الفصل الرابع والعشرون

1.1K 52 4
                                    

الفصل الرابع والعشرون

ألقى الطبيب كلماته وغادر .. وتركهما شاحبين .. هو من استسلم !! .. هو من يريد عدم العودة !!.. فضّلَ غيبوبته على عدم العودة لها !! .. لقد توسلته أن يعود من أجلها !!..
حسنا يعود فقط حتى لو ليس من أجلها ..
يعود وستختفي من حياته لو أراد ..
فقط يعود ..
لم تكن تعلم أنها تبكي بعد مغادرة الطبيب وقال ما قال .. مازالت على وقفتها .. انتفضت على يد حسن تربت على كتفها ... نظرت له باستعطاف .. استجداء وربما احتياج .. احتياج لمن يُكذب ما سمعت .. ولكن النظرة التي قابلتها في عينين حسن كانت اثبات أكبر على صدق ما سمعت ..
شهقت متمسكة بقميصه تبكي وكأنها تُحمل نفسها ذنب ما حدث ..
******
يوم يلي الآخر وتم نقل عابد لغرفة عادية رغم اتصاله ببعض بالأجهزة الطبية مازال .. وأيضا لا يفيق .. ورغم ذلك لم تبارح مكانها بجواره ... تساعد الممرضة في كل شيء يخصه .. أسعد لحظاتها عندما تتمدد بجواره وتضع رأسها على كتفه .. أو عندنا تغرق أصابعها في شعره الكثيف .. ولم تمنع نفسها أن تسرق قبلات خفيفة على وجنته وشفتيه .. وكأنها تريد أن تجعله يشعر بها ..
.. أو ..
كأنها تعتذر له بما تفعله عما بَدَر سابقا .. كانت بجواره وسمعت طرق على باب الغرفة فاعتدلت وأمرت الطارق بالدخول ..
ولم تكن سوى ياسمين .. ياسمين التي لم تتركها من وقت وقوع الحادث .. كانت تأتي لها يوميا وبموعد ثابت .. وتأتي لها بملابس وطعام من الخارج قائلة بتفسير ..
" لا أحب طعام المشافي .. وما لا أحبه لي .. لا أحبه للقريبين "
كلامها وأفعالها كان تصريح منها على اهتمامها بـ لُقى الذي كان ذنبها يتعاظم أمام أفعال هذه الفتاة لتفكيرها المُسبق عنها والمقارنة السخيفة التي أقامتها _رغم حقيقة بعضها _ ..
اقتربت ياسمين التي احتضنت لُقى بحب خالص بادلتها اياه لُقى التي  أمسكت يد ياسمين وغادرتا الغرفة حتى لا يؤذي وجودهم عابد ..
" الغائب الحاضر " ..
********
أعطتها الملابس .. وأخذت منها المتسخة .. وأعطها عدة علب حافظة للطعام ..
لولو كانت تستغرب أفعالها .. ولم تمنع سؤالها ..
" لماذا تفعلين معي هذا ياسمين ؟! "
" ولما لا أفعله ؟! " 
هتفتها ياسمين ببساطة .. جعلت الأخرى تعاتب نفسها أكثر .. فأجابتها بدفاع أمام نفسها قبل أن يكون أمام ياسمين ..
" أنتِ لا تعرفينني "
" وأنت الأخرى لا تعرفينني "
أجابتها ياسمين ببديهية .. جعلت الأخرى أمامها تضيق ما بين حاجبيها بتفكر .. مما جعل ياسمين تُكمل ..
" اسمعيني جيدا لُقى .. ليس هناك شخص أفضل من شخص من مجرد مظهر .. أنتِ في مأزق .. وكنت أنا موجودة .. ولذلك سأبقى بجوارك وسأعاملك كأخت لي أو صديقة .. حتى تثبتي لي أني على خطأ في معاملتي هذه تجاهك .. وإن لم يحدث !! فخيرا .. سنظل على هذه المعاملة "
سكتت قليلا وأكملت بابتسامة ..
" وبيني وبينك أنا سعيدة بصحبتك .. يكفي أني كسبت صديقة وأخت "
أكملت حديثها بابتسامة هادئة تأثرا بابتسامة لُقى على محياها .. ولكنها لم تمنع مشاكسها فأكملت متصنعة  الدهشة ..
" الا اذا كان لديك مانع بالطبع "
هزت لُقى رأسها يمينا ويسارا بمعني لا .. واحتضن الصديقتين بعضهما البعض وقررت ياسمين المكوث مع لُقى بل وتناول الغذاء معها
********
في نفس التوقيت بالشركة الخاصة بعابد .. يجلس حسن بتعب على كرسي مكتب عابد ينهي بعض الأوراق المتعطلة بسبب ما حدث لعابد ..
" عابد "
رددها بتوسل وكأنه يترجاه العودة .. قلبه يشتعل غضبا على ما حدث لصديقه .. لو لم يمت زين لقام هو بقتله وأخذ ثأر صديق عمره .. ولكن لحسن حظه أنه وقع صريعا في لحظة .. بعد أن اخترقت الرصاصة قلبه ..
ليس هذا فقط ما يشغل باله في حقيقة الأمر .. ما يشغل باله حاليا مكالمة أتته لم تخطر على باله من " والدة ياسمين "
تعجب واندهش وصُدم وكل الانفعالات جالت على وجهه وعقله .. طلبت منه أنها تريد التحدث معه بشيء خاص وعندما علمت أنه بالشركة ولديه الكثير من الأعمال المتراكمة .. عرضت عليه أن تذهب إليه ولكن في غير حضور ياسمين .. أو يقابلها بمكان لا تراهم ياسمين فيه .. حينها أخبرها بذهاب ياسمين للمشفى .. وتستطيع هي المجي في هذا الوقت ..

تراتيل الماضي.. ج١ سلسلة والعمر يحكي.. بقلمي راندا عادل..   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن