الفصل التاسع والأربعون
(كيف يكون الوطن في قلب امرأة؟)
أَلا أَيُّها المَوتُ الَّذي لَيسَ تارِكي
أَرِحني فَقَد أَفنَيتَ كُلَّ خَليلِ
أَراكَ مُضِراً بِالَّذينَ أَحبُّهُم
كَأَنَّكَ تَنحو نَحوَهُم بدَليلِ
كانت القاعة ممتلئة بأقرب الناس لها وبعض الناس ممن أتوا لحضور مناقشة الدكتوراة، وفي اللوحة المطبوعة خلفها خُط اسمها بخط عريض زاهر ..
الباحثة: زمرد محمد خالد الدويدار.
ورغم أنها تلبسها الارتباك الطبيعي لهذا الموقف، إلا أن عيناها لم تبتعد عن عيني زوجها تيم الذي كان حاضراً في الصفوف الأولى وبجواره أمها مع ابنهما الصغير، تنظر له بقلق فيرسل له نظرة ثبات وتشجيع تملئها ثقة، وتوسع من ابتسامتها الرقيقة.
وفي ختام المناقشة سألتها إحدى محاضريها من وراء نظاراتها الحادة:
-أنتِ تناولتي في بحثك فترة هامة من فترات تاريخنا، فبرأيك، أي عام من المئة عام هذه كانت الأكثر تأثيراً في مجرى الأحداث التالية؟
مسدت يديها من خلف مكبر الصوت وقد وقفت على منصة عالية، ثم أرسلت نظرة سريعة لزوجها قبل أن تجلي حلقها وتجيب:
-هناك سنوات ما بها من أحداث تغير وجهة الخليقة، وبالتأكيد 1769م هي من تلك السنوات، فكما ذكرت في الفصل السادس من الرسالة أنه بينما يلوذ ظاهر العمر بانتصار جديد في الشام، كان شيخ العرب همام قد وافته المنية، واستولى على بك الكبير على جنوب مصر كما أستولى على شمالها قبلاً، أستقلت مصر عن الدولة العثمانية وكسبت الشام حريتها، وفي (قولة) وُلد طفل سيغير مسار التاريخ، طفل نحن نعرفه الآن باسم "محمد علي باشا".
أجلت حلقها قبل أن ترسل نظرة ثقة لمدرسيها الثلاثة:
-وبذلك أصبح الباب العالي يتلقى الضربات من كاقة الاتجاهات وليس فيه من القوة ما تمكنه من رصد كافة أراضيه، ولربما كانت هذه كلمة البداية في ورقة وفاة الدولة العثمانية.
أنت تقرأ
ما ذنبي؟.... عواصي الدمع
Romanceرواية تاريخية تحمل عبق الماضي العربي الأصيل عادتنا وتقاليدنا التي بدأنا نتناساها في ظل تطورنا. شهامة الرجال وحياء النساء.. أنها رواية عن واقع أتمنى أن نصبح عليه يوماً ما كلمة الكاتبة: هذه الرواية_ أو بالمعنى الأدق التجربة_ ما هي إلا محاولة صغيرة م...