الجزء 31

12 1 0
                                    

#الجزء_31

🔺 قال: بعضهم من يمكثُ فيها شهراً ثم يخرج، ومنهم من يمكث سنة، وأطوَلهم فيها مكثا بقدر الدنيا منذ خُلِقت إلى أن فُنيَت ! (١)

😰 جزعتُ من جوابه ، فما أصبَرني على العذاب فيه !
مضَت فترةٌ ونحن بانتظار أمر الجليل فينا، حتى أتى الوقت الذي جاءنا فيه (( مالِك )) خازِن كل النار وهو يحمل أمر العزيز الجبّار .

😰 لم يمضِ وقتٌ حتى أتى مالِك، وهو ملَك عظيم الخلقة، مَهيب الشكل، مرعب الوجه، قاطبٌ عابسٌ، له من الهَيبة والعظمة بدرجة أن زبانية النار لا يتجرؤون على الكلام معه، إلا من أذن له .
توجه مالِك نحو بعض من الملائكة، وسألهم:
🔸من هؤلاء؟ ما ورد عليّ من الأشقياء أعجب منهم، لِمَ لمْ تَسوّد وجوههم، ولم توضع السلاسل والأغلال في أعناقهم ؟
تكلم احد الملائكة، فقال:
🔺هكذا أتُونا، فسُقناهم إلى هنا بانتظار أمركَ فيهم.

توجه مالِك نحونا، فارتعشَت أبداننا رهبةً منه، ثم قال:
🔸يا معشر الأشقياء من أنتم ؟

🔹أجاب جمعٌ منا وكنتُ معهم:
نحن ممّن أُُنزل علينا القرآن، ونحن ممّن كنّا نصوم شهر رمضان، ونحجّ بيت الله الحرام، و....
قال مالِك :
🔸ما نزل القرآن إلا على النبيّ الخاتَم محمد (صلى الله عليه وآله)

سمعنا اسم النبي محمد (صلى الله عليه وآله) فصِحنا وصاح الجميع معنا:
🔹نعم ، نحن من أمّة النبيّ الخاتَم محمد (صلى الله عليه وآله)
قال:
🔸أمَا كان لكم في القرآن زاجراً عن معاصي الله؟ أمَا كان لكم في رسول الله وعترته أُسوَةٌ حسنة إن كنتم ترجون الله واليوم الآخر ؟ ❗️

😭 أصابتنا الخَيبة من كلامه، ونكّسنا رؤوسنا إلى الأرض خجلاً واستحياءً منه، وارتفعَت أصواتنا بالبكاء، حتى لم تبقَ لعيوننا دموعاً بعد جفافها، فبكينا دماً!

إستغرب مالِك منا ذلك، فقال:
🔸أتبكون دماً ، فما أحسن لو كان هذا في الدنيا من خشية الله ، ولو كنتم كذلك ما مسّتكم النار اليوم ❗️

توجه نحو الزبانية ، وقال لهم :
🔸يا خزنة جهنم، ألقوهم في النار، فإنهم قد عصوا أمر الجبّار، ويا نار خذيهم .

😭ضجّ الجميع ، وعلَت الأصوات..
وبدأت النار تأخذ بنا كل حسب منزلته، ولا سبيل للفرار والتخلّف عنها، فمِنّا من أخذته إلى قدميه، ومنا من أخذته إلى ركبتيه ، ومنا من أخذته إلى عنقه..

أما أنا فقد أتتني النار لتأخذني، فهربت منها ولحقتني حتى حُجزتُ في موضعٍ لا مجال للفرار منه، حينها وقفَت النار أمامي وفرائصي ترتعش منها،
وقالت : يا شقيّ ، أما علمتَ أن لا صغيرةً مع الإصرار ، ولا كبيرةً مع الإستغفار ؟
قلت لها : إني تبتُ من كل ذنبٍ كبير، والصغائر كنت غافلاً عنها ، فلماذا أحترق بكِ؟
اشتدّ لهيبها وكأنها غضِبت من كلامي، ثم قالت : هي الغفلة يا شقي، هي الغفلة ❗️
قالت ذلك وارتفع شهيقها، وقفزَت نحو قدمي ، فصرخت ألماً من حرارتها ،
وناديت بأعلى صوتي : لا، لا تُحرقي قدمي ، لا تحرقيها...
لم تسمع ندائي ، ولم ترحم صراخي ، فلصقَت بهما حتى احترق جلديهما، وراحت تتوَغل في أحشائهما وعظامهما...

صاح مالِك بالنار :
🔸لا تحرقي جباههم فلطالما سجدوا للرحمن عليها، ولا تحرقي قلوبهم فلطالما عطشت في شهر رمضان، ولا تحرقي لهم ألسِنة فلطالما تلو بها القرآن .

أنفذ الله حكمه فينا، وبقينا على هذه الحالة ما شاء الله لنا من المدّة الطويلة...

-------------------------
(١) في تفسير الميزان، عن علي بن أبي طالب ( ع ): قال رسول الله (ص) : "إن أصحاب الكبائر من موحدي الأمم كلها الذين ماتوا على كبائرهم، غير نادمين ولا تائبين ، ....... فمنهم من تأخذه النار إلى قدميه ، ومنهم من تأخذه النار إلى عقبيه ، ومنهم من تأخذه النار إلى فخذيه ، ومنهم من تأخذه إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه على قدر ذنوبهم وأعمالهم، ومنهم من يمكث فيها شهراً ثم يخرج منها، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها، وأطولهم فيها مكثا بقدر الدنيا منذ يوم خُلقت إلى أن تفنى"

#يتبع
#في_أمواج_القيامة

#في_أمواج_القيامةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن