الرحمن اسمعني .. احتاج لرقم هاتفك .. سأحاول كل جهدي معرفة مكانها .. وحين أعلم .. سأبلغك "
" حقاً !!! "
قالها الرجل بدهشة ممزوجة بسعادة .. مما جعل حسن يبتسم هو الآخر .. أومأ له وتبادلا الأرقام مع وعد بـالـ " لُقى " مرة أخرى ..
غادر الرجل .. وتوجه حسن لوجهة يعلمها جيدا .. ويعلم أن هناك سيجد الحقيقة من عدمها ..
*******
أمام مبنى الشركة .. كان هناك رجل يقف ممسكا بالهاتف بسعادة .. وتحدث ..
" سيد زين .. ظهر عابد وهو الآن بالشركة "
وصله صوت زين الذي وقف بانتصار ..
" راقب المكان جيدا حتى آتي "
أغلق مع الرجل .. وصاح بسعادة غير طبيعية .. كانت لحظة من الهناء حين جاءه رساله على هاتفه تفيد بأن هاتف عابد تم تشغيله وأصبح متاح الآن .. هاتفه .. وقام بالخطوة الثانية في خطته .. أو تحديدا في انتقامه الذي أتى بثماره ..
اجتمع بالرجلين المتبقيين معه .. كانوا واقفين في الحديقة ... وقال آمرا إياهم ..
" استعدوا سنغادر لساعات  .. ونعود هنا مرة ثانية .. "
سكت قليلا وأكمل بانتصار ..
" ظهر عابد في شركته منذ قليل... سنتخلص منه اليوم .. فاستعدوا "
غير واعين لمن كانت تقف في شرفة الغرفة المقيمة بها ... ولف نظرها وقوفهم .. وتابعتهم متخفية .. وعند ذكر عابد سقط قلبها بذعر .. وكتمت فمها بكفها تمنع خروج شهقتها المرعوبة عليه ..
حسنا فتخمينها في محله .. وجودها هنا ليس عبثا .. ومن المقصود .. هو!! .. حبيبها!! .. أبدا لن تستسلم .. عليها أن تخبره .. وتنقذه .. حاولت التفكير كيف يمكن أن تخبره .. فلا يوجد هاتف معها ... وبخت نفسها لأنها تركت هاتفها بمنزل عابد عندما غادرت .. ستهرب إن لزم الأمر ..
أما زين .. فنسى وجودها .. أو اطمأن له .. وتلهى في خطته وكيفية تنفيذها بدقة .. وبسرعة دون أن يتوجه لها .. صعد لسيارته بصحبة رجاله .. متوجهين لنيل ما خطط له ..
******
ظهرا .. توجهت والدة حسن للعنوان الذي أخبرها به عابد .. مع سائقها .. وقصدت أن تذهب في هذا الوقت .. حتى تكون ياسمين بعملها .. فلديها حديث مطول مع والدتها .. صعدت ورافقها السائق .. وحين وصلت للباب المطلوب .. وقبل أن تطرق الباب .. قالت للسائق ..
" انتظرني بالسيارة .. لن أتأخر .. "
استجاب السائق للأمر ونفذه .. أما هي فالتفتت للباب .. وطرقت حتى سمعت صوت نسائي يصلها ..
" آتية .. لحظة "
سمعت صوت الباب يُفتح .. ويصلها نفس الصوت المتسائل باستفهام ..
" " نعم .. من تريدين ؟! "
أجابتها والدته بابتسامة هادئة ...
" أريد والدة ياسمين .. هل هذه أنت ؟! "
ومدت يدها في محاولة للسلام .. فهمت والدة ياسمين أن السيدة أمامها _كفيفة_ .. فأمسكت يدها الممدودة .. وهتفت بترحاب يليق بأولاد البلد ..
" نعم أنا .. تفضلي .. "
وبالفعل دخلت والدة حسن وداخلها عزم أن تقتنص سعادة ابنها من الدنيا .. أجلستها على كرسي قريب .. وبعد الكلام المعروف في مثل هذه المواقف .. علمت والدة ياسمين .. أن هذه السيدة والدة حسن الذي تقدم لابنتها .. حاولت الحديث .. ولكن والدة حسن قاطعتها ..
" اسمعيني من فضلك .. أعلم أن حسن تقدم لياسمين ابنتك .. وأعلم أنكِ رفضتيه لسبب من وجهة نظري لا يستحق .. حسن يحب ياسمين .. بل يعشقها .. أرجوك لا تحرميهما من بعضهما .. "
سكتت لحظة ... وأكملت ..
" حسن لم يعرف طعم للسعادة بحياته .. كان دوما بشوش رغم ما لاقه من ألم .. الا أنه كان سبب للبهجة في حياة كل من يعرفه .. لذا أرجوكِ لا تحرميه من ياسمين .. فسعادته بوجودها لا تقدر بثمن .. وكل ما تخافي منه يمكن حله وديا .. فلا فارق بين الأهل "
لا تنكر أنها عندما تواجهت مع ابنتها بالأمس فكرت في حالها .. وكيف ستحرمها من أبسط حقوقها بالحياة .. وجاء كلام والدة حسن زاد من احساسها بالذنب تجاه ابنتها .. ولكنها كانت خائفة وبشدة .. وغير مستوعبة لحب الشاب الغني لابنتها .. حتى لو استوعبته كانت خائفة .. بل مرعوبة أن يؤذيها في يوم ما فرق المستوى بينهما ... كانت تظن أنها هكذا تحميها .. ليست أنانية منها .. بل هو خوف غير طبيعي على أبنائها لأنهم ببساطة بدون سند .. نحت أفكارها جانبا .. ابتسمت والدة ياسمين للجالسة أمامها بود .. وهتفت تمدحها ..
" من الواضح حبك لحسن .. من يراكِ يظنك أخته ولستِ أمه "
ابتسمت والدة حسن بارتعاش .. فما سيقال الجزء الأصعب من الحديث
" حسن ليس ابني "

تراتيل الماضي.. ج١ سلسلة والعمر يحكي.. بقلمي راندا عادل..   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن