الفصل السادس عشر
(أراك أسفل ظل الرحمن يا كُبيدي)
أَلا أيُّهَا المَوتُ الذَّيْ لَيسَ تَارِكيْ
أَرِحْنِي فَقَدْ أَفْنَيْتَ كُلَّ خَليلِ
أَراكَ خَبيراً بالذَّين أُحِبَّهُمْ
كأنَّكَ تَسْعَى نَحْوَهُمْ بِدليلِ
كان رجلا في أوساط العشرينات تقريبا، بزي محترم وملامح محترمة كذلك، توقف سيره عند المحل الذي يحمل الرقم 37 كما قرأ في العنوان الذي أتى به لهنا، كان المحل مكتبة في الحقيقة، مكتبة عتيقة المظهر، هذا النوع من المكتبات التي يعشقها، فلا يهم المظهر المهم المحتوى، وجد رجل عجوز جالسا أمامها على كرسيه، يرتدي طاقية من نوع "كاسكيت" ذلك الذي كان منتشر في خمسينات القرن الماضي، في فمه سيجار "بايب" فاخر ويضع قدما فوق الأخرى ومعالم وجهه مختفية خلف جريدته، اقترب يحيه:
-مساء الخير.
طوى الرجل العجوز طرف الجريدة من ناحيته ونظر له بعين متسائلة عن السبب اللعين الذي جعله يقطع خلوته المقدسة في قراءته الصباحية، لذا دمدم وما زال البايب في فمه:
-مساء الأنوار، بمَ أخدمك؟
بتحرج واضح أسرع يوضح طلبه قبل أن ينثر الرجل رماد البايب الحارق في وجهه:
-كنت أبحث عن مراجع لقبائل البدو التي كانت تسكن المنطقة قديماً.
رمقه العجوز بنظرة تقييم وسأله وما زال يمسك السيجار بين شفتيه بكل براعة:
-هل لمجرد قراءة أم دراسة؟
أبعد ياقة قميصه الخنيقة عن عنقه مجيباً:
-قليلا من الاثنين، لأكون دقيقا أريد أن أكتب كتابا حول عشيرة كانت تسكن هذه المنطقة، وما زالت مشهورة، عشيرة آل سبع، لو سمعت عنها.
أنت تقرأ
ما ذنبي؟.... عواصي الدمع
Romanceرواية تاريخية تحمل عبق الماضي العربي الأصيل عادتنا وتقاليدنا التي بدأنا نتناساها في ظل تطورنا. شهامة الرجال وحياء النساء.. أنها رواية عن واقع أتمنى أن نصبح عليه يوماً ما كلمة الكاتبة: هذه الرواية_ أو بالمعنى الأدق التجربة_ ما هي إلا محاولة صغيرة م...