الخاتمــــــــــةبعد ثلاث سنوات
في حديقة خاصة بفيلا دافئة الطراز والتخطيط .. كان هناك مائدة كبيرة موضوعة بركن من أركان الحديقة .. وتفترشها الكثير من أطباق الفطور المعتادة .. وقع خطوات قادمة لم تكن سوى لوالدة ياسمين التي قالت موجهة كلامها لابنتها ..
" هيا ياسمين لقد أرهقني ابنك "
ردت ياسمين بابتسامة مشاكسة وهي ترص آخر الأطباق ..
" أمي .. استمع لتذمرك هذا دائما .. وحين يكون معي تصرعي رأسي بأني أمنع الولد عنك وتبدئين بشكوى من نوع آخر "
" تهذبي في حديثك مع أمي ياسمين .. أمي تقول ما تريد .. صباح الخير "
كان هذا حسن الذي أتي من البيت المجاور والملتصق ... حيث أن هذه المأدبة اليومية في بيت عابد .. وتوضيحا للأمر .. لقد قام عابد بشراء بيت وأوصى بالمجاور له من أجل حسن بعد أن أخبره الأخير برغبته في بيع الشقتين .. وشراء بيت كبير إلى حد ما يجمعهم جميعا لرغبته في حضور والدته لتعيش معه بعد أن ألحت عليه الذهاب والعيش معها في بيتها .. ولكنه رفض وبشدة ..لقد كان الخروج من هذا البيت أشبه بالحلم وما كان يربطه به هي أمه .. حسنا فلتأتِ أمه لتعيش معه ..
وحين صرح برفضه حزنت كثيرا .. ولكن رغبته في مراضاتها أجبرته على تنفيذ شروطها والتي كانت بيع بيتها والشقتين لحسن وشراء البيت الجديد الذي كان مجاورا لبيت عابد .. هذا غير موافقته المشروطة على ما فعلته بخصوص جميع أملاكها .. بأن جعلها شريكة له .. وقام الصديقان بدمج الشركتين بكيان واحد تحت إدارتهما .. وأصبحت الشركة بعد الدمج من أكبر الشركات المنافسة في سوق العمل .. كيان لا يُستهان به ..
مال حسن مقبلا لرأس والدة ياسمين .. ومقبلا لرأس والدته .. وداعب الصغيرين إخوتها .. ومال آخذا طفله الذي أسماه " أمير " مقبلا له بحب .. وجوع لا يُشبَع أبدا ..
" أنت تدللها كثيرا يا عابد "
" لا حبيبتي .. هذه غيرة منك .. وواضحة وضوح الشمس "
كان هذان الصوتان اللذان اخترقا الجلسة ... أقبل عابد مرحبا للجميع .. ومال مقبلا لوجنة أمير .. وحسن بدوره قبّل " فريدة " ذات الشعر الأسود وعيون الفيروز .. ابنة عابد التي بين ذراعيه ومتشبثة به .. دافنة لوجهها في رقبته بدلال مغيظ لوالدتها وسبب لتذمرها الدائم .. واحقاقا للحق لغيرتها التي لا تقوى على السيطرة عليها مؤخرا مع زيادة تشبث فريدة بعابد وعدم النوم سوى بين ذراعيه ..
متشبثة برقبته بكلتا ذراعيها الطفوليتين ودافنة لوجهها برقبته مما يثير غيرة لولو الخانقة .. ولكن لماذا تلومها وكان هذا ما تفعله طوال أشهر حملها .. ولم يكن يتذمر بل كان أكثر من مرحب ..
ابتسم حين وجدها تلتصق به تهمس له بخفوت ..
" ستعوضني الليلة عن فعلة ابنتك "
وأيضا أكثر من مرحب .. ابتسم بدوره وهمس بعبث ...
" وهل أقصر في تعويضي لكِ ؟! "
مازالت على ابتسامتها ودلالها ..
" سيكون التعويض مضاعف لتحملي غيرتي من ابنتك المدللة "
اقترب من أذنها وهمس بشغف ..
" طلباتك أوامر "
" نحن هنا .. ألن نكتفي من هذا العرض الصباحي !! "
كان هذا صوت حسن المتذمر ليس لشيء وإنما لغيرته أيضا ولكنه غيرة حسن ليست من فريدة .. وإنما من عابد الذي قال ..
" بالتأكيد استيقظت متأخرا ولم تقم بعرضك الصباحي في المطبخ "
امتعضت ملامح حسن باستياء وتذمر طفولي وقال ..
" فاتني هذا اليوم .."
ضحك عابد مقهقها ... فهذا الحسن الذي تذمر من عرضه مع لولو .. يتحجج يوميا بمساعدة زوجته في تحضير الفطور .. ويقف بالجوار وينتهز فرصة خروج لولو من المطبخ ويقوم بانحرافاته الصباحية .. والحجة الدائمة .. لقد شعرت بالدوار ..
" منحرفين "
همستها والدة حسن بابتسامة وهي تستمع لهذا الحوار الشبة يومي ..
إلتفت عابد لزوجته .. سائلا بعد أن هدأت ضحكاته ..
" هاتفتي جدي واطمأنتِ على وصوله "
" نعم .. ولكنه يخبرك أنه سيذهب للمقر مباشرة .. ليس لديه وقت ليأتي إلى هنا قبلا "
" حسنا .. ليس هناك مشكلة .. الأهم أن يأتي ونراه "
كاد أن يتحرك .. ولكنه إلتفت لها مرة أخرى متسائلا ..
" ما أخبار دروسك ؟! .. لا أريد تكاسل "
قال آخر كلماته بوعيد .. فاقتربت منه بدلال .. وهمست ..
" دروسي بخير .. وستكون بخير ما دمت تذاكر لي و تفهمني ما سيتصعب عليّ فهمه "
ابتسم هو الآخر .. وقابل دلالها بعبث ..
" نعم أعلم هذه المذاكرة جيدا.. مذاكرة تنتهي بنا في الفراش "
ضحكت هي الأخرى .. فحبيبها يكتشف كذبها في كل مرة تدّعي عدم فهمها لدروسها .. فعابد أصرّ عليها أن تُكمل تعليمها .. وكرسّ جهوده لهذا الشيء .. يزداد شعورها بالفخر والاكتفاء يوميا .. ليس اكتفاء منه .. بل اكتفاء مما اعطتها الحياة .. وهو .. هو لا يقصر أبدا ..
سمعته يتحدث موجها كلامه للجميع أثناء جلوسه على كرسي المائدة ..
" أنهوا فطوركم حتى نذهب سويا "
تابع ناظرا لساعته وقال ..
" سيبدأ الاحتفال بعد ثلاث ساعات من الآن "
و إمتثل الجميع لكلامه ..
أنت تقرأ
تراتيل الماضي.. ج١ سلسلة والعمر يحكي.. بقلمي راندا عادل..
Roman d'amourرواية اجتماعية.. رومانسية..