الجزء 41

13 1 0
                                    

#الجزء_41

رغم كل هذه النِعم ولذّاتها، لم يغادر فكري أمر مولاي الحسين عليه السلام، ورغبته في زيارة جنّتي...

✨كان الجميع متشوقاً لساعة اللقاء، ومتلهفاً لرؤية من كان منبع نوره، وعنوان وجوده، ومتعطشاً لسماع حديث صاحب الشهادة العُظمى، والمنزلة العُليا والدرجة الرفيعة، إنه ابن بنت خاتَم الأنبياء صلى الله عليه وآله...

✨واقترب موعد اللقاء، ودعَوتُ أصحاب بقيّة الجِنان ممّن كانوا في مرتبتي، كما دعَوتُ أختي للحضور مع زوجها الذي لا ينقص عنها في النور والجمال،
وسألتها عن ذلك الأمر ،
فقالت:
🔹خيّرني ربّي بين اختيار زوجي الذي كان في الدنيا، وهو أقل مرتبة مني، وبين اختيار زوجٍ آخر، فاخترتُ زوجي الذي كان في الدنيا، لِمَ رأيتُ فيه من النور والبهاء، ووفاءً لإخلاصه معي، وها أنت تراه وقد رفعه الله إلى مرتبتي.

✨وحان الموعد واللقاء...
وجاء الشهيد في موكبٍ من نور على نور، وساد الصمت إذعاناً للحق إذ جاء، ولا تقُل صِفْ لي المجيء، وكيف يستطيع من هو ذرّة من شعاع الحسين أن يصِف الحسين ....!

✨جرَت مراسِم الإستقبال والترحيب، ودارَ الحديث، وسألته عن مسائل عدّة، كان منها عن سبب تكريمي بزيارته لي في جنتي،
فقال:

💫نحن الشهداء على أعمال الخلائق في الدنيا والآخرة،
فمن زارَني في الدنيا عارفاً بحقّي، مُخلصاً لربّي، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشهدتُ له يوم القيامة بالخير، وزرته، وكنت شفيعه فيها.
قلت له :
🔸سيّدي، وما حكمة البكاء عليك وأنت في نعمةٍ ومقامٍ يغبطك به الأولون والآخرون ؟ ولماذا يُثيب الله من بكى عليك، وأنت قد حلّقت إلى ربّك في جنته يوم سالَت دمائك الطاهرة على أرض الدنيا ؟
أجاب سيد شباب أهل الجنة، فقال :
💫البكاء دليل علاقة الحبيب مع محبوبه، والفقيد بمفقوده، وكلما زادت رابطة الحب بينهما، زاد البكاء لفقده ومصيبته، ونحن ندعوا إلى كل ما يدعم هذه العلاقة التي إن ثَبُتَت ثَبُتَ معها السَير على طريق المحبوب، والإقتداء بسلوكه .

توقف قليلاً، ثم استأنف كلامه، وقال :
💫وإنما يُثاب الزائر لي، والباكي على مصيبتي إذا كان عارفاً بحقّي، مُخلصاً في عمله هذا لربّي، أما بدون ذلك فقد لا تناله شفاعتي يوم الورود على الحقّ المتعال..
قام أحد المؤمنين، فسأله قائلاً :
🔺وما معنى أن يكون الزائر لك في الدنيا عارفاً بحقك ؟ ولِما جعلتم هذا الشرط علامةً لزُوَّاركم ؟
قال :
💫إن أيّ شخص تزوره ولا تعرف قدره، ومنزلته السامية، وكمالاته العالية، لا يتعلق قلبك به، ولا يكون حبك صادقاً له، ونحن أهل بيتٍ لا يعرفنا شخصٌ حقّ معرفتنا إلا أحبّنا واتّبع سبيلنا، وسلك طريقنا، كما إنه من عرفنا فقد عرف الله، ومن عرف الله أحبه، ومن أحبه أطاعه، وأخلص له، ومن أخلص له نجا من النار، وفاز بجِنان العزيز الغفّار .

✨كان الجميع ينصِتُ لكلامه، ويقتبسُ من أنوار حديثه، وبعد توقفٍ قليلٍ توجه نحوي وقال :
قد شفعتُ لوالدتك، وهي الآن تقضي بقيّة عقبات الصراط، وسوف تصِلُك إن شاء الله فيما بعد .

✨سررتُ كثيراً لهذا الأمر و شكرت إمامي على ذلك، ثم قادني طمعي إلى سؤاله الشفاعة لوالدي ،
فقلت له : سيدي، إن والدي كان في الدنيا يقيم مجالس العزاء على مصيبتك، ويمشي راجِلاً إلى مرقدك ويصرف من أمواله الكثير في خدمة زوارك، فهل له نصيبٌ من شفاعتك ؟
أطرق الإمام قليلاً ثم قال:
💫إن على والدك المرور ببعض الاهوال قبل الحصول على شفاعتي.
ولماذا يا مولاي لا يصِل إلى شفاعتك قريباً؟

#يتبع
#في_أمواج_القيامة

#في_أمواج_القيامةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن