الجزء 34

15 1 0
                                    

#الجزء_34

تعالَت الأصوات وهي تقول:
🔹يا رسول الله، وما الثقلين ؟
أجابهم خاتَم الأنبياء مستنكراً سؤالهم، إذ قال :
🔸ألم أقل لكم : (( إني قد تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، وأحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدودٌ من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يرِدا عليّ الحوض)).

إجتمع أصحاب الأصوات المتفرقة في مكانٍ واحد، ودار الحديث بينهم وبين الخاتَم (صلى الله عليه وآله) إذ قالوا له:
🔹أمّا كتاب الله فقد عملنا به، وأما عترتك فلم نعرفهم يا رسول الله .
ردّ الرسول معترضاً على جوابهم ، فقال:
🔸(( كيف تدّعون أنكم عملتم بكتاب الله دون العترة ، وقد أخبرتكم أنهما لن يفترقا حتى يرِدا عليّ الحوض، وقد فرقتم بينهما، انتم لم تعرفوا أسرار القرآن لأنكم لم تعرفوا عترتي حتى يعرّفوكم به وهل يمكن العمل بالشيء دون معرفته؟ )).
قالوا :
🔹إن علماءنا لم يعرّفونا بعترتك، ولم يذكروها في كتبهم ونحن تبعناهم، من أجل الوصول الى الجنة .
أجابهم الخاتَم بقوله :
🔸(( إن علمائكم الذين عرفوا الحقيقة، واستَيقنوا بها، ثم جحدوها وحجبوها عنكم، إنما هم الآن في الدركات السفلى من النار.. أما أنتم فهلاّ سألتم عن الثقل الأصغر الذي لا يفارق كتاب الله من هُم؟ وهلاّ حاسبتم علمائكم عن سبب تركهم لهم )) . (١)

إستمر كلام الخاتَم (صلى الله عليه وآله) ليقول:
🔸(( ثم كيف تقولون أنكم عملتم بكتاب الله، وكتاب الله يقول لكم : {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} ، وقد بيّن القرآن من هم وُلاة أمركم، كما بيّنتُ أنا لكم ذلك، فلا أطعتم الله، ولا رسوله فيكم، ولا أطعتم وُلاة أمركم)).
إستأنف الرسول عتابه لهم وقال:
🔸ألم أقل لكم: (( إن مثَل أهل بيتي فيكم مثَل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق)).
ألم أقل لكم : (( النجوم أمانٌ لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الإختلاف)).

ضجّ الناس جميعاً بالبكاء على أثر عتاب الرسول الخاتَم لهم، ولكنّه استمر في كلامه وقال:
🔸إن أحاديثي هذه وعشرات أمثالها موجودة في كتب مذهبكم لو تفحّصتم وتعقبتم لعرفتم، لكنكم أسلمتم رقابكم لأئمتكم، واتبعتموهم دون تحكيم عقل، أو تدقيق أمر)) .

أصبحنا لا نسمع إلا أنين وبكاء وطغى صراخ جمعٍ من النساء والرجال، ودعائهم على انفسهم بالويل والثبور، وهناك أصوات أخرى تنادي رسول الله أن (( نستميحك العذر يا خاتَم الأنبياء)).
توجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) نحو علي (عليه السلام ) وأشار إليه، ثم خاطب الناس، وقال :
🔸ثم ما لكم اختلفتم من بعدي في عليّ وذريته، وقد أخبرتكم في أول بعثتي أن (( هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم)) .. وأمرتكم بالسمع والطاعة له ، لكنكم قطّعتم دينكم إلى فرق ومذاهب، وتركتم حبل الله المتين، فبقي القرآن وحيداً غريباً يفقد صاحبه، ومفسّره، ومَن يعلم تأويله وبواطنه.

وفي موطن آخر قلتُ لكم: (( من أراد أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربّي، فليتولّ عليّ ابن ابي طالب ، فإنه لن يُخرجكم من هدىً ولن يدخلكم في ضلالة)).

طال الحديث بين الطرفين حتى لم يبقَ للناس حجّة على رسول الله، حينها أعرض عنهم، وأشار إلى علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وقال للناس الكلام الأخير في حقّهم :
🔸(( إن الله تعالى خلقني وخلق علياً وفاطمة والحسن والحسين في عالم الملَكوت قبل أن يخلق أبيكم آدم (عليه السلام) بألفَي عام، حين لا سماء مبنية، ولا أرض مدحية، ولا جبال مرسية، ولا بحار مجرية، ولا رياح مسرية، ولا شمس مضيئة، ولا قمر منور، ولا ظلمة ولا نور ، ولا جنة ولا نار )).

قال خاتم النبوة كلامه هذا ، ثم أشار لعلي وفاطمة...

---------------------
(١) إن كلام وخطابات خاتم الأنبياء (ص) والتي ذكرناها في هذه الأحداث من الرواية ورَد معناها في الأحاديث والروايات والكتب المعتبرة، وليس بالنص الحرفي منه (صلى الله عليه وآله).

#يتبع
#في_أمواج_القيامة

#في_أمواج_القيامةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن