#الجزء_25
😰 لم يبقَ شيءٌ من عملي، وكلامي، وحركاتي، وفكري، إلا وحُوسبت عليه، وفي جميع ذلك لم أكن أنكر أيّ تُهمة وُجهت إليّ، لأني أعلم بصحّتها، كما أنه لا يوجد أيّ مجال لإنكارها. وفي مقابل ذلك كان خلاصة أعمالي الصالحة، وبعض من تلك الأعمال، تقف موقف الدفاع
عني بمقدار قوَّتها التي وهبتها أنا لها في عالم الدنيا، وكان يُؤخذ بدفاعها..
وكنت أشاهد البعض ينكر أعماله السيئة، ولكن هيهات من دوام هذا الإنكار، إذ سُرعان ما يُمنَع من النطق ليشهد الشهود كما قال الله تعالى:
{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}😰 إنتهت العقبات وما كادت أن تنتهي لولا أعمالي الصالحة، وملَكاتي الحسنة التي كنتُ أستغيثُ بها عند كل شدّة وبلاء .
أخبروني أن نتيجة كل هذه العقبات سوف تكون في آخرها، ولكني لا أرى شيئاً يدل عليها،
تُرى أين أجدها ؟ سألت أحد الملائكة عن هذا الأمر،
فقال: إنها سوف تظهر حين عبورك الصراط الذي يمر في وسط جهنم، وأنت الآن على مشارفه ، ولا يتخلف أي إنسان عن عبوره، حتى الأولياء والمؤمنين، فضلاً عن الكافرين والفاسقين، من كان مصيره الجنة يسلكه دون السقوط في الهاوية، وأما من كان مصيره النار فسوف يقع ويمكث فيها.😰 إلتفتُ إلى عملي الصالح بعدما أصابتني رجفةٌ وخوفٌ عظيم، ورُحت أنظر إليه قلِقاً مضطرباً
فقال: (( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً )).عظُم خَوفي واضطرابي، وأمسكت بعملي الصالح ملتمساً إيّاه أن لا يتركني وحدي ، فإني أرى الصراط حاد كالسيف، وأرى جهنم سوداء مظلمة تحته.
كنت أُشاهد العديد قد ركبوه بأمل العبور إلى الضفه الأخرى، ولكن انحرفوا عنه، وسقطوا في جهنم التي كانت تلتهم كل من يسقط فيها، فتأكله نارها، وتغمره ظلمتها، حتى لا نرى له أثراً إلا صراخه وعويله!
وبين فترةٍ وأخرى ينادي المنادي لجهنّم : (( هَلِ امْتَلَأْتِ)) فتجيب ((وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيد))😥 في مقابل ذلك كنت أشاهد ايضاً أناس تمكّنوا من العبور الى الضفة الاخرى، ولم يزِّلوا عن الصراط، رغم تفاوت فترات عبورهم وصعوبة نجاتهم، فكان البعض تَلفَحه النار بعد مساسها له، وهم على الصراط وبعضهم من إحترقت أطرافهم فيصرخون، وبعض من يعبر الصراط بسرعة فلا يحس بتاتاً بحرارة ما تحته...
وهكذا كان الحال لمن سبقوني، إذ كل حسب عمله ودرجته التي خرج بها من الحساب.😰 تمَلّكني الخوف والقلق العظيم الذي أحاط بي، فجلست أبكي بكاءً شديداً، ورفعت يدي متضرعاً إلى الله ، داعياً إيّاه :
"ربي ها أنا ذا بين يديك خاضعٌ ذليل، إن تُعذبني فإني لذلك أهلٌ، و هو يا ربِ منك عدلٌ، وإن تعفو عني فقديماً شملني عفوك، وألبستَني عافيتك، فأسألك اللهم بالمخزون من اسمائك ، وبما وارته الحجب من بهائك، إلا رحمْتَ هذه النفس الجزوعة، التي لا تستطيع حرَّ شمسك فكيف تستطيع حر نارك، والتي لا تستطيع صوت رعدك فكيف تستطيع صوت غضبك" .(١)جاءني النداء من العليّ الأعلى فكان معناه : "أي عبدي، إني خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي ، بمشيئتي كنتَ أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد ،
❗️وبظلّ نعمتي عليك قويت على معصيتي ، وبسوءِ ظنك بي قنطتَ من رحمتي، لم أدَع تحذيرك ولم أكلّفكَ فوق طاقتك، ولم أُحمِّلكَ من الأمانة إلا ما قدِرتَ عليه ".(٢)😭 إرتفع بكائي بعد سماعي خطاب الجليل لي، فناديته معترفاً بكل ما اقترفته من المعاصي والذنوب أن يا ربّي :
"أنا الصغير الذي ربيته، وأنا الجاهل الذي علمته، وأنا الضال الذي هديته، وأنا الوضيع الذي رفعته، وأنا الخائف الذي آمنته... أنا يا ربّي الذي لم أستحيِك في الخلاء، ولم أراقبك في الملاء، أنا صاحب الدواهي العُظمى، أنا الذي على سيّده إجترى، أنا الذي عصيت جبّار السماء، أنا الذي أعطيت على معاصي الجليل الرُشا ،أنا الذي حين بُشِّرت بها خرجت إليها أسعى ، أنا الذي أمهلتني فما ارعَويت، وسترت عليّ فما استحيَيت، وعملت بالمعاصي فتعدَيت، وأسقطتني من عينك فما بالَيت"(٣)جاءني النداء مرّةً أخرى...
----------------
(١) من دعاء الإمام زين العابدين في الرهبة
(٢) من كتاب الجواهر السنية في الأحاديث القدسية ص 57
(٣) من دعاء أبي حمزة الثمالي#يتبع
#في_أمواج_القيامة
أنت تقرأ
#في_أمواج_القيامة
Spiritualانتهت قصة #تحت_أجنحة_البرزخ ماذا بعد البرزخ ؟ ماذا سيحصل و ما هو مصير الأموات ؟! تابعونا في قصة #في_أمواج_القيامة التي تتحدث عن علامات الساعة و أحداثها وما يجري يوم القيامة الكبرى... انتظرونا مع أحداث شيقة !