الفصل العاشر
عندما كنت طفله
تعلمت بأن لي خمس حواس
وعندما كبرت
تعلمت أن حدسي هو سادس حواسي
غير اني حين أحببتك
أدركت أنك حاستي الوحيدة
وفي غيابك أستحيل الي دميه
لا تسمع
لا تبصر
لا تشعر********
هم ليقف ليجذبها من شعرها الأحمر هذا أمام الناس .. و سيأخذها لبيته ويحبسها ويعيد تربيتها من البداية .. ولكنه وقف مصدوما .. حين وجد من يقف أمامه ولم يكن سوى زين .. مبتسما بخبث .. هاتفا من بين شفتيه ..
" تؤ تؤ .. عابد هنا .. ماذا تفعل هنا أيها الرجل ذو المبادئ .. أتبحث عن فتاة تعوضك أيام ماضيك المخزية .. "
سكت ينظر له بصرامة .. واقترب منه أكثر .. وأكمل بصوت كالفحيح ..
" أم تبحث عن فتاة تنسيك أنك لقيط "
" أيها اللعين .. "
هتفها عابد بغضب .. يمسك بتلابيب قميص الواقف أمامه .. وما هي سوى لحظات وتجمهر رجال الأمن حولهما .. يفضون الشجار بينهما .. وبالفعل ابتعدا عن بعضهما البعض يلهثان من فرط الغضب داخل كليهما .. انتفض عابد على من تمسكه من كم حلته.. جاءت مسرعة فور بداية الشجار .. هاتفة بقلق ..
" عابد .. أنت بخير !! .. "
نظر لها مطولا .. للحظة شكت وكأنه لا يراها .. ولكنه هتف بنفس مأخوذ من فرط انفعاله ..
" تعالي معي "
نظرت له ببلاهة .. لا تعلم ماذا يقصد .. ولكن سرعان ما فهمت المعنى المتواري لأمره .. نصف ابتسامة ارتسمت على شفتيها .. وهمست بألم ..
" غادر يا عابد .. غادر وانساني .. ولا تأتِ هنا مرة أخرى .. طريقينا لن يتقابلان أبدا كما ترى .. "
كانت تتحدث بوجع .. ولكنها سرعان ما أفاقت لنفسها والضعف المغلف لكلماتها .. وأكملت بوقاحة تختبئ وراءها ..
" الا إذا أردتني في شيء خاص .. تعلم أين تجدني حينها "
وغمزته تلك الغمزة التي باتت تؤرقه في استيقاظه قبل نومه ..
أمسكها بقسوة من مرفقها .. وهتف بإصرار كمن يدافع عن حقه ..
" في أحلامك لُقى .. أنتِ ستعودين لي حتى لو كان آخر يوم في عمري .. وسأنتشلك من هذا المستنقع القذر الذي أنتِ فيه .. وسترين "
وغادر تاركاً إياها بقلب يكاد يقفز من أشياء كثيرة .. فرحة ً بإصراره .. وتوقا له ولحنانه .. وخوفا من اقترابه منها الذي ذاقته حتى لو بلمسات .. فما بالها باقتراب حقيقي لها ..تكون بين ذراعيه مثلا .. تلمسه براحة وكأنه حق لها وحدها دون غيرها .. تحركت متجهة لغرفتها تبدل ملابسها وتغادر .. فمزاجها أصبح سيء ولن تعمل الليلة .. غافلة عمن تابع الحديث بلؤم .. عازما أن يستغل ما حدث لمصالحه مهما كانت الطرق ومهما كانت النتيجة ..
*****
صباحاً في مبنى الشركة .. تحديدا في مكتب حسن الذي حضر مبكرا قبل حتى أن تأتي سكرتيرته الغبية .. زفر بضيق .. لا يعلم لماذا أتى باكرا .. هل أتى من ضيقه وأرقه والتي كانت سبب رئيسي بهما .. أم ضيقه من حاله .. وعدم استقراره على شيء بخصوصها .. طوال الليل يسأل نفسه .. ماذا سيفعل .. ولكن ما سبب الأرق له ماذا ستفعل هي .. وهل إن قرر البعد عنها .. سيقوى على هذا .. سأل حاله كثيرا كيف أحبها .. لم يعرفها سوى من قليل .. ولكنها ساحرة .. مشعوذة .. استطاعت ببراءتها و لسانها اللاذع الذي سيتكفل به عندما تسنح له الظروف أن تتغلغل داخله ..تضئ ظلام روحه .. تنفض الغبار عن أركان قلبه الذي تناسى وجوده مع الأيام .. وجدها ولن يفرط بها مهما حدث ... فاق من حديثه لنفسه حينما تجسد أمامه صاحبة أفكار .. تحاول صف الموتور الخاص بها .. ابتسم باتساع وهو يراقب حركاتها المتمكنة .. ولكن ملامحه عادت للتجهم مرة أخرى ..حين وقع نظره على ملابسها .. فملابسها عادية .. بنطال من الجينز الأزرق .. وقميص أبيض .. وشعرها .. يا الهي !! عند شعرها وفتح عينيه على اتساعهما ليناظرها بوضوح .. ولحظة .. وكان دمه يغلى حين لمح أحد الموظفين يناظرها بشقاوة .. همس بغضب من بين أسنانه ..
" نهارك بلون بنطالك اللعين هذا يا غبية "
استدار عن الشباك يذهب ويجئ بغير هدى .. يحاول كبح جماح غضبه ولكن هباءا .. دقائق تمر في انتظار " الأميرة الغبية " كما لقبها بينه وبين نفسه أثناء ثورة غضبه .. توقف عن الحركة عندما أطلت بهيأتها المنمقة .. الرسمية.. كما هي قوانين العمل هنا .. نظر لها ..من الواضح انها لم تتوقع مجيئه مبكرا .. ولن تغفر له تهديدها بالأمس .. اقتربت منه برسمية واضحة .. محيية إياه بصوت موزون ..
" صباح الخير سيد حسن .. حضرت بناءً على تهديدك .. "
سكتت تنظر له تحاول قراءة ملامحه .. وأكملت تعدل كلماتها بسخرية ..
" أقصد بناءً على أوامرك "
حين لم تتلقى أي إجابة منه .. اجتاحها التوتر .. وخاصة وهو يفترس ملامحها افتراساً .. وعينيه تجول على جسدها بالكامل .. وجدته يقترب منها بهدوء مميت لأعصابها .. قال ببرود أثناء خطواته اليها ..
" أين ملابس التي حضرتي بها ؟! "
ملابسها ثانية !! .. نظرت لملابسها ببلاهة ورفعت نظرها للذي كان قد اقترب بشكل يدعو للارتجاف .. لأنه حرفيا أصبح أمامها ولا يفصل بينهما شيء .. ينظر لها بقوة .. هامسا أماما وجهها ..
" أين أبدلتِ ملابسك ؟! "
لا تعلم ما المغذى من أسئلته هذه .. ولا تعلم كيف تسيطر على دقات قلبها المتقاذفة بجنون .. وكأنه يخبر معشوقه أنه ملكه .. تنحنحت تخرج من هذه الحالة .. وهمست وما زال على اقترابه ..
" أبدلتها في الحمام "
همس بتساؤل غاضب ..
" هل رآكِ أحد ؟! "
همسته الغاضبة جعلها تنفي سريعا ..
" لا .. ابدا لم يراني أحد .. "
" ومن أدراكِ أنه لم يراكِ أحد !! "
سكتت لا تعلم بما تجيب .. فأكمل بنفس النبرة الغاضبة ...
" لقد رأيت هذا اللزج الذي كان ينظر لكِ بأعين عابثة شقية .. أقسم سأطرده من العمل "
يا الهي .. وبدون وعي منها رفعت كفيها وأمسكت إحدى ذراعيه تلتمسه الهدوء .. ولكنها لا تعلم انها زادت جنونه بلمستها ... هتفت بتوسل ..
" حسن اهدأ ارجوك .. كيف تطرده .. لم يراني أحد اقسم لك "
حينها لم يعي لحاله وهو يقيد خصرها بذراعيه .. هامسا أمام شفتيها ..
" لا تقسمي ياسمين .. لقد رأيته ينظر لكِ في ساحة الانتظار عندما كنتِ تصطفين " فله " .. لقد رأيت نظرته .. كنت أود القفز من النافذة وأفقأ له عينيه التي نظرت لكِ "
شهقت بخفوت .. حالة ليس طبيعيا أبداا .. لم يكن يحكهما أية عقل وكانا كالمغيبين في ذروة حبهما .. رفعت كفي يديها واحاطت بهما وجهه .. هاتفة بخفوت وصوت يكاد يسمع تأثراً مما يفعل ..
" اهدأ يا حسن أرجوك .. ماذا بك "
فك إحدى ذراعيه .. ورفعها أحاط بكفه جانب وجهها بتملك .. هاتفا بصوت أجش من فرط ما يشعره ..
" أهدأ ياسمين !! أهدأ !! .. من أين الهدوء وشيطاني يوسوس لي أن هناك من رآكِ تبدلين ملابسك هذه ورأى ما لم يجوز له رؤيته .. "
سكت ينظر لشعرها .. وأكمل بصوت متهدج من فرط تأثره بها باقترابه منها ..
" ان هناك من رآكِ بتسريحة شعرك الطفولية الجميلة التي أتيت بها .. "
أقرن قوله بفعله .. يرفع كف يده المحيطة بوجهها .. وبأصابع متخبطة فك تسريحة شعرها الرسمية .. وبخفه استرسل شعرها .. الذي سرعان ما قُسِم الي جزأين كل جزء وُضع على كتف بفضل أصابع حسن الذي كان يتحدث ويفعل هذا كالمغيب .. عشقه لها ما يدفعه .. وحالها لم يكن يختلف أبدا عن حاله .. فقلبها ثائر بجنون .. وجسدها كل ذرة به تصرخ عشقا له .. همهمت بإسمه بضعف ..
" حسن "
هنا نظر لعينيها وخياله يصور له خيالات لا حصر لها.. يعلم إن ترك نفسه لخيالاته سيحدث ما لا يُحمد عقباه .. همس بضعف .. وصوت مبحوح ..
" عيون حسن .. وقلب حسن الذي يصرخ عشقاً لكِ ياسمين .. "
شهقة استنكار .. أو عدم تصديق .. خرجت من فمها هذه المرة .. مصاحبة لقولها ..
" لا يا حسن .. يا الهي !! "
أنت تقرأ
تراتيل الماضي.. ج١ سلسلة والعمر يحكي.. بقلمي راندا عادل..
Romanceرواية اجتماعية.. رومانسية..