الجزء 5

27 2 0
                                    

#الجزء_5

أجاب قائلاً:
🔺 إن للقيامة خمسون موقفاً، وكل موقف يستغرق ألف سنة، أمَا قرأت في القرآن: { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }
وأهوال هذه المواقف وشدّتها مرتبط بدرجتك التي حشرت عليها، فإن { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}

صَمت قليلاً ، ثم قال :
🔺 أراك وقد حُشرتَ على هيئة إنسان، ولباس التقوى يسترك، ولكني ألاحظ نورك ضعيف، قد لا يهديك في ظلمات القيامة والصراط.
أصابني هولٌ ممّا سمعته منه، وحسرةٌ على ما قصّرتُ به في عالم الدنيا، إذ لم أرفع درجتي بأعمالي ومَلَكاتي، ولم أوصلها إلى مراتب الإنسان الكامل الذي يشع نوره بين العباد في يومٍ يجمع الله به الأولين والآخرين..

😭بكيت بكاءاً شديداً ، فاختلطت دموعي مع العرق الذي راح يجري جرياناً من بدني ، إذ أصبحت الشمس مُحرِقة بعد أن اقتربت شيئاً فشيئاً فوق رؤوس العباد، وانشغل كل واحد بهمّه وغمّه، وأصبح لا يُبالي بغيره.

وإذ أنا في ذلك الوضع من الحزن والقلق وَبّختُ نفسي وقلت لها: يا نفسي أصبحتِ كما قال إمامي زين العابدين في دعائه :(( أنظر مرةً عن يميني وأخرى عن شمالي، إذ الخلائق في شأنٍ غير شأني ، لكل امرئٍ منهم يومئذٍ شأن يُغنيه ، وجوهٌ يومئذٍ مسفرة ضاحكةٌ مستبشرة ، ووجوهٌ يومئذٍ عليها غَبَرة ترهقها قَتَرة....)).

لفتَ نظري مخلوق كان حسن الوجه، جميل المنظر، اقترب مني والإبتسامة على وجهه، ثم نادى باسمي !!
نعم سمعته ينادي ويقول:
🔹سعيد، ألا تعرفني ؟
نظرت إليه ، وهو أول من ينادي باسمي في ساحة المحشر، ولكني لم اتعرف عليه، لذا أجبته مستغرباً:
🔸كلا، إن أهوال القيامة أنستني كل شيء، فمن تكون ؟
🔹 أنا الذي كنت من البعث إلى المحشر أُنجيك كلما صِرتَ تحت أقدام العباد، أنا الذي كنتُ أنير لك الطريق كلما دخلت في الظلام ، أنا الذي كنتُ أزيل عنك اليأس، وأبشرك بالجنة، وأدعوك إلى ترك القنوط من رحمة الرحمن(1).

🔸 آه، أشكرك كثيراً، و لولا أنت لكنت الآن في أسوء حال، قل لي بالله عليك من أنت؟ فإني أحب ان تكون دائماً برفقتي .
🔹 سأكون كذلك إن شاء الله ، إلا في المواضع التي لا يسمح لي بتجاوزها.

قلت له متردداً :
🔸هل..هل أنت عملي الصالح؟
قال:
🔹نعم .

كادت روحي تحلّق من فرحة لقائه ، فعانقته طويلاً ، ثم نظرت إليه مستغرباً تَغيُّر صورته عما عهدتها عليه في عالم البرزخ وسألته عن ذلك..
أجاب :
🔹في البرزخ كانت تظهر بعض تجسمات حقائق أعمالك، وكنت أنا خلاصة لها ، أما في عالم القيامة فتظهر جميع أعمالك ، ودقائق إحساساتك ، وملكاتك التي كانت معك في الدنيا ،
أمَا قرأت في القرآن : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ }

🔸إذاً يبدو من كلامك إني سألاقي الكثير من تبعات أعمالي السيئة ومصائبها.
🔹 نعم يا سعيد، وممّا يزيد الطين بلّة أن القيامه ليست كالبرزخ، إذ لم يبقَ مخلوقٌ في الدنيا حتى يتصدّق نيابةً عنك ، أو يذكرك بذكر أو دعاء ، بل تلاشت الدنيا وما فيها ، وأنت الآن في نشأة أخرى لها نظامها الخاص بها، وقوانينها التي تميزها عن غيرها ، وهذه القوانين الجديدة مما لم ترها من قبل ، بل لم تكن قادراً على تخيلها إن سمعتَ عنها....

-----------------
في الكافي ، عن أبي عبد الله( ع) في حديث طويل : " إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مِثالٌ يقدِم أمامه ، وكلما رأى المؤمن هولاً من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تفزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله عز وجل...".

#يتبع
#في_أمواج_القيامة

#في_أمواج_القيامةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن