الفصل الرابع والعشرون
(متى سيظهر الجارح؟)
بَهْنانَةُ: الطَّيِّبَةُ النفْسِ، والضَّحَّاكَةُ الخفيفةُ الرُّوحِ
ليلاً....
في بقعة خلاء بعيدا عن معظم الخيام وفي وسط الصحراء، أستوى هارون وعتيقة أمام نار قد أشعلاها بينما قتادة كان مشغولاً بإعداد القهوة، كان العرس قد انتهى منذ وقت، وذبحوا ذبيحة الحليّة بنية أن تحل العروس لعريسها (حقيقة)، وخرج لهم العريس بقماشة بياض الوجه، فأنطلقت الزغاريد وتفاخروا بها قليلا ثم ذهب كل لمسكنه وخيمته، لكن الزعيم وعتيقة قررا أن يتسامرا معا كما اعتادا في شبابهما، يمتطيان حصانهما ثم يركضان في الصحراء حتى يصلا لمكان قصي يمنحهما خصوصية وكل منهما يفتح قلبه للآخر.
من مكانهما وصل صوت لطمات الموج ورائحة البحر الجميلة مع نسيم بارد ضرب صدورهم الحارة فذهب ببعض من لهبها، وما أثار استغراب هارون هي تلك المشاعل الظاهرة من منتصف البحر لكنه لم يعلق وعاد ليفرد كفه البارد أمام النار، وقد أنعكس لهبها على وجههما وارتسم داخل مقل أعينهم السوداء.
رفع قتادة القهوة للشيخين فدمدم له عتيقة بشكر:
-سلم يمينك.
أرخى هارون عمامته قليلا وطلب منه:
-زد من النار يا قتادة.
بشفاه مرفوعة تهكم عتيقة عليه بينما يحتسي قهوته الساخنة على رشفات كبيرة:
-ما بك يا زعيم؟.. أضعف جسدك ولم يعد يقدر على لفح هواء الصحراء؟
رغم أنه بمثابة مزاح، لكن ملامح هارون تغضنت وهو يخبره بقوة ويده تمسح على الرمل:
-خسئ!.. لا تنسى أن هذه الصحراء كانت مضجعي في صغري.
رفع عتيقة ذراعيه وقلد الحركات الراقصة لهارون بينما يسخر منه:
-من يراك وأنت ترقص هكذا.. وهكذا.. لن يصدق أبدا أنك لست من ظهر السباع.
كان بإمكانه أن يحتسي قهوته الحارقة على رشفتين مثلما فعل الآخر، لكنه لن يخاطر بحرق حلقه لأجل إثبات أي شيء، لذا تمهل في رشفها بينما يتكأ على جذع شجرة ملقى بجواره:
أنت تقرأ
ما ذنبي؟.... عواصي الدمع
Romanceرواية تاريخية تحمل عبق الماضي العربي الأصيل عادتنا وتقاليدنا التي بدأنا نتناساها في ظل تطورنا. شهامة الرجال وحياء النساء.. أنها رواية عن واقع أتمنى أن نصبح عليه يوماً ما كلمة الكاتبة: هذه الرواية_ أو بالمعنى الأدق التجربة_ ما هي إلا محاولة صغيرة م...