الفصل الواحد و العشرون
-الجزء الأول-
(ما بها الدنيا، ترى السعادة كثيرة علينا؟)
رؤية نوق....
برد .. برد قاتل مثل أنصال رفيعة للغاية تدب في كعب قدميها الحافية، سريعا ما أدركت أنها في إحدى تلك الرؤى الغريبة، فقد مرنت نفسها لتعتاد ما تراه سريعا، كانت الآن في أرض قاحلة، خالية من كل شيء سوى أجذاع شجر خاوية، ما أسفل قدمها لم يكن رملاً لكن صخر بارد بلون رماد محترق، المكان من حولها مظلم وبه رياح صرصارة، تكاد تقتلعها من مكانها لذا أسرعت تشبث نفسها قدر المستطاع وهي تلف ذراعيها حول جسدها، لكنها في النهاية هُزمت أمام قوة تلك الزعابيب فارتفعت عن الأرض وارتمت للخلف عدة أقدام واسعة حتى وجدت نفسها أمام هاوية ساحقة نهايتها مظلمة ولا تُرى من هذا العلو.
ورغم هذا الجو العاصف وجدت سبأ تجلس عند الطرف بعيدا عنها، مستكينة وعينها تتأمل القاع المظلم بهدوء، اقتربت منها وقبل أن تناديها نظرت لها كأنها شعرت بها، لكن نظرتها لم تكن طبيعية، هذه لم تكن سبأ التي تعرفها،كادت تقترب تلك الخطوة لولا أن ظهرت تماضر فجأة من خلف سبأ وبحركة سريعة دفعتها للأمام لتسقط في القاع، صرخت، لكن لم يخرج منها سوى شهقة كبيرة وهي تحاول الهرولة لتنقذ سبأ، وللأسف التصقت قدميها بالأرض ولم تستطع التحرك، أخذت تصرخ وتحاول الاقتراب خصوصا وهي ترى تماضر الآن تلحق بيد سبأ قبل أن تقع مباشرة، فأصبحت تلك الأخيرة متدلية من طرف الجرف وفقط تمسك بيد تماضر ذات العين الشيطانية:
-ســــــــــبأ!
أخيرا خرج من نوق صوت واضح لكن أي من الأختين لم تلتفتا لها فقط استمرا بالنظر لبعضهما، سبأ بهدوء مستكين كأنها راضية بكونها قربان بينما تماضر ترفع طرف فمها بشماتة وقبل أن تفلت يدها همست لها بفحيح حية رقطاء:
-لن أدعك تسعدي أبدا.
ثم تركتها فأنقبض قلب نوق حتى كاد صدرها يتصدع من قوة الألم، وهنا تحررت قدميها فأخذت تركض صارخة تنوي اللحاق بجسد سبأ لو تقدر ومن ثم استيقظت نوق شاهقة.
أنت تقرأ
ما ذنبي؟.... عواصي الدمع
Romanceرواية تاريخية تحمل عبق الماضي العربي الأصيل عادتنا وتقاليدنا التي بدأنا نتناساها في ظل تطورنا. شهامة الرجال وحياء النساء.. أنها رواية عن واقع أتمنى أن نصبح عليه يوماً ما كلمة الكاتبة: هذه الرواية_ أو بالمعنى الأدق التجربة_ ما هي إلا محاولة صغيرة م...