الفصل السابع والعشرون

1.2K 59 6
                                    

الفصل السابع والعشرون

" كيف لعابد أن يعلم .. ولا أعلم أنا ؟! "
كان هذا سؤال حسن الغاضب تجاه أمه .. أمه التي محته من الصورة تماما .. وأكمل غاضبا ..
" لماذا أمي .. لماذا ؟! .. هل تريني عديم الرجولة لهذه الدرجة ؟! .. هل تريني غير قادر على حمايتك منه ؟! أجيبيني أمي أجيبييني "
تبكي .. وتشعر بالعجز .. وهي لا تستطيع التخفيف عنه .. هي خافت عليه .. همت لتتحدث ولكنه قاطعها قائلا ..
" لم أكن كافي لكِ أمي .. هذه هي نظرتك لي .. غير كافي ولذلك لجأتِ لصديقي ليحميكِ "
" ليحميكِ أنت حبيبي "
قالتها والدته ببكاء أدمى قلبه .. وأكملت تقف من مكانها تتوجه إليه بتخبط .. هامسة بتوسل ..
" أقسم يا حسن خفت عليك .. لم يكن لدي استعداد أن يؤذيك بشكل أو بآخر .. "
شهقت باكية تمسك بيده .. تحاول جعله يدرك خوفها عليه .. وأكملت ببكاء ..
" لو علم أن لك يد بما حدث .. لم يكن يتردد بقتلك يا حسن "
إلتفت ينظر لوجهها الذي انطفأت فيه الحياة بسببه هو .. أدمعت عيناه وتوجع قلبه من أجلها .. وخاصة حين أكملت ..
" كيف كنت أعيش بدونك يا حسن !! " 
شهقت تبكي وشهقاتها كالسكاكين تنغرس بقلبه .. وأكملت ..
" كيف وأنت النور والسند بني !! "
هنا ولم يحتمل .. جذبها لأحضانه يخفيها .. وكأنه يحميها.. همس بكل الوجع والحب بداخله ..
" بل أنتِ السكن والوطن أمي "

*******

بعد ساعتين من القيادة المتواصلة لمسافة تأخذ من الوقت ثلاثة ساعات ويزيد قليلا ولكنه اختصرها في أقل بكثير بسبب تهوره .. وقيادته السريعة استطاع الوصول لقرية أهلها كما وصف له جدها على الهاتف .. وصل لمدخل القرية .. ومع سؤاله لأحد المارين بجوار السيارة عن منزل الجاح عبد الرحمن .. وقال الرجل ما أدهشه ..
" وهل هناك من لا يعرف منزل الحاج .. ستجده في منتصف القرية .. بيت كبير كالقصر .. وهذه القرية جميعها من أملاكه "
للحظة شعر برهبة الرجل .. وأنه خصم ليس بالسهل .. وأن عليه من الأساس أن لا يضعه بخانة الخصوم ..
وصل للبيت .. أو للقصر كما وصفه الرجل .. ببوابة حديدية كبيرة .. مفتوحة !! .. ويقف على جانبيها شخصان ضخام .. ومن هيئتهما أدرك أنهما خفر للمكان .. توجه إليهما قائلا ..
" أريد مقابلة الحاج عبد الرحمن "
قاده أحد الرجال لداخل غرفة واسعة تسمى " المضيفة " .. وبعد دقيقتين حضر الحاج عبد الرحمن واستقام عابد واقفا باحترام لهذه الهيئة التي تتمتع بالهيبة ..
وصل الحاج عبد الرحمن إليه .. ناظره قليلا بتفحص .. لو عليه لما قابله ولكن عاداته تغلبت عليه .. ومد يده بسلام قائلا بترحاب ..
" حمد لله على سلامتك سيد عابد "
" عابد فقط رجاء "
قالها عابد بود .. وأكمل مادا يده هو الآخر ..
" شكرا لك "

*******

بعد قليل من جلوس عابد الثائر .. يريد أن يراها .. يُسكت شوقه ناحيتها .. يراها ليطمئن أنها بخير .. استجمع شجاعته وهمس برجاء كان أشبه للتوسل ..
" سيد عبد الرحمن .. أرجوك أريد رؤية لقى "
جعد الرجل جبينه .. وهتف بعدم فهم ..
" ماذا تعني بـ تريد رؤية لقى ؟! وأين هي لقى بظنك ؟! "
نظر له عابد غير مستوعب لما يُقال .. وهتف بإقرار غير واعي ..
" هنا .. وتريد تزويجها "
سكت قليلا وعقله يقوده لنقطة أخرى .. وهمس متسع العينين ..
" تزوجت !!!! "
" ما هذا الهراء الذي تقوله يا ابني .. افهمني ما تعني بهذا الكلام "
سكت عابد قليلا ورفع يده السليمة يفرك بها وجهه عله يستوعب ما يحدث .. أخذ عدة أنفاس وزفرها يُهدأ بها نفسه .. وقال أخيرا ..
" أخبرني حسن أنها هنا .. وأنك تريد تزويجها لابن عمها للم شمل   العائلة "
سكت يراقب دهشة الرجل وأكمل بتعجب أرقه ..
" وللآن لا أعلم كيف ظهر لها عائلة من العدم أساسا "
تغاضى الرجل عن الكلام الأخير لعابد .. وقال ..
" ولكن لقى لم تأتي لهنا ولا أعلم عن أي زواج تتحدث .. ولم أراها للآن  "
ألجمه الرد ولا يعلم ماذا يقول .. لقد أوقع به حسن في شر أعماله .. همّ ليعتذر ولكن قاطعه رنين هاتفه .. وهمّ ليغلق الهاتف ولكن نظرة منه حانت لشاشة الهاتف .. فقرأ إسم والدة حسن .. فاعتذر من الرجل ليجيب الاتصال قائلا بتهذيب ..
" أهلا سيدتي .. هل أنتِ بخير ؟! "
كان قلق بحق عليها .. ولم يكن يريد تركها في مثل هذه الظروف وهي التي استعانت به من البداية .. ولكن الهمسة التي أتته جعلته يشتم بخفوت ..
" عابد "
كان هذا صوت حسن المعتذر .. والذي كان في غير وقته نهائيا .. أجابه عابد بحدة .. يقف من مكانه بعصبية ...
" ماذا فعلت بي أيها الغبي ؟! "
" عابد أنا آسف .. سأخبرك مكانها .. فقط سامحني يا أخي "
" وهل تعلم مكانها حقا ؟! "
همس عابد بسؤال أوجع حسن لما سببه لعابد .. فقال بغصة حكمت صوته ..
" نعم أعلم "
تنهد عابد وجلس بإعياء .. غير مدرك لعيون الرجل الذي يتابع ويدرس كل سكناته قبل تحركاته .. نصف ابتسامة علت شفتي عابد قائلا بخفوت وصل لمن بجواره ..
" لا أعلم هل اتصالك جاء متأخرا أم بالوقت المناسب يا حسن "
لم يفهم حسن ما قصده عابد .. ولكنه أراد أن ينهي ما اتصل من أجله .. فهتف ..
" حسنا تعالى .. أو أخبرني أين أنت وسآتي إليك "
أغمض عابد عينيه وقال ما ألجم حسن وجعله يفقد حواسه ..
" أنا عند جدها يا حسن "

تراتيل الماضي.. ج١ سلسلة والعمر يحكي.. بقلمي راندا عادل..   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن