الجزء 22

18 1 0
                                    

#الجزء_22

إني أرى والدتي، نعم هي بِعَينها !
إقتربتُ منها أكثر فرأيتها جالسةً تبكي، قد بدا عليها أثر إرهاقٍ وألمٍ شديدَيْن.
ناديتُها باسمها فالتفتَتْ نحوي، وفُوجِئَتْ واضطربَتْ كثيراً حينما رأتني واقفاً أمامها، أحسستُ أن الخجل والحياء الشديدَيْن قد خالجاها وقد ترددَتْ في جوابي، فناديتها مرّة أخرى :
🔸أُمّاه أنا سعيد ، إبنكِ في الدنيا، هل تعرفيني ؟
رفعَتْ رأسها، وأجابتني بصوتٍ ضعيفٍ :
🔺كيف لا أعرفك يا سعيد
🔸أراكِ شاحبة الوجه، سيئة الحال، فما الذي حدث ؟
تحسرَتْ، وجرَت دمعتها من عينَيها، وقالت: 🔺أتذكر خالتَك يا سعيد ؟
🔸نعم أذكرها، أعلم أنكِ لمدّة يسيرة كنتِ لا تتحدثين معها.
ارتفع بكائها، وقالت :
🔺ليتني ما قطعتُ علاقتي معها وهي أختي، ليتني ما أصغيتُ للشيطان الذي كان يمنعني من الوصول إليها، ليتني قبّلت ُقدميها بدلاً عن الإعراض عنها حينما أتتني إلى منزلي تريد المصالحة، وتحذّرني من عواقب الآخرة..

صمتَت قليلاً، ثم عادت لتقول والحسرة تُحرقها، والندامة تكاد تميتها لولا خلود الحياة في عالَم القيامة:
🔺ليتني أصغيتُ لكلامك يا سعيد يوم أخذتَ بيدي تجرها وتقول: ( لنذهب إلى بيت خالتي نصالحها، ونزيل الكدوَرة بينكِ وبينها ).
آهٍ... ليتني سحقتُ تكبّري، وذهبتُ معك يوم ذاك وقبّلتُ قدميها قبل يديها.

كنت أعلم أن تأنيبها لنفسها هذا لا يزيدها إلا عذاباً فوق عذابها ولكن ماذا عساي أن أفعل لها؟ ابتعدت عنها، وتركتها تتلوى ألماً، وراحت تنادي :
🔺لا تتركني يا سعيد، أنا أمك، ألستُ أنا التي تحملتُ العناء من أجلك، وسهرتُ الليالي في رعايتك ؟
تألمت من كلامها، وعدتُ إليها لأقول لها:
🔸أمّاه، إن كل إنسان هنا رهين عمله، وأنا أيضاً هنا رهين عملي، لا أتمكن من التقدم خطوة واحدة إلا إذا كانت أعمالي وملَكاتي تؤهلني لذلك، ولكن لعلّي أتمكن من الشفاعة لك في المواقف الأخيرة إن كانت درجتي آنذاك تسمح لي، ودرجتكِ تجيز لكِ استقبالها.

غادرتُها هذه المرّة دون عَودة، وابتعدت عنها رُغم سماعي لصراخها وندائها لي .

😰خرجت من عقبة صِلة الرحم ، ودخلت في عقبة المسؤولية، دخلت فيها ولا مناص من الدخول، ولا مجال للفرار منها..

😭تلقتني ملائكة الغضب بأشكالها المخيفة المرعبة وهيئتها الموحشة! فأصابني خوفٌ عظيمٌ منهم، وأصبح بدني يرتجف لرؤيتهم، ويرتعش كلّما نظرتُ إليهم.

ضربني أحدهم بسَوطه فوقعتُ أرضاً، و انشّل بدني عن الحركة، نظرتُ لما حولي أبحث عن عملي فلم أجده، بل رأيتُ آلاف من الخلق قد سقطوا أرضاً، وحال بعضهم مثل حالي، والكثير منهم أسوأ مني.

مضَت فترة طويلة وأنا بهذه الحالة، حتى أتى الوقت الذي أحسستُ فيه بأن شخصاً ما يجرني، وجهتُ نظري نحوه وإذا بهم ملائكة الغضب: فسألتهم عما يريدون فعله بي، :فجاء الجواب أنه يُراد بي إلى غرفة المحاسبة التي كثيراً ما دخلتها في العقبات السابقة .

⚖ دخلتُ غرفة المحاسبة وقد حضر الجميع من مُتَّهَم، وشُهود، وقُضاة، ومحامين...

#يتبع
#في_أمواج_القيامة

#في_أمواج_القيامةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن