الجزء 29

15 1 0
                                    

#الجزء_29

🔸إقترَبنا منها أكثر وأكثر، فإذا بها شجرة مرعبة موحشة في شكلها وطَلعِها، إنها شجرة الزقّوم
وهي كما قال عنها القرآن الكريم : (( طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوْسُ الشَيَاطِينِ )).
عليها سبعون ألف غصنٍ من نار، وفي كل غصنٍ سبعون ألف ثمرةٍ من نار، وكل ثمرةٍ كأنها رأس شيطانٍ قُبحاً ونتناً، وقد تعلّق على كل غصنٍ من الزقّوم سبعون ألف من الرجال والنساء..

😰حاولتُ العَودة، وتوسلتُ بهم للتراجع، ولكن لا جدوى ولا سبيل لذلك.
أكلتُ من ثمرها كُرهاً فإذا بها أمرّ من الحنظَل، وأنتَن من الجيف، وأحرّ من الجمر، وأصلب من الحديد!
وقعت في بطني فأصبحت تغلي في أحشائي كغليّ الحميم .
😭إلهي ماذا أفعل؟! ثمرة واحدة عملت بي ما عملت، فكيف بمن طعامه الدائم منها!

🔸وقعتُ إلى أوديةٍ أسفل الشجرة، فرأيت فيها أناساً سبقوني السقوط فيها، وهي تغلي بهم، ثم ترميهم على حوافها، حيث هوام النار من الحيّات والعقارب والوحوش المرعبة في أشكالها...!

🔸رُمِي بي إلى حافّة الوادي، وإذا بكلابٍ ضخمةٍ كالجِمال، سوداء في لونها، مخيفة في هيئتها ، إنها كلابٌ من نار! وقد راح كل واحدٍ منها يقطع قطعة من بدني، فتسيل الدماء منه، ثم يُدفَع بتلك القطعة في حلقي لتمزّق أمعائي بحرارتها مع ما بها من رائحةٍ نتنة عفِنة، ثم يتكرر ذلك..آهٍ.. ليت في النار عدم وفناء!!...

ظهر خازن النار وسط هذه الحالة وهو يشير نحوي ويقول:
🔺أتأكل لحم أخيك في الدنيا وتطلب الفناء الآن؟ أتسمع الغيبة على المؤمنين ولا ترد عليها؟

🔹ناديته بما لدي من طاقة وقوة ضعيفة :
متى كان ذلك ؟ إني تركت الغيبة وفررتُ منها كفراري منكم الآن .
🔺جاءني الجواب:
في يوم كذا أُغتِيب في حضرتك فلان فلم تنصره، ولم تنطق بكلمةٍ واحدة تدافع بها عنه مع قدرتك على ذلك(١)، وفي يوم كذا مرّ فلان أمامك فغيّرت ملامح وجهك، وأشرتَ اليه بيدك إشارةً فهِم الحاضرون منها استحقارك له.
🔸لم يكن لي سبيل لإنكار ما ذكره ، ولكني اعترضت عليه من جهة أخرى، وقلت : أهكذا تطول مدّة العذاب لأجل هذا الذنب الصغير ؟
🔹 غضب الملك وقال:
أما علمت في الدنيا أن الغيبة أشدّ من الزِنا؟ (٢)

😔 نكّست رأسي، وأجبته : نعم قد علمت ذلك..

رفع الملك كل أنواع العذاب عني، وقال لي : إن عذابك عندي قد انتهى .

😰 لم تمضِ فترةً طويلة حتى أتاني مجموعة من زبانية جهنم، فأصابني خوفٌ عظيمٌ منهم، وارتعش كل بدني حين رأيتهم، أمسكوا بي وسحبوني بقسوَة، فقلت لهم: إلى أين هذه المرة؟
🔺فقال أحدهم:
إن في جهنّم وادياً أعِدّ للمرائين من القرّاء، ويُسمّى وادي جبّ الحزن (٣).

ولكني لم أكن من قرّاء المنابر على الناس.

------------------------
(١) في وسائل الشيعة، ج12، ص291، عن النبي (ص): "يا علي من أُغتِيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والاخرة."
(٢) في الخصال ، عن النبي (ص): "الغيبة أشد من الزنى، فقيل يا رسول الله ولما ذلك ، قال: صاحب الزنى يتوب فيتوب الله عليه، وصاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه حتى يكون صاحبه الذي يحلّه"
(٣) في جامع السعادات، ج٢، ص ٢٩٠، عن النبي (ص): " استعيذوا بالله من جبّ الحزن، قيل وما هو يا رسول الله؟ قال: واد في جهنم أعد للقراء المرائين ".

#يتبع
#في_أمواج_القيامة

#في_أمواج_القيامةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن