الفصل الرابع عشر
" ماذا حدث بالملجأ لولو ؟! ... أخبريني "
ارتبكت أكثر وتوترت .. أشاحت بوجهها عن عينيه .. استقامت لتهرب من تحكم يديه لوجهها .. فاستقام هو الآخر ينتظر حديثها .. يلاحظ توتر جسدها .. ولكنه لم يكرر سؤاله مرة ثانية .. فقط اكتفى بالوقوف أمامها لتدرك أنه ينتظر حديثها .. رفعت عينيها إليه برجاء وكأنها تطالبه أن يرحمها من الإجابة .. ولكن هذا لم يحدث ..
استدارت عنه بجسدها فأصبح يقف خلفها .. تكلمت بتلعثم ..
" أنا .. أنا مرهقة وتعبت .. أريد النوم " .
تهرب .. هي تهرب وبكل هدوء تحركت من أمامه .. متوجهة لغرفتها تاركةً إياه يجلس مكانه بإعياء يمرر يده بشعره بعصبية .. ماذا يفعل ليصل لهذه الحلقة المفقودة .. هل ضغط عليها الليلة ؟! .. يعلم أن ما تعيشه صعب ..ولكن ما يعيشه هو .. ألم يفكر بإحساسه أحد .. هو رجل طُعن في رجولته المبكرة ..لقد ظن أنه يحميها .. يفديها بروحه إن تطلب الأمر .. لقد شعر أنه أخفق .. ولم يكن بمقدار المسؤولية التي وضع نفسه به .. هل لا يستحقها .. فهي بالنهاية تحملت من أجل حمايته كما أخبرته سابقا ..
جلس يسترجع جميع ما قالته .. وكل كلمة وكأنها نصل تُغرس بقلبه كسكين بارد .. لقد لاقت ما لم يتحمله رجل .. هي لم تكن مُخيرة .. لقد أجبرتها ظروفها على هذا العمل .. يوجد أكثر من حل ..يعترف بهذا ..ولكن جميعهم مُر .. ظل جالسا وقت لا يعلمه .. ربما دقائق أو ساعات ..
******
أما عندها فتحركت من أمامه تكاد تسقط أرضاً .. لقد أُرهقت للغاية .. لقد كشفت نفسها أمامه .. تعلم أن ما حكته كان يريد معرفته ولكن الأصعب ما لم يُحكى ..
جلست على فراشها بعد أن أغلقت الباب .. أغمضت عينيها .. دموعها لا تفارقها .. لماذا عاشت ما عاشت.. لماذا هي .. ولماذا عاد عابد ..لماذا عاد ليعرف عنها ما عرف وما مؤكد سيعرفه .. كم تمنت في هذه اللحظة أن تصرخ وتجوب العالم صراخا ..ولكنها مجرد أمنية بائسة .. وضعت يدها على فمها تشعر أن صراخها يكاد يخرج من فمها .. استكانت على الفراش بوضع الجنين .. ومازالت دموعها تجري .. وكفها يغطي فمها في محاولة منها لضبط انتفاضتها .. وقد كان .. سكنت بعد وقت طويل تغط في سبات عميق مظلم .. يكاد يبتلعها ..
( كانت تستند بظهرها للحائط .. جالسة على الأرض الباردة .. ترتعب ..وتشعر بالبرد .. كانت ترتدي بنطالها ..ورغم ذلك تشعر بالصقيع ينخر عظامها .. لم تنفذ كلامه حين طلب منها ألا تأتي مرتدية إياه .. وعلى علم بما سيحدث معها حين يأتي .. انتفضت برعب في مكانها حين فُتح الباب وطلّ منه شيطان أفكارها ..بهيئته القذرة وانتفاخ بطنه البارز .. كانت تنظر له متسعة العينين بذعر .. وقلبها يكاد يخرج من مكانه .. وجسدها رغم برودته يتعرق .. ووجها شاحب يحاكي الموتى .. وجدته يقترب منها بهدوء وكأنه على وشك التهام وليمة انتظرها .. جثى على ركبتيه أمامها ينظر لها باستمتاع مريض .. هاتفا
" ما بكِ يا حلوة .. لا تخافي .. فوقت الاستمتاع بدأ "
قال كلماته الأخيرة .. ويده تمتد لقدميها يمسكهما بقبضة واحدة .. ساحباً إياها ليبسط ساقيها .. وبيده الثانية .. كانت تمسد ساقيها بمتعة ونظرة رغبة مريضة .. كم ودت الصراخ ..ولكن صوتها لا يخرج .. قال شاتما ببذاءة
" أيتها الحقيرة ..ألم أخبرك ألا ترتدي بنطالك هذا .. "
سكت ينظر لها بحقد وكأنها هي من تتعدى عليه .. وقال هاتفا من بين أسنانه ..
" حسنا .. تستحقين ما سأفعله "
تحكم بركبتيه على ساقيها حتى لا تتحرك .. وبإحدى يديه وضعها على فمها يكممه لأنها حاولت الصراخ .. وباليد الأخرى بدأت تتحرك على طول ساقيها بحرية في محاولة منه لنزع بنطالها .. كانت تتململ تحته بهيسترية .. جعلته يفقد أعصابه عليها .. وبرد فعل مجنون رفع يده لأعلى وهوى بها على وجهها مما جعلها تهمهم بصراخ تحت كفه المكممة لفمها
مال مقابلا لوجهها وهمس بفحيح ..
" أيتها الحقيرة .. سأفعل ما أريد بكِ في أي وقت أشاء .. فالحامي لك تخلصت منه .. ولن ينفعك صراخك ولا تهربك مني ..
سأغادر الآن .. وستعودين للعنبر .. وحين أطلبك تأتيني "
وسحب يده من على فمها وغادر .. وحين اطمأنت لمغادرته .. لم تتحرك من مكانها .. ولكنها فتحت فمها .. وبأعلى صوتها صرخت بإسمه ..
" عااااااااااااااااااااااااابد " ... )
لم تعي أن صرختها رغم أنها تحلم الا انها شقت السكون من حولها واخترقت كالسهم قلب الجالس بالخارج يفكر فيما قالته ..
دخل مذعور لغرفتها .. وجدها تتململ في نومها تئن بوجع .. وجسدها يتصبب عرقا .. لقد سمعها تصرخ باسمه .. جلس على الفراش بجوارها .. يمسك جسدها بكلتا يديه وهي تحاربه بذراعيها .. ودموعها تجري على خديها .. هتف بذعر ..
" لُقى صغيرتي .. استيقظي .. أنا هنا .. "
وكأن كلماته كالسحر ..فتحت عينيها ببكاء ..لا تدري أين هي .. كل ما تدركه أو تتخيله أنها عارية ..
انتفضت جالسة .. تبتعد عنه إلى ظهر الفراش .. تلتصق به .. وبيديها تشد القميص البيتي تغطي نفسها ..وكأنها مازالت داخل الحلم .. مد يده باتجاهها يحاول جعلها تدرك أنه هنا .. ولكن هيهات .. استمع الي هذيانها كالمغيبة..
" لقد .. لقد لامسني .. ضربني .. وكتم أنفاسي .. لقد حبسني وهددني .. قام بتعرية جسدي .. آآه "
تأوهت بوجع وكفيها تمتد لتلامس أصابع قدميها .. وكأن الزمن لم يمر .. كان ينظر لها برعب ولا يعرف ما بها .. مد يديه بحذر يمسد قدميها .. ويحاول تدليك أصابعها حتى يخف تشنجها .. سمعها تتأوه مرة أخرى .. وهمست بألم غير واعية ..
" أصابع قدمي تؤلمني يا عابد "
" يا الهي "
همسها عابد بقلب يرتجف .. وكأن الزمان يصر على جلده ...
كانت تشهق ببكاء مرير .. وهو يستمع إليها وكل حروفها كانت كالسهام النارية تغرو جسده بأكمله .. استمع إليها تُكمل هذيانها ..
" كان يلامس جسدي وأصرخ .. وكان يأمرني أن ألمسه .. وإن لم أفعل .. كان .. كان يضربني .. ويشد شعري .. كنت خائفة .. كنت أخاف النوم حتى لا أجدهم يوقظوني ويأخذوني إليه .. كنت خائفة .. خائفة جدا "
هب واقفا يذرع الغرفة ذهابا ومجيئا وكأنه أسد مطعون .. يمرر يده بشعره .. يراها مازالت ترتجف .. اقترب يهدئها ..
" اهدأي حبيبتي.. لقد انتهى هذا "
كان يمد يده لها .. يحاول جذبها لأحضانه ولكنها نفضت يده بقوة .. نظر إليها باستغراب .. وجد ملامحها توحشت وكأنها ليست هي اعتدلت بنصف استقامة .. مستندة بركبتيها على الفراش ..
" حبيبتي أنا معك لا تخافي "
هتفها بخفوت يائس أشبه بالرجاء
قاطعته صارخة ..
" لم تكن معي أبداا ... أين كنت وهو يتحسس جسدي .. أين كنت وأنا أموت رعبا كل يوم .. أين كنت وهو يعريني من ملابسي.. "
سكتت تبتلع ريقها بصعوبة .. تهاجمه وكأنها ترى به شيطان خوفها .. وأكملت ..
" أين كنت وأنا أصرخ بإسمك تحت يده .. أين كنت حين هربت منه ولم أكن أعلم اذا كنت عذراء أم لا .. لم أكن أعي هذا وقتها .. أين كنت وأنا أعيش بالشارع وأعين الناس تأكلني ..وكأنهم يجردوني من ملابسي المتسخة .. "
كان يراقب انفجارها بجمود غير مستوعب لما يُقال ..
" أين كنت عندما أتتني دورتي الشهرية لأول مرة وكنت مرعوبة ولا أعلم ماذا بي .. ظننت أن هذا بسبب ما يحدث لي .. وبسبب سوء حالتي تم عرضي على طبيب الملجأ .. وأخبرني أني أصبحت آنسه .. أتتخيل هذا عابد ؟! "
ظلّ على صمته لا يحرك ساكنا .. علم أنها تحتاج لهذا الانفجار .. وهو يحتاج إلى أن تخرج جميع كلماتها ..
وحين لم يصدر عنه أي حركة استقامت من مكانها .. ونزلت من الفراش ..تواجه طوله .. صارخة به ..
" أتتخيل أن الطبيب يخبرني أني أصبحت آنسه .. وبالظلام يتم ملامستي كالكبار .. هل تتخيل أنه يخبرني أني أصبحت آنسة وفي الليل يتم تعرية جسدي طمعا من حقير بلمسة مريضة .. هل تتخيل ..أخبرني هل تتخيييييييييل ؟! .. "
قالت أخر كلمة .ممسكة به من قميصه .. تهزه بعنف ..وحركاتها الضعيفة هذه لا تؤثر في حجمه شيئا .. لم يقوى على رفع يده ليحيط جسدها يطمئنها ..كان خائف من رد فعلها .. ولكن حسم أمره .. رفع ذراعيه طوق خصرها بدعم منه .. رفعت نظرها إليه تأثرا بما حدث ..ولم يتحدث .. ولكنه وجدها تكمل واضعة لرأسها على صدره ..
" هربت يا عابد .. هربت قبل أن أخسر المزيد .. هربت لأظل محتفظة بلقب آنسة .. "
أحست بأصابعه تشتد على خصرها ..فرفعت نظرها إليه برجاء مؤكدة على ما هتفت به ..وأكملت بحزن وصوت مكسور ..
" نعم عابد .. ما زلت عذراء "
*******
بعد يومين بمكتبه .. يحكم قلبه غصة مريرة .. كان يريد أن يعلم ما حدث .. وها هو أصبح على علم .. ومن وقتها و حبيبته مستكينة بغرفتها
لا تتحرك .. يتذكر بعد مواجهتهم وكشف كل أوراقها المستورة .. بكت بهيستيرية .. ولم يتمكن من تهدئتها ..فاضطر أن يهاتف حسن ..
" حسن .. أرسل لي طبيبا الى منزلي حالا "
وصله صوت حسن المتلهف ..
" ما بك عابد ..هل أنت بخير "
أجابه عابد بفراغ صبر ..
" أنا بخير حسن ..لكن أرجوك سريعا ..ليس هناك وقت "
كان سيغلق الهاتف ..ولكنه عاد قائلا لأنه على علم بصديقه ..
" لا تأتِ أنت يا حسن ..فقط أرسل الطبيب "
حضر الطبيب بعد أقل من نصف ساعة .. وبعد الكشف عليها أخبره أنها تعاني انهيارا عصبيا حاد .. وأعطاها حقنة مهدئة .. وكتب لها مهدي آخر كأقراص ..مره واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أيام .. ولو هناك جديد يهاتفه ..
عاد لواقعه مرة أخرى مع دخول حسن المتأهب لرؤيته وخاصة عندما علم أن الطبيب كان لصغيرتهما وليس لعابد ..
" عابد طمأنني بالله عليك .. كيف هي "
رفع عابد رأسه للذي دخل مكتبه ..وهتف بصوت متباعد ..
" أظن أنها أصبحت بخير يا حسن "
" أريد رؤيتها يا عابد .. أرجوك "
كان هذا هتاف حسن بلهفة فكم تخيل شكلها كيف أصبح.. هل ستتذكره أم لا .. لُقى جزء أساسي من ماضيهما ومن غير الممكن الالتفات عنه بأي شكل .. سمع عابد يجيبه بابتسامة جانبية
" تمهل حسن .. لُقى ليس لديها قوة لمقابلة أحد .. وأظن أنها لن تُسعد إذا رأيتها بهذا الشكل .. رجاء حسن ..إعطني معها بعض الوقت .. فالأصعب مر وولى "
لم يفهم حسن ما قصده عابد .. فحين سأله عن سبب انهيارها بهذا الشكل لم يخبره ..وانما اكتفى بقول ..
" لم يحدث شيء .. كنا نتجاذب أطراف الحديث فقط "
لم يزد عابد كلمة أكثر .. فما حدث دُفن داخل صدره ولن يخرج ما حيى .. لن يعرضها لأي نوع من النظرات حتى ولو كان حسن صديقهم ..
ليس قلة ثقة في حسن وإنما حفاظا على صغيرته .. لا يحب أبدا أن يضعها في مثل هذا الموقف ..
رجع من شروده لحسن الجالس أمامه بوجه متجهم ..يعلم قلقه ..لكنه لا يريد أن يراها حسن وهي هكذا ..
هتف عابد ليخرج حسن من تجهمه ..
" حسن اذهب لمكتبك الآن .. وأخبر السيد حمدي أني اريده حالا "
********
في مكتب عابد ..يجلس هو على كرسي مكتبه ويجلس أمامه .. المحامي في انتظار ما سيطلبه منه ..
" سيد حمدي .. أريدك بشيء هام ..ولن يفيدني به غيرك "
" خيرا بني .. "
ابتسم عابد نصف ابتسامة .. فالسيد حمدي دوما يناديه بني .. ولا تضايقه هذه الكلمة بالعكس ..هو يشعر بالامتنان لهذا الرجل .. قال عابد ..
" أتتذكر الملجأ ؟! "
ضيق حمدي ما بين حاجبيه .. وسأل ..
" ومن يقوى على النسيان بني .. ولكن أخبرني ماذا تريد من هذا المكان .. وما الذي ذكرك به "
أخفض عابد عينه بتفكر ... وقال بصوت متجهم.. متألم ...
" أنا لا أنسى هذا المكان أبدا "
تنفس عميقا .. وأكمل
" أنت بالتأكيد تتذكر مشرف الملجأ .. أريد معرفة كل شيء عنه ..وأين هو الآن "
" لك هذا "
كان هذا موافقة من حمدي الذي استمع مرة أخرى لعابد ..
" كان هناك فتاة في نفس التوقيت الذي سافرت فيه مع أبي .. ولكن هذه الفتاة هربت بعد ذلك .. وهناك من زيّف لها هوية جديدة .. هل أستطيع استخراج لها ما يثبت شخصيتها الأصلية ؟! "
أجابه حمدي بعد قليل من التفكير ..
" لو وجدنا شهادة ميلادها وأوراقها الأصلية بملفات الملجأ ... نعم نستطيع استخراج هوية لها "
ابتسم عابد باتساع .. فها هي خطوة أخرى في استرجاع " لقياه "
********
فتح الباب بهدوء حتى لا يزعجها ظنا منه أنها بغرفتها .. محتمية بها عنه .. ولكنه وجدها بالصالة تمسك بيدها كوبا من الماء ..تسمرت مكانها للحظة عند رؤيتها له ..سرعان ما استعادت وعيها تحركت مسرعة باتجاه غرفتها .. لم يمهلها عابد الفرصة ..أغلق الباب وراءه بسرعة ..وتحرك باتجاهها ..معترضا طريقها .. لم يحاول لمسها .. حاولت أن تكمل طريقها من الناحية الأخرى ولكنه اعترضها ثانيةً .. فهتف ليفهم ..
" ما بكِ لولو .. لماذا تهربين مني ؟! "
كانت محرجة للغاية منه .. منذ انفجارها فيه وهي تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها .. لماذا فعلت ما فعلت ؟! .. ما ذنبه هو فيما حدث .. هي تصالحت مع نفسها ومعه بمجرد رجوعه لحياتها .. اكتف بعودته ..فما قبله ستنساه .. اوووه عذرا .. تتناساه ..
هتفت لتجيبه ..
" لا أهرب عابد .. ولكن .. "
سكتت غير قادرة على التكملة .. فحثها .. مقتربا منها ..
" ولكن ماذا حبيبتي !! "
لاحظت اقترابه ..فتوتر جسدها .. ولاحظت نبرة صوته الحسية .. فقز قلبها بترقب وتوتر ... رجعت بخطواتها للوراء .. بلعت ريقها بصعوبة وخاصة وهي تنظر في عينيه وتقرأ بهما ما تنكره .. همست بضعف غير مقصود ..
" كنت .. كنت أريد أن أعتذر منك بسبب ما صدر مني "
كان يقترب أكثر .. وهمس بنبرة هادئة عكس ما يعتمل بصدره ..
" وما الذي صدر منك لولو ؟! "
أغمضت عينيها بضعف .. وتتساءل ماذا به .. ألم يفرق معه ما حدث .. ويتعامل معها بكل أريحية وكأن ما حدث لم يكن ..
" لقد حملتك ذنب ما حدث لي .. أنا آسفة "
" تقصدين ما حدث منذ يومين ؟! "
تساءل بعبث .. مما جعلها ترفع وجهها اليه أكثر لتتأكد من سؤاله .. هل هو غبي حقا لسؤال مثل هذا .. أم أن هناك شيء آخر ..
" نعم "
اقترب أكثر وأكثر .. ولوى شفتيه بلامبالاة ..وقال وكأنه لا يتذكر ..
" ولكن أنا لا أتذكر ما حدث !! "
توسعت عينيها بدهشة ..هل فعلا لا يتذكر .. ولكن نظرة واحدة للمعان عينيه أدركت تسليته على حسابها .. همست اسمه وكأنها تترجاه ألا يلعب بها ..
" عااابد "
" ماذا حبيبتي ؟! "
يا الهي !! .. حبيبتي هذه !! .. ونبرته تلك ..يجعلاها لا تقوى على الوقوف أمامه .. كانت وصلت بخطواتها الخلفية الي ظهر كرسي الصالون من الخلف .. استندت عليه تحاول دعم نفسها حتى لا تنهار .. كان قد اقترب بشكل خطير .. خطير للغاية .. همس برجاء لم يخلو من الوعد ..
" ما رأيك أن تنسي أنتِ الأخرى ما حدث ؟! "
علت ملامحها تعابير الدهشة .. ممزوجة بالامتنان له .. هل سيبدأ معها من جديد .. أحست بأصابعه تلتف حول جانب وجهها وبحركة بسيطة أجبر رأسها للتثبيت لتواجه عينيه .. تكلم بنبرة جدية ..
" دعينا ننسى حبيبتي.. ما حدث لا تغير به .. ولكن بإمكاننا تغير القادم .. كان أكبر أمالي أن أجدك .. وها أنا وجدتك .. وليس هذا فقط ..بل أنتِ هنا ..أمامي ..وببيتي ..أستطيع النظر إليكِ وقتما أريد .. أشعر بك وأستشعر قلبي الذي كان ومازال يهواكِ حبيبتي "
ابتسمت بارتعاش .. وقلبها يصرخ معلنا ملكيته للذي أمامها .. عينيها تذرف دموعها على استحياء رفع يده الأخرى واحتوى وجهها بين يديه .. ومازالت العينين تخوضان همس آخر .. قالت بتمني وكأنها تتأكد مما قال ..
" حقا عابد .. هل ما زلت تحبني رغم ما سمعته ؟! "
قرأ الألم والرجاء بين حروف سؤالها .. ابتسم لها مشجعا وقال بتأكيد ..
" ما قلتيه لم يغير شيء من احساسي حبيبتي .. نعم لن أكذب عليك .. كنت أود معرفة ما حدث معكِ .. ولكن كنت أرى عذابك ..لدرجة أن رغبتي في المعرفة لم تزن شيء أمام رؤيتي لألمك .. كنت على استعداد لنسيان الماضي بما فيه ويكفيني التواجد معكِ لولو .. هنا "
وأشار بسبابته لقلبها ..وأكمل يمد يديه ليمسك كفيها .. ليرفع ذراعيها .. ويلفهما حول رقبته .. وقلبه ثائرا بين أضلعه ..
لف ذراعيها ..وحرر ذراعيه .. ولفهما حول خصرها ..وجذبها لأحضانه يعتصرها بين ذراعيه .. وأكمل هامساً بجوار أذنها بصوت أجش من فرط عواطفه
" وهنا لولو ... هنا .. هنا بين ذراعيك .. بين أحضانك .. أرغب في البقاء ما تبقى من عمري "
" يا الهي "
همستها بتعجب مما يحدث ..ليس تعجب بالمعنى الحرفي ..ولكن تعجب أقرب لعدم التصديق.. هل ستضحك لها الدنيا أخيرا .. شددت من احتضانها له في تعبير منها
" أنا هنا وسأبقى عمري كله "
ابتعد عنها برأسه قليلا ليستطيع فعل ما تاق لفعله منذ أن خطت قدميه لداخل الشقة .. مال الي شفتيها ..هامسا
" أحبك لولو .. أحببتك ومازلت أحبك صغيرتي "
ختم كلماته بقبلة ناعمة على شفتيها وكأنه يُثبت لها اعترافه
********
أنت تقرأ
تراتيل الماضي.. ج١ سلسلة والعمر يحكي.. بقلمي راندا عادل..
Romanceرواية اجتماعية.. رومانسية..