18 (مُدقق)

3.3K 94 18
                                    

الفصل الثامن عشر


(ألفته الروح رغم تحذري)


مخدع ورد الجليل

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

مخدع ورد الجليل...

مثل الجثة الميتة أسندها سويلم، ومثل الخرقة البالية أوصلها لدار زوجها، أو من كان زوجها للعدة أشهر الفائتة، ومثل الجماد صعدت لمخدعها، توقفت عند بابه وقد ضربتها ارتعاشة خفيفة وتحركت مقلتيها لأول مرة، فوجدت المكان صامت مثل الموت، وكأن أصحابه فارقوه منذ سنوات وليس أيام، الغبار ترك مسحة عميقة فوق كل شيء كدلالة مؤلمة على الغياب، هبت رياح من الشرفة أثارت عبق المكان فضربت رائحة حنيفة وجهها، وهن جسدها وكادت تقع فإذا بسلمى خلفها لتسندها:

-لا أقدر.

وجهت نظرات استغاثة لها بهمس مرتجف جعل الأخرى تكاد تبكي مشفقة عليها، لكنها عضت شفتيها وشجعتها:

-تماسكِ.

زاد ارتجاف ورد وهزت رأسها كأنها تتوسلها:

-لن أقدر، الأمر صعب.

أمسكت بجانبيها بقوة وأخبرتها برجاء:

-لا تفعلي هذا بالله عليكِ، تماسكي لأجل طفلك.

ثم وضعت كفها على بطن ورد المنتفخ، وكانت هذه اللمسة بمثابة تذكير لها لما نسيته، ابنها وابن حنيفة، رفعت ورد يديها ولفتها حول طفلها الساكن بداخلها، هذا هو حبلها الأخير المتمسك بالحياة ولكنه شديد الوهن والضعف:

-خذيني لفراشي.

أمرتها بصوت منهك فأسرعت سلمى تسندها برفق حتى وصلتا لطرف الفراش، كل هذا وورد شبه مغلقة لعيناها كي لا ترى أي شيء في الغرفة سوى الأرض التي تسير عليها، أجلستها سلمى ثم قالت أنها ستذهب لتجلب شيء لم تسمع ما هو، ولم تهتم أن تعرف، فقط جلست هناك على حافة السرير التي كانت تتشاركه مع حنيفة، وتكاد تقسم أنه مازال يحمل دفئه، أغلقت عيناها وفردت كفيها فوق الفراش تلتمس فراغه دون أن تنظر، خائفة هي أن تفتح عيناها فينشق قلبها ألما، ظلت تلمس الفراش كأنها كفيفة، لامست الفراغ والفراغ، لا شيء يملئه سوى الألم والحزن، دون أن تشعر بدأت الدموع تخرج من مقلتيها وفتحت جفونها فجأة ليضرب وعيها بصدمة ما حولها.

ما ذنبي؟.... عواصي الدمعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن